ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّن غراهام غلاس (Graham Glass)، والذي يُحدِّثُنا فيه عن تجربته الشخصية في تقييم التدريب.
كوني مدرِّباً واستشارياً سابقاً للعديد من الشركات، فقد أُتيحَت لي الفرصة لمراقبة أكبر المشكلات التي تواجهها الشركات فيما يتعلَّق بأداء التدريب بصورة مباشرة، وعلى وجه التحديد يُستَثمَر الكثير من المال والجهد في التدريب، لكنْ غالباً ما يكون من غير الواضح طريقة إظهار عائد الاستثمار (ROI).
كما توقَّعت الشركات تحسينات كبيرة في الأداء الوظيفي دون معرفة مسار التدريب المؤدي إلى هذه النتيجة، وقد كانت لدى بعض الشركات توقعات غير واقعية؛ مثل البحث عن تدريب لتحقيق تحسينات كبيرة في صافي الأرباح دون مواءَمة خطة التدريب الخاصة بهم مع أهداف أعمالهم في الأساس.
إذاً من أين نبدأ؟ وهل تُوجَد وصفة سريَّة لمعرفة ما إذا كان تدريب شركتك ناجحاً؟
سيُخبِرُك المدرِّب الجيِّد أنَّ أهداف العمل التي وُضِعَت على شكل أهداف تدريبية تؤدي إلى تحسين النتائج، سواءَ كان ذلك لزيادة رضى الموظفين أم تغيير السلوك أم تحسين الأداء الوظيفي، وتختلف المقاييس والعمليات من شركة إلى أخرى، لكنْ دون وجود الأهداف الصحيحة وطريقة لقياسها، فإنَّ تقييم برامج التعلُّم المؤسَّسي هو مجرد تخمين.
يُمكِنُك بمساعدة الموظفين والعمليات والتكنولوجيا تحديد أهداف التدريب وتتبُّعها وقياس النتائج.
نقدِّم لك فيما يلي 4 أسئلة يجب طرحها وطرائق الإجابة عنها لتقييم ما إذا كان تدريب شركتك ناجحاً:
1. هل يتضمن البرنامج التدريبي ما يحتاج الموظفون إلى معرفته؟
قد يبدو التأكُّد من أنَّ برنامجك التدريبي يغطي كل هدف تعليمي ومهارة أساسية خطوة واضحة، لكنْ من السهل جداً إغفال ذكر كفاءات هامة، ويمكن أن يكون هذا الإغفال ناتجاً عن عوامل مختلفة - بما في ذلك عملية تقييم الاحتياجات الخاطئة والضغط على المدربين لإعطاء الأولوية لمهارات معيَّنة مقابل المهارات الأخرى - بسبب قيود الوقت والمال.
يمكن أن يساعد التوجُّه الهام نحو "التعلُّم القائم على الكفاءَة" - أي التأكيد على إظهار المهارات الملموسة والقابلة للقياس - على تحقيق التوازن، ويمكن للشركات إضافة مناهجها إلى برامج التعلُّم الخاصة بها ومن ثم تمييز كل مورد أو نموذج أو تقييم بكفاءَة معيَّنة يجب إدراجها ضمن البرنامج.
على سبيل المثال إذا احتاج الموظف إلى التعامل مع طلبات دعم العملاء الصعبة "هدف التعلُّم الرئيس"، فيجب أن يعرف طريقة الاستجابة بصبر "إحدى الكفاءات الرئيسة"، وبعد ذلك تُربَط وحدات التدريب التي تُعلِّم المتعلمين طريقة التعامُل مع هذه المشكلة بالكفاءة المناسبة.
من السهل على الشركات معرفة ما إذا كان برنامج التدريب يغطي جميع الكفاءات المتعلقة به، وكذلك تحديد الثغرات في التدريب.
2. هل أداء التدريب جيد كما هو مُتوقَّع؟
تنطبق مقاييس معيَّنة - مثل عدد المتعلمين الذين أَكملوا الدورة عبر الإنترنت ونتائج تقييمهم - على أي نوع من برامج التدريب، وهذه هي المؤشرات الأولى التي يجب أن تنظر إليها؛ وذلك لأنَّ معدلات المشاركة المنخفضة هي مؤشر على أنَّ أداء التدريب دون المستوى المطلوب.
حاوِلْ أن تدمج ذلك مع نهج قائم على الكفاءة لمعرفة ما إذا كان تدريبك يغطي جميع القواعد، وقيِّم أداء التدريب بناءً على مدى إتقان الموظفين للمهارات الأساسية.
على سبيل المثال لنفترض أنَّ أحد المتعلمين أكمل وحدة تدريب، وحقَّق نتائج أعلى من 80% في الاختبار، ونظراً إلى أنَّ كلَّاً من الوحدة والاختبار يقيسان الكفاءَة ذات الصلة، يمكن للمدرِّب بسهولة تتبُّع تقدُّم المتعلِّم ومعرفة أنَّه على المسار الصحيح.
من ناحية أخرى إذا حصل المتعلِّم على درجات أقل من 50% أو مستوى آخر معيَّن، فيمكن للمدرِّب التدخُّل وتقديم مواد أو نشاطات تعليمية إضافية، ويمكن للمدربين أيضاً رؤية الأداء العام للفرد أو الفريق بناءً على الكفاءات، وتحديد ما إذا كان برنامج التدريب يحتاج إلى تعديل.
3. هل التغذية الراجعة للموظفين إيجابية ودقيقة؟
في معظم الشركات لا تكمن المشكلة بالضرورة في ضعف التغذية الراجعة للموظفين حول برامج التدريب؛ وإنَّما في الشركات التي لا تطرح الأسئلة المناسبة.
لفترة طويلة استخدمتُ الاستطلاعات التفاعلية في برامجي التدريبية، وكنتُ أُعطي المشاركين استبياناً لملئِه بعد الجلسة التدريبية، ومن المُفترَض أن تُقيِّم نماذج التغذية الراجعة هذه رضى المُتعلِّم، ولكنَّ ما تفعله في الواقع هو جمع الانطباعات، وتحديد إلى أي مدى سارت الأمور بصورة جيدة، وما هي النقاط الرئيسة والاقتراحات لتحسين جلسات التدريب المستقبلية.
أنا لا أقول إنَّ آراء المتعلمين ليست هامة، ولكنَّها آراء سطحيَّة لأنَّ الناس عادةً ما يريدون الانتقال إلى شيء آخر بعد انتهاء نشاط التعلُّم.
على الرغم من أنَّ المتعلمين قد يتذكرون بعض الدروس المُستفادة من الجلسة الرئيسة، فإنَّ هذا لا يعني أنَّهم سيطبِّقونها في المستقبل؛ لذلك يمكن أن يساعدك قياس معرفة المتعلِّم من خلال استبيانات الموظفين بعد التدريب على رؤية الصورة الأكبر.
كما تُعَدُّ اختبارات المتابعة مفيدة جداً لقياس تغيير السلوك؛ على سبيل المثال يُمكِنُك إرسال اختبار متابعة بعد شهر من انتهاء الدورة، وجعل الموظفين يجيبون عن الأسئلة المتعلقة بمقدار المعرفة والمهارات الجديدة التي استخدموها خلال هذا الوقت وما إذا كانوا ما يزالون يتذكرون الأجزاء الهامة، وإذا كانت التغذية الراجعة ما تزال إيجابية ويشعر المتعلمون بالثقة في تطبيق مهارات جديدة، فستعرف أنَّ برنامجك التدريبي يؤدي وظيفته بنجاح.
4. هل ازداد اندماج الموظفين في التدريب؟
إذا نظرنا إلى أبعد من النتائج القابلة للقياس، فسنجد فوائد ثانويَّة أخرى للتدريب، وينظر الموظفون الأكثر ثقة في قدراتهم والأكثر رضى عن وظائفهم إلى الشركة بصورة أكثر إيجابية.
كما أنَّهم أقل عرضة إلى المعاناة من التوتر المرتبط بالعمل؛ وذلك لأنَّ لديهم الموارد للقيام بوظائفهم بصورة جيدة، كما يُوجَد مؤشر رئيس آخر؛ وهو أنَّهم ببساطة يستمتعون برحلة التعلُّم الخاصة بهم، ولا يَعُدُّونها مَهمَّة شاقة.
يمكن للشركات قياس مدى استمتاع المتعلمين بتدريبهم بناءً على الاندماج ومعدلات المشاركة ونشاطات البرنامج وحتى تفاعلهم مع المتعلمين الآخرين، فهل يشاركون في المنتديات والمجموعات؟ وهل هم على استعداد لإبداء آرائهم في الدورة دون أن يُطلَب منهم ذلك؟
يعني السلوك الإيجابي للمُتعلِّم في أثناء التدريب وبعده أنَّه يجد التدريب مفيداً، وذلك مؤشر جيد على أنَّ التدريب ناجح.
مثل العديد من العمليات التجارية اليوم؛ يعتمد التدريب أيضاً على البيانات، كما يُمكِنُك استخدام تحليلات التدريب لتقييم فاعلية برنامجك، بالإضافة إلى ذلك لا يتعيَّن على المدربين أن يصبحوا محللي بيانات لمعرفة ما ينجح ولماذا ينجح وطريقة تحسين تدريب الموظفين، كما أنَّ المديرين غير المُدرَّبين يُمكِنُهم فهم ما إذا كان البرنامج يتضمَّن جميع المهارات التي يحتاج إليها الموظفون، والعثور على فجوات المهارات وتحديد تأثير التدخُّلات في التعلُّم في اندماج الموظَّفين.
تتمثل النتيجة الرئيسة في أنَّ معرفة ما إذا كان تدريب شركتك ناجحاً أم لا يوفر عليك الكثير من المتاعب والوقت والمال على الأمد الطويل؛ ممَّا يمنحك الثقة لتعديل استراتيجية التدريب الخاصة بك، وتجاهُل البرامج التي لا تنجح وإنشاء برامج أفضل منها.
أضف تعليقاً