نموذجي كيرك باتريك (Kirkpatrick) وفيليبس (Phillips) لقياس التدريب
تم تطوير إحدى أكثر الطرائق شيوعاً لتقييم نجاح التدريب في مكان العمل اليوم في الخمسينيات من القرن الماضي، وذلك عندما قدم الاقتصادي والأستاذ الجامعي الأمريكي دونالد كيرك باتريك (Donald Kirkpatrick) نموذج تقييم كيرك باتريك (Kirkpatrick Evaluation Model)، والذي نُشِر في مجلة تجارية، ثم نشره لاحقاً في كتابه الذي صدر عام 1975 بعنوان "تقييم برامج التدريب" (Evaluating Training Programs).
يتكوَّن نموذج كيرك باتريك من 4 مستويات لقياس برامج التدريب:
- تقييم رد الفعل: يركز هذا المستوى على تقييم ردود فعل المتدربين تجاه برامج التدريب.
- تقييم مستوى التعلم: يركز هذا المستوى على مدى تذكُّر المتدربين للمعلومات والدروس المستفادة من التدريب.
- تقييم تغيرات السلوك: يركز هذا المستوى على تقييم التغيرات التي طرأت على سلوكات المشاركين بعد الخضوع للتدريب.
- تقييم النتائج: يركز هذا المستوى على التغيرات العامة التي طرأت على المنظمة بعد التدريب.
في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قدَّم المستشار والخبير جاك فيليبس (Jack Phillips) الخطوة الخامسة لقياس النجاح وهي تقييم العائد على الاستثمار. تقارن هذه الخطوة التكلفة الإجمالية للبرنامج بفوائده المالية باستخدام نسبة التكلفة إلى الفائدة. سنتطرق فيما يلي إلى مقاييس تدريب الموظفين هذه بمزيد من التفاصيل.
5 مقاييس لقياس فاعلية تدريب الموظفين
نستعرض فيما يلي 5 مقاييس لقياس فاعلية تدريب الموظفين في المؤسسة:
1. ردود فعل المتدربين
أول (وربما أسهل) عامل يجب قياسه في التدريب هو رأي الموظفين به، أو على الأقل مدى الفائدة التي اكتسبوها منه؛ فالاستمتاع بالتدريب وإقامة علاقة إيجابية مع المدرب يزيد فاعلية تعلُّم المتدربين. كما يفضِّل الموظفون المواد المثيرة للاهتمام، ومسؤولية توفيرها واحترام وقتهم تقعان على عاتق رب العمل.
لتقييم مدى استمتاع الموظفين بالتدريب، يمكن إجراء استطلاع بسيط، تطلب من خلاله من المشاركين تصنيف تجربتهم في التدريب بناءً على عوامل مثل فاعلية المدرب ومستوى اهتمامهم بالتدريب.
2. تذكُّر المحتوى
بعد التأكد من أنَّ المشاركين استمتعوا بالتدريب ووجدوه مثيراً للاهتمام، فقد حان الوقت لمعرفة ما إذا كانوا يتذكرون ما تعلموه. يمكن إجراء استطلاع قبل التدريب حول بعض النقاط الرئيسة التي من المفترض أن يعالجها التدريب، ثم إجراء استطلاع آخر بعد انتهائه وملاحظة ما تعلمه المتدربون. يمكن أيضاً مناقشة بعض النقاط الرئيسة مع الموظفين بعد انتهاء التدريب لتكتشف مدى تذكرهم للمعلومات.
تشمل أفضل برامج التدريب المتابعة مع المتدربين لزيادة احتمال تذكُّرهم للدروس على الأمد الطويل والاحتفاظ بالنقاط الرئيسة دوماً.
3. التغيير السلوكي
حتى لو تذكَّر الموظفون ما تعلموه في التدريب، فلا يزال عليهم تطبيق هذه المعلومات. لذا، من الهام أن يتضمن التدريب فرصاً لتطبيق ما تعلمه المتدربون في سيناريوهات واقعية.
لتتبُّع مدى تغير السلوكات، بإمكانك عدُّ بعض السلوكات الأساسية عند حدوثها. على سبيل المثال: إذا كانت إحدى المشكلات التي لاحظتها هي العدوانية أو المقاطعة أثناء الاجتماعات، فيمكنك عدُّ السلوكات عند ظهورها، أما إذا كشف التدريب على التنوع عن وجود تحيز في خطط التعاقب الوظيفي، فإنَّ تتبُّع مدى تنوع الموظفين الذين يتقدمون في مناصبهم، قد يفي بالغرض (لا سيما في الشركات الكبرى).
يمكن أيضاً أن تكون أقسام علاقات الموظفين والخطوط الساخنة للإبلاغ عن التجاوزات مصادر ذات قيمة لجمع المعلومات حول سلوك الموظفين، حيث تستطيع جمع بيانات حول مدى تغير الشكاوى والمكالمات بمرور الوقت، سواء من حيث مضمونها أم عددها.
تجدر الإشارة إلى أنَّ زيادة الشكاوى بعد التدريب قد تكون إشارة إيجابية؛ فحينما يبلِّغ المزيد من الأشخاص عن السلوكات السلبية بأريحية أكبر، يدل ذلك على نجاح التدريب.
4. التأثير الثقافي على الأمد القصير والطويل
عندما يكرر الموظفون السلوكات الجديدة مع مرور الوقت، سيؤثر ذلك في عمل المنظمة كلها، فكما ذكرنا سابقاً يساعد إنشاء مكان عمل ودِّي في تحقيق أهداف التوظيف، وتعزيز رضا الموظفين، ومساعدتهم على إنجاز مهامهم بطرائق أفضل. قد تتمكن من تتبع هذه الأنواع من العوامل بطريقة ملموسة ومعرفة مدى ارتباطها بالتدريب الذي تقدمه على الأمد الطويل.
تشمل العوامل الأخرى القابلة للقياس لتقييم تأثير التدريب: الإيفاء بالمواعيد النهائية، وقضايا ضمان ومراقبة الجودة، وتقييم رضا العملاء. ولكن، لا تنجح هذه العوامل إلا إذا استطعت عزل بعض العوامل الأخرى التي ربما أثَّرت في هذه المقاييس خارج نطاق التدريب.
5. العائد على الاستثمار
بعد فهم كيفية تغير مؤسستك نحو الأفضل، سيسهل نسبياً مقارنة القيمة المالية المكتسبة بالتكلفة الأولية للتدريب. على سبيل المثال: يمكنك توفير المال نتيجة انخفاض تعيين موظفين جدد سنوياً؛ لأنَّ تحسُّن مهارات التعاطف لدى الموظفين أدى إلى انخفاض معدل دوران العمالة؛ فالتوظيف مكلف، ويتطلب الإعلان عن المناصب الشاعرة، وقضاء وقت طويل في الاطلاع على السير الذاتية، وحتى انخفاض الإنتاجية خلال فترة تدريب الموظفين الجدد؛ لذا ستوفر الكثير بالتأكيد.
قد تلاحظ أيضاً الأرباح المكتسبة نتيجة تعزيز قدرة فريقك على العمل ضمن ثقافات متنوعة، الأمر الذي سهَّل على الشركة التوسع في سوق جديدة، أو ربما أدى عدم تأثر فريق خدمة العملاء بأسلوب بعض العملاء الفظ معهم، إلى تسريع استجابتهم لهم، مما أدى بدوره إلى انخفاض معدل إعراض الزبون عن الخدمة، وبالتالي زيادة الأرباح.
في الختام
من الصعب حساب تأثير تدريب الموظفين في الأرباح تماماً؛ ولكنَّك إذا عملت مع شريك ملتزم بتقديم تدريب يؤدي إلى تحسينات ملموسة ودائمة في المجالات التي تهمك، فمن المرجح أن تكسب عوائد كبيرة.
أضف تعليقاً