قد يبدو أنَّ جائحة كورونا جعلتنا نضطر إلى الدخول إلى العالم الرقمي، ولكنَّ التعلُّم عبر الإنترنت كان مطلوباً منذ فترة طويلة؛ ففي عام 2018، أشار تقرير أعدته مؤسسة "تووردز ماتشوريتي" (Towards Maturity) عن أساليب التعلُّم التي يفضلها الناس، إلى أنَّ 70% يقولون إنَّ التعلُّم عبر الإنترنت يحسن الأداء الوظيفي، و90% يصلون إلى التعلُّم عبر أجهزتهم المحمولة؛ إذ يمنح التعلُّم عبر الإنترنت الناس مزيداً من التحكم عبر محتواه الذي يمكن الوصول إليه بسهولة والتعلُّم وفق وتيرتهم الخاصة.
على الجانب الآخر، يعطي الناس أهمية كبيرة للتعلُّم الاجتماعي القائم على التعاون والذي يقوده المعلم، وهذا هو السبب في أنَّ التعلُّم المدمج يمكن أن يكون الحل الأفضل.
في الماضي، احتوى التعلُّم المدمج على عناصر مرتبطة بالتدريب وجهاً لوجه، لكنَّها ضرورية بالتأكيد؛ وفي الواقع يمكن أن يكون لبرنامج التعلُّم المدمج عبر الإنترنت التأثير ذاته، إن لم يكن أكثر.
يمكنك تقديم ورشة العمل وجهاً لوجه على شكل فصل دراسي افتراضي، ولكنَّك ستغفل عن حيلة هامة إذا كان هدفك هو الحفاظ على مستويات الاندماج وتحقيق التأثير؛ لذا ننصحك بالتفكير في أبعد من تقديم التدريب وجهاً لوجه على شكل فصل دراسي افتراضي؛ فسوف يكون النهج المدمج أكثر كفاءة من حيث الوقت (لك وللمتدربين) ومستداماً وقابلاً للتطوير.
3 خطوات للانتقال إلى التدريب المدمج:
1. إجراء تحليل شامل:
ابدأ بأهداف العمل والأداء التي يستهدفها تدريبك، وحتى إذا أنشأت بالفعل دورة تدريب وجهاً لوجه، فمن المفيد إجراء التمرين هذا للتأكد من أنَّ استراتيجيات التعلُّم والمحتوى متوافقان مع أهدافك الأساسية، فافعل هذا دون النظر إلى المحتوى الخاص بك، واسأل نفسك ما يأتي:
- ما هو هدف العمل الذي يسعى هذا التدريب إلى تحقيقه؟ (على سبيل المثال: تقليل الأخطاء أو زيادة المبيعات أو تعزيز الاحتفاظ بالموظفين).
- ما الذي يتعين على المتدربين القيام به لتحقيق هذا الهدف؟ (على سبيل المثال: البدء أو التوقف عن فعل كذا).
- ما هي الطرائق التي يمكنهم من خلالها إثبات قيامهم بذلك؟ بعبارة أخرى، ما هي النشاطات أو الإجراءات المحددة التي عليهم القيام بها لتحقيق هدف أدائهم؟
قد تجد اختلافات في الإجراءات المطلوبة من كل متدرب؛ فقد يحتاج المدير إلى تنفيذ إجراءات تختلف عن الإجراءات التي يتعين على أعضاء الفريق تطبيقها، لذا عليك بتسجيل الاختلافات هذه، ولاحظ أنَّ كل هذه الأسئلة تتمحور حول العمل وليس المعرفة.
يمكنك بعد ذلك التعمق وتحديد الأمثلة والنظريات التي سيحتاجها المتدربون لمساعدتهم على القيام بما ورد آنفاً، والفكرة هي استبعاد أي نظرية أو معلومة غير ضرورية والتركيز على النتيجة؛ إذ عليك إلغاء أي شيء لا يرتبط بالهدف.
2. إعادة النظر في المحتوى الذي أنشأته:
ليس عليك أن تبدأ من الصفر، بل يمكنك جني ثمار الوقت الذي استثمرته في تطوير التدريب وجهاً لوجه، فما عليك سوى إلقاء نظرة جديدة على المحتوى؛ قسِّم ما تبقى من المحتوى، مع وضع هدف التعلُّم من كل قسم في الحسبان، ثم فكر في الطريقة التي تقدم بها الأقسام المختلفة في الوقت الحالي، فلا يقتصر النشاط هنا على شرح المحتوى للمشاركين، بل يمكن أن تمارس عدة نشاطات منها:
- نشاطات الاكتشاف: يكتشف المتدربون شيئاً لأنفسهم.
- نشاطات التدريب: يشارك المتدربون في نشاط إما وحدهم أو في مجموعة.
- العروض التوضيحية: يتعرف المتدربون على كيفية القيام بأمر ما.
- دراسات الحالة: يرى المتدربون تطبيق المهارات على أرض الواقع في أمثلة سياقية.
- البرامج التعليمية: تساعد المتدربين على فهم نظرية أو عملية من خلال شرح خطواتها بعناية.
- مشاركة القصص: يشارك المتدربون و/ أو الميسرون القصص أو الخبرات الشخصية.
- توضيح أي مفاهيم خاطئة: كشف المفاهيم الخاطئة التي يعتقد بها المتدربون وتصحيحها.
- التقييم: اختبار قدرة المتدربين على تطبيق مهاراتهم.
إذاً، ما الذي يمكن أن ينجح معك من هذه القائمة؟ وما الذي سيحفز المتدربين ويعزز اندماجهم وفقاً لشخصياتهم؟ وما الذي يدعم هدفك مباشرة؟ ألغِ أي شيء لا تحتاجه.
3. التفكير في قنوات التعلُّم:
لعلَّك تعرف بالفعل العناصر التي تنجح في التدريب وجهاً لوجه، لذا فكر كيف يمكنك إنشاء التجربة ذاتها على الإنترنت، فقد تكون قنوات التعلُّم المتاحة لك هي:
- التعلُّم الإلكتروني المتوافق مع الأجهزة المحمولة.
- منتديات لمناقشة نظام إدارة التعلُّم (LMS).
- صفحات الشبكة الداخلية.
- الفصول الدراسية الافتراضية/ إجراء المؤتمرات عبر الإنترنت.
- القدرة على إنتاج الفيديوهات.
- المنتورينغ/ التعليم الافتراضي.
- ملازمة الموظفين (وهي مراقبة موظف في أثناء تأدية عمله) والخضوع للإشراف.
يمكنك دمج القنوات هذه واختيار ما يناسبك، ما يهم هو استخدام أكثر من عنصر واحد مهما كان بسيطاً، وركز على تجربة التعلُّم دوماً، واحرص على أن تُعلِّم المتدربين بما تتوقعه وتحديد زمانه ومكانه.
أضف تعليقاً