منظور التعلم الإلكتروني وتحديات المستقبل

يتحدث الدكتور محمد محمد الهادي عن مسيرة التعليم الالكتروني والتحديات التي يمكن ان يواجهها في المستقبل في مقالته التالية.



 

 

سبق لنا منذ الثمانينيات من القرن الماضي، ونحن ندعو لتوظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كمحور دافع لتكنولوجيا التعليم في تطوير التعليم المصري. وكانت هذه الدعوة بناء علي التقدم المذهل والتطور المتلاحق الذي تشهده هذه التكنولوجيا بمعدلات لم تشهدها التكنولوجيات الأخرى من قبل؛ إلي جانب أن كثيرا من المنظمات الدولية والمؤسسات البحثية في الدول المتقدمة بدأت في مناقشة أبعاد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستخدامها في العملية التعليمية من خلال ندوات ومؤتمرات ومشروعات بحث وتطوير كما تستخدم بمعدلات مرتفعة في مجالات الأعمال والطب والصناعة والعلم، الخ.

وها نحن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، وقد بدأنا نعترف بأهمية هذه التكنولوجيا في العملية التعليمية بعد انتشار إمكانية غلق فصول ومدارس وكليات وجامعات نتيجة لعدم الاستقرار السياسي وانتشار الشعب أو تفشي الأمراض المختلفة، حيث بزغت أهمية تكنولوجيا التعليم وما يرتبط بها من التعلم عن بعد ببعديه التعلم الإلكتروني والتعلم المحمول كعامل مساعد في تحصيل العلم لما تتضمنه هذه التكنولوجيا من تفاعلية وتشويق وتمكين الطلاب والمتعلمين من الاستفادة بفرص التعلم النشط والمرن لحد كبير، الممكن أن يخلط بتوجيه المعلمين شخصيا عن بعد فيما يطلق عليه التعليم المختلط Blended Learning .

وفي الوقت الحالي بفضل تكنولوجيا التعليم المستعينة والمطبقة لتكنولوجيا الاتصالات وتوظيفها في العملية التعليمية انتشر التعلم الإلكتروني والتعلم بالمحمول في توفير فرص التعلم العادلة والمتساوية للمتعلمين في أي مكان وأي زمان.

ما هو التعلم الإلكتروني؟

عرف التعلم الإلكتروني بأنه التعليم "الذي يتيح المحتوي التعليمي الرقمي من خلال الوسائل الإلكترونية التي تتضمن الحاسبات الآلية وبرمجياتها المتضمنة علي خواص التفاعلية والتي تتاح علي الخط وتوصل أيضا من خلال شبكات المعلومات والكمبيوتر كالشبكات المحلية LANs في الفصول أو المدرسة وشبكات الإنترانت Intranet التي تنتشر علي نطاق مجموعة من المدارس أو المنطقة التعليمية أو الجامعة، وشبكات الإكسترانت Extranet التي تضم كل نظام التعليم الوطني، إلي جانب شبكة الإنترنتInternet المنتشرة في كل أرجاء العالم حاليا ، بالإضافة إلي إمكانية البث عبر الأقمار الصناعية، شرائط الأوديو/الفيديو، التليفزيون التفاعلي والأقراص المدمجة CD-ROM"

ويمكن أن يشتمل المحتوي التعليمي المقدم علي النصوص، الرسومات، الأصوات، والحركات فيما يخص الوسائل المتعددة الرقمية أو الكمبيوترية ويغطي كل المواد الفكرية وأنشطة الممارسة التفاعلية التي تسمح للمتعلمين التعلم والتدريب وتقدير التغذية العكسية الفردية المطلوبة.

وعلي ذلك فإن التعلم الإلكتروني يغطي مدي واسع من التطبيقات والعمليات التي يتضمنها التعلم المبني علي الكمبيوتر، التعلم المبني علي الويب، الفصول الدراسية الافتراضية إلي جانب التعاون الرقمي.

هناك تعريف آخر للتعلم الإلكتروني يحدد أنه مجموعة فرعية من التعلم عن بعد الذي بدوره يعتبر مجموعة فريدة من التعلم النشط والمرن كما يوضح في الشكل التالي:

 

شكل رقم (1): مجموعات التعلم المرن الفرعية

يوضح هذا المنظور أنه من ضمن خواص التعلم المرن التعلم المحمول mLearning كامتداد للتعلم الإلكتروني.  ويعرف التعلم المحمولmLearning بأنه التعلم الإلكتروني الذي يتم من خلال الأدوات الرقمية الكمبيوترية المحمولة المتمثلة في آلات النوافذ Windows CEالمحمولة والهواتف المحمولة أي الخلوية Mobile Phones ويمثل التعلم المحمول مجموعة فرعية من التعلم الإلكتروني الذي بدوره هو مجموعة فرعية من التعلم عن بعد.

التحول من التعلم الإلكتروني للتعلم المحمول:

يصاحب التحول من التعلم الإلكتروني للتعلم المحمول تغيير في المصطلحات المستخدمة كما في الجدول التالي:

 

مما سبق يتضح جليا أن الاختلاف التربوي الرئيسي بين التعلم الإلكتروني والتعلم المحمول يتمثل في أن الدراسة تتم باستخدام الكمبيوتر في الفصل أو المعمل أو حتى في المنزل في حالة التعلم الإلكتروني، بينما تحدث الدراسة في التعلم المحمول في أي مكان يتواجد فيه المتعلم باستخدام الهاتف المحمول.

فوائد التعلم المحمول:

يمكن تلخيص فوائد ومزايا التعلم المحمول في التالي:

  • تحسين ثقافات المتعلمين ومعارفهم، والتعرف علي قدراتهم الكامنة، واكتساب المهارات،
  • التعريف بالمجالات التي يحتاجها المتعلمون من أجل مساندتهم ومساعدتهم في حل ومجابهة المشكلات التي قد يتعرضون لها في أي مكان وأي زمان،
  • المساهمة في استبعاد ما هو مألوف بالفعل في نطاق خبرة التعلم وتحفيز المتعلم المتخاذل أو المتقاعس في الانخراط النشط في عملية التعلم،
  • مساعدة المتعلمين علي البقاء مركزين في التعلم لمدد طويلة،
  • المساعدة في زيادة الثقة في الذات أي النفس.

تنفيذ التعلم المحمول:

يمكن تحديد غرض لنموذج يوضح أن الأدوات المحمولة يمكن تطبيقها كعوامل مساندة للمتعلمين لتقدير التعلم علي الخط من حيث إتاحة المحتوي التعليمي والوصول إليه عبر الإنترنت.

والشكل التالي يوضح عوامل النجاح الحرجة في إطار بيئة التعلم المحمول:

 

منظور التعلم الإلكتروني وتحدياته وسبل التغلب عليها:

كيف يمكن دعم ومساندة تطوير التعلم الإلكتروني وتعميمه علي نطاق واسع في مصر؟

يرتبط بهذا التساؤل  تواجد قضيتين رئيسيتين يجب مجابهتهما وتحديد تحدياتهما:

  • التنفيذ أو التطبيق المبني علي نطاق واسع ينقصه التوقعات الأصيلة المدعمة له لحد كبير.
  • عدم وصول التعلم الإلكتروني إلي نقطة التقدم والانتشار المناسبة حتى الآن، علي الرغم من أن التكنولوجيات المصاحبة تتقدم وتنتشر إلي جانب أن استخدامات وتطبيقات ونماذج الأعمال تغيير بتعمق كبير جدا.

وحتى يمكن التغلب علي هاتين القضيتين يحتاج إلي أداء وفعل مركز من قبل كل المهتمين بالتعليم وخاصة المشتغلين في مجال تكنولوجيا التعليم فيما يختص بالنقاط الخمسة التالية:

  • التطوير المهني واستخدام المعلمين وأعضاء هيئة التدريس علي كافة تخصصاتهم ومستوياتهم في استخدام وتوظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العملية التعليمية بمناهجها المختلفة المتنوعة.
  • الحاجة الملحة لتوفير معايير التعلم الإلكتروني المفتوح التي تتفق مع البيئة المصرية  والعربية نظرا لأهميتها القصوى.
  • أهمية توافر معمارية Architecture مشتركة لكل مصممي برمجيات مقررات التعلم الإلكتروني التي يطلق عليها باللغة الإنجليزية Courseware.
  • تطوير المحتوي الدراسي أو التعليمي الرقمي من خلال توافر نماذج التطوير المستدامة لا الوقتية أو الآنية فقط.
  • ضرورة تطبيق استراتيجيات التكنولوجيا الشبكية Networking واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعلم الإلكتروني.

آخذين في الاعتبار تلك النقاط الخمسة السابقة، يصبح في الإمكان تحديد ستة تحديات أساسية تواجه تكنولوجيا التعليم المرتكزة علي التعلم الإلكتروني وتحديد سبل وتوصيات مواجهتها:

التحدي الأول : كيف يمكن تحسين التنمية المهنية المستمرة للمشتغلين بالتعليم وخاصة للمعلمين، أعضاء هيئة التدريس، التربويين، المخططين  الذين سوف يتعاملون مع التعلم الإلكتروني وما يحتاجه هذا التعلم من تكنولوجيا معلومات واتصالات؟

والمدخل لمجابهة هذا التحدي يرتبط بالتعامل مع عوامل التغيير المتمثلة في التالي:

  • بناء بنية أساسية لاسلكية مرنة ومؤمنة،
  • تطبيق إطار كامل للتعلم،
  • تمكين الأفراد من الانخراط في بيئة تعلم ثرية ونشطة لحد كبير.

التحدي الثاني: كيف يمكن إيقاف أو الحد من التزيد أو التكاثر المتشعب في استخدام المعايير المختلفة والمتباينة في نظم التعلم الإلكتروني التي تنتشر حاليا علي نطاق واسع في الساحة التعليمية؟

وحتى يمكن التغلب علي ذلك ومواجهة هذا التحدي يوصي بما يلي:

  • اختيار شكل تعلم مناسب للمحتويات التعليمية باللغة العربية قد يكون علي أساس معيار SCORM "النموذج المرجعي لوحدات المحتوي المشارك فيه" بحيث يؤخذ به في بناء نموذج مصري / عربي  ينشر باللغة العربية ويتاح للمعلمين والمطورين علي حد سواء.
  • البحث الدؤوب والجدي في بناء علاقة قوية متينة بين معيار SCORM ومراكز التعلم الإلكتروني المصرية الحالية المنتشرة في معظم الكليات والجامعات المصرية الحالية.
  • الاتفاق والتوافق في إنشاء نموذج بيانات ومعايير المستودعات Repositories أو قواعد البيانات المرتبطة بوحدات التعلمLearning objects .
  • العمل علي تنفيذ نموذج بيانات يسهم في إمكانية إعادة استخدام Reusability وحدات التعلم المختلفة.
  • ربط تطوير معايير التعلم المشتركة في نطاق معمارية البنية الأساسية المشتركة للتعلم الإلكتروني.
  • الاعتراف بأهمية الانتقال إلي المعمارية الموجهة نحو الخدمة ٍService Oriented Architecture وتفهم تطبيق تلك المعمارية عند تصميم نظم وبرمجيات التعلم الإلكتروني وإتاحتها للمستخدمين.

التحدي الثالثكيف يمكن تفسير إطار معمارية صناعة برمجيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ونقل الخدمات التي سوف تدعم وتساند نظم التعلم الإلكتروني ومعاييرها المفتوحة لتأكيد أن بيئات التعلم الإلكتروني يمكن أن تتم بطريقة تشغيل متداخلةInteroperable ؟

التحدي الرابع: كيف يمكن تأكيد القدرة علي تطوير نظم التعلم الإلكتروني بحيث تراعي التكنولوجيا المتقدمة  وتؤكد استقلاليتها من البائعين والمتعهدين التجاريين؟

التحدي الخامسكيف يمكن تطوير سوق تعلم مستدامة Sustainable لتطوير وإنتاج محتوي رقمي يتسم بالجودة العالية والاستمرارية؟

 ويوصي لتحقيق ذلك بالتالي:

  • توفير مجموعة من التوجيهات والإرشادات عن مداخل مترابطة لتمويل التعليم العام في اختيار وشراء المحتوي الرقمي المتاح بواسطة مجتمع التعلم.
  • ملاحظة أن المحتوي الإلكتروني لا يترجم فقط من لغة أجنبية للغة العربية، بل يترجم أيضا من ثقافة أجنبية لواقع ثقافي مصري / عربي اله تقاليده وثقافته المختلفة.

التحدي السادس: كيف يمكن بناء بيئة شبكية تكنولوجية يمكنها تقديم تسهيلات التعلم الإلكتروني بطريقة اقتصادية للمستخدمين المتعلمين، بحيث تكون مستقلة عن الوقت والمكان ومقدم الأداة التعليمية، وفي نفس الوقت يمكن اعتبار متطلبات وتضمينات أخري للبنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات؟

وفي هذا الصدد يوصي بالتالي:

  • يجب أن تبني البنية الأساسية للتعلم الإلكتروني من منظور المستخدم النهائي أي المتعلم/الطالب والمدرس / عضو هيئة التدريس.
  • زيادة فهم أدوار مقدمي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومقدمي خدمات شبكة الكمبيوتر والإنترنت المتنوعة.
  • تشجيع استراتيجيات الشبكية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث أن الاستثمار يرتبط بالمستقبل للتحقق منه، وتمثل المعمارية نظما مفتوحة ذات استقلالية عن الموردين للتكنولوجيا.
  • تأكيد التكنولوجيات الجديدة مثل التكنولوجيا اللاسلكية وما يرتبط بها من تكنولوجيا بروتوكول Hi-Fi وفهم اكتشافها المعاصر الذي يمكن المستخدم النهائي من الإفادة منها.
  • اكتشاف الفرص المتاحة للمجتمع التعليمي لكي يراعي المدخل المبني علي الخدمة Service Oriented Architectureالموردة من الموردين لتلبية متطلبات تطوير التعليم المبني علي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

المصدر

عرض الكاتب في مقالته التحديات والصعوبات الجديدة العصرية التي تواجه التعليم الالكتروني، حيث بدأ بالمعلومات الاساسية التي تتعلق بالتعليم الالكتروني ومن ثم انتقل للحديث عن التعليم المحمول الذي يتم عن طريق الجوال او الهاتف المحمول، حيث تحدث عن فوائده واساسياته والمصطلحات المتعلقة به ومن ثم انتقل الى الحديث عن التعلم الالكتروني وتحدياته المستقبلية.

وجدت المقالة مربكة لأن الكاتب تحدث بشكل مستفيض قليلاً عن التعليم الجوال وهو خارج السياق تماماً فيم يتعلق بالتحديات التي يواجهها التعليم الالكتروني. فلو كانت هذه الفقرة في مقالة اخرى لكانت المقالة ممتازة ولا تشتت ذهن القارئ، فقد ظننت نفسي انني سوف اقرأ عن التوجهات الجديدة الاخرى للتعليم الالكتروني غير التعليم الجوال ... الشيء الذي لم يحصل وبالتالي تشتت الافكار وانتقل محور الحديث من فكرة الى فكرة.