مراحل التعلم ونتائجه في معالجة المعرفة

فالتعلُّم ليس ما يحدث في غرفة الصف، وإنما التعلُّم يحدث بشكلٍ مستمرٍ في حياتنا اليوميَّة ولا يتعلَّق الأمر بكل ما هو صحيح فقط، فالخطأ يعد تعلماً أيضا، ولا يقتصر التعلُّم على المعرفة والمهارات وإنما يتضمَّن تعلم الاتجاهات والعواطف



يقسم هورتن وتيرنج (1976) تاريخ البحث في التعلُّم إلى ثلاث مراحل وهيِ:

  • مرحلة ما قبل السلوكيَّة

وقد بدأت هذه المرحلة بفلسفة جون لوك الذي يقال إنه وضع الأساس لنظريَّة تداعي الخبرة، بريطانيا، ويرى جون لوك أن العقل البشري يولد صفحةً بيضاء تخط الخبرة عليها فيما بعد.

وقد ارتبط مفهوم التعلُّم بكون العقل البشري يتميز بعملياتٍ فطريَّة خاصةٍ مستقلةٍ عن الخبرة. ويرى العالم الألماني "ولهم فونت" الذي تنسب إليه المدرسة التركيبية في علم النفس أن المُتعلِّم يلاحظ عملياته العقليَّة أي يقوم بالاستبطان الذاتي. كما تميزت هذه الفترة بأعمال هرمان إيبنجهاوس في مجال الذاكرة التي أدّت دوراً كبيراً في التطوُّر اللاحق لتجارب ثورندايك وكلارك هل وايدوين جاثري، وفي الوقت الذي كان فيه علم النفس التجريبي ما يزال في مراحله الأولى، كان إيبنجاوس يقدم نظرة منهجيَّة لدراسة التعلُّم البشري.

  • المرحلة السلوكيَّة

أما المرحلة السلوكيَّة التي تميزت بنظريَّة الارتباطين التي تبنها جون واطسون، وقد جاءت نتيجة لتأثير أعمال العالم الروسي أيفين بافلوف في نظريته الشهيرة في الاشتراط الكلاسيكية، ونظريَّة إدوارد ثورندايك صاحب التعلُّم بالمحاولة والخطأ والاشتراط الإجرائي لبوريس سكينر وغيرهم ممن كان لهم بصماتٌ في عمليَّة التعلُّم.

  • المرحلة المعاصرة

في هذه المرحلة اتجه علماء النفس إلى التفكير في وضع تخطيطٍ للقدرات المعرفيَّة والوجدانيَّة للكائن الحي في عمليات التعلُّم حيث ازداد الاهتمام بالدافعيَّة والارتباط والتعزيز.

 

مراحل التعلُّم

دلت نتائج البحوث على أن التعلُّم يحدث خلال ثلاث مراحل أساسيَّة، يمكن تقديمها على الشكل الآتي:

  • مرحلة الاكتساب: وهي المرحلة التي يدخل المُتعلِّم من خلالها المادة المُتعلّمة إلى الذاكرة.
  • مرحلة الاختزان: تتميَّز بحفظ المعلومات في الذاكرة.
  • مرحلة الاسترجاع: وتتضمَّن القدرة على استخراج المعلومات المخزنة في صورة استجابة.
  • يُعَدُّ فهم المعنى السيكولوجي للتعلُّم، هو معرفة ما لا يقدر تعلمه.

 

فالتعلُّم ليس ما يحدث في غرفة الصف، وإنما التعلُّم يحدث بشكلٍ مستمرٍ في حياتنا اليوميَّة ولا يتعلَّق الأمر بكل ما هو صحيح فقط، فالخطأ يعد تعلماً أيضا، ولا يقتصر التعلُّم على المعرفة والمهارات وإنما يتضمَّن تعلم الاتجاهات والعواطف (هل1985). إذاً التعلُّم هو تغييرٌ دائمٌ في سلوك المُتعلِّم وقد يكون مقصوداً أو غير مقصود ويتخلله المرور بالخبرة والتفاعل البيئي أما التغيُّرات الناتجة عن النضج فلا تُعَدُّ تعلماً، والتغيُّرات الطارئة المؤقتة الناجمة عن التعب والجوع تستثنى أيضاً من التعلُّم (ولفولك1987،ص.165).

 

أنواع التعلُّم الرئيسة

اعترف علماء النفس بوجود أنماط مختلفة للتعلُّم وهي التعلُّم البسيط الذي يتميز بالاعتياد حيث يتوقف المُتعلِّم عن الانتباه للمثيرات البيئيَّة الثابتة دوماً كالساعة التي تدق في إحدى الغرف. والاشتراط يشير إلى اكتساب سلوكياتٍ بوجود مثيراتٍ بيئيَّة مُحدَّدةٍ ونميز نوعين من الاشتراط وهما الاشتراط الكلاسيكي والاشتراط الإجرائي الذي سوف يتم الحديث عنهما لاحقاً وإلى جانب ذلك هناك التعلُّم المعرفي، حيث يقوم المُتعلِّم بالتفكير بشكلٍ مختلفٍ حول العلاقات بين السلوك والحوادث البيئيَّة (بيترسون, 1991،173).

 

نتاج التعلُّم

يتم تصنيف نتاج التعلُّم على النحو الآتي:

  • تكوين العادات

يطلق لفظ العادة على أي نوعٍ من السلوك المكتسب وهو أي سلوكٍ يقوم به الفرد بصفةٍ سهلةٍ وآليةٍ نتيجة التكرار. ويمكننا القول إنّ العادة هي استعدادٌ يكتسب بالتعلُّم ولا يحتاج إلى الجهد والتفكير والتركيز والانتباه.

  • تكوين المهارات

تكتسب على المستوى الحركي والتوافق الحركي العقلي، حيث يؤدي التكرار دوراً كبيراً في تكوينها تؤثر التدريبات المستمرة في التوصيلات العصبية حيث تيسر حدوث العمليات المتتالية في المهارة بسرعةٍ ودقةٍ من غير تركيزٍ للانتباه. ومعظم المهارات تبنى على استعدادٍ وموهبةٍ وقدرةٍ خاصةٍ بالاضافة إلى الميول التي تؤدي دوراً في تكوين المهارات العلميَّة.

  • تعلُّم المعلومات والمعاني

يتزوَّد الفرد بالمعلومات والمعاني من البيئة التي يتفاعل معها في محيطه الطبيعي والأسري والمدرسي والاجتماعي والثقافي الحضاري.

  • تعلُّم حل المشكلات

يعتمد أسلوب حل المشكلات على فهم الموقف وتحليله ابتداءً من الشعور بالمشكلة والعمل على حلها ثم جمع المعلومات عن موضوع المشكلة ووضع الفروض الملائمة لها والتحقُّق من الفروض بالتجربة والممارسة للنشاط وأخيراً الوصول إلى النتائج أو القوانين أو القواعد اعتماداً على التحليل بالموازنة وتنمية التفكير الاستدلالي والاستقرائي.

  • تكوين الاتجاهات النفسيَّة

الاتجاه النفسي هو استعدادٌ أو تهيؤٌ عقليٌ يتكوَّن نتيجة عوامل مختلفةٍ مؤثرةٍ في حياته تجعله يتخذ موقفاً نحو بعض الأفكار بحسب قيمتها الخلقية أو الاجتماعيَّة.

والواقع أن شخصيَّة الفرد، تتكوَّن من مجموعة الاتجاهات النفسيَّة التي تتكوَّن نتيجة التنشئة والتربية والتعلُّم، فتؤثر في عاداته وميوله وعواطفه وأساليب سلوكه، ويتصف تعلُّم الاتجاهات بالتخزين طويل الأمد، بينما يتعرَّض تعلُّم المعلومات إلى الإتلاف الناتج من عوامل النسيان.