ماستري ليرنينغ mastery learning في صفوف تعليم الكبار الجزء الاول

إذا لم تكن قد سمعت من قبل بنظام التعلم (mastery learning) فلست الوحيد بالرغم من أن مفاهيمهكانت موجودة لأربعين سنة، أما من ناحية عملية فهو ظاهرة تنتشر على نطاق واسع في نظام تعليم K-12 (خلاصة التعليم الابتدائي والثانوي في الولايات المتحدة) حيث طبّق هناك بنجاح. ومع ذلك فإنه مجهول بشكل كبير ضمن نطاق تعليم الكبار أو إنه وإن كان قد تم ّ قبوله فقد بقي سراً عميقاً. وجهت انتباهي لنظام mastery learning التعليمي عندما تم قبول ابنتي في مدرسة ميدل فونيكس في ورثينغتون في ولاية أوهايو حيث تم تكريس الجهود لإنهاء الاعتماد على الدرجات كمقياس وحيد للنجاح وتم تنفيذ ذلك. وهذا هو موقع المدرسة الإلكتروني: www.phoenixms.org



بالرغم من أنني كنت أنظر إلى نظام التعليم هذا بنظرة السخرية في البداية، إلا أنني بدأت أعجب بنظام ماستري ليرنينغ الواعد وبدأت أفكر بالتدريب الذي أمضيت عمراً بممارسته، وتساءلت لو أن مفهوم ماستري ليرنينغ يمكن أن يطبق في عالم تعليم الكبار في صفوف القطاع العام و المشترك. وصلت إلى نتيجة وهي أنه برغم بعض المعوقات الحقيقية والاستثنائية جداً (بسبب واقع التدريب في القطاع الخاص والعام) فيمكن بل وينبغي تبني نظام ماستري ليرنينغ في صفوف تعليم الكبار. 


تاريخ ماستري ليرنينغ ومبادئه

تنبثق فكرة ماستري ليرنينغ من عمل الراحل التربوي والعالم النفسي Benjamin S. Bloom في مقالته المؤرخة عام 1968 بعنوان (التعلم في سبيل الإتقان Learning for Mastery) والتي تحدت الكثير من المفاهيم المسلمة المتعلقة بالدرجات وجدارة الطالب وإنجازه والتعليم في مجموعات. كانت هذا المقالة مبنية على العمل السابق لجون كارول  John Carroll عام 1963 بعنوان (نموذج من التعلم المدرسي، الأساتذة، سجل العلامات في الكلية A Model of School Learning," Teachers College Record, 1963) الذي يقترح فيه أن التعلم هو وظيفة الوقت بمعنى أنه كلما مضى وقت أطول على التعليم كلما أدى ذلك إلى نسبة أكبر من الاتقان). إن مفهوم ماستري ليرنينغ لدى كل من بلوم وكارول يقترح أنه أكثر من 90 % من المتعلمين قادرين على اتقان الموضوع الذي يتم طرحه.

يمثل هذا الاقتراح رفضاً لما يسميه بلوم Bloom  (المنعطف الطبيعي) الذي تكون فيه الدرجات محددة بناء على نظام تصنيف اعتباطي للجدارة. (يفترض المنعطف الطبيعي أن نسبة 10% تقريباً من المتعلمين سيظهرون الإتقان، و نسبة 10% لن يظهروا أي شيء مطلقاً، أما نسبة 80 % الباقون فسوف يتقنون فقط بعضاً من الموضوع الذي يتم طرحه. وبالتالي فإن الدرجات يتم توزيعها بشكل مشابه باستخدام درجات الممتاز والضعيف بنسبة 10 % لكل منها). يفترض نظام ماستري ليرنينغ أن تمييز الصفات المميزة الفردية للمتعلم لأمر رئيسي، كما يجب أن يستغرق وقت كاف من أجل أن يوصل بمتعلمين أكثر إلى مستوى الإتقان.

قام باحثون مثل توماس غاسكي في عمله (تنفيذ ماستري ليرنينغ) وجايمس بلوك في عمله (ماستري ليرنينغ-النظرية والتطبيق) بتأييد فرضية بلوم ووضع مخططات لبرامج كاملة لنظام ماستري ليرنينغ.

إلا أنه وبعد 40 سنة من توثيق نظام ماستري ليرنينغ لم يجد أياً منها تقريباً طريقه إلى عالم تعلم الكبير. السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل الأمر ذو قيمة؟ هل هناك مكان لمبادئ ماستري ليرنينغ في صفوف قطاع التعلم الخاص والمشترك؟ جوابي هو "نعم"، وباستعراض مختصر لمبادئ نظام ماستري ليرنينغ يتبين لنا أنه وبالرغم من أنها قد تتطلب تغييراً في الاستراتيجية العملية لكثير من وحدات التدريب إلا أن هذه المبادئ قابلة للإنجاز وحساسة على المدى البعيد. 

مبادئ ماستري ليرنينغ هي:

  • الاعتراف بأن جميع المتعلمين قادرون على التعلم بشكل جيد.
  • تطوير معايير وأهداف قابلة للقياس ومراجعتها بشكل منتظم.
  • تحديد درجة استعداد المتعلم.
  • جعل التعلم مكيفاً بحسب حاجات الفرد في إطار المجموعة.
  • قياس قدرة المتعلم من خلال معدل التعلم. (أي، الوقت الذي يستغرقه المتعلم لإتقان المفاهيم).
  • استخدام أساليب التقييم التوليدي (التي تقيس التقدم بعد كل الوحدات الفرعية) جنباً إلى جنب مع التغذية الاسترجاعية والتمارين التصحيحية لقياس التعلم الفردي.
  • خلق تمارين إثراء من أجل المتعلمين الذين يتقنون المفاهيم بسرعة.

قد تبدو بعض هذه المزايا مألوفة لأولئك الذين يعملون في عالم تعليم الكبار مثل تطوير الأهداف القابلة للقياس، وقد تبدو مزايا أخرى غير واقعية أو بعيدة المنال في منهاج عملنا اليومي إلا أن كل المبادئ آنفة الذكر قابلة للإنجاز.

إن التحديات موجودة ولا سيما أنه قد تم تصور ماستري ليرنينغ بأنه خاص بإطار نظام التعلم K-12  وبأنه يحتاج إلى أن يجعل "ملائماً" لينجح في إطار نظام تعليم الكبار الخاص بتخطيط التدريب والتطوير وتوصيل المفاهيم. وللتأكيد، إن تنفيذ عملية نظام ماستري ليرنينغ قد تتطلب شيئاً من التغيير الثقافي أو التنظيمي ولكن هناك ما يدل بأن مثل هذا التغيير سيكون مجدياً تماماً.

المصدر
ترجمة: حسن الاشقر
تدقيق: مالك اللحام