ما هي الاستشارات وما هي مهمة الاستشاريين؟ الجزء الثاني

تحدَّثنا في الجزء الأول عن ماهيَّةِ الاستشارات ومهام الاستشاريين وتأثيرهم، وسنتابِعُ في هذا الجزء الحديث عن تأثير الاستشاريين ورواتبهم، إضافةً إلى فوائد مهنة الاستشارات وسلبياتها، ونصائح للدخول في هذه المهنة.



تأثير الاستشاريين: يساعد مشروع جيل ماكينزي (McKinsey’s Generation Project) على التخفيف من بطالة الشباب

مشروع جيل ماكينزي هو مثال آخر عن تأثير الاستشارات؛ وهو منظَّمة مُستقلَّة غير ربحيَّة أُسِّسَت في عام 2012، ويركِّزُ المشروع في معالجة أكثر العقبات المُلِحَّة أمام الشباب الذين يبحثون عن عمل مستقر.

شهدَتْ شركة ماكينزي فجوة كبيرة في معدلات التعليم والتوظيف بين الشباب من خلفيات اجتماعية واقتصادية مُختلِفة، وقد تؤدي هذه الفجوة إلى الافتقار إلى الحافز، وضعف الأداء الوظيفي، والحياة المهنيَّة غير المُرضيَة في وظيفة منخفضة الأجر.

لسَدِّ هذه الفجوة، صَمَّمَتْ شركة ماكينزي دورة تدريبية مُكثَّفة حول المهارات المهنيَّة الأساسية المطلوبة في الوظائف عالية الطلب برواتب جيِّدة، كما أنَّها أقامَتْ شراكات مع الشركات التي تحتاجُ إلى موظفين يمتلكون هذه المهارات لضمان وجود وظائف متاحة للخريجين.

تخرَّجَ اليوم أكثر من 38000 شخص من برامج ماكينزي، وتَوظَّفَ أكثر من 300 شخص، كما أنَّ هذه الشركة تعملُ في 14 دولة، من البرازيل إلى الهند إلى أستراليا، و93% من الطلاب كانوا عاطلين عن العمل عند الالتحاقِ بالبرنامج، و84% من الخرِّيجين يشغلون وظائف خلال 3 أشهر من إكمال البرنامج براتبٍ أعلى بضعفين إلى ستة أضعاف من رواتبهم السابقة، وبعد عام واحد يبقى نحو 70% في العمل.

مشروع الجيل هو التزام شركة ماكينزي الأكثر طموحاً بالمسؤولية الاجتماعية لتغيير حياة الناس والمجتمعات من خلال قوة العمل المستقر والهادف.

الإصدار الثاني من برنامج الجيل:

لقد حقَّقَ برنامج الجيل (The Generation Program) نجاحاً كبيراً دفع الاستشاريين إلى تصميم إصدار ثان منه؛ وهو مبادرة للمتعلمين في منتصف حياتهم المهنية ممن تزيد أعمارهم عن 35 عاماً، ويُوفِّرُ الإصدار الثاني معسكراً تدريبياً مجانياً مدَّته 1-3 أشهر لتدريب الشباب على وظيفة جديدة تتطلَّب مهارة وممارسة.

كيفَ تُدرِّبُ شخصاً ما على وظيفة جديدة تماماً تتطلَّب مهارة بسرعة؟ تُوضِّحُ منى مرشد (Mona Mourshed) مستشارة شركة ماكنزي السابقة والرئيسة التنفيذية لمشروع الجيل: "يتعلَّمُ الطلاب من الساعة التاسعة صباحاً حتى الخامسة مساءً خمسة أيام في الأسبوع، وينصَبُّ التركيز على المحاكاةِ ولعب الأدوار والمشاريع والنشاطات بدلاً من مجرَّد نظرية التعلُّم، يُركِّزون في النشاطات بدلاً من المهارات، ويُوجَدُ اعتقاد خاطئ بأنَّ المتعلمين في منتصف العمر أقل قدرة على إتقان مهارات جديدة، وهذا غير صحيح على الإطلاق؛ إذ من بين المزايا التي يجلبها المتعلمون الأكبر سناً: خبرة في الحياة وقدرة أكبر على تحكيم العقل".

في المرة القادمة التي يسألك فيها أحد الأشخاص "ما هي الاستشارات الإدارية؟" أَخبِره عن مشروع الجيل، هذا مجرَّدُ واحد من مئات الأمثلة عن التأثير الذي يمكن أن يُحدِثه الاستشاريون ليس فقط في الشركات؛ وإنَّما في الإنسانية أيضاً.

7 فوائد للعمل في مجال الاستشارات:

تُوجَدُ العديد من الفوائد لمهنة الاستشارات:

  1. السفر: يجوب الاستشاري جميع أنحاء العالم، ومع فُرَص السفراء للعمل في مكتب دولي، وبرامج الدراسة في الخارج، والتعامل مع عملاء عالميين، ستُتاحُ لك الفرصة لاستكشاف العالَم.
  2. الصداقات: تُبني الصداقات خلال الأسابيع القليلة الأولى لك في مؤسسة استشارية عندما تبدأ التدريب وتتطور، أو تحضر الفعاليات الاجتماعية وتتقدم خلال حياتك المهنية.
  3. المنتورينغ: تبدأُ علاقات المنتورينغ أيضاً في وقت مبكِّر، ففي بعض الأحيان تعملُ مع منتور، وفي أحيان أخرى تتطور علاقتك تلقائياً مع القادة في فريقك، وقد تستمر هذه العلاقات طوال حياتك المهنيَّة.
  4. التأثير: يُوجَدُ عدد قليل من الوظائف التي تسمح لك بترك إرث خلفك عبر بعض أكبر الشركات ومجالات العمل في العالَم، وخاصةً كخريج جامعي جديد.
  5. التعلُّم المستمر: تَعرِفُ المؤسسات الاستشارية قيمة المعرفة؛ لذا فهيَ ملتزمة بتدريب موظفيها، ويتعلَّمُ الاستشاريون باستمرار من خلالِ التدريب الرسمي وحل المشكلات في أثناء العمل ومن المهنيين المتميزين من حولهم، ويقول الكثيرون إنَّ أحد أفضل فوائد إحاطة نفسك بأذكى الناس في العالَم هو مقدار المعرفة التي تحصل عليها يومياً، ويُمكِنُكَ العمل في فِرَقٍ مع أشخاص لديهم معلومات ووجهات نظر وخبرات مختلفة جداً؛ وهو أمر مثالي للنمو الشخصي.
  6. الفُرَص التعليمية: تُوفِّرُ المؤسسات الاستشارية عادةً للموظفين فرصة الدراسة في كليَّة إدارة الأعمال أو الفُرص التعليمية الإضافية مقابل الالتزام بالوقت تجاه الشركة.
  7. فُرَص الخروج: فُرَص الخروج هي الوظائف التي تتولاها عندما تتركُ الاستشارات، وهي تشمُلُ العمل مع العملاء، والشركات الأخرى في المجالات التي أنجَزت مشاريع فيها، وسوق الأَسهُم، وغيرها، وأفضلُ مرحلةٍ هي عندما ينتقلُ الاستشاريون إلى العمل لدى العملاء؛ إذ يواصلون العلاقة طويلة الأمد بين المؤسسة الاستشارية وعملائها الحاليين، وفي بعض الأحيان ينتقل الاستشاريون إلى العمل الخارجي بعد عام أو عامين من العمل، وأحياناً يغادرون لتولِّي مناصب رفيعة بعد 10 سنوات من العمل لدى المؤسسة.

مستشارون سابقون مشهورون يتحدثون عن فوائد الاستشارات:

اقرأ تعليقات بعض الأسماء الأكثر شهرة وتأثيراً في مجال الاستشارات:

  • "الرفاهية المطلقة هي الجمع بين الشغف والمساهمة، وهذا طريق واضح جداً للسعادة".

"شيريل ساندبرج" (Sheryl Sandberg) مستشارة سابقة لدى شركة ماكينزي.

  • "الفُرَص "الجيدة" فوضوية ومربكة ويصعب تمييزها، كما أنَّها محفوفة بالمخاطر، إنَّها تتحداك".

"سوزان وجسيكي" (Susan Wojcicki) مستشارة سابقة لدى شركة باين (Bain).

قد تكون الاستشارات مهنة صعبة للغاية، ولكنَّها في النهايةِ مُرضيَة؛ وذلك لأنَّها تمنحُكَ القدرة على المساهمة في العالَم وحلِّ أصعب مشكلاته.

إقرأ أيضاً: 5 أنماط للتواصل البشري يحتاج المستشارون إلى معرفتها

سلبيات مهنة الاستشارات:

قد يكون العمل في مجال الاستشارات منشِّطاً ومثيراً ومؤثراً، ومع ذلك لكلِّ شيء تكلفة، ومن الهامِّ أن تكون قادراً على تحديد ما إذا كانَتْ هذه الفوائد تستحقُّ المصاعب في هذه المهنة:

  • ساعات العمل الطويلة.
  • مشقَّة السفر.
  • قضاء الوقت بعيداً عن العائلة.
  • برنامج عمل غير مستقر.
  • عدم رؤية النتائج طويلة الأمد لعملك.
  • احتمالية الإرهاق.

في بداية مسيرتك المهنيَّة في مجال الاستشارات، أنت تضحِّي بوقتك الشخصي مقابل ما قد يكون أحد أعلى الرواتب المدفوعة بين جميع أصدقائك الخريجين الجُدُد، ويشعُرُ العديدُ من الاستشاريين بالضغطِ للعملِ لساعاتٍ طويلةٍ لحلِّ مشكلة العميل؛ لذلك يجد الكثيرون صعوبة في تحقيق توازن بين الحياة العمليَّة والشخصية، لكنْ مع مرور الوقت يتعلَّمون التوقُّف عن العمل عندما يحتاجون إلى استراحة.

ما هو راتب الاستشاري؟

لا تختلف الرواتب النموذجيَّة للاستشاريين كثيراً بين المؤسسات، وتتغيَّرُ قليلاً فقط من سنة إلى أُخرى، ويختلفُ عادةً الراتب الأساسي قليلاً لاستشاري يحمل شهادة الدبلوم عن راتب استشاري يحمل شهادة ماجستير في إدارة الأعمال.

7 نصائح للدخول في مهنة الاستشارات:

1. اسأَلْ نفسَك ما إذا كانَتْ الاستشارات مناسبَة لك:

العائد من العمل في مهنة الاستشارات ممتاز، لكنْ هل يفوقُ سلبيات المهنة؟ هل الاستشارات خطوة على طريق مسيرتك المهنيَّة التي تحلُمُ بها؟

2. حدِّدْ مجال اهتمامك أو خبرتك:

هل تريد أن تصبحَ مهنياً عاماً، أم لديك اهتمام بالرعاية الصحيَّة أو الاتصالات وما إلى ذلك؟ ستسمحُ لك معرفة اهتماماتك الشخصية بتصميم سيرتك الذاتية تصميماً أفضل لتسليطِ الضوء عليها.

3. تحقَّقْ من المواعيد النهائيَّة المبكرة:

تحدِّد مؤسسات الاستشارات الإدارية مواعيد نهائية مبكرة جداً، ولا تُوجَدُ مرونة للحصول على فرصة ثانية إذا فاتتك. تحقَّقْ مع قسمِ التوظيفِ أو مواقع المؤسسات.

4. أَنشِئْ سيرتك الذاتية وخطاب التقديم:

افعَلْ ذلك لترويج نفسك للأشخاص الذين يعملون في المؤسسات الاستشارية التي ترغب في الانضمام إليها، ويؤدي فعل هذا مقدماً إلى ترسيخ اهتمامك بمهنة الاستشارات، ويزيد من احتمالية اختيار طلب توظيفك لإجراء المقابلات.

5. أَنشِئْ شبكة علاقات:

تواصَلْ مع أحد الاستشاريين الذين تعرفهم من أيام دراستك في الجامعة، أو الذين تربطك بهم علاقة، وسوفَ يساعدونَكَ على الحصول على مزيد من المعلومات عن مهنة الاستشارات، وعن الثقافة في المؤسسة التي يعملون بها.

إقرأ أيضاً: كيف تصبح كوتشاً للعلاقات؟

6. قدِّمْ طلب التوظيف:

أَرسِلْ طلبك إلى المؤسسات التي ترغب في العمل معها بناءً على عملك في كل خطوة من الخطوات المذكورة أعلاه. ملاحظة: لدى العديد من المؤسسات الاستشارية مواعيد نهائية مبكِّرة؛ لذلك إذا كنتَ تتقدم مباشرةً من برنامج البكالوريوس أو الماجستير أو ماجستير إدارة الأعمال، فانظُرْ في هذه المواعيد.

7. تمرَّنْ على المهنة:

يُعَدُّ تعلُّم تنظيم حل المشكلات أمراً أساسياً لاجتياز المقابلات الاستشارية والحصول على عرض عمل، وهذا ليس سهلاً بالنسبةِ إلى معظمِ الناس؛ لذا ابدأْ بالتمرين مبكراً.

في الختام:

ناقشنا في هذا المقال:

  • ما هي الاستشارات وماذا يفعلُ المستشارون؟
  • فوائد وعيوب مهنة الاستشارات.
  • لمحة موجزة عن رواتب الاستشاريين.
  • كيف تصبح استشارياً؟



مقالات مرتبطة