كيف نساعد طلابنا كي يتعلموا من أخطائهم؟

نريد في كثير من الأحيان أن نحمي طلابنا من الوقوع في الخطأ، لكن هذا بدوره قد يؤدي إلى نتائج عكسية تماماً. لأن التعلم دائماً وأبداً يتطلب الكفاح والمعاناة. وإن لم تكن هناك معاناة وكفاح فإن الطالب يكون إما أنه يعرف مسبقاً أو لا يريد أن يعرف. دعونا نفصل في هذه المسألة شيئاً ما..



يتحدث عالم النفس الروسي الدكتور فيجوتسكي عن منطقة النمو التقريبي (ZPD) وهي الفرق بين ما يمكن أن يفعله المتعلم بمساعدة وما يمكنه القيام به دون مساعدة، يقول عنها إنها مكان يتعلم فيه الشخص بسبب المعاناة. وإن بيئات التعلم القاسية هي الأماكن التي تخلو من المعاناة والتي يضع فيها المعلم المشاكل ثم يقوم بتسهيلها بدلاً من التوجيه إلى تعلمها. وهناك مفهوم خاطئ في التعليم مفاده أنني إذا جعلت العمل أكثر سهولة فإن عدداً كبيراً من الطلاب سيتعلمون. إن تجريد الدرس من الصعوبة يزيل عنه تماماً فرص التعلم.

 

إن هدف كل حجرة صف دراسي في كل مستوى (من رياض الأطفال إلى المدرسة ثم التخرج وما ورائه) يجب أن يكون إيجاد طلاب قراء مستقلين، رياضيين، علميين، مناقشين، كتاب، خطباء يجيدون الخطابة ... الخ. وهذا لا يتم إنجازه إلا من خلال وضع التحديات ثم دعمهم في هذا التحدي مع الحفاظ عليه، لأن التدريس المباشر لا يصنع المتعلمين.

 

هناك مقولة شائعة تقول إن في إمكان الناس أن يتعلموا من أخطائهم أكثر من أي شيء آخر، وأن طرق التدريس التقليدية تحرم الطلاب من فرص التعلم من أخطائهم من خلال حمايتهم من الوقوع في الأخطاء.

 

نجد أن كثيراً من المعلمين في الدراسات الاجتماعية والعلوم على سبيل المثال يشرحون لطلابهم كيفية وضع وتوزيع البيانات على الرسم البياني الخطي. إن هذا يمنع الطلاب من وضع المتغير التابع على المحور السيني والمتغير المستقل على المحور الصادي عن طريق الخطأ، ويمنعهم كذلك من تكبير مقياس الرسم إلى الحد الذي لا تتسع معه مساحة الصفحة بوضع مقياس الرسم بالآحاد أو العشرات بدلاً من أن يكون بالمئات والآلاف.

 

إن إعداد الطلاب للنجاح على هذا النحو قد يبدو الطريقة المثلى التي ينبغي إتباعها، ولكن، لماذا لا ندع الصغار يجربون الفشل والإحباط عندما يفسدون شيئاً ما، مع استطاعتك منع حدوث هذا الفشل؟ إن السبب باختصار هو: إن هذا الفشل والإحباط يمثل البشرى لتعلم شيء ما بشكل عميق ودائم. وهذا صحيح، لأن إدراك الصغار لمفاهيم ومهارات جديدة يكون في الغالب الأعم أفضل بكثير عندما يتعثرون ويكافحون خلال عملية تعلم تلك المفاهيم والمهارات مما يكون عليه الحال إذا قام معلموهم بتذليل تلك الصعاب والأخطاء لهم.

 

لقد لاحظت ذلك من قبل في سياق درس الرسم البياني عندما لم يقم معلم ما بتذليل الصعاب في الدرس، وقام عدد كبير من الطلاب بوضع الزمن على المحور السيني ووضعوا المسافة على المحور الصادي بمقياس الرسم الذي يبين العلاقة بين الزمن والمسافة. ولكن بعد مناقشة مثيرة وأخذ ورد اقتنع جميع الطلاب أن الزمن يجب أن يوضع في المحور الصادي. والأهم من ذلك هو أنهم فهموا السبب وراء وضع الزمن في ذلك المحور.

 

ينطبق الشيء نفسه بالنسبة لمهارات أخرى مثل الكتابة، إذ يكون الطلاب أكثر احتمالاً ليصبحوا كتاباً وأدباء مهرة حينما يتلقون ملاحظات محددة حول أسلوبهم في الكتابة أكثر مما لو قام معلموهم بالشرح في عبارات عامة ماهية الكتابة الجيدة. ولعلي أذكر طالبة لم تكن تفهم بالضبط لماذا يكون الفعل المبني للمعلوم أقوى من الفعل المبني للمجهول حتى قامت معلمتها بإعطائها بعض الأمثلة من عبارات كانت قد كتبتها الطالبة بنفسها.

 

إن مساعدة الطلاب في استكشاف أخطائهم على هذا النحو يجب أن يكون الدور الرئيس الذي ينبغي أن يقوم به كل معلم. ولن يكون هناك شيء يستوجب استكشافه، إذا لم يقع الطلاب أبداً في أخطاء. وإن تحضير الدروس ووضع خطتها ينبغي أن يركز أكثر حول توقعات الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها الطلاب والإعداد لمساعدتهم في التعلم من تلك الأخطاء بدلاً من إلقاء المحاضرات حول كيفية تفادي الوقوع في الخطأ. قم بتزويد الطلاب بالأنشطة والتمارين التي تشتمل على تطبيق المعلومات ثم كن مستعداً لمساعدتهم عندما يقعون في الأخطاء.

 

هناك طريقة أخرى في التفكير حول هذا الأمر تنعكس في التمييز الشائع في السنوات الأخيرة بين (حكيم على المنصة) كالمحاضر الذي يلقي محاضرته ثم يذهب و(المرشد المرافق). ومع ازدياد وصول الطلاب المتزايد إلى المعلومة كل يوم، هناك حاجة متناقصة لنا كل يوم كي نكون مصدراً لمعلوماتهم. ومع ذلك فإن مجرد استطاعة الطلاب الوصول إلى المعلومة بسهولة لا يعني أن بإمكانهم معرفة ما يودون معرفته بمفردهم. يجب أن تكون حجرة الصف مكاناً يجد فيه الطلاب الفرصة للتعلم من خلال إجادة استخدام تلك المعلومات ومن خلال إساءة استخدامها كذلك. وبكلمات أخرى يجب أن تكون حجرة الدرس مكاناً يمكنهم التعلم فيه من أحد أعظم المعلمين في الحياة وهو: الأخطاء.