كيف تقيّم التدريب؟

مُدراء التدريب الذين ينظرون إلى التدريب على أنَّه منظومة مُتكاملة مقتنعون بشكل عام بأنَّ التغذية الراجعة المُستمرَّة تساعد في رفع وظيفة التدريب في الشركة. المهام الإداريّة في تحديد القِيَم التي تسعى إليها، ووضع المعايير وصنع السياسات، ومراقبة تطوّر وارتقاء العمل؛ تُشكِّل بمجموعها البيانات والمُعطَيات اللازمة لعمليّة تقييم التدريب. يُعْتَبَر الحصول على نتائج التقييم، التي تستطيع أنت والأشخاص العاملون معك أن تعوِّلوا عليها، المحصِّلة المرجوَّة لعمليّة التقييم هذه.



عندما تبدأ بالتفكير بإنشاء مُقوِّمات متينة لعمليّة تقييم الأعمال التي تقوم بها، عليك بالتفكير أولاً بتصنيف ما تقوم به، وتحديد أجزاء العمليّة التي يمكنك النظر إليها كوحدات مُستقلَّة دون إرباك أو تشويش للطريقة التي ترى فيها الأجزاء الأخرى، فعلى سبيل المثال: يمكنك تفنيد وعزل العناصر الإجرائية النموذجية التالية لعمليّة التدريب بشكل جيِّد نوعاً ما، ثم تقييم كل منها بطريقة منهجيَّة منظَّمة غير مشوَّشة:

  • برنامج التدريب ككلّ.
  • مشاريع التدريب.
  • كادر التدريب.
  • كُتيِّبات وموادّ التدريب.
  • المنهاج.
  • الدورات الخاصَّة.
  • الطلاب.
  • التمارين والاختبارات.
  • التدريب الخاصّ المُعتمِد على الفِرَق.

إنَّك ترغب بالطبع بتركيز عمليّة التقييم بشكل واضح يُمكِّنك من استعمال النتائج بسهولة لتحسين ذلك الجزء المُحدَّد من العمليّة، ومن أجل إنجاز ذلك أنت بحاجة لتقييم كلّ جزء من عمليّة التدريب بشكل مُنفصِل، وذلك وفقاً للمعايير الخاصَّة الموضوعة لذلك الجزء، وبذلك تكون عمليّة التقييم مُنصِفة ومناسبة ومهمّة، وفي نفس الوقت لا تكون قد خلطْتَ الأوراق عندما تقوم بإنجاز التقييم.

قضايا إدارية أساسيَّة

  • الدقّة:

تأكَّدْ من أنَّ الموضوع المُحدَّد الخاضع للتقييم هو موضوع قابل للتعريف، وله مُؤشِّرات ومُتغيِّرات واضحة، ومن المُمكن توصيفه بشكل صحيح وكامل. تأكَّدْ من أنَّك تسعى وراء المعلومات الصحيحة ممَّا يجعل من تقييمك عمليّة منطقية.

  • الأخلاقيَّات:

كُنْ حَذِراً عند أداء التقييم من أنّ هذا الأداء سيكون موضوعاً للمساءلة من حيث التحيُّز، التوازن، الإنصاف، عدم الإفشاء، حرية تناقل المعلومات، حماية المواضيع، تضارب المصالح، المصداقيَّة، وشؤون الآداب العامَّة في المجتمع؛ فقُمْ بصياغة أيّ تقييم بعد أن تأخُذ بالاعتبار الأمور الأخلاقيَّة بالمقام الأول. راجع هذه الإجراءات الوقائية مع شخص ما تثق به قبل أن تباشِر بإنجاز تقييمك.

  • الجدوى (المنفعة):

تأكَّدْ من أنَّ كل شخص مُشترك في عمليّة التقييم قادر على رؤية الغاية من السعي وراء جمع البيانات والملاحظات وجدوى النفقات المطلوبة وراء هذه العمليّة. ضَعْ جدول أعمال مهام التقييم في الوقت الذي يحتمل فيه عملك الوقت الإضافي الذي قد تتطلَّبه نشاطات التقييم، بل وسيكون من الأفضل أن تحدّد وقتاً للتقييم ونفقاته ضمن كلّ من مجالات عمليّة التدريب التي تقوم بها. تأكَّدْ من أنَّ نتائج التقييم سيكون لديها محاولة جادّة إلى حدّ ما في إجراء تغيير إيجابي في الموضوع الخاضع للتقييم.

  • الفائدة:

تأكَّدْ من أنَّ كلَّ شخص سيتأثر بعمليّة التقييم ونتائجها يتلقَّى النتائج بشكل واضح وفي الوقت المناسب، وتأكَّدْ من أن يتمّ نشر المعلومات بعناية، ومن أنّ قنوات التواصل مفتوحة قبل أن تقدِّم التقارير الخاصَّة بنتائج التقييم. لا تجازِفْ باستعجال النتائج والاستخلاصات، وتأكَّدْ من أنّ النتائج قابلة للاستعمال والتطبيق، أي أنّه قد تمّ جمعها وتوثيقها وعرضها بالطريقة التي تُمكِّن من تحويلها إلى أفعال تصبُّ في صالح العمل والشركة.

  • أثناء:

إنّ مسألة “أثناء” هي المسألة التي تُطرح فيما إذا كان يجب إدارة نشاطات التقييم أثناء تقدُّم العمل، ممَّا يعني، إنجاز التقييم بوضع طبيعي عندما تتوضَّح المشاريع أو الدورات شيئاً فشيئاً. هذا النوع من التقييم معروف باسم التقييم أثناء التدريب وهو مُفضَّل غالباً بسبب كونه تقييماً مباشراً فورياً.

  • بَعد:

إن مسألة “بَعد” هي المسألة التي تُطرَح فيما إذا كان يتوجَّب الانتظار حتى ما بعد انتهاء العمل من أجل إنجاز التقييم. هذا النوع من التقييم، والذي يبدو أنّه طريقة علميَّة أكثر، معروف باسم التقييم الإجمالي، وهو مُفضَّل غالباً بسبب كونه قابلاً للسيطرة والتوجيه.

  • الـ 360 درجة:

أو كما يُدعى التغذية الراجعة 360 درجة، هو عمليّة التقييم التي تُظهِر في المقام الأول مُراجَعة ونقدَ الزملاء للأداء، وتتضمَّن مُراجَعة الأداء من قِبَلِ المساهمين والرفاق الآخرين. إنَّه نوع من التقييم متعدّد المصادر ومتعدد المُقيّمين يركّز على الطريقة التي يُنجِز فيها الشخص عمله، وهو ليس مُراجَعة للراتب المُستحَقّ. كثيراً ما يبرز في هذا التقييم مراجعات سردية أو قوائم مراجعات لأعضاء الفريق والمرؤوسين وكادر الدعم والمُشرِفين، وفي بعض الأحيان يطال حتى الزبائن. العديد من القوائم والاستمارات الواردة في هذا الفصل مناسبة للاستخدام في عمليّة التقييم 360 درجة.

شأنه شأن أي برنامج تقييم مُتعدِّد المُقيّمين والنسب من المهمِّ في تقييم الـ360 درجة أن يستخدم وسائل وأدوات تقييم مُتماسِكة وقانونية، ممَّا يعني استخدام نفس اللائحة لكل العناصر، وبذلك يتلقّى الشخص أو الشيء الخاضع للتقييم (مشروع، برنامج، مواد تدريب ..) نتائج تقييم مُجَدْوَلة ومُرتَّبة وقانونية ومُصدَّقة أيضاً. من المهمِّ ألا تقوم بخلط الأشياء أثناء أداء التقييمات مُتعدِّدة النّسَب من كلِّ الأنواع. يجب أن يكون الهدف هو الحصول على النتائج الدقيقة والمُفيدة.

  • مستويات الأداء:

أصبح من الشائع في السنوات الأخيرة أن ترى “مستويات التقييم الأربعة لكيركباتريك (Kirkpatrick)” في الكتابات المُختَصَّة بعلوم التدريب. كان المُدرِّبون ومُدراء التدريب على حدٍّ سواء مُهتمِّين لعدَّة سنوات بالاستمرار بحشو قاعات الصفوف بالأنواع المُختَلِفة من التدريب أكثر فأكثر، وغالباً ما كنَّا نحصل على العلاوات في رواتبنا كمُدراء للتدريب عن طريق إثباتنا لاجتذاب أعداد أكبر من الطلاب إلى صفوف التدريب وملء الجداول الأسبوعية حتى الاكتظاظ في مراكز التدريب التي نعمل بها. مُدراء التدريب الذين يعملون بضمير حيّ مهتمُّون أيضاً بتقييم العمليّة التدريبيَّة فيما يتعلَّق بتحقيق الأهداف المرجوَّة من التعليم أثناء الصفوف، وقد قمنا بابتكار وتطبيق طُرُق مُتعدِّدة لإنجاز “الاختبارات القَبْلية” و“الاختبارات البَعْدية” للمُتدرِّبين، وبذلك نُظهِر لرؤسائنا ولرؤساء المُتدرِّبين الذين يتعلَّمون لدينا بأنّ التدريب الذي قُمنا به قد أحدث فَرْقاً جوهرياً.

تغيَّر الوقت وأصبحنا بحاجة أكبر لأسلوب في التقييم يُظهر الفوائد والمنافع من التدريب ـ الفوائد الماليَّة الحقيقية ـ التي تؤثّر مباشرةً في أهداف العمل وأرباح الشركة، وقد بدت المستويات الأربعة التي وضعها كيركباتريك وكأنَّها تفي بهذه الحاجة. بدأ دونالد كيركباتريك وهو بروفيسور من وينكونسين مع آخرين وخصوصاً منذ أواسط الثمانينات من القرن الماضي بالحديث بصوت أعلى عن نتائج التدريب والجدوى الاقتصادية منه. أثناء هذه الفترة أيضاً انتقل التركيز ممّا يتم تعلّمه في قاعات الصفوف إلى الطريقة التي يؤدِّي بها الشخص عمله بعد خضوعه للتدريب.

وضع كيركباتريك هذه المستويات التي تعبّر عن تأثيرات التدريب، وحثّ المُدرِّبين في كلِّ مكان أن يقوموا بتقييم كل مستوى من أجل أن يبرِّروا الأموال المبذولة على التدريب:

المستوى 1

التفاعل

(كيف يرغبون أن تتم عمليّة التدريب)

المستوى 2

التعليم

(فيما إذا تعلَّموا معارف أو مهارات أو مواقف جديدة)

المستوى 3

السلوك

(إذا قاموا بالتصرُّف بطريقة مُختَلِفة عند عودتهم إلى العمل)

المستوى 4

النتائج

(كيف ازدادت الأرباح أو المُنتَجات بعد التدريب)

 

  • اختبار (مقارنة) الأداء[1]:

نشأ الإجراء المعروف باسم اختبار الأداء من حركة إدارة الجودة الإجمالية، وتمّ دفعه قُدُماً من خلال معايير جائزة مالكوم بالدريج (Malcolm Baldrige) القومية للجودة، والتي تتضمَّن اختبار الأداء كشرط أساسي تجريه الشركات التي تطمح وراء هذه الجائزة. اختبار الأداء هو إجراء تلتمِس الشركة من خلاله الأفكار الجيِّدة من الشركات الأخرى في سبيل تحقيق التغيير. يتطلَّب اختبار الأداء عادةً فريقاً يقوم بزيارة شركة بارزة أو إدارة ضمن شركة من أجل وضع نقاط إرشادية (نقاط علاّم) للجودة يتمُّ القياس وفقاً لها لتقييم عمليّة ما تجاه نفس الأهداف.

التدريب هو غالباً عمليّة يتمُّ تقييمها بهذه الطريقة، والعديد من القوائم والاستمارات الواردة في هذا الفصل يمكن أن تُشكِّل المبادئ الأساسيَّة للأسئلة الخاصَّة باختبار الأداء. أية وثيقة معايير تُعتَبَرُ نقطة انطلاق جيِّدة للبدء.

 

للاطلاع على بقية البحث تستطيع تحميل الملف المرفق

 

    1Benchmarking: استخدام الأداء الجيد للشركة كمعيار يتم من خلاله الحكم على أداء شركات أخرى تعمل ضمن نفس المجال.