كيف تقيِّم احتياجات التدريب

“تقييم الاحتياجات” هي ذلك المجال من عمليّة التدريب ذو السمعة السيِّئة بأنَّه سبب ارتفاع ضغط الدم للكثير من مُدراء التدريب. تعود أسباب هذا الأمر في المقام الأول إلى قلّة إدراك معنى تقييم الاحتياجات، وقلّة الفهم فيما يتعلَّق بالمعايير اللازمة للقيام بهذا الأمر بالشكل الصحيح، وكذلك لمفعول هذا الأمر على المَعنيِّين به، وللطُرُق التي تستنزف الكثير من الأموال من خلال الوقت اللازم للتحليل والدراسة والوقت الذي سيقضيه الموظَّفون بعيداً عن أعمالهم.



قضايا إداريّة أساسيَّة

 

  • البدء بالتدريب من البداية:

يخضع مُدراء التدريب بصورة عامة لضغوط كبيرة جداً لينجزوا التدريب بأسرع وقت مُمكِن. العُمَلاء من خارج شركتك الذين يطلبون منك تصميم وتقديم الدورات لهم، حالهم كحال العُمَلاء من داخل الشركة (من أقسام أخرى ضمن شركتك نفسها) نادراً ما يقتنعون بأنَّك ومن معك من الكادر المُحترِف قادرون على القيام بعمل أفضل ممَّا يقومون به هم من حيث تحديد نوع التدريب الذي يحتاجون إليه فعلاً. وتعتقد الغالبية العظمى من العُمَلاء أن التدريب يبدأ مع المقابلة الأولى التي تجمع المُتعلِّم مع معلّمه.

من جهة أخرى فإنَّ مُدراء التدريب يعرفون تمام المعرفة بأنَّ ما يبدو هو البداية هو ليس كذلك بالفعل، فالتدريب الجيِّد يبدأ باستقصاءات كثيرة قد تستغرق العديد من الأيام أو حتى الأسابيع وتهدف إلى تحديد دقيق للاحتياجات التي يجب تعلُّمها. هذه الفترة من الاستقصاء والبحث هي ما يعرف بمرحلة “تقييم الاحتياجات”، ومن المؤكَّد أنَّها فترة حاسمة في تصميم وتقديم التدريب.

يتواجه مدير التدريب مع الزبون الذي يُصِرُّ دائماً أنَّه يعرف تماماً ما هي احتياجات التدريب، وما هو نوع التدريب الذي يحتاج إليه، وكيف ستكون هيكليَّته التي سيُبنَى عليها، وسيواجه إصراراً شَرِساً من قِبَلِ الزبون على هذه الأمور. ستكون مواضيع النقاش: ما هي صلة الزبون الحقيقي (أي الشخص الذي سيدفع لقاء التدريب) بالشخص الذي سيتلقَّى التدريب؟ وكيف يمكن لهؤلاء المُتدرِّبين أن يسهموا بتقديم المعلومات الصحيحة الموثوقة التي ستدخل في تصميم الدورة؟ وكيف يمكن أن تتأكَّد من أنَّ الزبون قد قام بتحديد احتياجات التدريب بشكل دقيق؟

يدرك مدير التدريب اليقظ تماماً أنَّ التدريب لا يبدأ من النقطة التي يظنُّ الجميع فيها أنَّها البداية، ويجب الحَذَر من العُمَلاء الذين يحاولون إجبارك على الإسراع بالقيام بالتدريب الذي يقولون أنَّهم بحاجة إليه. إنَّك مدين لنفسك بأن تكون خارج الصورة العامَّة بسرعة ممَّا يمكِّنك في النهاية من تصميم وتقديم التدريب الصحيح للمُتدرِّبين وللعُمَلاء.

 

  • اكتشاف التباين:

“التباين” هي كلمة يجب عليك أن تعتادها وتحبُّها، فهي النتيجة التي تنشدها عندما تقوم بتقييم الاحتياجات. إنَّ قائمة التباينات بين الأداء الأمثل والأداء الفعلي هي القائمة التي ستقوم بنقل مُصمِّمي التدريب لديك إلى المرحلة التالية في التدريب. ترتكز احتياجات التدريب على التباينات في الأداء والتي يمكن التعامل معها من خلال المهارات والمعارف الجديدة. إنَّها الغاية التي يُقدَّم التدريب من أجلها، وهي ما يجب أن تبحث عنه عندما تقوم بتحليل الاحتياجات، وفي حال لم يكن نقص المهارات أو المعارف هو السبب وراءها؛ فعليك ألا تحاول أن تحلّ المشكلة من خلال “التدريب”، بل حدّد الأسباب وقُمْ بحل المشكلة من خلال أنواع أخرى من التدخُّلات.

 

  • تجاوز الحدود التنظيميَّة:

يتطلَّب فرز وتفصيل المشاكل التدريبيَّة منك غالباً أن تتجاوز الحدود التنظيميَّة، ويحدث هذا، على سبيل المثال، عندما تبدأ بدراسة نتائج الأداء السيّء، فإذا قمت بالتركيز على جهود الموظَّفين فقط فإنَّك تكون قد حدّدت بحثك فقط على الطريقة التنظيميَّة التي يمارس من خلالها هذا الشخص عمله. إنَّ الطريقة الأفضل لكشف الطبيعة الحقيقية لاحتياجات التدريب تتجلَّى بالتركيز على “نتائج الأداء” التي من المُحتمَل أن تملك تأثيراً على العديد من التنظيمات أو المجموعات ويمكن أن يتمَّ قياسها ومعايرتها بعدَّة طُرُق: بالساعات، بالبنود، بالتواترات، أو بالمال.

إنَّ قيامك بفتح إمكانيات تقييم الاحتياجات على كلِّ التنظيمات التي من المُمكن أن تتأثَّر بنوع محدد من الأداء، فإنَّك تكون قد منحت نفسك فُرْصَةً أفضل لإنشاء شبكة من الأشخاص المُؤثِّرين ذوي العلاقة المباشرة مع نتائج التدريب الذي ستُقدِّمه، ويمكن لهؤلاء الأشخاص أن يقدِّموا مساعدة قيِّمة في تركيز الاهتمام على الطبيعة الدقيقة للتدريب المطلوب.

يتطلَّب التفاعل مع التنظيمات الأخرى في البحث عن الاحتياجات التدريبيَّة الحقيقية استخدامك لأفضل حسٍّ سياسي لديك في التعامل مع الأشخاص ومع الثقافة التشاركية. هذا الجزء من تقييم الاحتياجات يُعْتَبَر اختباراً حقيقياً لمهاراتك الإداريّة.

 

  • اختيار المنهجيّات:

تستكمل معظم عمليَّات تقييم الاحتياجات التدريبيَّة بمُقابلات شخصية يتمُّ التواصل فيها من خلال الهاتف، أو شخصياً وجهاً لوجه، أو من خلال استبانات يتمُّ إرسالها عن طريق البريد الداخلي في الشركة أو البريد الإلكتروني. يمكنك وضع إضافات مهمَّة على المُقابلات والاستقصاءات النظامية من خلال الدراسات الذاتية الإداريّة، والمشاهدات العمليّة، ومُراجَعة المُستَندات، ودراسة العمل، وتحليل المهمَّات. يملك كل منهج للدراسة أفضليات ومساوئ عن غيره من المنهجيّات، وتتجلَّى مهمَّتك كمدير للتدريب في أن تُبْقِي خَياراتك مفتوحةً بما يتعلَّق بالمنهجيّات المُتَّبعة، وبالتالي تضمن عدم إغفال أي مصدر للمعلومات بطريق السهو بسبب ما يبدو وكأنَّه مداهمة للوقت أو ضيق في الخَيارات المُتعلِّقة بالمنهجيّات.

هناك تحدٍّ مهمٍّ يرافق تقييم الاحتياجات هو أن تقوم بهذا الأمر بعدل، بموضوعية، بأعصاب باردة، وضمن زمن مُحدَّد. يجب أن يتمّ جمع النتائج بمهارة تقنيَّة، وصياغتها بطريقة سهلة الفهم من قِبَلِ جميع الأشخاص المَعنِيِّين. يتوجَّب عليك كمُدير للتدريب أن تراقب باهتمام كلَّ المشاكل المُمكنة الحدوث والمُرافِقة للطريقة المنهجيَّة التي قمت باتِّباعها إذا كان سيتم التعويل على نتائجك وأخْذِها بجديَّة. غالباً قد يتحوُّل ما يظهر كأنَّه حاجة للتدريب إلى مشكلة في التواصل أو الحوافز أو في الهيكليَّة التنظيميَّة. إن استخدامك للمنهجيَّة الصحيحة المناسبة أثناء قيامك بتقييم الاحتياجات التدريبيَّة يمكن أن يكون عوناً كبيراً لك في حلِّ كلِّ أنواع مشاكل الأداء وكذلك، وليس بصورة عابرة، يكون السبب في إنتاج أفضل نوع مُمْكِن من التدريب.

للحصول على بقية البحث تستطيع الملف المرفق