كيف تدير صفاً مدرسياً ؟

تجربة مدرس

لكي يستطيع الصف المدرسي تحقيق اهدافه واشباع الحاجات الاجتماعية والنفسية لأعضائه فانه يتطلب وجود ادارة له هي (الادارة الصفية) التي اصبحت في عصرنا الحديث من المواضيع التربوية والاجتماعية التي لها شأن كبير عند معظم المربين والاداريين التربويين.



ان مفهوم الادارة الصفية لم يعد ذلك المفهوم الذي يقترن بأساليب الضبط والسيطرة وضبط النظام في الصف بل أصبح اوسع من ذلك نتيجة ما افرزته الابحاث والدراسات التربوية والاجتماعية التي اكدت اهمية الادارة الصفية بوصفها سلسلة من العلاقات الانسانية والمهارات الادارية والتنظيمية التي تسهم في بناء شخصيات التلاميذ واكسابهم السلوك المرغوب فيه اجتماعيا.

 

ان الادارة الصفية تتضمن تعقيدا وصعوبة أكثر مما تتضمنه اية مؤسسة أو منظمة اخرى تستطيع ان تتحكم في عناصرها كما ونوعا، في حين يصعب على الادارة الصفية هذا التحكم لا سيما انها تحاول ان تعطي لكل متعلم ما يتناسب مع قدراته واستعداداته مما يتطلب وجود الاداري الكفء الذي يستطيع ان يتعامل مع عقول واراء وافكار انسانية متعددة من خلال دوره القيادي وما يمتلكه من مهارات تنظيمية واساليب ادارية وسلوكية في ادارة العملية التربوية داخل الصف فضلا عما يمتلكه من مهارات تعليمية وصولا لتحقيق الاهداف التربوية المنشودة.

 

واذا كانت الادارة المدرسية تعنى بتوجيه نشاط مجموعة من الافراد نحو هدف معين مشترك من خلال تنظيم هؤلاء الافراد وتنسيقهم واستثمارهم بأقصى طاقة ممكنة للحصول على افضل النتائج وبأقل جهد ووقت ممكن فانه يمكن النظر الى الادارة الصفية على انها (تلك العملية التي تهدف الى توفير تنظيم فعال داخل غرفة الصف من خلال الاعمال التي يقوم بها المعلم بتوفير الظروف اللازمة لحدوث التعلم في ضوء الاهداف التعليمية التي سبق ان حددها بوضوح لأحداث تغييرات مرغوب فيها في سلوك المتعلمين تتفق وثقافة المجتمع الذي ينتمون اليه من جهة وتطوير امكانياتهم الى اقصى حد ممكن في جوانب شخصياتهم المتكاملة من جهة اخرى فهي اذن الطريقة التي ينظم بها المعلم عمله داخل الصف ويسير بمقتضاها بغية الوصول الى الاهـــداف التربوية التي يبتغــيها من الحصــة الدراسية.

 

وهذا يعني ضرورة قيام المعلم بإعداد الخطط المتنوعة تبعا لتنوع موضوعات المادة الواحدة ذلك ان لكل موضوع هدفه المحدد ويتطلب الامر ان يكون المعلم ملما الماما كاملا بعمله ومتطلباته وان يكون قادرا على اعداد وتهيئة الخطط والوسائل اللازمة لتحقيق تدريس المادة او المواد المكلف بتدريسها يساعده في ذلك ما يتسم به من خصائص شخصية مثل: الحزم المقترن بالمرونة وحسن التصرف وتوفير المشاركة الايجابية الفعالة والفرصة لممارسة انواع من الانشطة الموجهة وتنوع الاسلوب في الحصة الواحدة بما يشد انتباه الطالب.

 

لم يعد المعلم مجرد ناقل للمعارف من الكتب المدرسية الى عقول التلاميذ وانما أصبح له ادوار اخرى تهدف الى جعل المعلم قائدا ومنظما ومديرا للمواقف التعليمية ويؤدي ادواراً كثيرة لها تأثيرات واضحة في التلاميذ من الناحية العاطفية والاجتماعية والتعليمية والطريقة التي يتعامل بها مع كل دور يمكن ان تؤثر في التلاميذ بطرائق مختلفة فيحرص من خلال ادارته الناجحة للصف على ايجاد التفاعل المستمر مع التلاميذ الذي بدوره سيؤدي الى المشاركة الايجابية في العملية التربوية التي يتم تنفيذ معظم سياستها داخل الصف.

 

ولما كان الصف المدرسي أحد مكونات المدرسة وان المدرسة هي مؤسسة اجتماعية لتحقيق طموحات وتطلعات المجتمع في اعداد النشء لذا فان الصف يعد نظاما اجتماعيا ضمن السلم التنظيمي في المجتمع التربوي وليس لتعليم التلاميذ القراءة والكتابة والحساب وغيرها من الموضوعات فحسب بل يتعلمون كيفية التكيف للتعايش والتفاعل مع الجماعة. فالصف وحدة اجتماعية يكون للطفل كمجتمع منظم تحكمه قواعد وعلاقات تفاعلية سواء كانت مع المعلم ام مع التلاميذ الآخرين.

 

ان الاساليب والممارسات السلوكية التي يتبعها المعلمون مع تلاميذهم تحدد نوع العلاقة بينهما ونوع المناخ التنظيمي للصف والتي ستترك انعكاساتها على نمو وتطور شخصيات التلاميذ وعلى اتجاهاتهم نحو المدرسة والتعلم بشكل عام، لذا فان سلوك بعض المعلمين قد يكون السبب في كراهية التلاميذ للمدرسة والهروب منها ومن اسباب المشكلات التي تؤثر في نموهم النفسي وتكيفهم الاجتماعي المدرسي وتعكس اسلوب ادارة المعلم لصفه وتعامله مع تلاميذه وعلى اسلوب وعلاقات التلاميذ فيما بينهم وعلاقاتهم مع الاخرين إذ يميل التلاميذ الى التصرف كمعلميهم وان لهم مواقف مماثلة لمواقفهم.

 

ان الادارة التربوية الناجحة للصف ضرورة من ضرورات العملية التربوية واهم وسيلة لتحقيق اهدافها فاذا عجز المعلم عن ادارة صفه في ضوء الاسس التربوية والقيادية فانه سيؤدي الى ضياع الجهد والوقت وتأخر تعلم التلاميذ وضعف في تربيتهم لان المعلم الناجح في ادارة صفه يمكن ان يحقق تعليما ناجحا ويحقق الاهداف التربوية داخل الصف وخارجه لان الادارة الصفية هي لب القيادة والادارة التربوية التي تأخذ على عاتقها تحقيق اهداف المجتمع وتطلعاته عبر تنفيذ اهدافه التربوية.

 

ان الادارة الصفية الكفؤة تتطلب من المعلم ان يلعب بشكل مباشر ادوار القائد الشامل المتمثلة بما يأتي:

 

  1. صياغة الرؤية: وذلك بجعل عمله وتصرفاته ونشاط طلابه مرتبطة برؤية تتصل بمستقبل العملية التعليمية التي يقودها ويشرك طلابه في هذه الرؤية بحيث يصبح الموجه لجميع أطراف التفاعل لهذه العملية.

 

  1. تحديد الاهداف: فهو يعمل على تحديد المهمات المطلوبة لاجادة المهارات الذهنية والادائية والوجدانية ويعني ما يمكن انجازه بطريقة فردية وما يتطلب فريقاً تتكامل مهامه.

 

  1. استثمار الامكانات: وذلك من خلال تشغيل كل الامكانات المتاحة المادية والبشرية في صفه تشغيلا كاملا واتخاذ الاستراتيجيات المناسبة لاستخدامها بشكل فعال من قبل تلاميذه كل حسب امكاناته.

 

  1. تنمية المشاركة: وذلك من خلال قيادة فريق عمل مشترك تجمعه انشطة جمعية في ظل مناخ اجتماعي يسعى لتحقيق الاهداف وبلوغ الرؤى.

 

  1. بناء القدرات: من خلال رفع الكفاءة الفردية والجماعية لدى التلاميذ بإكسابهم المهارات اللازمة للوصول الى المعارف ومعالجتها بالتحليل والتركيب والتقويم والاستخدام الفعال بما يجعلها جزءاً من مخططاتهم المعرفية حين يفكرون ويعملون.