كيف تدرِّب لتحفيز الإبداع والابتكار

سنركِّزُ هنا على كيفيَّة ضمان استمرارية حيَّويَّة مهمَّة التدريب في الشركة عن طريق إعداد الموظَّفين المُنتدَبين ذوي المهارات العالية ليقوموا بوظائفهم بفعاليَّة تستمر لفترة طويلة. تنتج المسألة الأساسيَّة من علاقة برامج التدريب باحتياجات العمل وقابليَّتها لخدمة احتياجات الموظَّفين كمُتعلِّمين ومُبتكِرين مُستمرَّين.



هذا البحث مُخصَّص لمدير التدريب الذي يؤمن أنَّ التعلُّم هو وظيفةٌ مهمَّة وجوهريَّة في العمل، تسهم في الربح، كما تسهم في استمرار الشركة في الحفاظ على مستواها لفترة طويلة. ازدواجية التركيز ـ التي تعني إدراك مصلحة الشركة من جهة ومصلحة الفرد من جهة أخرى ـ هي قضيَّة جوهريَّة سواء أكنْتَ جزءاً من شركة كبيرة أو متوسِّطة أو صغيرة، وسواء أكان لديك ميزانيَّة وكادر محدودين، أو كان لديك كادر كافٍ ومصادر ماليّة جيِّدة.

المسائل الإداريّة والاستراتيجيات التي تمَّت مناقشتها هنا هي قضايا “العمليَّات” التي يدمج بها برنامج التدريب نفسه ككلّ ضمن مشروع العمل وضمن واقع حياة الموظَّفين الشخصيَّة. هذه المسائل والاستراتيجيات مناسبة فقط في حال تمَّت إدارة التدريب بشكل جيِّد، وتصميمه بشكل جيِّد، وصياغته بشكل جيِّد، وتنفيذه بشكل جيِّد، وكذلك تحليله وتقييمه بفعاليَّة ورقيّ في التفكير.


قضايا إدارية أساسيَّة

  • المرونة:

المرونة هي مسألة الاستجابة للبرامج، أو القابليّة للتغيير في سبيل تأمين رغبات واحتياجات المُتدرِّبين. إنَّها سؤال يدور حول ما إذا كانت عمليّة التدريب مَرِنة بما يكفي “للسير مع التيار” ومجاراة الأزمنة المُتغيِّرة لتسهيل التعلُّم.

يجب أن تُعِدَّ ميزانيتك وكادرك بطريقة تُحقِّق المرونة، متجنِّباً أن تتقيَّد بدورات مُحَدَّدة وتتَّبع عوضاً عن ذلك مقاربة منهجيَّة مَرِنَة تعني أن تخلق مجالاً من فُرَص التدريب التي تعتمد على بعضها البعض، وسيكون من المُفيد أن تتمتَّع بارتباطات مع المُخطِّطين ضمن الشركة وضمن مؤسَّسات التسويق للحفاظ على علاقة متينة مع التوجُّهات الجديدة في مجال الأعمال.

يجب أن يكون قسم التدريب على أتمِّ الاستعداد لتصميم وتقديم الدورات كاستجابة لأيَّة احتياجات تدريب مُستَحدَثة عند إجراء إعادة الهيكلة، أو الاندماجات، أو التخفيضات، أو إعادة التموضع أو إلغاء الموقع، أو التوسُّع عالمياً، وأيضاً الاحتياجات المستحدثة وفق التحدِّيات السياسيَّة والثقافيَّة والبيئيَّة. يجب أن تكون قادرة على الاستجابة السريعة في حال حصول ثغرات في القوة العاملة، وكذلك عند ظهور الاحتياجات الخاصَّة التي تنشأ عند تقاعدُ أعداد كبيرة من الناس، أو عند وجود أشخاص جُدُد بكثرة في وظائف جديدة، وعند حدوث التغيرات الديموغرافية مثل زيادة عدد الموظَّفين ذوي الأصول الأجنبية في كل المستويات، أو بروز الحاجة لإجراء تدريب ثقافي، أو مطالب الأمَّهات العاملات، أو التدفُّق الكبير لعُمَّال يعملون بدوام جزئي. بالمُختَصر لا يمكن أن تكون عمليتك جامدة، بحيث تعتمد فقط على مجموعة مُحَدَّدة من المُستشارين أو المورِّدين أو الدورات. يجب أن تقوم بضبط حساسات الاتِّصالات لديك وتوجِّهها نحو مصادر المعلومات ضمن شركتك وتجاه كادرك ومرافقك، ويجب أن تكون ميزانيَّتك مرنة بشكل كافٍ لمتابعة التغييرات المُستمرَّة.

يمكن أن يلعب التدريب دوراً مهماًً في الاستجابة لكل هذه التغيُّرات الطارئة في مواقع العمل، ولكنْ يحدث ذلك فقط في حال تمّ تصميمه بحيث يكون مرناً في بنيته وفي الطُرُق التي يقدِّم من خلالها الخدمات. يمكن لبرنامج التدريب في حال مرونته أن يساعد في تعامل الشركة بفعاليَّة مع هذه التغييرات.

 

  • تعلُّم الابتكار:

المرونة والتعلُّم والابتكار هي المُقوِّمات الأساسيَّة لاستمرار الوظائف ضمن الجوِّ الحالي للشركات المليء بالتحدِّيات والتغيير. الشخص المسؤول عن التدريب والتعليم وتطوير الموظَّفين ـ أي مدير التدريب ـ يحتاج لأن يضطَلِع بمهمَّة تسهيل قابليّة الموظَّفين ليكونوا خَلاّقين ومساعدتهم في تعلُّم الابتكار.

كلُّ توصيف للعمل هذه الأيام يجب أن يبدأ بمتطلَّبات الإبداع والابتكار، ويمكن أن يكون الموظَّفون عرضةً للمساءلة تجاه أعمالهم الإبداعيَّة بطُرُق جديدة في القياس والتقييم والتي تتضمَّن تراكم المعرفة وإثباتها وتنفيذ الأفكار الجديدة الإبداعيَّة. إذا كانت مصادر المعرفة الموجودة في الموظَّف هي ميِّزات تنافسية للشركة؛ فسيكون هؤلاء المسؤولون عن التعليم مُطالَبين بإيجاد الطُرُق التي تكفل مساعدة الموظَّفين في التعلُّم بما يتجاوز كفاءاتِهم ومهارات العمل لديهم في سبيل أن يكونوا قادرين على الإسهام المُستمرِّ في نمو الشركة، وكذلك بالطبع تطوّرهم شخصياً. يجب على أنظمة التحكُّم أن تفسح المجال أمام أنظمة التخيُّل والتأويل، ويجب أن يكون كلُّ يوم بمثابة فُرْصَة جديدة لتحقيق تواصلات غير محدودة.

صدر كتاب حديث[1] ألَّفه لورانس ليسيغ أستاذ القانون في جامعة ستانفورد “كالفورنيا”، يتحدَّث فيه عن “مأساة العامَّة” حيث يتمُّ استعمال الموارد الموجودة لدى العامَّة بإفراط، ممَّا سيؤدِّي إلى نضوبها؛ وقد ميَّز بين تلك الأنواع من مآسي العامَّة والموارد “غير التنافسيَّة” والتي لا تنضب.

اقترح ليسيغ أنَّ الأفكار والتعابير هي أمثلة على الموارد غير التنافسيَّة وهي الأساس لـ “إبداع العامَّة” والتي تفيد كل المُستخدمين. لقد نصَّ “البيان الرسمي” للجمعيَّة الأمريكيَّة للتدريب والتطوير (ASTD) للعام 2002 على التالي: “ليس المهمّ مدى جودة إدارتك للتغيير، ولكن المهمّ هو كَمْ من الإبداع تستطيع أن تُلْهم[2]”. خلال العام 2003 قدّمت كليّة سالون (Sloan) للإدارة في معهد التكنولوجيا في ماساشوسيتس (MIT) سلسلة دورات تنفيذية حول “الإدارة، الابتكار، والتكنولوجيا”؛ كما قدَّمت كليّة الأعمال في جامعة شيكاغو دورة ابتكارية حول تطوير المُنتَجات الحديثة، تجد ضمن شروحاتها كلمات مثل “التقدُّم المفاجئ في المعرفة أو التقنيَّة” و“الإبداع” و“التحديث”. هناك كليَّات أعمال وبرامج تنفيذية أخرى اشتركت في مجال تعليم الموظَّفين بمختلف مراتِبهم ليتعلَّموا الابتكار. يمكنك المراسَلة للحصول على نشراتهم الدعائية.

نشرت صحافة الأعمال مراراً قصصاً تدور حول الإبداع والابتكار، وسنذكر مثالَين فيما يلي يُظهِران كيف تمَّ إجراء ارتباطات غير مُحَدَّدة ومن ثمّ وضعها موضع التنفيذ في مجال تطوير المُنتَجات: فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز في عددها الصادر بتاريخ 14 تموز يوليو 2002 صورة لعالمة تحمل “سِنَّاً هو عبارة عن هاتف محمول” وهو هاتف خليوي يمكن وضعه ضمن السِنّ (صفحة 3)، دار النقاش المُثار في المقالة حول “الخوارزمية التطوُّرية”، والتهجين المُتقاطِع بين الأنظمة والذي يحدث بتكرارٍ كبير هذه الأيام[3]؛ وأوردت مجلَّة بزنس ويك مقالة في عددها الصادر 12 آب أغسطس 2002 تناولت مُنتجاً جديداً لشركة غامبل أند بروكتر، هو سباينبرش عبارة عن فرشاة أسنان كهربائية للأطفال بنموذج سيارة سباق تعمل ببطاريَّات تعادل قيمتها 5 دولارات فقط، أثنت المقالة على شركة غامبل أند بروكتر كونها كانت على استعداد للنظر إلى ما وراء مصالحها الذاتية، وتقريباً كرَّست مقدراتها التسويقية والتوزيعية وحوَّلتها خارج الشركة في شراكة مع مطوِّر مُنتَجات مبتدئ صغير. كانت شركة غامبل أند بروكتر راغبة بتجربة الإبداع والابتكار مع نماذجها في العمل، ولم يكن هذا مسعىً قليلاً لشركة تقليدية كبيرة.

يجب أن يكون التحدِّي الماثِل أمام مُدراء التدريب واضحاً: فلكي تحافظ على شركتك ضمن مضمار المنافسة من خلال مواردها الأساسيَّة، أي الأشخاص، فإنَّّك بحاجة لأن تدعم قدراتهم على العمل من خلال تعليمهم الإبداع والابتكار.

 

  • الارتباط:

من المهمّ جداً أن يكون التدريب واضحاً لدى الإدارات العليا، وأن تسهم النتائج المُتوخَّاة منه بوضوح في تحقيق أهداف العمل وتطوُّر المؤسَّسة ككل إضافةً إلى تطوُّر الأفراد شخصياً. ليس من السهل تحقيق ذلك، لأنَّه غالباً ما يُنْظَر إلى التدريب كتَكلِفَة ضروريَّة في العمل فحسب، وليس كأداة تنافسية استراتيجيّة تُطبّق لتحقيق غايات العمل.

مدير التدريب الحكيم يستنبط طُرُقاً مُتنوِّعة، يقوم من خلالها بربط عمليَّات التدريب بشكل مباشر مع العمليَّات ذات الصّلة في العمل. على الأرجح لن يفكِّر المُدراء الآخرون أو المُشرِفون أو قادة الفِرَق بإشراكك في مناقشات الخُطَط أو السياسات الاستراتيجيّة؛ فهم عادة ينظرون إليك من وجهة نظر تكتيكية، ممَّا يعني أنَّهم سيستدعونك لكي تقدِّم تدريباً مُحدَّداً لحلِّ مشكلة طارئة، ويعود الأمر إليك لصياغة الارتباطات ضمن المستويات الأعلى. إنَّ مهمَّة الابتكار هي مهمَّة استثنائية.

هناك سبيلان يمكنك اتِّباعهما في هذا المسعى: الأوَّل هو إنشاء علاقات عمليّة مع الإدارات الكبرى الأخرى في الشركة، ممَّا يعني أن تنظر إلى مُخطَّطك التنظيمي وترى من هم الأشخاص الآخرون المسؤولون أمام الموظَّف التنفيذي المسؤول الذي تقدِّم تقاريرك أمامه، وتقوم بتأسيس علاقات عمل معهم كخطوة أولى[4]. السبيل الآخر هو تأسيس علاقات عمليَّة مع التنظيمات خارج الخطِّ التنظيمي الذي تَتْبَعُ له[5]، إليك فيما يلي كيف يمكن أنْ يجري كلّ منهما:

 

ضمن خطِّك التنظيمي، يمكنك:

  1. اكتشف مَن في قسم الذاتية يحتفظ بالسجلات التي تتضمَّن نتائج مراجعات الأداء؛ وبمساعدتهم قُمْ بتصميم استمارة، تدوِّن فيها التقارير باستمرار، تتضمَّن الاحتياجات المُحَدَّدة للموظَّفين والمُشرِفين والتي من أجلها تقوم بالتدريب كنتيجة لمراجعات الأداء. قُمْ بتوثيق التدريب بالإضافة إلى توثيق العلاوات على الرواتب التي يتمُّ إحرازها. خذ بالاعتبار أن تقوم بترميز احتياجات التدريب كاحتياجات “معارف” أو “مهارات”، وذلك إلى جانب استعمالك لرموز المؤسَّسة.
  2. حدِّدْ هؤلاء الأفراد الذين ينتمون إلى الكادر الإداري للموارد البشريَّة والذين يديرون المعونات الماديَّة. تعرَّف إلى ما يُثير قلق الموظَّفين حول: ساعات العمل الحُرَّة، ورعاية الأطفال، والضمان الصحِّي، ورعاية المسنين، وخَيارات الأسهم؛ وبمساعدة المُدراء قُمْ بمُراجَعة مهمَّة إفشاء المعلومات حول وظائفهم ومن ثمَّ قُمْ بفرز تلك المهام التي يمكن اعتبارها مهام تدريبية. يمكن للتدريب أن يساعد الموظَّفين في اتِّخاذ قرارات أفضل فيما يتعلَّق بالمعونات؛ كما يمكن للتدريب أن يساعد الأشخاص في وضع برامج فعّالة؛ ويمكن له أن يُسهِّل تبنِّي الخَيارات ذات المردود الجيِّد، وبذلك يسهم بتحسين عمل كل من مُدراء المَعونات الماليَّة وكذلك إدارة التدريب.
  3. قُمْ بتأسيس علاقات مع المجموعات المسؤولة عن النشاطات الاجتماعية للموظَّفين: كمُنظِّمي الحفلات الراقصة، وعطلات نهاية الأسبوع، والجولات الثقافيَّة، والحفلات الموسيقية، ونوادي الترفيه عن الموظَّفين المرضى، ومجموعات الدعم والمساندة؛ انخرطْ في التنظيمات الموجودة واستفسرْ من هذه المجموعات حول فُرَصِ التدريب التي قد يودُّون من الشركة أن تؤمِّنَها. قُمْ بهذا الأمر رسمياً عن طريق استفتاء تُجريه بنفسك، كما يمكنك القيام بذلك عن طريق إضافة بند أو اثنين إلى أحد الاستبانات أو استمارات التقييم الموجودة لديهم، أو عن طريق اتِّصال هاتفي غير رسمي. تجميع الموظَّفين حسب الهوايات أو الاهتمامات الاجتماعية يُوَلِّد أحياناً نقاشات تتناول التعليم من جهة “العلاقات”، والتي يكون لها غالباً تأثير مباشر على مشاكل العمل وحلولها، ومع ذلك فإن هذا الأمر يحدث فقط عندما تشجِّعه البيئة الاجتماعية.
  4. انشدِ المعلومات الضروريَّة حول احتياجات التدريب الملموسة من المؤسَّسة الطبية، فالأشخاص الذين يجرون المُقابلات أو يسجِّلون الموظَّفين الذين يقصدون الكادر الطبي؛ تتوفَّر لديهم بيانات ممتازة يمكن من خلالها تسليط الضوء جيِّداً حول احتياجات التدريب. قد تشير السجلات الطبيَّة إلى ضرورة إجراء برامج تدريب حول السلامة، أو برامج تدريب تتعلَّق بالصحة العامَّة، أو برامج الصحة النفسية التي تهدف إلى السيطرة على الإجهاد، أو برامج تهدف إلى تنمية النظرة الإيجابية، أو التغلُّب على التحيُّز ضدَّ العمَّال من الإثنيات أو الأقليَّات الأخرى، وكذلك التغلُّب على التحيُّز ضدَّ العمَّال ذوي الميول المثلية أو العمَّال الكبار في السنِّ.

استعمل كلَّ مصادر المعلومات المُتوفِّرة حول احتياجات التدريب، وبشكل خاص تلك التي يمكن أن تقدِّم البيانات الحديثة، وخاصَّة تلك المجموعات ضمن خطِّك التنظيمي الخاصّ التي يمكن أن تحقق الجدوى الاقتصادية بأفضل طريقة من خلال التعاون معك بدلاً من أن تعمل بشكل مُنفَرد.

 

إذا اخترت العمل خارج خطِّك التنظيمي، يمكنك القيام بما يلي:

  1. قُمْ بربط التدريب مع نظام المعلومات المُشتركة، والمكتبة، والبريد الإلكتروني، وأنظمة الاتِّصالات، والإنترنت، والصفحات الإلكترونية، والشبكة الداخليَّة ضمن الشركة. انشرِ المعلومات حول فُرَص التدريب على امتداد الشركة في كل الأماكن التي يمكنك التفكير بها. بالنسبة للكثير من الأشخاص التدريب يعني فُرْصَة لتحقيق مستقبل أفضل، وغالباً ما تمَّ اعتبار التدريب من ضمن “الفُرَص المتساوية” ضمن سياق حقوق الموظَّفين؛ وكمدير يؤمن بتكافؤ الفُرَص؛ عليك أن تكون واثقاً من أنَّ المعلومات حول التدريب يتمُّ نشرها بشكل عادل بين جميع الموظَّفين. بصدق قدِّمْ شيئاً واحداً للجميع.

في بعض الأماكن يتمُّ تجميع وظائف المعلومات في قسم واحد من المؤسَّسة؛ وفي أماكن أخرى تقوم كلُّ مجموعة وظيفية بمعاملة احتياجاتها المعلوماتية الخاصَّة. تأكَّدْ من أنَّ كلَّ أقنية المعلومات ضمن شركتك تتضمَّن أحدث المعلومات حول ما يجري في التدريب. قُمْ بتطبيق استراتيجيات التسويق المعروفة المعتمِدة على تعدُّد الأقنية بما يضمَن انتشار المعلومات اللازمة؛ ليس من الضروري عادةً أن تقوم بكلِّ هذه الأمور بنفسك؛ عليك من جهة ثانية أن تقوم بتفصيل معلوماتك بما يتوافق مع المُهَل الزمنيَّة وما يتناسب مع أقنيتك الخاصَّة، لذلك عليك أن تكتشف ماهيَّة هذه الأقنية تماماً، ثم تقوم بفعل ما يتوجَّب عليك في سبيل الاستعمال الأمثل لها وتسخيرها في تعزيز فُرَص التدريب لديك.

  1. اسألْ قسم المحاسبة لديك عن الطريقة التي يجب أن تعتمدها في حفظ الملفَّات، واطلبْ من محاسب الشركة أن يشرح لك كيف يقوم المحاسبون بإحصاء عائدات الاستثمار، فإذا قمت بتسهيل عمل المحاسبين سيجدون سهولة في فَهْم كيف يجري التدريب. قُمْ بدورك في مساعدة هؤلاء ذوي الوظائف الأساسيَّة على البدء برؤية التدريب كجزء أساسي واستراتيجي من العمل.
  2. أعطِ اهتمامك لاجتماعات البيع والتسويق لترى كيف تقوم هذه الإدارات بوضع الخُطَط والتنبُّؤات، وحاول اكتشاف ما هي الأشياء التي تدفعهم للعمل بأفضل أداء؛ وانظرْ فيما إذا كان التدريب يستطيع أن يساعدهم في بلوغ أهدافهم. اشترك في مناقشات مُنتَظمة مع مُخطِّطي التسويق والأشخاص العاملين في مجال المبيعات لتتأكَّد من أنَّهم مُدرِكون لكيفيَّة تحسين المُنتَجات والخدمات في الشركة من خلال التدريب الذي تقدِّمه. حاول أن يتمَّ تعيينك كعضو نظامي في المجموعة الاستشارية للبيع والتسويق، أو مجموعات الفحص والتدقيق، أو كعضو بحُكْمِ الموظَّف ضمن الكادر. قُمْ بإدراج أهداف وإنجازات التدريب كتابة ضمن خُطَط التسويق.
  3. تأكَّدْ من أنَّ صانعي السياسات في الشركة ومنظومة المُخطِّطين الرسميين فيها على اطِّلاع تامٍّ بمُنتَجات وخدمات التدريب التي تقدّمها، وتأكَّدْ من أنَّهم مُدركون للنجاحات التي أنجزها التدريب، وبشكل خاص كما يصرّح بها العُمَلاء المُهِمُّون ضمن استمارات التقييم أو غيرها من طُرُق التغذية الراجعة الأخرى. قُمْ بتطوير سياسة التدريب التي ستعتمدها بناءً على سياسة الشركة الأعمِّ والأشمل، واطلبْ مشاركة أهم الخُبَراء في سياسة الشركة عندما تقوم بوضع وإنجاز سياسة التدريب الخاصَّة بك. أنشئْ خطَّة عمل للتدريب تناسب أهداف التخطيط المُشترك.
  4. إذا كانت لديك إدارة “للجودة” أو “لضمان الجودة”، فاطلبِ النصح من الخُبَراء فيها حول كيفيَّة اعتماد الجودة في التدريب. يمكن لأعضاء إدارة الجودة ممن يملكون تجارب سابقة في مجال “جودة الإجراءات” على وجه الخصوص أن يكونوا مُفيدين لك عندما تنوي أن تنشئَ معايير تحكم في تحليل الاحتياجات وتصميم الدورات وتنفيذها وتقديمها وتقييمها. عليك أن تُوجِد مقاييس للجودة تُشْتَقُّ من معايير الجودة التي تعتمدها الشركة. كُنْ واثقاً جداً من إدراك كل شخص لحقيقة أنَّ التدريب يُعْتَبَر لاعباً رئيسياً، وسيكون ذا تأثير كبير عندما يتوافَق مع أهداف ومعايير الجودة.

فقط عندما ترى “أنت نفسك” أنَّ دورك يفوق التجاوب مع الاحتياجات القريبة الحاليَّة، ستكون قادراً على البدء بالتدريب الوظيفي كمهمَّة ذات إمكانيات استراتيجيّة على مستوى المؤسَّسة ـ وأساساً هذه المكانة هي التي ستضمن استمرار المُتدرِّبين لفترات طويلة وتمنحُهم الأقدمية، وفي المحصِّلة تجديد استيعاب شركتك وقدرة موظَّفيك على الحصول على وظائف جديدة.

 

  • التطوير المِهَني:

يجب أن يعطي التدريب أساساً قويَّاً “نظرياً وعملياً” لمساعدة الأفراد في مجال عملهم. يملك التدريب مَوقِعاً مُتقدِّماً في العمليّة التي يُطلَق عليها تعبير “التطوير المِهَني”، وهو تعبير غير دقيق. يرتبط التطوير المِهَني بالتدريب بعدَّة طُرُق: خَلْق الدوافع لقبول قِيَم الشركة، بناء الوظائف، توفير المهارات والمعارف المُحدَّثة التي تفي بمُتطلَّبات المواقع الوظيفية إلى أقصى الحدود، والمساعدة في إدارة التخفيضات عند إعادة تحديد الوظائف. يُعْتَبَر التدريب بالنسبة للقوة العاملة أفضل أمل للحفاظ على أُسُسِ المهارات الأمريكية.

 

  1. دور التدريب في التحفيز تجاه قِيَم الشركة:

تملك كل شركة ثقافتها الخاصَّة الفريدة: الانفتاح، الانغلاق، التسلسل من الأعلى إلى الأسفل، التسلسل من الأسفل إلى الأعلى، الوقائية، المحاصصة، البيروقراطية، إدارة التقارير، التعاونية. ومن خلال هذه الثقافة يوجد هناك قِيَم مُميَّزة يتمُّ الحفاظ عليها باحترام كبير، مثل احترام الأشخاص، أو التفوُّق في الأداء، أو الوصول إلى انعدام العيوب، أو رؤية التغيير كفُرْصَة سانحة، أو النظر إلى التعدُّديَّة كمصدر للقوة. غالباً ما يحتاج الأفراد في عملهم إلى التذكير المُستمر بماهيّة هذه القِيَم وكيف يتوجَّب عليهم التصرُّف من أجل العمل وفقاً لهذه القِيَم.

ستكون مُتخَلِّفاً عن ركب التدريب إذا لم تكن قد حسبت حساباً لهذه الاحتياجات التي تُركِّزُ على القِيَم؛ وأحد الأماكن الواضحة لتقديم هذا النوع من التدريب هو أثناء القيام بالبرامج الإرشادية للمُوظَّفين الجُدُد أو المعينين في أماكن جديدة. معظم الناس يريدون القيام بعملهم على أفضل وجه؛ ولكنَّهم يتعرَّضون أحياناً للفشل بسبب عدم معرفتهم بالتوجُّه الثقافي السائد بشكل جيِّد وبالسرعة اللازمة.

لا يكفي أنْ تُطلِعَ الناس على نظام القِيَم؛ فمعظم الناس يحتاجون إلى التدريب في تجربة هذه القِيَم من خلال ممارسة أدوار واقعية أو المراقبة أو دراسة الحالات أو غيرها من مجموعات العمل التفاعليّة. يجب أن تبقى على اطِّلاع دائم وبحث دائم عن الفُرَص المناسبة لتصميم وتنفيذ التدريب المُتعلِّق بالقِيَم، لأنَّه عادةً يرتبط بشكل مباشر بفاعلية الأشخاص في العمل، وهذا ما يُبقي الأشخاص سعداء ومُنْتِجين.

يمكن أن يسهم التدريب بالصحة النفسية أثناء العمل، وتقليل التغيُّب عن العمل، وتقليل المشاكل الشخصيَّة الناجمة عن الإجهاد في العمل، وزيادة الإنتاجية وهو ما سيحافظ على استمرار التدريب. عادةً ما يكون الموظَّفون البارعون فيما يتعلَّق بثقافة الشركة الواحدة ويتعلَّمون كيف ينمون ضمن هذه الثقافة قادرين بشكل أسهل على تعلُّم ثقافة شركة أخرى، وحتى لو تركوا العمل ضمن شركتك فإنَّه يتوجَّب عليك كمُدرِّب ألا تبخس مساهمتهم في القوى العاملة الكُلِّية.

 

  1. التدريب في بناء المِهَن:

لعل دور التدريب  في بناء المِهَن هو السبب الأكثر وضوحاً لوجوده. إنَّه ذلك النوع من التدريب الذي يساعد الأشخاص في تعلُّم الأنظمة الحديثة، والتحكُّم بالآلات الحديثة، وتطوير المهارات الحديثة، وتحويل الخبرات المُتراكِمة لتناسب الأوضاع الجديدة. إنَّه ذلك النوع من التدريب الذي يحافظ على عجلة التقدُّم في العمل، تدور بسلاسة أثناء قيام الشخص بعمله، وهو أيضاً ذلك النوع من التدريب الذي يساعد الأشخاص على التأهُّب المستمر للمضي قُدُماً في الوظائف الجانبية، كما هو الحال بالنسبة للترقي في السُّلَّم الوظيفي. إنَّه أيضاً ذلك النوع من التدريب الذي يساعد الأشخاص على الأداء بشكل أفضل في سبيل تحسين وتطوير العمل. تظهر الحاجة لمثل هذا النوع من التدريب عادةً من خلال المراجعات التقييمية للوثائق التي تستعرض تقييم الأداء عن طريق إجراءات تقييمية مُتعدِّدة النُّسَب، أو من خلال أهداف خُطَط العمل.

من المهمِّ تقديم هذا النوع من التدريب بعناية فائقة، والتحقُّق من صلته بالأهداف الشخصيَّة بشكل يتكامل مع أهداف العمل المُحَدَّدة، وعليك أن تقوم بالتحقُّق من الحاجة لهذا التدريب بشكل منتظم مع المُدراء والمجموعات الاستشارية التي تتضمَّن عدداً كبيراً من الأشخاص. في هذا النوع من التدريب يجب أن تشارك أهميَّة كلٍّ من الأهداف المهنيَّة الشخصيَّة الواضحة مع أهداف العمل الواضحة، وإذا كان التدريب دقيقاً في أداء ذلك فمن المُرجَّح أنَّه سيَلْقَى استحسان الأفراد وإطراء المؤسَّسة.

حَظِيَ التدريب في السنوات الأخيرة بدور مُتنامٍ في مجال مساعدة الموظَّفين على التعامل مع عمليَّات الاندماج والتخفيضات، وساعد التدريب الأفراد في البحث داخل أنفسهم، “ليعرفوا أنفسهم” جيِّداً، ويخططوا لمُستقبَلِهم خطوة فخطوة، سواء ضمن الشركات التي اندمجت حديثاً أو خارج حدود شركاتهم. يساعد التدريب الأفراد في تحديد أدوارهم الرائدة في المواقع الوظيفية الجديدة، وفي التعامل مع الرفض المستمر، والسعي وراء تلك المواقع الوظيفية من خلال أساليبهم الشخصيَّة والاحترافية التي تعطي النتائج المَرجوَّة. يساعد التدريب الناس في وضع خُطَط العمل وخُطَط التسويق، وتوضيح الأهداف، والتعامل مع التغييرات على الصعيد الشخصي ضمن المؤسَّسات غير المُستقرة.

 

  1. التدريب و الحفاظ على المهارات:

أقرَّت معظم الشركات أنَّ أهمَّ مواردها وأكثرها قيمةً هي ملاكها الأساسي من الموظَّفين. وقد نُصِحَت إدارات التدريب كثيراً بالحفاظ على روابط قوية مع الاختصاصيين في مجال تطوير المِهَن من خلال كادر يقوم بتحليل الأرقام وفقاً لدرجات الرواتب، وقُرْب التقاعد، ونسبة الوظائف الجديدة مقارنة مع كادر الخُبَراء، وغيرها من المُميِّزات الوظيفية. ولكن يجب ألا ننسى أنَّه مع نموّ الخبرات المتراكمة للكادر من جهة؛ ربَّما تصبح قاعدته المعرفية من جهة أخرى قديمة ومضى عليها الزمن، وهنا قد تظهر الحاجة لمهارات ومعارف حديثة. تأكَّدْ من اطِّلاعك الجيِّد على متطلَّبات “الكفاءات الأساسيَّة” ضمن شركتك؛ وتأكَّدْ من معرفتك التامّة بالأمور التي تؤدِّي إلى تحقيق أفضل أداء في شركتك.

من المهمِّ أن يبقى التدريب في الطليعة عن طريق إتاحته الفُرْصَة للتطوير الاحترافي، من خلال توسيع المهارات أو المعارف التشاركية بإضافة الأفكار الحديثة إلى القاعدة الراسخة من الخبرات والتجارب والتي قام ببنائها الكادر المُخَضرَم الخبير. “التدريب ليس طريقاً لإظهار نجوم جُدُد فقط، بل هو أيضاً للحفاظ على بريق النجوم الموجودة حالياً”.

عليك أن تطوِّر برنامجاً تدريبيَّاً متناسباً مع حجم المُوظَّفين الذين يعملون في مجال التطوير المِهَني والمسؤولين عن صيانة الوظائف في الشركة. فيما يلي سنذكر بعض الخَيارات البديلة لطريقة التدريب ضمن الصفوف: التدريب عن طريق المداولات والمُؤتمَرات والمعاهد، الدراسة الذاتية المعتمدة على الفيديو، التعليم عبر الإنترنت والتعليم الإلكتروني، الجولات الميدانيَّة، والبرامج الأكاديمية التي تنظِّمها الكليَّات والجامعات. كلُّ هذه الطُّرُق هي خَيارات مُتاحَة لإيصال التدريب المطلوب إلى الأشخاص وهم على رأس عملهم، حيث تخشى الكثير من الشركات أن تخسر قاعدتها المعرفية الموجودة في حال مغادرة الموظَّفين المِهَنيِّين مواقع عملهم.

من السهل أن يتمَّ تجاهل تدريب هؤلاء الأشخاص كونهم أسهموا بنصيبهم في الشركة بشكل كبير سابقاً، ولكن مع ذلك ما يزال هذا التدريب يمثِّل استثماراً مهمّاً للشركة، ومورداً عظيم الإمكانيات لتقديم الخدمات. يمكن لتقديم النوع الصحيح من التدريب لهؤلاء الأشخاص أن يحقِّق نتائجَ جيِّدة جداً؛ لأنَّ هذه الجماعة من الأشخاص تعرف جيِّداً كيف يعمل النظام في الشركة، وكيف يتمُّ تحقيق الغايات، فيكون دور التدريب هنا هو المساعدة في رفع مساهمات هذا الكادر من الموظَّفين المِهَنيِّين إلى حدودها القصوى عن طريق العمل على ملء الثغرات في معارفهم ومهاراتهم الحاليَّة.

لعب التدريب في السنوات الأخيرة دوراً حاسماً في مساعدة القوى العاملة في تحديد هويَّتها، وتدلُّ كلُّ الإشارات على تعاظم أهميَّة هذا الدور في السنوات المُقبلة. يجب أن تكون على أتمّ الاستعداد لخدمة الأفراد الذين يعملون في هذا المجال المهمّ جداً: مجال التطوير المِهَني.

 

  • التفويض:

لا يمكن أن يتمّ التفويض بصورة لحظية فقط؛ لأنَّ الجميع يتفقون على أنَّه شيء جيِّد. يحتاج الموظَّفون لرؤية الوجه السهل والصعب للتعليم في سبيل تحقيق التغييرات على الصعيد الشخصي والمؤسَّساتي، هذه التغييرات هي التي تجعل من التفويض أمراً واقعاً. قضايا النقاش حول إدارة التدريب هنا هي المُتعلِّقة ببناء الثّقة وتخطِّي الخوف، وتلاقي المهارات والاحتياجات العاطفية لكلِّ موظَّف بحدِّ ذاته لتحتضن التفويض، وتصميم وتقديم التدريب بحيث يُظهر بوضوح أنَّ أهداف الشركة هي المُحرِّك نحو التغيير.

يجب أن يُخاطِب المُدرِّبون على حدٍّ سواء: احتياجات الإدارة العُليا وحتى أحدث شخص يقف خلف الكادر ويدعمه، والمُوظَّف الأهم والأعلى راتباً والأقل شأناً وراتباً، ومسؤولي المبيعات، والمحاسبين، والمهندسين، والاختصاصيين التقنيين.. وباختصار كلَّ الموظَّفين وفي كل مكان والذين تنهض الشركة بجهودهم. سيتمكَّن المُدرِّبون من النجاح في هذا الأمر طالما حافظوا على نموذج التعليم والتدريب (شخص ـ لشخص) حاضراً في أذهانهم: التدريب ضمن الصفوف هو أمرٌ جيِّد، ولكن فقط في حال وضعْتَ نصبَ عينيك بأنْ تقوم بإعطاء التعليم لشخص واحد له حاجات تعليميَّة مُنفردة.

جوهر التفويض هو عدمُ وجود قياس واحد يناسب الجميع، وأنَّ موظَّفاً مُبدِعاً ومُبتَكِراً واحداً يمكن أن يملك طاقة هائلة.

للاطلاع على بقية البحث تستطيع تحميل الملف المرفق......

  1Lawrence Lessig، The Future of Ideas: The Fate of the Commons in a Connected World (Random House، 2001)

  1(TD، January 2002، p. 7)

  2Patricia Leigh Brown، “Ideas and Trends: Blinded by Science،” in The New York Times، July 14، 2002، p. 3

[4] أي في الإدارة التي يتبع لها مدير التدريب، والتسلسل الإداري فيها.

[5] أي مع الإدارات الأخرى المتوفرة في شركتك.