دور علم الكوتشينغ في تعزيز سلامة الموظفين وأدائهم

عندما نبدأ في طرائق جديدة للعمل، يمكن دمج الأساس العلمي للكوتشينغ في برامج أماكن العمل لتعزيز سلامة الموظف وأدائه.



يعد الكوتشينغ أداةً قويةً لتعزيز سلامة وعافية الموظفين، مع وجود فوائد ملموسة تبدأ من زيادة الإنتاجية إلى معدلات الاحتفاظ بالموظفين عند استخدامه بفاعلية، فهو يشكل جزءاً أساسياً من استراتيجية الموارد البشرية الشاملة، أو برنامج التعلم والتطوير المستمر، فهذا أمر مفهوم؛ لأنَّ المنظمات تتطلع حتماً إلى الاستفادة من فوائد الكوتشينغ داخلياً لتلبية احتياجاتها الخاصة.

عندما يُنظَر إلى الكوتشينغ من منظور علمي، يمكن تطوير هذه الممارسة وصقلها من أجل المنظمات، بحيث تضمن تحقيق إنتاجية أكبر من قِبل جميع المعنيين، وللمضي قُدماً في مفهوم علم الكوتشينغ يمكننا مناقشة علاقته بعلم النفس.

ماذا يعني علم الكوتشينغ؟

الكوتشينغ في الأساس هو أداة لتغيير السلوك مثل أيِّ أداة أخرى، وعلى هذا الأساس، فإنَّه يتطلب التطوير والتحسين المستمر من أجل تحقيق أقصى قدر من الفاعلية للمنظمات والأفراد، ولقد ساهمت العمليات العلمية عالية الجودة في بناء علم الكوتشينغ منذ أن أصبحت الممارسة موضوعاً مطروحاً للدراسة في التسعينيات، وهذا سمح للعلماء بفهم عملية الكوتشينغ جيداً وطريقة تحسينها من أجل تعزيز سلامة الموظفين وأدائهم.

يؤثر هذا المستوى من البحث العلمي بصورة مباشرة في الكوتشينغ الذي يجريه الممارسون، ويجعل التخصص هو النشاط التنظيمي الفعَّال كما يظهر اليوم.

للمضي قُدماً في مفهوم علم الكوتشينغ يمكننا مناقشة علاقته بعلم النفس، وتُعرِّف الجمعية البريطانية لعلم النفس (British Psychological Society) علم النفس على أنَّه الدراسة العلمية للعقل وكيف يُملي علينا سلوكاتنا ويؤثر فيها، وهو نشاط أكاديمي وممارسة مهنية.

يُعرِّف الاتحاد الدولي للكوتشينغ (The International Coaching Federation) الكوتشينغ بأنَّه "الشراكة مع العملاء في عملية إبداعية ومحفزة للتفكير، بحيث تلهمهم لتعزيز إمكاناتهم الشخصية والمهنية"، وتوجد علاقة وثيقة بين الكوتشينغ والعقل البشري والسلوك البشري تشبه الطريقة التي يعمل بها علم النفس، ومن ثم يجب النظر إلى الاثنين بوصفهما تخصصين متوازيين.

علم نفس الكوتشينغ هو الدراسة العلمية التي تحدث إلى جانب الممارسة اليومية للكوتشينغ، وتهدف إلى تعميق فهمنا للكوتشينغ وتعزيز ممارسته.

الكوتشينغ عبر العصور:

شهدت السنوات الثلاثين الماضية ثورةً في الأبحاث المتعلقة بعلم نفس الكوتشينغ، التي عززت بصورة مباشرة الكوتشينغ الذي يجريه الممارسون، بالتأكيد، أُجرِيَت عدة دراسات مبكرة عن الكوتشينغ قبل ذلك، لكنَّ علم الكوتشينغ بدأ بالفعل باكتساب الزخم في التسعينيات.

علم نفس الكوتشينغ:

ساعد علم نفس الكوتشينغ على إثبات أنَّ الكوتشينغ مفيد كممارسة من خلال التحقيق العلمي في تأثيره:

خلال هذه الفترة، وُضِعَت الحدود الأولية للتخصص ووُضَِعت النظريات الأساسية، ولقد كان هذا البحث تجريبياً إلى حدٍّ كبير، ومأخوذاً من خبرات الكوتشز من خلال دراسات الحالة أو الاستطلاعات، وقد وفرَّ أساساً لتحقيق المزيد من التقدم.

استخدم العلماء أساليب البحث النوعي لبناء نظريات الكوتشينغ، وهذه الأساليب أعمق من دراسات الحالة والاستطلاعات، وهذا يسمح للباحثين باكتساب فهم أفضل للجوانب الشخصية للكوتشينغ الفردي.

يمثل هذا التطور أيضاً خطوةً لتقبُّل تنوع أساليب البحث، والتي بدورها ساعدت على ترسيخ الكوتشينغ كممارسة قائمة على الأدلة ومجال أكاديمي محترم، ولقد سمح ذلك للباحثين بتجميع أفكار قيِّمة عن الفوائد المحتملة للكوتشينغ، والتي ساعدت على تعزيزه بوصفه نشاطاً مفيداً للمنظمات والأفراد.

ساعد علم نفس الكوتشينغ على إثبات أنَّ الكوتشينغ مفيد كممارسة من خلال التحقيق العلمي في آثاره وتأثيره، وعلى هذا الأساس، فقد تغير تركيز التخصص تغيراً طفيفاً في السنوات الأخيرة؛ إذ يميل إلى النظر أكثر في طريقة عمل الكوتشينغ بدلاً من النظر إلى إذا كان ينجح أم لا.

اشتملت الأبحاث على استخدام تجارب التحكم العشوائية ونمو العالم الممارس، الذي يميل إلى تركيز أبحاثه على جزء معين يهمه من عملية الكوتشينغ، مثل التنوع في الكوتشينغ أو طبيعة العلاقة بين الكوتش ومتلقي الكوتشينغ، وتسلط هذه التطورات الضوء على الطبيعة المعقدة والمتعددة الأوجه للكوتشينغ، بالإضافة إلى إظهار مدى نمو علم نفس الكوتشينغ كتخصص.

الكوتشينغ في مكان العمل:

تمثل دراسة الكوتشينغ بطريقة علمية تحدياً، وذلك لأنَّ الكوتشينغ بطبيعته متعدد التخصصات ويعتمد على العلاقات الوطيدة بين الكوتشز وعملائهم، ونتيجةً لذلك، يعد تخصصاً صغيراً نسبياً، وما تزال العديد من جوانب الكوتشينغ غير مستكشفة؛ لذا يجب أن يكون هذا حافزاً لعلماء النفس والممارسين على حدٍّ سواء لتوسيع نطاق التخصص أكثر، لا سيما بالتفكير في الفوائد الواضحة للكوتشز ومتلقي الكوتشينغ.

حددت الأبحاث في علم الكوتشينغ قاعدة المعرفة التي يعمل على أساسها الممارسون مع الكوتشز، ولكي يتميز الكوتشينغ عن نشاطات التعلم والتطوير الأخرى في مكان العمل، يجب أن يكون فريداً، ودون الأبحاث القائمة على الأدلة في الكوتشينغ، سيكون من الصعب إثبات اتساق الممارسة، وسيشهد الممارسون نتائج مغايرة لما يرونه اليوم.

دمج الكوتشينغ في استراتيجيات الموارد البشرية:

خلال عصر العمل عن بُعد، أصبح من الهام أكثر من أيِّ وقت مضى للمنظمات دمج الكوتشينغ في استراتيجيات الموارد البشرية الأوسع نطاقاً:

بالمثل، قدمت الأبحاث العلمية للكوتشز الدعم في تحديد الأساليب الأكثر فاعليةً، إذ سمحت المراجعة المستمرة للممارسات المطبقة في أماكن العمل للباحثين بفهم مكوناتها وتحسين الكوتشينغ لزيادة تأثيرها، وعلى هذا الأساس، يعمل الكوتشز باستمرار على مراجعة وتعديل نشاطاتهم من أجل الحصول على أفضل النتائج الممكنة من عملائهم.

تمنح حقيقة أنَّ هذه التعديلات المدعومة بالأبحاث العلمية القائمة على الأدلة الكوتشز الثقة بأنَّ تغيير طرائق عملهم سيكون له تأثير حقيقي في سلامة وعافية عملائهم.

لا يستفيد الكوتشينغ من الدقة العلمية فحسب؛ وإنَّما يُطلَب ذلك من أجل النمو والتحسين كنشاط لتغيير السلوك، وخلال عصر العمل عن بُعد، أصبح من الهام أكثر من أيِّ وقت مضى للمنظمات دمج الكوتشينغ في استراتيجيات الموارد البشرية الأوسع نطاقاً؛ إذ سيكون لدمج الأساس العلمي للكوتشينغ في برامج أماكن العمل تأثيراً كبيراً في عافية الموظف وأدائه بينما نمضي قدماً في طرائق جديدة للعمل.