يقدِّم المقال دليلاً شاملاً حول كوتشينغ الذكاء العاطفي، والذي يتضمن جميع المعلومات اللازمة لتطبيق مفاهيم الذكاء العاطفي في الكوتشينغ. حيث سنتطرق إلى النقاط التالية:
- تحديد أسس الذكاء العاطفي.
- فهم كيفية مساهمته في التنمية الشخصية.
- تحديد أفضل الأدوات لتقييم الذكاء العاطفي.
- تحديد منهجيات كوتشينغ مجرَّبة لتعزيز الذكاء العاطفي.
مفهوم كوتشينغ الذكاء العاطفي
يقول عالم الأعصاب "إيريك جينسين" (Eric Jensen): "لا يمكن الفصل بين العقل والعواطف، فالعواطف والتفكير والتعلم جميعها مرتبطة ببعضها".
من قاد فريقاً من قبل، يعلم أنَّ تحقيق النتائج، لا يعتمد على الذكاء الأكاديمي وحده؛ لأنَّ القائد الحقيقي هو من يُحسن توظيف وعيه بتفاعلات الفريق ونقاط قوة أفراده لتعزيز إمكاناتهم بذكاء.
يُشار إلى هذا النوع من الفطنة أحياناً بالذكاء العملي أو القدرة على استيعاب المواقف والتعامل معها بمرونة آنية، أمَّا في علم النفس، فيُعرف هذا المفهوم بالذكاء العاطفي، والذكاء العاطفي في الكوتشينغ إذاً هو القدرة على فهم العواطف واستخدامها وإدارتها بإيجابية بهدف:
- تخفيف التوتر.
- التواصل بفعالية.
- التعاطف مع الآخرين.
- التغلب على التحديات.
- حل الخلافات.
يُنظر إلى الذكاء العاطفي كثيراً بوصفه أقل شأناً من الذكاء العقلي (IQ)، غير أنَّ الدراسات الحديثة، أثبتت أنَّه معيار أساسي للنجاح بخلاف الاعتقاد السائد، فبحسب الدكتور "دانييل جولمان" (Daniel Goleman)، مؤلف كتاب "الذكاء العاطفي" (Emotional Intelligence) الذي حقق رواجاً واسعاً منذ صدوره عام 1995.
يُعد الذكاء العاطفي المؤشر الأهم على النجاح في بيئة العمل، كما أنَّ الدكتور "ترافيس برادبيري" (Travis Bradbury) يشير إلى أنَّ الذكاء العاطفي مسؤول عن 58% من الأداء في العمل، و90% من أصحاب الأداء المتميز يُظهِرون مستويات عالية من الذكاء العاطفي، فضلاً عن أنَّ الذكاء العاطفي، يرفع الدخل السنوي بمقدار 29000 دولار.
لا شك في أنَّ الذكاء العقلي هام، فهو يحدد قدرتنا على استخدام المعلومات والتفكير المنطقي للتوصل إلى الحلول وصياغة التوقعات، لكن من دون الذكاء العاطفي، ما نوع المعلومات التي سيجمعها الفرد من محيطه؟ وإلى أي نوع من الحلول ستقوده؟ وهل ستكون تلك الحلول شاملة ومتزنة، تخدم المصلحة العامة والناس والبيئة على حدٍّ سواء؟
لنأخذ مثالاً عن قائد فريق ومهندس بارع يتمتع بسجل مهني مميز، لكنَّه يسعى دوماً لإرضاء الآخرين؛ إذ يرتبط تقديره لذاته بمدى قبول الناس له، هذا الميل المزمن لإرضاء من حوله يُربكه، ويضعف قدرته على التمييز بين ما ينبغي فعله وما يرضي الناس فقط. لأنَّه يخشى إغضاب أي طرف، لا يدرك كيفية التعامل مع هذه المحدودية، فتتأثر قراراته وتُصبح رؤيته مشوشة.
في سعيه الدائم لإبقاء من حوله سعداء، يعجز عن تقديم تغذية راجعة بنَّاءة حين يطلبها زملاؤه لتحسين أدائهم، فيتستر على الأخطاء بدلاً من معالجتها، وينتقد زملاءه من وراء ظهرهم عوضاً عن دعم تطويرهم المهني، رغم أنَّ ذلك أحد مواطن قوته، ولإرضاء مديريه، يقلل من شأن جهد فريقه، ولا يبدي أي تعاطف تجاههم، حتى أنَّه لا يمنحهم إجازات عند المرض.
أفقدته هذه التصرفات الثقة والمصداقية؛ إذ تدل على ضعف واضح في 3 من الجوانب الجوهرية للذكاء العاطفي وفق نموذج الدكتور "دانييل جولمان"، وهي:
- التعاطف.
- الحزم.
- حل الخلافات.
تدفع هذه السلوكات أعضاء فريقه إلى تجاهله واللجوء إلى المدير الأعلى منه مباشرة، وهو ما يؤثر سلباً في سير عمل المؤسسة.
تمثِّل هذه الحالة نموذجاً شائعاً يؤكد أنَّ النقص في النضج العاطفي أو اختلاله، يُقوِّض قدرات أشخاص يتمتعون بإمكانات كبيرة.

تأثير الذكاء العاطفي
يمكن ملاحظة تأثير الذكاء العاطفي من خلال:
- الأداء: يساعد الذكاء العاطفي على التعامل مع المواقف الاجتماعية المعقدة في العمل، والتميز، وتعزيز مهارات القيادة، وتحفيز الآخرين.
- الصحة الجسدية: يؤديالعجز عن ضبط العواطف إلى التوتر، والإصابة بمشكلات صحية خطيرة، مثل ارتفاع ضغط الدم، وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية، والسكتة الدماغية، والعقم، ونقص المناعة، والشيخوخة المبكرة.
- الصحة النفسية: يسبب الافتقار إلى الانضباط العاطفي التوتر، مما يزيد احتمالية الإصابة بالقلق والاكتئاب والأرق، فضلاً عن أنَّه يعوق بناء علاقات قوية، مما يزيد الشعور بالوحدة والعزلة، وبالتالي تفاقم الأمراض النفسية.
- العلاقات: يساعد فهم العواطف على التعبير عن المشاعر، وتقدير مشاعر الآخرين، مما يعزز التواصل الفعال، وبناء علاقات قوية.
سمات الذكاء العاطفي
توجد عدد من التعاريف للذكاء العاطفي، وتحمل كل منها مجموعة من السمات التي تندرج تحت الفئات الأربعة الأساسية التالية:
- الوعي الذاتي.
- الوعي الاجتماعي.
- إدارة الذات.
- إدارة العلاقات.
وفقاً للدكتور "جولمان"، ينتج عن ترابط هذه الفئات 12 مقدرة جوهرية لإدراك العواطف وضبطها، وذلك لتنمية وحماية أنفسنا والآخرين.
جوانب وكفاءات الذكاء العاطفي
- الوعي الذاتي: الوعي الذاتي العاطفي.
- إدارة الذات: الانضباط الذاتي العاطفي، والتكيف، والميل إلى الإنجاز، والنظرة الإيجابية.
- الوعي الاجتماعي: التعاطف، والوعي التنظيمي.
- إدارة العلاقات: التأثير، والكوتشينغ والمنتورينغ، وإدارة الخلافات، والعمل الجماعي، والقيادة الملهِمة.
لا يمكن لأي شخص أن يعمل بكفاءة مثلى من دون امتلاك هذه المهارات، التي تُكتسب في الطفولة، وهي قابلة للتعلُّم والتطوير في مراحل الحياة المختلفة، كما أنَّ التميز يتطلب تحقيق نمو متوازن في الكفاءات الاثني عشر للذكاء العاطفي.
الاستغناء عن ذلك القائد وتعيين بديل خياراً مكلفاً في مثالنا السابق، لا سيما وأنَّ المؤسسة قد استثمرت فيه بالفعل، فضلاً عن أنَّ هذا القرار، سيعود بتأثيرات سلبية على الفريق والقائد نفسه الذي لا يزال يُظهر إمكانات واعدة رغم مكامن ضعفه. يأتي هنا دور الكوتشينغ في مجال الذكاء العاطفي بوصفه حلاً يرضي جميع الأطراف.
كوتشينغ الذكاء العاطفي هو بالأصل استراتيجية تواصل فعالة، تساعد الأفراد على استعادة زمام حياتهم من خلال تحديد مواطن القصور العاطفي التي تؤثر سلباً في حياتهم المهنية والشخصية.
يعزز الكوتشينغ الانضباط الذاتي، ويحسِّن استجابة الفرد لضغوطات العمل، ويغير واقعه المهني.
قد يُحدِث إخبار العميل بنقاط ضعفه أثراً، لكنَّه قصير الأمد؛ لأنَّ هذه المعلومة لم تساعده على تطوير مهارات جديدة، أو لم تقدِّم له خطة عملية لتطبيقها ومراقبة فعاليتها؛ لذلك يرتكز كوتشز الذكاء العاطفي على تلقين الكفاءات العاطفية كافة، وشرح التداخل بينها، ثم صياغة استراتيجيات عملية لمعالجة المشكلات القائمة.
يتطلب هذا النوع من الكوتشينغ ما يأتي:
- طرح الأسئلة المناسبة أو تكليف العميل بمهام تُسرِّع عملية الإدراك.
- تحليل مكامن النقص أو غياب الوعي في الجانب العاطفي.
- وضع استراتيجية تقوِّم السلوكات.
- تزويد العميل بالمهارات اللازمة لتحقيق هذا الهدف.
- تعزيز المساءلة.
بما أنَّ دور الكوتش يتمثل في التوجيه لا التلقين، فإنَّ الهدف من الكوتشينغ هو تمكين المتلقي من تطوير آليات داخلية تقوم على الملاحظة الذاتية، واكتشاف أنماط السلوك، والوعي، والمبادرة إلى التغيير.
يشجع هذا النهج أيضاً على تقبُّل التغذية الراجعة من الآخرين، مما يساعد على تحديد السلوكات غير المفيدة والعمل على تغييرها.
ادرس الخصائص الأساسية للذكاء العاطفي، ومعناها، وطرائق تطوير كل منها، ثم باستخدام "عجلة العواطف" (Wheel of emotions) الموضحة أدناه، لاحظ كيف يمكن أن يكون كل شعور إيجابياً أو سلبياً وفق الموقف؛ إذ يُعد الغضب عاطفة سلبية وغير منضبطة، ولكنَّه رد فعل مناسب ومنطقي في ظروف معيَّنة.

دور كوتش الذكاء العاطفي
استعانت الشركة في مثالنا السابق بـ كوتش ذكاء عاطفي لحل مشكلة قائد الفريق، فكشف الكوتش عن 3 جوانب أساسية تتطلب التغيير:
- تطوير الوعي الذاتي من خلال إجراء جلسات كوتشينغ فردية يدرك فيها قائد الفريق أنَّ سلوكاته غير فعالة، ويتعلم الإفصاح عمَّا ينبغي قوله، بدلاً من السعي لإرضاء الآخرين فقط.
- اكتساب الوعي الاجتماعي من خلال الملاحظة والتغذية الراجعة؛ إذ طُلب منه أن يستقصي أثر سعيه الدائم لإرضاء الآخرين، وحين استشار القائد مشرفاً يثق به، اكتشف أنَّ هذا السلوك يقوِّض سلطته، ويزرع الشك، ويُضعف الكفاءة.
- تصميم آلية للتغذية الراجعة تعتمد على القائد وفريقه، تتيح له تتبُّع الأداء دون الخوف من إزعاج أحد، أو العودة إلى أنماطه السلوكية السابقة.
حسَّنت هذه الإجراءات أداء القائد وفريقه، وأرسَت بيئة عمل صحية عززت الإنتاجية، فلم يُحدِث الكوتش بالطبع أية تغييرات جذرية؛ بل اكتفى بتعديلات بسيطة أدت إلى تحسينات ملحوظة.
تُبرز هذه الدراسة أهمية العلاقات الإنسانية؛ إذ إنَّ جودتها تحدد طبيعة تفاعلاتنا، وكيفية استجابتنا للآخرين واستجابتهم لنا، وبالتالي تؤثر مباشرةً في فرص نجاحنا.
يحدث كوتشز الذكاء العاطفي تغييرات بسيطة ولكن جوهرية، تبني علاقات إيجابية ومثمرة تُمكِّن جميع العاملين من تحقيق أفضل أداء، وبفضل خبرتهم، يساعدون الأفراد على تبنِّي سلوكات جديدة، كانت بعيدة المنال سابقاً.
تُظهر الدراسات أنَّ نمو خلايا عصبية جديدة، يستغرق ما يقارب 21 يوماً، وتغيير المسارات العصبية القديمة كلياً يتطلب تجاه 90 يوماً، فكل ما يحتاجه الأمر هو تلقي الدعم بعطف وذكاء، ولكن بحزم، وهو ما يقدِّمه كوتش الذكاء العاطفي.
أدوار كوتش الذكاء العاطفي
يساعد كوتشز الذكاء العاطفي العملاء على بناء علاقات قوية ومثمرة مع أنفسهم ومع الآخرين من خلال:
- تيسير عملية الاستكشاف الذاتي، من خلال التأمل الواعي والتغذية الراجعة، لتمكين العميل من فهم سلوكاته، وقِيَمه، ومعتقداته، ومواقفه، ودوافعه، وانفعالاته، وأفعاله. تهدف هذه العملية إلى التمييز بين التصرفات التي تصدر نتيجة ردود فعل لا واعية، وتلك المبنية على التفكير الواعي، وتُعد هذه المرحلة أساسية؛ لأنَّها تُمهِِّد لما يُرتجى من نتائج خلال مسار الكوتشينغ.
- وضع أهداف واضحة، وتعزيز الدافع الداخلي لمعالجة الانفعالات السلبية وتغيير السلوكات المقوِّضة، التي قد تكون متجذِّرة في العقل، لكنَّها ليست مستعصية على التغيير.
- وضع خطة عمل لتحديد مصادر التوتر، واكتشاف أنماط سلوكية جديدة ومثمرة، وتهيئة فرص لتطبيقها عملياً.
- كسر الأنماط السلوكية غير الصحية، من خلال تكوين وجهات نظر جديدة بنَّاءة تتوافق مع قِيَم العميل، وتدفعه للتغيير الإيجابي.
- إجراء مراجعات دورية للاستمرارية والوقاية من الرجوع إلى السلوكات القديمة.
ينتهي برنامج الكوتشينغ عند بلوغ مستوى التغيير السلوكي المنشود، بيد أنَّ الوصول إلى هذه المرحلة، ليس بالأمر اليسير؛ بل يتطلب ساعات طويلة من الدراسة والممارسة قبل التعامل مع أي عميل؛ إذ يمرُّ كل منهم بتجربة مخصصة، تتطلب فهماً عميقاً وتعاطفاً حقيقياً.

مهارات كوتش الذكاء العاطفي
ينبغي أن يمتلك الكوتش المهارات السبعة التالية لتحقيق أفضل النتائج:
- ضمان الأمان والخصوصية.
- التحلي باللطف والهدوء والاحترام والتكلم بصراحة.
- تقديم وجهة نظر واضحة.
- تقديم التوجيه مع إظهار المرونة والتجاوب مع احتياجات كل فرد.
- امتلاك مهارات الإصغاء الفعال.
- ملاحظة أنماط سلوك العميل.
- إخباره بها بطريقة تساعده على التعامل معها بنية إيجابية.
هذه هي مهارات الذكاء العاطفي التي ينبغي على جميع الكوتشز تطويرها لضمان قدرة العملاء على التعامل مع العواطف الجياشة بنضج، مثل:
- التحكم في الانفعالات.
- الانضباط العاطفي.
- حل المشكلات.
- معالجة مشكلة التسويف.
- التفاوض.
- الإفصاح عن الاحتياجات.
- معرفة المناسب أو المتوقع في موقف معيَّن.
يساعد الكوتش المتميز العملاء على اكتشاف أو استعادة شغفهم وقِيَمهم، وتوجيهها بطرائق عملية، كما يدرك العميل من خلال توجيهات الكوتش تأثير عاداته، ويتعلم كيف يرصد الأنماط السلوكية غير الصحية ويستبدلها بأخرى أفضل منها، وحتى بعد انتهاء مرحلة الكوتشينغ الرسمية، يبقى أثر الكوتش المتمكِّن حاضراً؛ إذ يواصل العميل توجيه ذاته في مواقف الحياة المختلفة، مستنداً إلى ما اكتسبه من وعي ومهارات.
يحرص كوتشز الذكاء العاطفي أيضاً على ألَّا يواجه أصحاب الأداء العالي عوائق تعرقل تقدمهم، مما يتيح تعزيز إمكانات المتخصصين أمثال القائد في مثالنا السابق.
ينبغي على كل كوتش ناجح أن يمتلك المهارات الأساسية السبع، غير أنَّ بعضها يكتسب أهمية مخصصة في مجال الذكاء العاطفي، ومنها:
- مهارات الإصغاء العميق، بما في ذلك طرح الأسئلة الدقيقة.
- فهم الإشارات غير اللفظية ولغة الجسد.
- التواصل الحازم برفق ولُطف.
قيِّم نفسك في كلٍّ من هذه المهارات على مقياس من 1 إلى 5، ثم حدِّد نقاط ضعفك، وادرس وطبِّق أساليب عملية لتنمية هذه المهارات.
الأدوات والمنهجيات الهامة في كوتشينغ الذكاء العاطفي
يساعد كوتشينغ الذكاء العاطفي الأفراد على تحقيق أهدافهم من خلال ترسيخ فهم عميق لعواطفهم، ما يتيح إحداث تغيير سلوكي مستدام، ويتطلب ذلك دراسة معمَّقة لمفهوم الذكاء العاطفي، وطرائق اختباره، وأساليب التقييم الأخرى كالمقابلات.
تُقيَّم درجات الذكاء العاطفي عادةً باستخدام 3 طرائق رئيسة:
- التقييم الذاتي.
- تقارير الأقران.
- اختبارات المهارات أو القدرات.
نظراً إلى أنَّ الذكاء العاطفي منظومة واسعة من القدرات ومكونة من 12 سمة أساسية تؤثر في بعضها، فإنَّ تقييمه أصعب من تقييم الذكاء العقلي، ومع ازدياد الاهتمام بالذكاء العاطفي خلال العقود الأخيرة، ظهرت مئات الأدوات لتقييمه، لكنَّ كثيراً منها لا يستند إلى بيانات علمية موثوقة.
يبلغ المعدل الوسطي لدرجة الذكاء العاطفي 100 في الاختبارات المعيارية، وكلما ارتفعت الدرجة، دلَّ ذلك على تمتع الشخص بذكاء عاطفي أعلى؛ لكنَّ الحصول على درجة متدنية لا يعني بالضرورة أنَّ الشخص متبلد المشاعر أو عاجز عن الفهم؛ بل يشير إلى صعوبة في إدراك بعض العواطف أو التعامل معها، وهي مهارات قابلة للتطور من خلال الكوتشينغ المناسب.

كيفية تقييم الذكاء العاطفي لدى العميل
في ما يلي، بعض الاختبارات الموثوقة لتقييم الذكاء العاطفي:
1. اختبار (EQ-i 2.0)
يُعد من أكثر أدوات التقييم استخداماً واعتماداً من الجهة العلمية؛ إذ يستند إلى عقود من الأبحاث لتقييم الأداء البشري وتعزيزه. تُقيِّم هذه الأداة 15 كفاءة رئيسة ضرورية للقيادة الملهمة، وبيئات العمل المبتكرة، والفِرَق عالية الكفاءة والتفاعل، والموارد البشرية الملتزمة.
2. تقييم 360 درجة (360-Degree Assessment)
يُعد أداة تقييم متعددة المصادر تجمع بين تصوُّر الفرد لذكائه العاطفي ورأي المحيطين به في بيئة العمل، مما يوفر تقييماً شاملاً ومتوازناً. تستخدم المؤسسات هذا النوع من التقييم ليكون أداة تطويرية تعزز فهم الكفاءات المهنية، والسلوكات، وجودة العلاقات.
3. "اختبار ماير-سالوفي-كاروسو للذكاء العاطفي" (S.C.E.I.T.)
يتكون هذا الاختبار من 12 اختباراً فرعياً يقيِّم الأركان الأربعة للذكاء العاطفي وفقاً لنظرية "ماير وسالوفي" (Mayer-Salovey)، وهي إدراك العواطف، وتيسير التفكير، وفهم العواطف، وإدارة العواطف.
تبيِّن هذه الاختبارات نوع ومستوى النمو العاطفي لدى الفرد في كل جانب من هذه الجوانب، مما يتيح فهماً دقيقاً لمكامن القوة والقصور في الذكاء العاطفي.
4. اختبار "ديسك" (DISC)
والذي يرمز إلى الهيمنة (Dominance)، والتأثير (Influence)، والثبات (Steadiness)، والضمير (Conscientiousness)، هو أداة تقييم شائعة تُستخدَم لفهم الأنماط السلوكية والتوجهات الشخصية؛ إذ يسلط هذا الاختبار الضوء على نقاط القوة، والسمات الشخصية، والقيم المخصصة بالفرد، كما يقدِّم استراتيجيات فعالة لتحسين أسلوب التواصل وبناء علاقات قوية مع الآخرين.
تقدِّم هذه الاختبارات معلومات عن مكامن القوة والضعف العاطفية لدى الفرد، إلى جانب قِيَمه ودوافعه، بيد أنَّ فعالية هذه الأدوات، تعتمد كثيراً على مدى كفاءة استخدامها ومهارة من يُجري التقييم.
فيما يأتي أساليب الكوتشينغ الأساسية التي يُنصَح باستخدامها:
- نموذج "جرو" (R.O.W. model)، والذي يرمز إلى الهدف (Goal)، والواقع (Reality)، والخيارات (Options)، والإرادة (Will). صاغه الرائد في مجال الكوتشينغ "جون ويتمور" (John Whitmore)، والذي شبَّهه بالتخطيط لرحلة.
- نموذج الأهداف الذكية (M.A.R.T. model)، والذي يرمز إلى الأهداف المحددة (Specific)، والقابلة للقياس (Measurable)، والقابلة للتحقيق (Achievable)، والعملية (Realistic)، والمؤطَّرة زمنياً (Time-bound). يُستخدَم هذا النهج عادة في نماذج الأعمال التي يجب أن تكون النتائج فيها ملموسة وقابلة للقياس دوماً.
يعتمد اختيار ونجاح هذه الأساليب على الهدف وما يرغب العميل بتحقيقه؛ إذ ينبغي أن يتحقق الكوتش من:
- دافع العميل للنجاح.
- إدراكه للمخاطر المحتملة.
تجدر الإشارة إلى أنَّ جميع الأفراد، لديهم نسبة معيَّنة من الذكاء العاطفي، فبعضهم أذكياء عاطفياً بالفطرة، بينما يحتاج آخرون إلى مساعدة الكوتش لتنمية هذه المهارات من خلال التعليم والممارسة.
يتضمن الجدول التالي السمات الشخصية التي تدل على الذكاء العاطفي المنخفض والمرتفع، والتي قُسِّمت إلى 4 فئات وفقاً لاختبار "ديسك":
|
الذكاء العاطفي المنخفض |
الأبعاد الشخصية |
الذكاء العاطفي المرتفع |
|
عدواني |
الهيمنة |
حازم |
|
متطلب |
طموح |
|
|
أناني |
حاسم |
|
|
متسلط |
يركز على النتيجة النهائية |
|
|
تهجُّمي |
مندفع |
|
|
سهل التشتت |
التأثير |
متحمس |
|
متهور |
متفائل |
|
|
لا يتقن الإصغاء |
اجتماعي |
|
|
ثرثار |
مقنِع |
|
|
أناني |
عفوي |
|
|
صبور |
الثبات |
متردد |
|
غير فعال |
هادئ |
|
|
مقاوم للتغيير |
متَّسِق |
|
|
بطيء |
مراعٍ |
|
|
خجول |
يُحسِن الإصغاء |
|
|
انتقادي |
الامتثال |
مهتم بالتفاصيل |
|
شكاك |
منطقي |
|
|
متحفظ |
متقَن |
|
|
صعب الإرضاء |
دقيق |
|
|
مثالي |
منظَّم |
في الختام
يُعَد التوتر من أبرز العوامل التي تُضعف الذكاء العاطفي لدى الأفراد، وفي ظل هذا الواقع، فإنَّ توسيع نطاق خبرتك في الكوتشينغ ليشمل الذكاء العاطفي، أو التخصص فيه، سيُحدث فرقاً جوهرياً في مسارك المهني، ويعود بفائدة ملموسة على العملاء؛ إذ إنَّ إتقان الذكاء العاطفي، يعزز فعالية مشروع الكوتشينغ، ويمكِّنك من مساعدة عدد كبير من الأشخاص على التعامل بوعي ومرونة مع عالم مليء بالتحديات.
يفتح خوض هذا المجال أمامك أبواباً لحقول معرفية متعددة يعتمد عليها كوتشينغ الذكاء العاطفي، مثل: علم النفس، والقيادة، والإدارة، وعلم الاجتماع.
تبني هذه التخصصات تجربة كوتشينغ متكاملة، تساعد على فهم السمات القيادية، والغوص في أعماق النفس البشرية، ومعالجة السلوكات السلبية، ووضع خطة عملية لتحقيق التغيير المطلوب.
أضف تعليقاً