خصائص النمو في المرحلتين المتوسطة والثانوية

مسعد محمد زياد

تمهيد     

مما ينبغي لنا التذكير به كي يكون المُعلِّم مرشداً ومُعلِّماً في آنٍ واحد أنّه يجب عليه أن يكون ملماً إلى حد ما بخصائص المراهقة وأسس الإرشاد النفسي للمراهقين، ولا سيما في مرحلتي التعليم المتوسط والثانوي حتى يكون قادرا على التعامل الصحيح مع هاتين المرحلتين العمريتين للطلاب. ومما لا شك فيه أنّنا نحتاج الى المُعلِّم المرشد وليس المُعلِّم المتخصص في مادته الدراسيَّة فقط، فنحن لكوننا مُعلِّمين للمرحلتين المتوسطة والثانوية تواجهنا مشكلات كثيرة ترجع الى طبيعة فترة المراهقة.

 

 



فإذا عرفنا طبيعة وخصائص ومُتطلَّبات هاتين المرحلتين وأسس الإرشاد النفسي للمراهقين فمن الؤكّد أّنّ هذا سيساعدنا على حل العديد من المشكلات التي تعترض سبيلنا وسبيل الطلاب، ومشكلات الطلاب الخاصة التي قد يستشيروننا فيها. ويعد النمو من الموضوعات ذات الأهمية في حياة الإنسان بعامة وفي حياة المراهقين والشباب بخاصة، لما له من أثر واضح في نضج الإنسان وتطور مداركه وتحديد سلوكياته.

وتعد مرحلة المراهقة من المراحل الدقيقة في حياة الإنسان حيث يتأثر النمو في هذه المرحلة بعوامل كثيرة تجب إخاطتها بوسائل الوقاية والعناية والتوجيه والإرشاد.

كما أن مظاهر النمو في جوانبه المُتعدِّدة في هذه المرحلة هي الأخرى في حاجة إلى دراسة وملاحظة وضبط وتوجيه حتى يسير النمو في الطريق الصحيح وبالشكل الذي ينعكس إيجاباً على سلوكيات الناشئة وتوافقهم الاجتماعي.

 

مفهوم النمو:

النمو لغة: هو "النَّماء ويعني الزيادة. نمى ينمّي نَميْاً ونُميّاً ونماءً، زاد وكثر وربما قالوا نُموَّاً، وأنميت الشيء ونميِّته جعلته نامياَ".

 

والنمو في الاصطلاح هو:

"تغيير مطرد في الكائن الحي يتجه به نحو النضج".

"والنمو بمعناه النفسي يتضمَّن التغيُّرات الجسميَّة والفسيولوجيَّة من حيث الطول والوزن والحجم والتغيُّرات التي تحدث في أجهزة الجسم المختلفة والتغيُّرات العقليَّة المعرفيَّة والتغيُّرات السلوكيَّة الانفعاليَّة، والاجتماعيَّة التي يمر بها الفرد في مراحل نموه المختلفة".

ومما سبق يمكن القول: إن المقصود من النمو هو التغيُّرات التي تحدث للإنسان متجهة به إلى النضج الجسمي والعقلي والسلوك الانفعالي والعلاقات الاجتماعيَّة وغيرها من خصائص النمو الأخرى.

 

أهمية دراسة النمو عند التربويين

تتبين أهمية دراسة النمو عند التربويين بوجه خاص في مساعدتهم على التعرُّف على مُكوَّنات الشخصيَّة عند طلابهم ومطالب النمو، واحتياجاته التي تعد عاملا مؤثراً في توجيه سلوكاتهم فضلا عن معرفة ما لديهم من القدرات العقليَّة التي تتباين عند الطلاب، وهو ما يعرف عند التربويين وعلماء النفس "بالفروق الفرديَّة"، وأثر ذلك في التعليم النشط والفعَّال، وفي الإرشاد الطلابي والتوجيه الاجتماعي، والإشراف التربوي التعليمي، وهي جوانب أساسيه في حياة الطالب بوجه خاص.

 

أهم خصائص النمو في المرحلتين المتوسطة والثانوية

هناك مجموعة من الخصائص المشتركة لنمو الطلاب في المرحلتين المتوسطة والثانوية، ويمكن تفصيل هذه الخصائص فيما يأتي:

 

  1. النمو الجسمي والحركي:
    تستمر معدلات الزيادة في النمو الجسمي بصفه عامه، حيث:
  • يزداد الطول والوزن، ويتحسن المستوى الصحي بصفة عامة، ويزداد النضج والتحكُّم في القدرات المختلفة ويبلغ النمو الجسمي أقصاه عند الذكور في سن الرابعة عشرة.
  • قد يظهر عدم التناسق بين أجزاء الجسم المختلفة نتيجة طفرة النمو.
  • يؤثر مفهوم البدن على الصحة النفسيَّة للطالب في هذه المرحلة بشكل كبير مما يجعله يهتم بالألعاب الرياضيَّة خاصة تلك التي لاقت شعبية كبيرة بين أقرانه.
  • قد يحدث إقبالٌ على تناول الطعام بشراهة في هذه المرحلة.
  • يصبح التوافق الحركي في هذه المرحلة أكثر توازناً، مما يسمح للطالب بممارسة مختلف ألوان النشاط الرياضي.

 

  • العوامل المؤثرة فيه:
    من أهم العوامل المُحدَّدات الوراثيَّة والتغذية وإفرازات الغدد خصوصا الغدة النخامية التي تفرز هرمونات النمو.
    ويلاحظ نقص الانتظام أو التناظر بين أجزاء الجسم المختلفة.

 

  • ما يجب على المربين مراعاته:
    إعداد المراهقين للنضج الجسمي والتغيُّرات الجسميَّة التي تطرأ عليهم هذه المرحلة.
    تجنب الموازنة بين الأفراد، فالفروق الفرديَّة في معدلات النمو تؤدي دوراً هاماً هنا.
    الاهتمام بالتربية الصحية والقضاء على الأمية الصحية.

 

  1. النمو الانفعالي:
    يظهر على المراهق في هذه السن انفعالات تلونها الحماسة، وتتطور لديه مشاعر الحب، ونلاحظ عليه الحساسية الانفعاليَّة، وهي ردة فعل لا تتناسب مع المثير (في الفرح أو الحزن)، وفي هذه الحالة يراعى عدم المبالغة في التأنيب، ومعالجة المشكلة بأسلوب تربوي.
    ويميل المراهق إلى التمرد والاستقلاليَّة، ويغضب كثيرا، وتنتابه حالات من الاكتئاب، وتكون لديه ثنائيَّة في المشاعر نحو الشخص نفسه، كما أنه يشعر كثيرا بالخجل والانطواء، وفي هذه الحالة يجب منحه الثقة بالنفس من خلال تعزيز المواقف الإيجابيَّة، والأخذ برأيه إن كان صائبا، وإشراكه في المناقشة وحل المشكلة المطروحة، وتشجيعه ومشاركته في البرامج الإذاعية والثقافيَّة.

    ومن خصائص هذا الجانب أيضا: الشعور بالتفرد، وفي هذه الحالة تجب مراعاة الآتي:
  • تكليف من يتصف بهذه الخاصية العمل في إطار الجماعة.
  • توضيح أهمية العمل الجماعي ومردوده الإيجابي على مجموع الأقران.
  • أن ينبه الطالب لما للعمل الفردي من مآخذ في كثير من الأحيان.

ومن مظاهر النمو الانفعالي أيضاً: ظهور الخيال الخصب، وأحلام اليقظة، واتصاف الحياة الانفعاليَّة بعدم الثبات الانفعالي والتناقض الوجداني، والشعور بالقلق والاستعداد لإثبات الذات والاستقلاليَّة، والنظر إلى السلطة في كل صورها بعين الاعتبار.

 

  • العوامل المؤثرة فيه:
  1. التغيُّرات الجسميَّة الداخلية والخارجية.
  2. العمليات والقدرات العقليَّة.
  3. التآلف الجنسي.
  4. نمط التفاعل الاجتماعي.
  5. معايير الجماعة.
  6. المعايير الاجتماعيَّة العامة.

 

  • الشعور الديني:
    ما يجب على المربين مراعاته:
    • المبادرة إلى حل أي مشكلة انفعاليَّة فورَ حدوثها.
    •  

العمل على التخلص من التناقض الانفعالي، والاستغراق الزائد في أحلام اليقظة.

    • مساعدته على تحقيق الاستقلال الانفعالي والفطام النفسي.

 

  1. النمو الاجتماعي:
    ويمكن تلخيص أهم مظاهر النمو الاجتماعي في هذه المرحلة بما يأتي:
  • يتم في هذه المرحلة التطبيع الاجتماعي الفعلي الذي يؤدي إلى تكون المعايير السلوكيَّة.
  • يميل الطالب إلى الاتصال الشخصي ومشاركة الأقران في الأنشطة المختلفة.
  • يميل الطالب إلى الاهتمام والعناية بالمظهر والأناقة.
  • يميل الطالب إلى الاستقلال الاجتماعي وبصفة خاصة داخل الأسرة.
  • مسايرة الجماعة والرغبة في تأكيد الذات.
  • البحث عن القدوة والنموذج.
  • نمو القدرة على فهم ومناقشة الأمور الاجتماعيَّة.
  • الحساسية للنقد والميل إلى مجادلة الكبار.
  • ظهور الشعور بالمسؤوليَّة الاجتماعيَّة.
  • الميل إلى مساعدة الآخرين.
  • لا يرضى أن توجه إليه الأوامر أمام الآخرين.

 

  • العوامل المؤثرة فيه:
    • الاستعداد واتجاهات الوالدين وتوقعاتهما.
    • الأسرة ومستواها الاجتماعي.
    • الأصدقاء وآراؤهم.
    • مفهوم الذات.
    • المدرسة ومطالبها.
    • النضج الجسمي والفسيولوجي.
    • الخبرات الاجتماعيَّة الأولى.
    • المجتمع والثقافة العامة.

 

  • ما يجب على المربين مراعاته
    • الاهتمام بالتربية الاجتماعيَّة.
    • الاهتمام بتعليم القيم والمعايير السلوكيَّة السليمة.
    • تشجيعه على التعاون مع أفراد الأسرة والمُؤسَّسات الاجتماعيَّة.
    • إشراك المراهق في مختلف الأنشطة.
    • ترك الحريَّة له في اختيار أصدقائه، مع توجيهه إلى حسن الاختيار.
    • احترام ميله ورغبته في التحرُّر دون إهمال.
    • توسيع خبراته ومعارفه بالنسبة إلى الجماعات الفرعية في المجتمع الكبير.

 

  1. النمو العقلي:
  • ينمو الذكاء العام بسرعة، وتبدأ القدرات العقليَّة في التمايز، ويصل ذكاء الطالب إلى أقصى حد يمكن أن يصل إليه في نهاية هذه المرحلة.
  • تظهر سرعة التحصيل، والميل إلى بعض المواد الدراسيَّة دون الأخرى.
  • تنمو القدرة على تعلُّم المهارات واكتساب المعلومات.
  • يتطور الإدراك من المستوى الحسي إلى المستوى المجرد.
  • يزداد مدى الانتباه وتطول مدته.
  • يزداد الاعتماد على الفهم والاستدلال بدلاً من المحاولة والخطأ أو الحفظ المجرد.
  • ينمو التفكير والقدرة على حل المشكلات واستخدام الاستدلال والاستنتاج، وإصدار الأحكام على الأشياء، وتظهر القدرة على التحليل والتركيب، وتتكون القدرة على التخطيط والتصميم.
  • تزداد القدرة على التعميم والتجريد.
  • تتكون المفاهيم المعنويَّة عن الخير والشر والصواب والخطأ والعدل والظلم.
  • تظهر القدرة على الابتكار بشكل أكبر.
  • تتضح طرائق وعادات الاستذكار، والتحصيل الذاتي والتعبير عن النفس.
  • غالباً ما يميل الذكور إلى متابعة الموضوعات الميكانيكيَّة والرياضيَّة والعددية.

 

  1. النمو الجنسي:
    لعل من أهم مظاهر هذا النمو ما يأتي:
  • ظهور الميل إلى تقليد أحد البالغين من الجنس نفسه والإعجاب بتصرُّفاته.
  • بداية ظهور الميول التي تتعلَّق بالرغبة في الزواج.
  • تصل الانفعالات الجنسية إلى قمة نشاطها.
  • وصول الذكور إلى أقصى نمو فلولوجي جنسي.

 

الممارسات التربويَّة:

ومن خلال معرفتنا بالخصائص السابقة لنمو طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية، ينبغي للمُعلِّم الاهتمام بمراعاة ما يأتي:

  1. تنمية الاستعداد البدني لممارسة الألعاب الرياضيَّة.
  2. إتاحة الفرصة أمام الطلاب لتنمية هواياتهم، واختيار نوع الدراسة التي يتفوقون فيها.
  3. ضرورة وجود القدوة الصالحة من الآباء أو المُعلِّمين.
  4. توفير فرص الاحتكاك والتفاعل الاجتماعي السليم، وتعلم المعايير الاجتماعيَّة السائدة.
  5. ضرورة وجود جماعات النشاط المختلفة بما يكفل شغل أوقات الفراغ.
  6. تزويد الطلاب بالمعلومات الجنسية الصحيحة في إطار شرعي سليم.

 

نصائح وإرشادات تُسدى المُعلِّم في المرحلة المتوسطة:

  1. ساعد تلاميذك على فهم المعاني عن طريق المناقشة داخل الصف
  2. حدد معنى بعض المفاهيم والمبادئ قبل بداية أية مناقشة.
  3. كن صبوراً متفهما قدر الإمكان لسلوكيات تلاميذك وأحسن توجيههم إذا أظهروا شرودا أو سلوكا سيئا.
  4. الجأ إلى أساليب متنوعة لمساعدة الطلاب على تركيز الانتباه، كاللجوء إلى حل الألغاز داخل الصف من حين إلى آخر.
  5. وجه أسئلة حول مستقبل الطالب وما يجب أن يكون عليه عندما يكبر.
  6. أحسن التعامل والطالب وتفهم انفعالاته
  7. تجنب معاقبة الطالب بسبب أمور تافهة أو أمور لم يرتكبها.
  8. كن مرنا عند تصحيح أوراق الامتحانات.
  9. لا تكثر من الواجبات المنزليَّة المرهقة أو غير الهادفة.
  10. عزز ثقة الطالب بنفسه وارفع معنوياته دائما.

 

 نصائح وإرشادات للمُعلِّم في المرحلة الثانوية:

  1. احرص على إتاحة الفرصة لطلابك للمرور بخبرات مختلفة.
  2. وجههم إلى طرائق البحث عن المعلومات وشجعهم على ذلك.
  3. تفهم طبيعة تفكير طلابك ليسهل عليك الاتصال بهم.
  4. ساعد طلابك على استيعاب المفاهيم والأفكار التي تتعلَّق بالحياة وبالمستقبل.
  5. كن صديقاً جيداً لطلابك وحاول التقرب منهم وتوجيههم إلى الأفضل.
  6. تجنّب استخدام أساليب السخرية أو النقد أو العقاب لطلابك وتفهم المرحلة التي يمرون بها.
  7. استثمر المناقشة الصفيَّة للتعرُّف على مستوى تفكير تلاميذك وخبراتهم السابقة واعمل على تطويرها.
  8. قدم خبرات تتناسب ومستوى تلاميذك مع قليل من التحدي الحافز.
  9. استخدم مبدأ التعلُّم عن طريق اللعب والتعلُّم عن طريق الخبرة المباشرة مع التلاميذ.
  10. نظم درسك بحيث يسهل على التلاميذ عملية التعلُّم.
  11. تدرج من الكل إلى الجزء، ومن السهل إلى الصعب ومن المعلوم إلى المجهول ومن المحسوس إلى شبه المحسوس فالمجرد.
  12. احرص على مراعاة الفروق الفرديَّة في عملية الإعداد والتخطيط والتنفيذ.
  13. احرص على تحديد استعداد تلاميذك للتعلُّم قبل البدء بالدرس.
  14. احرص على ملاحظة أداء تلاميذك لأنشطة التعلُّم القبلي.