ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكوتش "جاكي" (Coach Jackie)، وتحدثنا فيه تجربتها مع ممارسات الترسيخ.
أثار هذا العنوان اهتمامي وحفّزني على الانخراط في برنامج يهدف إلى مساعدتي في إدارة الضغوط والإرهاق والشعور بالعبء الزائد، وهي فوائد من شأنها أن تعود بالنفع أيضاً على عملائي الذين أتولّى تدريبهم.
تزامن ذلك مع فترة كنت قد أنهيت فيها تجربة عمل سابقة اتسمت بقدر عالٍ من السمية؛ إذ كنت لا أزال أتعافى من آثار التعامل مع مدير متلاعب ونرجسي. كان التوقيت مثالياً للانخراط في مثل هذا البرنامج.
ركّز البرنامج تركيزاً أساسياً على دمج ممارسة الحضور الذهني والترسيخ في الحياة اليومية. اعتدت على ممارسة هذه التمارين بين الحين والآخر قبل أن أنضمّ إلى البرنامج، ولكنّي لم ألتزم بها.
شكلت تقنيات الترسيخ نقطة انطلاقي نحو تعزيز التأمل الذاتي، فقد بدأت بتطبيق ممارسات بسيطة، مثل الإنصات إلى أصوات الطيور في الخارج، والشعور بالدفء المنبعث من كوب القهوة الذي أمسكه بيدي، والانتباه إلى حالتي الجسدية أثناء المشي، وممارسة تمرين التنفس العميق.
ساعدني إحياء الاتصال بجسدي والعالم من حولي في استعادة تركيزي الداخلي، وتخفيف حدة التوتر، وتصفية ذهني، وتجديد طاقتي، وشغفي، وموقفي من العمل.
التفكير وحده لا يكفي للتغلب على التوتر
ترى الكوتش والزميلة والصديقة "لوريدانا ريغِب" (Loredana Regep) أنَّ: "محاولة التفكير المنطقي للتخلص من التوتر أمر غير فعال". أنا أشاركها هذا الرأي تماماً؛ فقد كان هذا درساً بالغ الأهمية تعلمته خلال مسيرتي.
إنّ التوتر ليس مجرد حالة ذهنية مجردة، بل إنّه يؤثر تأثيراً كاملاً في كل من الجسد والعقل. غالباً ما تؤدي محاولة التغلب على التوتر من خلال التفكير إلى الإفراط في التحليل، مما يزيد من حدة القلق والتوتر.
تقدم تقنيات الترسيخ على النقيض من ذلك وسيلةً مباشرةً ومادية لكسر حلقة التوتر؛ إذ يساعد الترسيخ في تعطيل حلقة الأفكار القلقة من خلال تنشيط الحواس والتركيز على باللحظة الراهنة، مما يفسح المجال للسكينة والصفاء الذهني.
تأثير عدم الانتظام في الممارسة
لاحظت أيضاً أنَّه عندما لا ألتزم بانتظام بممارسات الترسيخ، يصبح رد فعلي تجاه المحفّزات الخارجية أشد، وتزداد احتمالية انخراطي في سلوكات انفعالية. كما ترتفع مستويات التوتر لدي، مما يجعلني أكثر عُرضةً للمبالغة في ردود الأفعال وأقل قدرة على الحفاظ على رؤية متوازنة للأمور.
عندما تُثار نقاط ضعفي، أُدرك أنّي قد أتفاعل بطريقة لا تتفق مع الصورة التي أرغب في الظهور بها ومع الطريقة التي أود أن أتواصل بها مع الآخرين. لقد استخلصتُ من هذه التجربة أنَّ عدم الانتظام في هذه الممارسات يؤكد على الأهمية القصوى لدمجها في روتيننا اليومي للحفاظ على التوازن العقلي والعاطفي.
فعالية الخطوات الصغيرة في بناء العادات
لقد حقق دمج ممارسات الترسيخ في حياتي نجاحاً ملحوظاً عندما تبنّيت مبدأ الخطوات الصغيرة. كانت البداية بتخصيص دقيقة أو دقيقتين فقط عدة مرات على مدار اليوم لممارسة تمارين الترسيخ أو لتدوين بعض الأفكار العابرة هي الاستراتيجية الأكثر فعالية حتى الآن.
لقد سهّلت هذه الخطوات الصغيرة القابلة للتطبيق عملية بناء هذه العادة دون الشعور بالضغط أو الإرهاق، وتراكم تأثيرها مع مرور الوقت، مما حسَّن صفاء ذهني وقدرتي على التحمُّل العاطفي وسيطرت على توتري بصورة ملحوظة. إنَّ هذه الجهود الصغيرة والمستمرة هي التي أثمرت نتائج أكبر، وأحدثت تغييراً دائماً في حياتي.
كلَّما كنت أتوقف عن ممارسة هذه التقنيات لفترة، كنت أتبع نفس المبدأ؛ إذ أبدأ بخطواتٍ صغيرة وأعيد بناء روتيني تدريجياً.
الحفاظ على مستويات الطاقة الذهنية على مدار اليوم
لقد أدركت مدى أهمية دمج جرعات صغيرة من تقنيات الترسيخ في حياتي اليومية. يمكن تشبيه هذا الأمر بالحرص على إبقاء خزان الوقود في السيارة ممتلئاً؛ إذ يفضل بعض الناس الانتظار حتى يصل مستوى الوقود إلى حد متدنٍّ كربع الخزان، بل وقد يستمرون في القيادة حتى اقتراب نفاد الوقود بالكامل.
أما بالنسبة لي، فإنَّ الحفاظ على مستويات مرتفعة من الطاقة الذهنية يتطلب أن يكون مخزوني قريباً من الامتلاء قدر الإمكان على مدار اليوم؛ لأنَّ انتظار نفاد هذه الطاقة، يمكن أن يسبب تحديات كبيرة.
لذا، أُعطي الأولوية لتجديد طاقتي قبل أن تتدهور، من خلال ممارسة تمارين ترسيخ قصيرة في أوقات مختلفة طوال اليوم. ساعدتني هذه العادة في الحفاظ على توازني وتركيزي، كما أثبتت جدواها في تخفيف الضغط النفسي وتعزيز سلامتي وعافيتي تعزيزاً ملحوظاً.
في الختام
إذا كنت تطمح إلى بدء رحلتك نحو النمو الشخصي وتعزيز لياقتك الذهنية، فيُعد البدء بممارسات الترسيخ خطوةً أولى ممتازة. ابدأ بخطوات بسيطة، وخصص بضع دقائق فقط كل يوم لممارسة تمارين الترسيخ.
سواءٌ كان ذلك من خلال التركيز على التنفس الواعي، أو القيام بنزهة قصيرة في الطبيعة، أو تخصيص وقت قصير للكتابة والتعبير عن الذات، فإنَّ هذه الخطوات الصغيرة يمكن أن تضع الأساس لتحقيق تغيير عميق في حياتك.
من خلال البدء الآن، فإنّك لا تستعد لخلوة روحية مؤقتة فحسب، بل تبدأ رحلةً حياتيّةً نحو ذاتٍ أكثر تركيزاً وهدفاً ومرونة.
لقد أحدث دمج تقنيات الترسيخ في حياتي تحولاً جذرياً؛ إذ لم يقتصر تأثيرها على إثراء نموي الشخصي فحسب، بل مكنتني أيضاً من توجيه الآخرين في مساراتهم نحو اكتشاف الذات وتحقيق القيادة الهادفة. ابدأ بخطوة صغيرة اليوم، وانطلق في رحلتك نحو الصفاء الذهني الآن.
أضف تعليقاً