بناء الإقناع - إعداد المناقشات (Making Arguments)

قبل أن نبدأ بتطوير أي إلقاء إقناعي عليك أن تفهم بنية المناقشات وكيف يتم تنظيمها في إلقائك، أي المناشدة العقلانية (logos)، دعنا نرى كيفية العمل:



خطوات المناقشة (Steps of an Argument)

افترض أنك شكلت العبارة التالية: "لدي ثقة أكبر الآن في الإلقاء من ثقتي فيه قبل عام"، فإذا طلب منك أحدهم أن تبررعبارتك، فسيمكنك الإجابة عليه بالطريقة التالية:

أمر الآن بحالات توتر أقل، وأبدو أقل قلقاً عند مواجهة جمهوري، وأنام في الليلة السابقة للإلقاء بشكل أفضل مما اعتدت أن أنام سابقاً، وأحافظ على التواصل العيني مع الجمهور بدلاً من تجنب النظر إليهم مباشرة كما كنت سابقاً في إلقائي الأول، ولم أعد أرخي ثقلي على قدم واحدة ثم أبدل إلى الأخرى، كما أنني توقفت عن اللعب بساعتي، وبدأت باستخدام الإيماءات.

 

إن عبارتك والإجابة عنها تشكلان معاً المناقشة، فقد قدمت الادعاء "لدي ثقة أكبر الآن في الإلقاء" ثم دعمتها بالدليل و بأمثلة من ملاحظاتك الشخصية، (سيكون أرسطو الآن سعيدا!) وتضمن المناقشة على المستوى الأبسط الخطوات الثلاث التالية:

  1. تضع الادعاء.
  2. تقدم دليلاً.
  3. وتظهر كيف يعمل الدليل على إثبات الادعاء.

 

إن الادعاء هو خاتمة المناقشة، وهو العبارة التي تريد أن يصدقها المستمعون، بعض الأمثلة عن الادعاءات:

  • يعتبر إدمان الكحول مرضاً.
  • إن الشيء الأهم الذي يمكنك تعلمه من الجامعة هو كيفية التعلم.
  • أسعار الكتب مرتفعة جداً.
  • تسهل المساعدات المرئية تذكر الأفكار.

 

تعتمد شرعية أي ادعاء على الدليل الداعم له، والدليل هو المادة الداعمة التي تستخدمها لإثبات الفكرة، وعليك كمدافع دعم موقفك بالمناقشات الصحيحة (الشرعية)، أي أنه عليك تقديم أسباباً لمستمعيك لكي يقبلوا بخاتمتك.

 

كان لدى إبراهيم اهتمام خاص ودائم بأية معلومات حول مرض الربو، وذلك لأن أخيه الأصغر عانى منه منذ عمر الخمس سنوات، وقد علم ابراهيم من التقارير التي قرأها وسمعها أن معدلات هجمات الربو تتزايد، وأن المجتمع الطبي مرتبك وقلق بسبب ذلك، قرر ابراهيم التكلم عن هذا الموضوع في إلقاء إقناعي، واستخدم المواد التالية لإعداد فكرته الأولى في الإلقاء:

 

لقد اعتقدتم أن التقدم الطبي سيوقف مرضاً مثل الربو أو سيجعله نادراً على الأقل، ولسوء الحظ فهذا ليس صحيحاً، ففي الحقيقة إن مشكلة الربو تزايدت بشكل كبير خلال العقد الأخير. (يضع الادعاء)

فوفقاً لمقالة كتبت في 16 حزيران 1999 حول سجل الاتحاد الطبي اللبناني، تشير مراكز التحكم في المرض ومنعه إلى تزايد المرض بمعدل 75% في الفترة ما بين 1980– 1994 ولكن هذه حالات شخصية وغير مؤكدة، وإنما تؤكد مراكز التحكم في المرض على أن معدل الحالات المشخصة المتزايدة يقدر بـ 61% بين 1982– 1994، والنتيجة وفقاً لموقع جمعية الرئة اللبنانية الالكتروني هي أن هناك 3.6 مليون شخص مصاب بداء الربو في لبنان. وتقدر الجمعية أيضا أن أكثر من 1400 شخص يموتون الآن بسبب الربو في كل عام, وبالتالي فإن معدل الوفيات تزايد في الفترة بين 1985 – 1995 وهو مقدر بـ 45.3%. (يقدم دليلاً).

تذكر فقط: أن معدل الحالات المشخصة هو 60% في العشرين سنة الأخيرة، وقد تزايد معدل الوفيات إلى أكثر من 45% منذ عام 1985، وكما ترى إن داء الربو هو مشكلة متطورة. (يظهر كيف يعمل الدليل على إثبات الادعاء).

 

لقد اتبع ابراهيم في إلقاءه الخطوات الثلاث في بنية وعرض المناقشة، حيث ذكر أولاً ادعاءه (تزايد مشكلة داء الربو بشكل كبير خلال العقد الأخير)، ثم دعم ادعاءه بدليل من جمعية الرئة اللبنانية وسجل الاتحاد الطبي اللبناني، وأخيراً ركز ابراهيم انتباه المستمعين على الإحصائيات التي أثبتت فكرته.

 

تفنيد المناقشة (Refuting an Argument)

في الإلقاء الإقناعي تشير إلى ادعائك ثم تشرحه، ثم تدعمه بالدليل المناسب، وتلخص بتوضيح كيفية إثبات هذا الدليل لادعائك، وهذه هي كيفية تطوير وتقديم المناقشة الإقناعية. لكن كيف تفند أو تقاوم مناقشة الشخص الآخر؟ إن هذا السؤال مهم لأن المواضيع التي تختارها من أجل إلقاءك الإقناعي ستضعك في جدال وخلاف، حيث أن هناك جانب آخر أو عدة جوانب بالإضافة إلى الجانب الذي تطرحه

.

وقد تختار موضوعاً لأنك قرأت أو سمعت عبارة أنت تعارضها... لذا على المتكلمين الإقناعيين والمفكرين الناقدين معرفة كيفية إثبات المناقشات وكيفية تفنيدها. في كل مناقشة تعمل على تفنيدها، ستحتاج ربما لاستخدام استراتيجية التفنيد (refutational strategy) ذات الأربع خطوات:

  1. اذكر الموقف الذي ستفنده.
  2. اذكر موقفك.
  3. ادعم موقفك.
  4. وضح كيف يضعف موقفك الموقف المعاكس.

 

أصبح أحمد مهتماً بموضوع الطعام المعالج بأشعة غاما، بعد أن سمع زميله يحذر الصف من مخاطر تناول الأطعمة المعالجة بهذه الطريقة، وبعد التحدث بالموضوع قرر أحمد أن المعالجة بالإشعاع هي عملية أمينة ومفيدة، قد طرح المناقشة التالية في إلقاءه. لاحظ التعليقات الجانبية التي تظهر كيفية استخدام أحمد لكل من خطوات التفنيد الأربعة:

إن إحدى الآراء المناهضة للأطعمة المعالجة بالإشعاع هي أنها تضر صحة المستهلك، وقد ادعى البعض أيضاً بأن هذه الأطعمة تصبح إشعاعية النشاط ويمكن أن تؤدي إلى الموت (ذكر الموقف الذي سيفنده).

حسناً قبل أن تسلموا بهذه الادعاءات، دعونا نستبدل الخوف بالحقائق، فبدلاً من أن تضر الإشعاعات بصحة المستهلك فإنها تحميه (ذكر موقف المتكلم).

ففي عام 1992 كتب جيمس ماسون من سجلات الصحة العامة: "تؤكد الأبحاث على مدى أكثر من 40 سنة أن الأطعمة المعالجة بالأشعة والتي تستخدم المصادر المسموح بها لا تصبح إشعاعية النشاط....." (دعم موقفه).

وعلينا كمستهلكين أن تقودنا الحقائق وليست المخاوف، ويثبت الخبراء مع البحث على مدى 40 عاماً وبالإضافة إلى الإحصائيات أن الطعام المعالج بالأشعة لا يضر بصحتك، بل يحميها (ذكر كيف يضعف موقفه الموقف المعاكس).

 

وفي الواقع إن نوعية قراراتنا أو بالأحرى نوعية حياتنا تعتمد على ما نعرفه وعلى كيفية استخدامنا لهذه المعلومات، ويمكنك استخدامخمسة أنواع للمناقشة أثناء اختيارك وتطويرك لأفكار إلقائك، وأثناء تفنيد المناقشات التي تصادفها.

 

 

  1. Mark Twain, Life On The Mississippi (New York:Harper,1917)156.
  2. Thomas Gilovich, How We Know What Isn't So (New York: Free, 1991)6.
  3. Aristotle, The Rhetoric Of Aristotle, Trans. Lane Cooper (New York: Appleton, 1932)220.
  4. For A More Elaborate Discussion Of The Structure Of Argument, See Stephen Toulmin, The Uses Of Argument (New York: Cambridge Up,1974).
  5. Lindsay Wolfgang, ''Burglar Bars,'' Winning Orations, 1998(Mankato, Mn: Interstate Oratorical Association, 1998)22-23.