بحث جديد على الدماغ يؤكد أهمية نوعية التعلم

هناك مجموعة من الأسئلة المتشابهة تقض مضجع كل منظمة وهي: ما الذي ينبغي أن ندرّب الناس عليه؟ كيف يمكن لموظفينا التعلم على الوجه الأمثل؟ كيف نساعدهم على الحفاظ على المعلومات الجديدة؟

هناك عدة إجابات على هذه الأسئلة اعتماداً على الشخص الذي تطرح عليه السؤال. بالتأكيد هناك ممارسات تعد الأفضل مثل تطوير التدريب من خلال وضع هدف نهائي واضح في الحسبان، أو إذا كنت تحاول أن تأتي بقادة محنكين فاحرص أن هناك مسارات واضحة في مكانها المناسب لتنمية القيادة. ومع ذلك، هناك عنصر يعدّ أساسياً أكثر للتعلم-إنه شيء الذي يؤثر في الناس بغض النظر عن الثقافة التنظيمية وفي الأولوية في التدريب أو حتى في نوع التدريب-ألا وهو الدماغ!



إن الدماغ هو الجزء الذي يساء فهمه والأكثر تعقيداً فينا نحن البشر. ولحسن حظنا أن الدماغ من البلاستيك ويتغير باستمرار. ما أعنيه بقولي (من البلاستيك) أي أنه ليس جامداً أو ثابتاً إذ لديه القدرة على التغير والتكيف كأحد نتائج الخبرة.


نحن نعرف هذه الحقيقة منذ زمن ومع ذلك يقدم بحث جديد تحديثاً مثيراً للمعلومات حول هذا الاكتشاف مع تلميحات كبيرة عن تطوير الموهبة. بحسب الوثيقة المعنونة (ينتج دماغ البالغ خلايا عصبية جديدة ويحافظ التعلم الدؤوب على إبقائها حية) اكتشف باحثون من مركز روتجر كيك Rutgers’ Keck Center  لعلم الأعصاب الجماعية بأنه لا يستطيع دماغ البالغ أن ينتج خلايا عصبية جديدة فحسب (في الواقع الآلاف منها يومياً) بل إذا كانت عملية التعلم في مكانها المناسب تبقى هذه الخلايا العصبية حية وحتى أنها تتطور أكثر لتشكل نقاط جديدة للاشتباك العصبي (النقطة التي تنتقل فيها الإشارات الكهربائية من خلية عصبية إلى أخرى)، وهذا ما يجعل الخلايا تندمج مع الدارات الموجودة في الدماغ.


والأهم من ذلك توضح الدراسة أن نوعية التعليم تخلق بالفعل فرقاً كبيراً: " يزيد التعلم من بقاء الخلايا المتولدة حديثاً في منطقة الحُصين في الدماغ طالما تكون تجربة التعلم جديدة ودؤوبة وناجحة"، فماذا يعني هذا لمحترفي التعلم والتطوير؟

  • يجب أن تكرر خبرات التعلم بشكل منتظم: فلا يكفي أن يكون هناك جلسة تدريب أو وقت محدد للتدريب. إن دماغ البالغ يطور باستمرار طرقاً جديدة للتفكير وطرقاً أكثر فاعلية للتصور والعمل والإبداع، ولكن تحتاج عمليات الدماغ هذه إلى أن يتم إذكاءها وتدعيمها من خلال طرق جديدة للتعلم.
  • حمّل الموظفين والقادة المسؤولية: هل لاحظت الكلمة الثانية المتعلقة بنوعية التعلم التي أشارت إليها الدراسة؟ إنها (دؤوب)، فحتى أعظم مبادرة تعلم أو تعليم في العالم تحتاج إلى جهد مستمر من المشاركين لكي تنجح.

لحسن الحظ يعزز هذا النهج الطريقة التي يعمل بها الدماغ؛ فلا ريب مع وجود مستوى التفكير العالي الذي ينهمك به الموظفون فإنه من التحدي أن تخبرهم بأن التعلم لن يكون سهلاً وأن تظهر لهم الصعوبة في تعلم مهارة جديدة خصوصاً إذا كان الأمر مثل القيادة أو بناء علاقات التواصل بين الأشخاص. وبالرغم من ذلك فإن إبقاءهم مسؤولين عن التعلم المستمر وبذل الجهود سيؤتي ثماراً كبيرة.

  • خلق فرص للنجاح: يحتاج التدريب لأن تضع هدفاً واضحاً في الحسبان معوضع مقاييس للنجاح، وبذلك نعود مرة أخرى للتأكيد أن هذا الأمر يؤكد الطريقة التي يعمل بها الدماغ – وهي أن الخلايا العصبية الجديدة تتطور من خلال التدريب الذي يشتمل على عنصر التعلم. إن المقدرة على إنجاز شيء جديد فعلياً من خلال التعلم يعزز المسالك العصبية حديثة التشكل ويفتح طرقاً من أجل تطوير نماذج للتفكير وعادات جديدة أكثر نجاحاً.

إن التدريب وتعليم الكبار ليست شيئاً ينبغي أن تفعله الشركات فحسب بل هو جزء من تكويننا كبشر ويحدث فروقاً هامة في الأعمال اليومية للموظفين والفرق والقادة، وبالتالي فإن ذلك يحدث فرقاً ضخماً في الطريقة الفعلية لأداء منظماتنا.

المصدر
ترجمة: حسن الاشقر
تدقيق: مالك اللحام