الواجبـــــات المنزلية

الحمد لله رب العالمين والصـلاة والســـلام على ســـيدنا محمد وعلى آله وصحبه وســـلم، وبعد فإن مجال التربية والتعليم مفعم بالمشكلات التي تعترض العـاملين في هذا المجال بصـــورة عامة والمُعلِّم بصورة خاصة، والكثير من هذه المشكلات مسـتمرة بينما البعض منها مؤقت، ومن تلك المشكلات التي تتصف بالاستمراريَّة مشكلة أداء الواجب المنزلي.



يُعَدُّ الواجب المنزلي من أصــول التدريـس، وهو عمليَّة تقـويم لأهـداف الدرس ومدى تحققـها ويمكن بوساطته معرفة مواطـن الضـعف والقصـور لدى الطلاب ومن ثم يمكن معالجتها، ومواطـن القوة حتى يتم تعزيزها، وعلى الرغم من أهمـية الواجب المنزلي في تحسين العمليَّة التعليميَّة المدرسيَّة وإثرائها فإن القيام به من قِبَلِ الطـلاب يعتريه عدم الكـمال أو السلبيَّة مما يفقـده الدور الهـادف الذي يعطى من أجله، منمياً لديهم أحياناً عادات غير مستحبة مثل الغش أو الاعتمـاد على الغـير كما هو الحـال عند نسـخ طالب للواجب من دفتر زميل له، أو ميولٍ سلبيَّة تجاه المادة كما هو الحال في تســرب البعض من الحصة، أو قيامهم ببعض أنواع السلوك الصفي المعيق للتعليم.

وهناك اتجـاهان نحو الواجـب المنزلي في الرياضــيات حيث يرى أصحاب الاتجـاه الأول عدم إعطاء الواجبات المنزليَّة في الرياضـيات وأنه ليس هناك ضرورة، لأن يظـل الطلاب مشــغولين بالرياضـيات في المنزل أيضـاً وحجتـهم في ذلك أنه يكفي العمـل التدريســي الجيد داخـل الصف، ويرى أصــحاب الاتجاه الثاني أن التدريس الجيد لا يمكن تصــوره بدون واجب مـنزلي حيث إن الواجـبات المنزليَّة تحـقق أهدافاً تربويَّة لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق الواجب المنزلي وسيتم تفصيلها لاحقا (2، ص 20).
وهذا العمل المـتواضع هو محاولة لتحـديد مظاهر المشـــكلة ومســـبباتها ومحاولة علاجها وذلك من خـلال خـبراتٍ شخصيَّة ومن بعض المراجـع التي تناولت هذا الموضوع، فنرجــو أن تكون ذات فائدة. للمُعلِّم وتعينه على القيام بدوره المناط به.


تعريف الواجبات المنزليَّة:
عـرَّف التعـميـم الـوزاري الـواجـبات المنزليَّة بأنهـا إحـدى وســــائل تعـزيز التعلُّم وقياس العمليَّة التعليميَّة التي يعتمد عليها التقويم في الحكم على مدى تقدم المُتعلِّم ونمو مستواه العلمي، والواجبات المنزليَّة هي تلك الأعمال المُتنوِّعة التي يكلف المُعلِّم طلابه أداءها خارج الصف الدراسي (6، ص 1) وقد عرف كوبر الواجبـات المنزليَّة بأنها مهمات يكلف المُعلِّمـون طـلابهم إنجازها بحيث يطلـب، منهم إنجازها في غير ســـاعات الدوام المدرســـي (5، ص 143). ونحن بدورنا نرى أن الـواجـب المنزلي هو أي نشاط موجه يقوم به المُتعلِّم خارج الصف الدراسي بهدف التمكُّن من المادة العلميَّة.


أنواع الواجبات المنزليَّة:
ورد في التعميم الوزاري أربعة أنواع للواجبات المنزليَّة وهي:

  1. تمرينات أو إعداد مُسبَق لموضوع معين (درس جديد).
  2. واجبات تعتمد على كونها امتداداً لموضوع معين.
  3. واجباتٌ تتكوَّن من تمرينات تساعد الطلاب على التمكُّن من مهاراتٍ معينة.
  4. واجباتٌ إبداعيَّة ويطلب فيها الجمع بين عدد من المفاهيم والمهارات لحل سؤالٍ معين. (6، ص 1 – 2). ويحدد فردريك أنواع الواجبات كما يأتي:
    • واجبات تعطى لممارسة وتطبيق مهارات ومفاهيم تعلمها المُتعلِّم داخل الصف.
    • واجبات تعطى لاكتشاف مفاهيمٍ رياضيَّة جديدةٍ تعطى في درس قادم.
    • واجبات تعطى إثباتاً لصحة نظريَّة ما.
    • واجبات تعطى بصفتها أنشطةٍ معمليَّة.
    • واجبات قرائية لخدمة محتوى الدرس.
    • مشاريع طويلة الأمد مثل تصميم وبناء نماذج رياضيَّة.
    • واجبات تعطى بصفتها تنظيماً مبدئياً لتقدم الطلاب إلى موضوعٍ رياضيٍ غير مألوفٍ يعطى في صفوف أخرى.
    • واجــبات تســــاعد على تنظـيم وتركيـب وتقــويم مجـموعــات من الأفـكار الرياضيَّة وقـد تحـتوي موضــوعات درســت قبل ذلك أو تدرس حاليا أو موضـوعاً غير مألـوف لم يقدم في الصف أو واجبا يحوي مزيجا من الثلاثة معا أو بعضا منها (3، ص 143 – 144). وبدورنا نرى أن أنواع الواجبات المنزليَّة تصنف بحسب الغرض منها إلى:
    • واجـبات مراجــعة للخبرات التعليميَّة السـابقة (مفـاهيم، نظـريات، عـمليات، ………): وذلك بهدف عدم نسيان المُتعلِّم لها أو استخدامها في دروس جديدة أو تهيئة المُتعلِّم لاختبار ما...، وتعطى هذه الواجبات دوريا أو قبل الدرس المتعلق بها.
    • واجــبات لتنمية الخــبرات التعليميَّة الجـديدة في الدرس الحالي: وتعــطى بعد الدرس الجديد.
    • واجبات لتنمية الخبرات التعليميَّة المستقبليَّة: وهى تعطى بصفتها مقدمة لدرسٍ جديد.
    • واجبات لتنمية خبرات تعليميَّة معينة أو مُحدَّدة: وتعطى هذه الواجبات إلى بعض الطلاب المُتميِّزين بهدف الإبداع والابتكار أو تعطى للطـلاب الضـعاف لعلاج خبرة تعليميَّة أو لتنمية مهارةٍ معينةٍ أو لأهداف أخرى.


أهداف الواجبات المنزليَّة:
يُحدِّد فردريك أهدافاً عديدةً للواجب المنزلي ونذكر منها ما يأتي:

  1. مواجهة الأهداف المعرفيَّة المُحدَّدة جزئياً من خلال الواجب.
  2. ممارسة المهارات الرياضيَّة من خلال الواجب والمساعدة على استيعابها.
  3. تساعد على التأكُّد من مراجعة الطلاب لموضوعٍ ووحداتٍ معينة.
  4. تساعد الطلاب على ممارسة المستويات العليا من القدرات (التحليل، التركيب، التقويم).
  5. تساعد على إعداد الطلاب لتقبل دروسٍ جديدة.
  6. تستخدم بوصفها مقياساً لمعرفة مدى تعلم الطلاب.
  7. تستخدم بوصفها تشخيصاً لصعوبات تعلمٍ فرديَّة. (3، ص 142 – 143).

وقد ورد في التعميم الوزاري أن أهمية الواجبات المنزليَّة تكمن في عددٍ من النقاط ومن أهمها:

  • تساعد على تعزيز عمليَّة التعلُّم.
  • تثبت الحقائق والمعلومات التي تعطى للطالب في المدرسة.
  • تتيح للطلاب المتفوقين مزيداً من التعلُّم وللطلاب الضعاف فرصة للتقويَّة.
  • تساعد على ربط المدرسة بالمنزل.
  • تشجع الطلاب على الاعتماد على النفس.
  • تنمي الشعور بالمسؤولية عند المُتعلِّم وتساعده على تنسيق أعماله. (6، ص 1).


وقد أضاف بعض المُعلِّمين في محضر لقاءٍ مدرسي الرياضيات في المرحلة الابتدائيَّة مع موجه المادة في منطقة الزلفي التعليميَّة أهدافاً عديدةً ونذكر منها:

  1. يساعد الواجب على التحصيل والتفوُّق الدراسي للطلاب.
  2. تبعث الاهتمام وروح المنافسة في نفوس الطلاب وتشوقهم إلى المدرسة.
  3. مساعدة الطلاب على استغلال وقت فراغهم خارج المدرسة بحكمة. (1، ص 3).

 
كيفيَّة اختيار تمارين الواجب المنزلي:
على المُعلِّم القيام بالخطوات الآتية لاختيار واجبٍ منزليٍّ للطلاب:

  1. حل جميع التمرينات الموجودة في كتاب المُتعلِّم للاختيار منها.
  2. تحديد السبب أو الهدف من الواجب.
  3. اختيار التمرينات المناسبة التي تحقق الهدف من الواجب.
  4. محاولة إعطاء تمرينات الواجب بحيث تكون مختلفةً في مستوياتها المعرفيَّة.
  5. مراعاة تمرينات الواجب من حيث الكم والكيف والتوازن مع المواد الأخرى.

 

مظاهر المشكلة:
يمكن حصر مشكلة أداء الواجب المنزلي في خمسة مظاهر أساسيَّة وهي:

  • تأخر بعض الطلاب في القيام بالواجب.
  • القيام به بصورة غير كاملة، أو غير دقيقة.
  • نسخه تلقائياً وحرفياً من دفتر زميل آخر (الغش في أدائه).
  • حل تمرينات غير مطلوبة في الواجب.
  • عدم حل تمرينات الواجب على الإطلاق.


بعض العوامل المحتملة التي أدت إلى ظهور المشكلة:

  • تعرُّض المُتعلِّم لمشــكلة أسريَّة، أو شخصيَّة مثل انشـــغاله بواجــباتٍ أسريَّة، أو عدم توافر الظروف المنزليَّة المناسبة للقيام بالواجب، أو الإزعاج الحاصل من الإخوة.
  • طول الواجب من حيث الكم.
  • صعوبة الواجب.
  • روتين الواجب أو عدم أهميته، وذلك نتيجة إعطاء المُعلِّم التلقائي للواجب دون اهتمامٍ بصياغته أو ملاءمته لحـاجات الطلاب، أو عدم الاطلاع عليه وتصحـيحه فيما بعد، وتوجيه الطـلاب من خلاله في الصف.
  • عدم قدرة المُتعلِّم على تنظيم وقته وتوزيعه بشكلٍ سليمٍ ومناسبٍ على الأنشطة اليوميَّة.
  • ميول المُتعلِّم السلبيَّة تجاه المادة نتيجةً لصعوبتها.
  • ميول المُتعلِّم السلبيَّة تجاه المُعلِّم لصفةٍ في شخصيته، أو سلوكٍ يقوم به.
  • عدم امتلاك المُتعلِّم للأدوات والمواد المساعدة على القيام بالواجب مثل الأقلام والأدوات الهندسية.
  • عدم قدرة المُتعلِّم على فهم التعليمات الخاصة بالواجب، وذلك نتيجة لمشكلات صحيَّة (ذكائية أو سمعيَّة…)، أو لسرعة المُعلِّم في إعطاء الواجب، أو لعدم وضوح المطلوب.

 

الحـلول المقترحــة:
بعد قراءة العديد من المراجع (انظر قائمة المراجع) وأخذ آراء بعض المُعلِّمين في الميدان فإننا نوصي بالأخذ بهذه النقاط بوصفها حلولاً مقترحةٍ عند ظهور إحدى المشكلات المُتعلِّقة بالواجب المنزلي:

  • مقابلة المُتعلِّم للتعرُّف على المشـكلات، والصــعوبات الأسريَّة التي تعترضه، ومحاولة حلها إن أمكن ذلك، أو مجرد التعاطف مع المُتعلِّم إن كان الأمر خارجاً عن طاقته.
  • أحياناً يسمح للطلاب بعمل الواجبات في شكل مجموعات صغيرة.
  • التوازن في كميَّة الواجبات المنزليَّة، ومحاولة التنسيق مع المدرسين الآخرين في ذلك.
  • تخصيص درجة مُحدَّدة للواجبات (هذا وقد وضعت وزارة المعارف درجة مُحدَّدة لأداء الواجب).
  • تصـحيح الواجب دائماً مرفقاً بالتوجيـهات المفيدة والمناســـبة، حتى يشـــعر المُتعلِّم بالفائدة من
  • الواجب المعطى له.
  • محاولة أن يتضمَّن الواجب الألعاب المسلية والألغاز والأنشطة العمليَّة قدر الإمكان.
  • تشجيع الطلاب على طرح أسئلة حول تمرينات الواجب.
  • تعليم المُتعلِّم مهارة تنظيم الوقت، وكيفيَّة توزيعه على التزاماته اليوميَّة.
  • محـاولة تعرف المُعلِّم مســـببات ميول المُتعلِّم السلبيَّة تجاه المادة الدراسيَّة أو تجـاه المُعلِّم شخصيا وتغيير هذه المسـببات.
  • مساعدة المُتعلِّم على توفير الأدوات المناسبة لحل الواجب.
  • على المُعلِّم إعطاء لمحاتٍ واقتراحاتٍ للأنشطة والتمرينات الأكثر صعوبة.
  • ترك الحرية أحياناً للطالب في اختيار بعض تمرينات الواجب من بين عدد من التمرينات.
  • إعطاء واجبات معينة لبعض الطلاب حسب قدراتهم ومستوياتهم.
  • تنســيق المُعلِّم مع أســـرة المُتعلِّم بخصوص الواجبات التي يكلفونه القيام بها في المنزل.
  • وضـع خـطةٍ بناءةٍ تنســجم مع حاجات الأســـرة، والواجـبات المنزليَّة، وقـدرة المُتعلِّم، وكفـاءته الذاتيَّة.

 

المشرفان التربويان
حازم بن محمد زكي داغستاني، عبدالعزيز بن بشير المغربي
رجب 1418 هـ

المراجــع:

  • إدارة التعليم بمنطقة الزلفي، محضر لقاء مدرسي الرياضيات بالمرحلة الابتدائيَّة وموجه الرياضيات ـ تعميم برقم 122 / 9 بتاريخ 15 / 3 / 1409 هـ.
  • خليفة عبد السميع خليفة، مُعلِّم الرياضيات، المكتبة الأموية، بيروت، الأولى. 1983 م.
  • فريدريك هـ بل، طرائق تدريس الرياضيات ـ جـ 2 ـ الدار العربيَّة للنشر والتوزيع ـ قبرص ـ الأولى ـ 1986 م.
  • محمد زياد حمدان ـ طرائق منهجيَّة للتدريس الحديث ـ دار التربية الحديثة ـ عمان ـ الاولى 1985 م.
  • هاريس كوبر ـ التأثيرات الإيجابيَّة والسلبيَّة للواجبات المنزليَّة ـ ترجمة خديجة على نقي.
  • مجلة التربية ـ وزارة التربية ـ الكويت ـ 1990 م ـ العدد الخامس ـ السنة الثانية ـ
  • ص ص 141 - 158.

وزارة المعارف ـ نشرة تربويَّة حول الواجبات المنزليَّة ـ تعميم وزاري برقم 32 /7 /1 /31/77 بتاريخ 10 / 2 / 1409 هـ