المعلم وأساليب التدريس



الأهداف

من المتوقع بعد الانتهاء من دراسة هذا الموضوع أن تصبح قادراً على أن

  • تتعرَّف على مفهوم أسلوب التدريس.
  • تتعرَّف على طبيعة أسلوب التدريس.
  • تُميِّز بين أساليب التدريس المختلفة.
  • تُطبِّق أساليب تدريس مناسبة لطبيعة الموضوع الذي تقوم بتدريسه.
  • تكتب تقريرا عن أساليب التدريس الحديثة مستخدماً في ذلك المجلات التربويَّة والمكتبة.
  • تُكوِّن اتجاهاً إيجابياً نحو أساليب التدريس التي تسمح له بتحقيق أهداف الدرس.

مفهوم أسلوب التدريس:
أسلوب التدريس هو الكيفيَّة التي يتناول بها المُعلِّم طريقة التدريس في أثناء قيامه بعملية التدريس، أو هو الأسلوب الذي يتبعه المُعلِّم في تنفيذ طريقة التدريس بصورة تميزه من غيره من المُعلِّمين الذين يستخدمون نفي الطريقة، ومن ثم يرتبط بصورة أساسيَّة بالخصائص الشخصيَّة للمُعلِّم.
ومفاد هذا التعريف أن أسلوب التدريس قد يختلف من مُعلِّم إلى آخر، على الرغم من استخدامهم الطريقة نفسها، مثال ذل أننا نجد أن المُعلِّم (س) يستخدم طريقة المحاضرة، وأن المُعلِّم (ص) يستخدم أيضاً طريقة المحاضرة ومع ذلك قد نجد فروقاً دالة على مستويات تحصيل تلاميذ كلٍّ منهما. وهذا يعني أن تلك الفروق يمكن أن تنسب إلى أسلوب التدريس الذي يتبعه المُعلِّم، ولا تنسب إلى طريقة التدريس لأن لطرائق التدريس خصائصها وخطواتها المُحدَّدة والمتفق عليها.

 
طبيعة أسلوب التدريس:
سبق القول إنّ أسلوب التدريس يرتبط بصورة أساسيَّة بالصفات والخصائص والسمات الشخصيَّة للمُعلِّم، وهو ما يشير إلى عدم وجود قواعد مُحدَّدة لأساليب التدريس ينبغي للمُعلِّم اتباعها في أثناء قيامه بعملية التدريس، ومن ثمَّ فإنّ طبيعة أسلوب التدريس تظلُّ مرهونة بالمُعلِّم الفرد وبشخصيته وذاتيته وبالتعبيرات اللغويَّة، والحركات الجسميَّة، وتعبيرات الوجه، والانفعالات، ونغمة الصوت، ومخارج الحروف، والإشارات والإيماءات، والتعبير عن القيم، وغيرها، تمثل في جوهرها الصفات الشخصيَّة الفرديَّة التي يتميز بها المُعلِّم من غيره من المُعلِّمين، ووفقاً لها يتميز أسلوب التدريس الذي يستخدمه وتتحدد طبيعته وأنماطه.

 

أساليب التدريس وأنواعها:
كما تتنوَّع استراتيجيات التدريس وطرائق التدريس تتنوَّع أيضاً أساليب التدريس، ولكن ينبغي لنا أن نُؤكِّد أنّ أساليب التدريس ليست محكمة الخطوات، كما أنها لا تسير وفقاً لشروط أو معايير مُحدَّدة، فأسلوب التدريس كما سبق أن بينا يرتبط بصورة أساسيَّة بشخصيَّة المُعلِّم وسماته وخصائصه، ومع تسليمنا بأنه لا يوجد أسلوب مُحدَّد يمكن تفضيله عما سواه من الأساليب، كون أنّ مسألة تفضيل أسلوب تدريسي على غيره تظل مرهونة، بالمُعلِّم نفسه وبما يفضله هو، إلا أنّنا نجد أن معظم الدراسات والأبحاث التي تناولت موضوع أساليب التدريس قد ربطت بين هذه الأساليب وأثرها على التحصيل، وذلك من زاوية أن أسلوب التدريس لا يمكن الحكم عليه إلا من خلال الأثر الذي يظهر على التحصيل لدى التلاميذ.

 

أساليب التدريس المباشرة:
يعرف أسلوب التدريس المباشر بأنه ذلك النوع من أساليب التدريس الذي يتكوَّن من آراء وأفكار المُعلِّم الذاتيَّة (الخاصة) وهو يقوم توجيه عمل التلميذ ونقد سلوكه، ويعد هذا الأسلوب من الأساليب التي تبرز استخدام المُعلِّم للسلطة داخل الصّف الدراسي.

حيث نجد أنّ المُعلِّم في هذا الأسلوب يسعى إلى تزويد التلاميذ بالخبرات والمهارات التعليميَّة التي يرى هو أنها مناسبة، كما يقوم بتقويم مستويات تحصيلهم وفقاً لاختبارات مُحدَّدة يستهدف منها التعرُّف على مدى تذكر التلاميذ للمعلومات التي قدمها إليهم، ويبدو أنّ هذا الأسلوب يتلاءم مع المجموعة الأولى من طرائق التدريس خاصة طريقة المحاضرة والمناقشة المقيدة.

 

أسلوب التدريس غير المباشر:
يعرف بأنّه الأسلوب الذي يتمثل في امتصاص آراء وأفكار التلاميذ مع تشجيع واضح من قِبَلِ المُعلِّم لإشراكهم في العملية التعليميَّة وكذلك في قبول مشاعرهم.
أما في هذا الأسلوب فإنّ المُعلِّم يسعى إلى التعرُّف على آراء ومشكلات التلاميذ، ويحاول تمثيلها، ثم يدعو التلاميذ إلى المشاركة في دراسة هذه الآراء والمشكلات ووضع الحلول المناسبة لها، ومن الطرائق التي يستخدم معها هذا الأسلوب طريقة حل المشكلات وطريقة الاكتشاف الموجه.

 

المُعلِّم ومدى استخدامه للأسلوب المباشر والأسلوب غير المباشر:
وقد لاحظ "فلاندوز" أنّ المُعلِّمين يميلون إلى استخدام الأسلوب المباشر أكثر من الأسلوب غير المباشر، داخل الصف، وافترض تبعاً لذلك قانونه المعروف بقانون (الثلثين) الذي فسره على النحو الآتي "ثلثا الوقت في الصف يخصص للحديث وثلثا هذا الحديث يشغله المُعلِّم وثلثا حديث المُعلِّم يتكوَّن من تأثير مباشر" إلا أنّ أحد الباحثين قد وجد أنّ النمو اللغوي أو التحصيل العام يكون عالياً لدى التلاميذ اللذين يقعون تحت تأثير الأسلوب غير المباشر، موازنة بزملائهم الذين يقعون تحت تأثير الأسلوب المباشر في التدريس.
كما أوضحت إحدى الدراسات التي عنيت بسلوك المُعلِّم وتأثيره في تقدم التحصيل لدى التلاميذ، أن أسلوب التدريس الواحد ليس كافياً، وليس ملائماً لكل مهام التعليم، وأن المستوى الأمثل لكل أسلوب يختلف باختلاف طبيعة ومهمة التعلُّم.

 

أسلوب التدريس القائم على المدح والنقد:
أيدت بعض الدراسات وجهة النظر القائلة إن أسلوب التدريس الذي يراعي المدح المعتدل يكون له تأثير موجب على التحصيل لدى التلاميذ، حيث وجدت أن كلمة (صح)، ممتاز شكراً لك، ترتبط بنمو تحصيل التلاميذ في العلوم في المدرسة الابتدائية.
كما أوضحت بعض الدراسات أن هناك تأثيراً لنقد المُعلِّم في تحصيل تلاميذه فلقد تبين أن الإفراط في النقد من قِبَلِ المُعلِّم يؤدي إلى انخفاض في التحصيل لدى التلاميذ، كما تقرر دراسة أخرى أنّه لا توجد حتى الآن دراسة واحدة تشير إلى أن الإفراط في النقد يسرع نمو التعلُّم.
وهذا الأسلوب كما هو واضح يرتبط باستراتيجيَّة استخدام الثواب والعقاب.

 

أسلوب التدريس القائم على التغذية الراجعة:
تناولت دراسة عديدة تأثير التغذية الراجعة في التحصيل الدراسي للتلميذ، وقد أكَّدت هذه الدراسات في مجملها أنّ أسلوب التدريس القائم على التغذية الراجعة له تأثير دال موجب على تحصيل التلميذ. ومن بين هذه الدراسات دراسة (ستراويتز) التي توصلت إلى أنّ التلاميذ الذين تعلموا وفق هذا الأسلوب يكون لديهم قدر دال من التذكر إذا ما ووزنوا بزملائهم الذين يدرسون بأسلوب تدريسي لا يعتمد على التغذية الراجعة للمعلومات المُقدِّمة.
ومن مميزات هذا الأسلوب أنّه يوضح للتلميذ مستويات تقدمه ونموه التحصيلي بصورة متتابعة وذلك من خلال تحديده لجوانب القوة في ذلك التحصيل وبيان الكيفيَّة التي يستطيع بها تنمية مستويات تحصيله، وهذا الأسلوب يعد أبرز الأساليب التي تتبع في طرائق التعلُّم الذاتي والفردي.

 

أسلوب التدريس القائم على استعمال أفكار التلميذ:
قسم "فلاندوز" أسلوب التدريس القائم على استعمال أفكار التلميذ إلى خمسة مستويات فرعية نوجزها فيما يأتي:

  • التنويه بتكرار مجموعة من الأسماء أو العلاقات المنطقية لاستخراج الفكرة كما يعبر عنها التلميذ.
  • بإعادة أو تعديل صياغة الجمل من قِبَلِ المُعلِّم والتي تساعد التلميذ على وضع الفكرة التي يفهمها.
  • استخدام فكرة ما من قِبَلِ المُعلِّم للوصول إلى الخطوة الآتية في التحليل المنطقي للمعلومات المعطاة.
  • إيجاد العلاقة بين فكرة المُعلِّم وفكرة التلميذ عن طريق مقارنة فكرة كل منهما.
  • تلخيص الأفكار التي سردت بوساطة التلميذ أو مجموعة التلاميذ.

 
أساليب التدريس القائمة على تنوع وتكرار الأسئلة:
حاولت بعض الدراسات أن توضح العلاقة بين أسلوب التدريس القائم على نوعٍ معين من الأسئلة وبين تحصيل التلاميذ، حيث أبدت نتائج هذه الدراسات وجهة النظر القائلة إنّ تكرار توجيه الأسئلة إلى التلاميذ يرتبط بنمو التحصيل لديهم، فقد توصلت إحدى هذه الدراسات إلى أنّ تكرار الإجابة الصحيحة يرتبط ارتباطاً موجباً بتحصيل التلميذ.

ولقد اهتمت بعض الدراسات بمحاولات إيجاد العلاقة بين نمط تقديم الأسئلة والتحصيل الدراسي لدى التلميذ، مثل دراسة "هيوز" التي أجريت على ثلاث مجموعات من التلاميذ بهدف بيان تلك العلاقة، حيث اتبع الآتي: في المجموعة الأولى يتم تقديم أسئلة عشوائيَّة من قِبَلِ المُعلِّم، وفي المجموعة الثانية يقدم المُعلِّم الأسئلة بناء على نمط قد سبق تحديده، أما المجموعة الثالثة فيوجه المُعلِّم فيها أسئلة للتلاميذ الذين يرغبون في الإجابة فقط. وفي ضوء ذلك توصلت تلك الدراسة إلى أنّه لا توجد فروق دالة بين تحصيل التلاميذ في المجموعات الثلاث، وقد تدل هذه النتيجة على أنّ اختلاف نمط تقديم السؤال لا يؤثر في تحصيل التلاميذ. وهذا يعني أنّ أسلوب التدريس القائم على التساؤل يؤدي دوراً مؤثراً في نمو تحصيل التلاميذ، بغض النظر عن الكيفيَّة التي تم بها تقديم هذه الأسئلة، وإن كنا نرى أنّ صياغة الأسئلة وتقديمها وفقاً للمعايير التي حددناها في أثناء الحديث عن طريقة الأسئلة والاستجواب في التدريس، ستزيد في فعاليَّة هذا الأسلوب ومن ثم تزيد في تحصيل التلاميذ وتقدمهم في عملية التعلُّم.

 

أساليب التدريس القائمة على وضوح العرض أو التقديم:
المقصود هنا بالعرض هو عرض المُدرِّس لمادته العلميَّة بشكل واضح يمكن تلاميذه من استيعابها، حيث أوضحت بعض الدراسات أنّ وضوح العرض ذو تأثير فعَّال في تقدم تحصيل التلاميذ، فقد أظهرت إحدى الدراسات التي أجريت على مجموعة من طلاب يدرسون العلوم الاجتماعيَّة. والذين طلب منهم ترتيب فاعليَّة مُعلِّميهم على مجموعة من المُتغيِّرات وذلك بعد انتهاء المُعلِّم من الدرس على مدى عدة أيام متتالية، أنّ الطلاب الذين أعطوا مُعلِّميهم درجات عالية في وضوح أهداف المادة وتقديمها يكون تحصيلهم أكثر من أولئك الذين أعطوا مُعلِّميهم درجات أقل في هذه المُتغيِّرات.

 

أسلوب التدريس الحماسي للمُعلِّم:
لقد حاول العديد من الباحثين دراسة أثر حماسة المُعلِّم بوصفه أسلوباً من أساليب التدريس على مستوى تحصيل تلاميذه، حيث بينت معظم الدراسات أن حماسة المُعلِّم ترتبط ارتباطاً ذا أهمية ودلالة بتحصيل التلاميذ.
وفي دراسة تجريبيَّة قام بها أحد الباحثين باختيار عشرين مُعلِّماً حيث أعطيت إليهم التعليمات بإلقاء درس واحد بحماسة ودرس آخر بفتور لتلاميذهم من الصفين السادس والسابع، وقد تبين من نتائج دراسته أنّ متوسط درجات التلاميذ في الدروس المعطاة بحماسة كانت أكبر بدرجة جوهرية من درجاتهم في الدروس المعطاة بفتور في تسعة عشر صفاً من العدد الكلي وهو عشرون صفاً.
ومما تقدم يتضح أنّ مستوى حماسة المُعلِّم في أثناء التدريس يؤدي دوراً مؤثراً في نمو مستويات تحصيل تلاميذه، مع ملاحظة أن هذا الحماسة يكون أبعد تأثيراً إذا كانت حماسة متزنة.

 

أسلوب التدريس القائم على التنافس الفردي:
أوضحت بعض الدراسات أنّ هناك تأثيراً لاستخدام المُعلِّم للتنافس الفردي كلياً للأداء النسبي بين التلاميذ وتحصيلهم الدراسي، حيث أوضحت إحدى هذه الدراسات أنّ استخدام المُعلِّم لبنية التنافس الفردي يكون له تأثيرٌ دالٌ على تحصيل تلاميذ الصفين الخامس والسادس، كما وجدت تلاميذ الصفوف الخامس وحتى الثامن وذلك إذا ما ووزن بالتنافس الجماعي. ومن الطرائق المناسبة الاستخدام هذا الأسلوب طرائق التعلُّم الذاتي والإفرادي.

 

ملخص:
وفي ضوء ما سبق يتضح لنا أنّ هناك مدلولات واضحة لأساليب التدريس تميزها من غيرها من المفاهيم الأخرى، فقد تناولت الدراسة مدلول أسلوب التدريس على أنّه له عدة صور وأشكال.
أسلوب التدريس المباشر وغير المباشر وأساليب التدريس القائمة على كل من المدح أو النقد، التغذية الراجعة، استعمال أفكار التلميذ، واستخدام وتكرار الأسئلة، وضوح العرض أو التقديم، الحماسة، التنافس الفردي بين التلاميذ.
وفي الغالب فإنّنا نجد أنّ المُعلِّم لا يحدد هذه الأساليب تحديداً مُسبَقاً للسير وفقاً لها في أثناء التدريس، ولكنها تكاد تصل إلى درجات مختلفة من النمطية في الأداء التدريسي، وذلك باختلاف الخصائص الشخصيَّة للمُعلِّمين.

 

ورشة عمل بوصفها تطبيق على (أساليب التدريس):
أخي الكريم والمُعلِّم الفاضل، في ضوء دراستك لموضوع أساليب التدريس أجب عن الآتي:

  • ما مفهوم أسلوب التدريس؟
  • ما الفرق بين طريقة التدريس وأسلوب التدريس؟
  • أي أساليب التدريس تفضل أن تستخدمها في تدريسك لمادتك؟
  • تخير موضوعا من الموضوعات التي تقوم بتدريسها ثم تناول في شرحك له أسلوبا مناسبا ضمن أساليب التدريس التي تناولتها المحاضرة وينبغي لك أن تحدد مدى تأثر مستوى التحصيل لدى الطلاب عقب استخدامك لذلك الأسلوب.

د. صلاح عبد السميع عبد الرازق

المصدر: مجلة المقالات