المستشار الصريح

في أواخر تسعينيات القرن العشرين، ساعدتُ بتأسيس شركة استشارات إدارية تسمى "The Table Group". حيث تقوم بتوفير مجموعة متنوعة من الخدمات لمجموعة واسعة من العملاء و الزبائن في كل المجالات المحترمة التي يمكنك تخيّلها. اعتمدنا منذ البداية نهجاً بسيطاً وغير رسمي لخدمة العملاء مما حقق لنا مستويات مدهشة من الولاء والثقة. يقوم كتابي الجديد"الصراحة الواضحة: الخرافة الاقتصادية حول المخاوف الثلاث التي تُخرّب وفاء العميل Getting Naked: A Business Fable About the Three Fears That Sabotage Client Loyalty" بتفصيل هذا المنهج ويدعو الاستشاريين لإخفاء و التخلص من العديد من السلوكيات والمواقف النموذجية في مجال الاستشارات.



المخاوف الثلاثة:

إن جوهر الخدمة الاستشارية الصريحة تُختصر بقدرة الخبير استشاري على التأثر و كونه مرناً لتحمل مستويات غير مألوفة من التواضع، نكران الذات والشفافية لما فيه خير للعميل. معظمنا يعيش حياته متجنباً المواقف المحرجة والمؤلمة، ولهذا فإنه ليس من المستغرب أننا جميعاً معرّضون للمخاوف الثلاث التي تخرب ولاء العميل:

الخوف من فقدان العمل. القلق حول فقدان أعمال الزبون قد تستدعي استشاريي الخدمة لتجنب عمل الأشياء ذاتها التي تولد في نهاية المطاف الثقة والولاء.

الخوف من الحرج. هو سبب متجذّر في انفسنا، بإمكانه أن يدفع مستشاري الخدمة لحجب أفضل أفكارهم عن العملاء.

الخوف من الشعور أنّهم أقل شأنًا. يحاول الاستشاريون تحقيق والمحافظة على مستوى عال من الأهمية في أذهان العملاء وذلك لتجنب الشعور بعدم الانتماءأو التجاهل.

نجد أن العملاء يهتمون بالصراحة والتواضع والشفافية أكثر مما يهتموا بالثقة والسلطة والكمال. هذا لا يعني أن الكفاءة ليس لها علاقة بالموضوع – يجب أن يعرف العملاء أنه لدينا المعرفة والخبرة اللازمة لمساعدتهم. ولكن بمجرد أن نصل لهذه المرحلة، فإن أفضل طريقة لتمييز أنفسنا عن المنافسة - ناهيك عن مساعدة العميل لتطبيق الأفكار التي نوصي بها - هو أن نكون متمتعين بالليونة.

اللين هو عكس القساوة و القهر. إنها الصدق والثقة. إنها بمواجهة والتغلب على هذه المخاوف ونرتاح بكوننا صريحين وبأننا نتمكن من كسب هذا النوع من الثقة الذي يخلق الولاء مع العملاء.

المستشار الصريح:

ماذا يعني أن تكون صريحاً في الحياة العملية؟ يطرح الاستشاريون الصريحون للعملاء بمعلومات ووجهات نظر الصعبة (بلطف)، حتى إن لم يُرد العميل سماع ذلك. يسأل المستشارون الصريحون أسئلة غبيّة عن قصد ويقترحون اقتراحات غبية أيضاً، لأنه إذا كانت هذه الاقتراحات والأسئلة الغبية تساعد العميل بطريقة او بأخرى فإنها تستحق ان نشعر بالحرج. يعترف هؤلاء المستشارون أيضا بنقاط ضعفهم ويحتفلون بأخطائهم. حتى قبل أن يستقروا على أحد العملاء، فإن المستشار المجرد يُظهر ضعفه و يوضح مرونته و يقوم بالمجازفات. و يتخلّون عن أفضل أفكارهم و يبدئون عملية الاستشارة مع العملاء المحتملين حتى خلال مكالمة المبيعات. في الواقع لا يبيعون أي شيء على الإطلاق، إنهم يمضون في هذا النشاط لإيجاد طريقة لمساعدة الزبون حتى لو لم يصبح زبونهم بالفعل.

قد لا يصلح الجميع أن يكونوا مستشارين صريحين. فهذا الأمر يتطلب مستويات عالية من احترام الذات، والتواضع، والشجاعة حيث لا يهتم جميع المستشارين بالتمتع بهذه الصفات. ومع ذلك يمكن لأي شخص ممارسة هذا النهج بنجاح إذا كان مستعداً لوضع الأنانية والخوف جانباً.

النتائج

وإذا بدا هذا كله بديهياً أو حتى مجنوناً، فهذا لأنه بالفعل كذلك, على الأقل بالنسبة للكثير من المستشارين. لكن المكافآت كبيرة. سيجد الاستشاريون الممارسون للنهج الصريح أنه من السهل الاحتفاظ بالعملاء إذا كان هناك قدر أكبر من الثقة والولاء. و هذا يسمح للشركات بأن تكون أكثر انفتاحاً، اكثر سخائاً وأقل يأساً في عملية البيع، وهذه هي الاختلافات بينها و بين نهج البيع التقليدي.

حتى خارج واقع وعالم العملاء والزبائن، فإن كون الإنسان صريحاً و مجرداً له فوائده ومزاياه. عندما نكون اصحاب ليونة مع الناس الذين نعيش ونعمل معهم بشكل يومي، فإننا نبني علاقات أقوى معهم، نظهر ثقتنا بهم، ونقوم بإلهامهم على التحسن عبر كونهم مرنين أيضاً. وهذا بالتأكيد يستحق أن نكون صريحين لأجله.

 

المصدر

ترجمة مالك اللحام