الشروع بالعمل الاستشاري: المخاطر الانفعالية التي لا يتحدثُ أحدٌ عنها الجزء الثاني

تحدثنا في المقالة السابقة عن أول مأزق انفعالي يحدث عند بداية العمل الاستشاري، حيث نكمل البقية في هذه المقالة.

المأزق الانفعالي رقم #2

ماذا يحدث عندما تكون على وشك الوصول إلى زبونك الأهم الأول؟
بدايةَ، تطل قاعدة مبدأ 20\80 (80% من النتائج سببها 20% من الأسباب) برأسها القبيح. بمقدورك القيام بكل ما هو ممكن، لكن في حين أن الأطراف الأخرى معنية على الدوام (الزبون، الموارد المالية للزبون، المنافسون... والقائمة تطول وتطول) يمكنك التأثير بحوالي 20% من القرار النهائي. (هذا ليس صحيحاً على الدوام، لكن في المهام المعقدة هذا هو الحال في كثير من الأحيان).



يمكن أن تقوم بكل شيء على أكمل وجه....ولا تزال لم ترسوا على عمل. في حالتي، قبل أيام فقط من إبرام الاتفاق مع زبوني أبلغني بأنهم لن يتمكنوا من المضي قُدماً. انهرت فعلا على الأريكة وبكيت – كنت مرهقا جسدياً وعقلياً وعاطفياً. أمضيتُ ستة شهور في محاولة إبرام الصفقة.. لكن دون جدوى.

لا أحد يؤهِلُكَ للألم الانفعالي الذي ستواجهه أو بالشكوك الذاتية التي لا مفرَ منها. (ناهيكَ عن ذكر الأصدقاء والعائلة – بالطبع -- الذين يقولون: "هل أنت متأكد بأن هذا هو خط العمل الصحيح بالنسبة لك؟" أو" ألا يجدرُ بك البحث عن شيءٍ ما أكثر ثباتاً؟"

إن إيجاد زبونك الأهم الأول هو أمرٌ شاق. وإن التعامل مع الإرهاق النفسي الناجم عن الفشل في التوصل إلى زبونك الأهم الأول هو أمر أكثر صعوبةً. كن على علمٍ بذلك واعمل على تقبله. تعلم من كل محاولة فاشلة. لأنه في الوقت المناسب، سترسو على زبونك الأول - وحينها ستنسى جُلَّ الألم الذي عانيتهُ.

(حسناً، قد لا تنسى بالفعل... لكن سيبدو كل نضالك السابق أمراً يستحق العناء).

 

3. التحدي المتمثل في بناء العلاقات... والحفاظ عليها.

يمكن أن تكون العلاقات الشخصية معقدةً للغاية خاصةً عندما يتعلق الأمر بكونك استشارياً.

غالباً ما انصحُ زبائني- وزملائي الاستشاريين - بالتفكير ملياً قُبيلَ إبرام العمل مع الأصدقاء والعائلة. إنها دائما ما تكون فكرةً سيئةً: الأمر الذي يُتيح فُرصا أكبر لخيبات الأمل، بل ولفقدان هذهِ العلاقات.

لكن الأمر مُغرٍ أيضاً. فمن يعرفُك على نحوٍ أفضلَ من عائلتك وأصدقائك؟ فهم المرشحين المنطقيين  ليصبحوا زبونك المحتمل.

الذي يؤدي بدورهِ إلى...


المأزق الانفعالي رقم #3

التحدي المتمثل بتقديم الاستشارة للأصدقاء والعائلة... وما الذي يحدث عند نهاية الارتباط

يعد الارتباط أمراً مُعقداً، ولكن إنهاء هذا الارتباط قد يكون أكثر تعقيداً. ما الشيء المرجو القيام به وراء التعاقد معك؟ كيف قمت بذلك؟ هل كُلِلَ الأمر بالنجاح؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، هل كان هذا خطأُك؟ إذا لم ينتهي المشروع –لأي سببٍ كان—كما كنت تأمل، كيف يمكنك الحفاظ على علاقاتك القائمة؟

ماذا يحدث لذلك؟

إذا سارت كل الأمور بشكلٍ مثالي إنها ببساطة مسألةُ وقتٍ للمضي قُدُماً، وقد تغدو علاقاتك الآن أقوى من ذي قبل. لكن، نظراً لوجودِ عددٍ من القضايا والنتائج في حالة تغيرٍ مستمر على الدوام تقريباً، قد يكون هُناك بعض المشاعر العالقة—ولا تكون جميعها إيجابيةً.

بغض النظر عن مدى ثقتك بنفسك، فإنهُ من الطبيعي أن تتساءل قُبيل أن يُشرف مشروعك على الانتهاء ما إذا كنت قد أبليتَ حسناً. (دائماً ما يسألُ أُناسٌ من المستوى الرفيع أنفسهم هذا السؤال).

بل من الطبيعي جداً أن تتساءل ما إذا قُمتَ بواجبك حقاً تجاه صديقك أو أحد أفراد عائلتك. ومن الطبيعي لهؤلاء الأشخاص أن يتساءلوا بدورهم إذا ما قُمت بادخار أدنى جهدٍ ممكن لمساعدتهم. بعد كل شيء، أنتم عائلة واحدة،  أكان لا يجدُرُ بكَ بذل هذا المجهود المضاعف الإضافي؟

بغض النظر عن مدى صعوبة المحاولة في أن تكون موضوعياً ومهنياً معاً، إن العمل لحساب الأصدقاء والعائلة يجعلك عرضةً للمشاعر الحرجة في أحسن الأحول. واعلم أن المضي بالأمر... أو الأفضل عدمه، تجنب الأخذ بزمام هكذا مشاريع، وخاصةً إذا كانت علاقاتك الشخصية ذات أهميةٍ بالنسبة إليك. (ألا يجدر بها أن تكون دائماً كذلك؟).

خُلاصة القول: إن العديد من المزالق الانفعالية التي نواجهها كاستشاريين هي شبيه إلى حدٍ بعيد بالمزالق الانفعالية التي نواجهها في العلاقات. إنه عمل لكنهُ ذو طابع شخصي أيضاً—لأنهُ، في نهاية المطاف، أنت من تكون على المحك: مهاراتك، خبرتك، وبراعتك.

إن زبائنك يتعاقدون معك لثقتهم بك - وأنت بطبيعة الحال تسعى لتحقيق النجاح لهم. لذلك ستأخذ الأمر على نحوٍ شخصي. بل يجدرُ بك أخذهُ على هذا النحو.

اعلم أن المضي في الأمر- ومن ثمَّ العمل بجد لكي تنتزع ثقة زبائنك التي وضعوها بك، يجعل من صراعاتك الانفعالية التي قد تتعرض لها جديرة بالاهتمام كلياً.

المصدر
ترجمة: مجد الدين شمس
تدقيق: مالك اللحام