الحواجز النفسيَّة للتعلُّم الإلكتروني وكيفيَّة التغلُّب عليها

إنّ مسألة التعليم في المقام الأول هي مسألة شخصيَّة نفسيَّة، فالطالب لا يستطيع أن يبدع ولا أن يتلقى المعلومة وتبقى في ذهنه إذا كان هناك مشاكل وضيق وتوتر نفسي، هذه المشاكل تظهر بشكلٍ أوضح في التعليم الإلكتروني لأنّ الطالب يجلس وحده ويتعلَّم دون تفاعل شخصي مباشر في أثناء العمليَّة التعليميَّة. كيف يتم التغلُّب على العقبات والصعوبات النفسيَّة؟ هذا ما يناقشه هذا المقال المترجم.



يشهد التعلُّم الإلكتروني إقبالاً متزايداً من طرف مستعملي الإنترنت، رغبةً في الاستفادة من الفرص المتاحة للتعلُّم دون الحاجة إلى الانتقال إلىالجامعة، وبأقل التكاليف مقارنة مع التدريب المستمر في المدارس الخاصة. لكن وعلى الرّغم من كثرة الإقبال على هذا النمط من التعليم، فنسبة (10%) فقط ممّن يسجلون أنفسهم في الدورات التكوينية الإلكترونيَّة، يكملون حتى نهاية الدروس، على الرّغم من أنّهم يبدون حماسةً كبيرةً في المراحل الأولى. هذا المعطى يجعلنا نتساءل عن الأسباب التي تدفع الناس إلى الانسحاب، وعن السّبل الكفيلة بمواجهة هذه الحواجز النفسيَّة التي تمنعهم من استكمال الدروس الإلكترونيَّة المفتوحة على الويب؟

  1. الحواجز النفسيَّة للتعلُّم الإلكتروني


تمر كل تجربة تعلم جديد من عدة مراحل يمكن تلخيصها حسب سيثكودان (Seth Godin)في البيان الآتي:
في البداية، تكون تجربة التعلُّم الجديدة ممتعة ويشعر المُتعلِّم بالحماسة والدافعيَّة، لكن سرعان ما يتبدد هذا الإحساس ليحل محله شعور بالإحباط ناتج عن إدراك المُتعلِّم للفجوة بين النتائج المرجوة وبين ما هو قادرٌ على تحقيقه فعلياً. هذا الشعور المحبط أو ما يسمى بالحاجز النفسي للتعلم، هو الذي يؤدي بالشخص إلى الانسحاب من تجربة التعلُّم قبل إتمامها.

الفكرة نفسها يُوضِّحها الكاتب جوش كوفمان (Josh Kaufman) في كتابه: (The first20 Hours: How to learn anything fast) بقوله: (عقولنا تميل إلى تصديق ما نعدُّه حقائق ومسلمات في الوقت الراهن، وسيستمر كذلك في المستقبل).

إنَّ العائق الحقيقي أمام اكتساب كفايات ذات صبغة تقنية ليس بالضرورة ذا طبيعةٍ تقنية، لكنّه في الدرجة الأولى عائقٌ نفسي ناتجٌ عن الرّغبة في التخلص من الشّعور بعدم الارتياح المرافق لمرحلة بناء التعليمات. لذلك فكل تعليم إلكتروني فعَّال، لابد له من أن يضع في الحسبان البعد النفسي لهذه المرحلة.

 

  1. طرائق فعَّالة لتجاوز الحواجز النفسيَّة للتعلُّم الإلكتروني
    • التحديد السليم للتوقعات
      رغبة في تسويق منتوجهم التعليمي، يلجأ أصحاب المنصات التعليميَّة إلى إيهام الناس بأنّ منتوجهم الإلكتروني لا يتطلَّب مجهوداً استثنائيا، أو حيزا مهما من أوقاتهم. غير أنّ هذه السياسة التسويقية، غالباً ما تكون لها نتائج عكسية حين يبدأ المستفيدون في اختبار الصعوبات المرافقة للتعلم، أو حين يبدأ الحاجز النفسي بالتشكل. وتفادياً للوقوع في هذا الموقف، يجب وضع المُتعلِّم في الصورة، ليدرك ما هو مقبل عليه من إحساس بعدم الارتياح والإحباط خلال المرحلة الأولى من مراحل التعلُّم الإلكتروني، ويعدُّه إحساساً طبيعياً وليس بالضرورة مرادفا للإخفاق.
    • استعارة مبادئ اللعب Gamification
      كلُّ من جرب ألعاب الفيديو من قبل، يعلمُ جيداً عدم وجود كلمة الإخفاق في قاموس اللاعب، فاللاعب يتمتع بعدد لا حصر له من الفرص إلى غاية التمكن من اللعبة وتحقيق النجاح.
      إنّ إدماج مبادئ اللعب في مخططات التعليم الإلكتروني، سيجعل المستفيدين يشعرون بالتحدي ويقوي رغبتهم في الوصول إلى المراحل النهائية، تماماً كما في ألعاب الفيديو. فكلنا نعلم أنّ الألعاب كلما ازدادت صعوبةً ازدادت رغبة الشخص في ممارستها على العكس من المواد والاختبارات الدراسيَّة.
    • بناء الحافزية لدى المُتعلِّم
      يميل الناس إلى تحمل أعباء التعلُّم مهما كانت طبيعتها شريطة أن يكون لذلك وقع إيجابي على حياتهم. وبناءً على ذلك، ولإنجاح التعليم الإلكتروني وضمان استمرار المُتعلِّمين إلى نهاية الدروس الإلكترونيَّة المفتوحة، يجب على المُدرِّب أو المُدرِّس تحفيز المُتعلِّمين بتذكيرهم بالآثار الإيجابيَّة لهذه الأخيرة على مختلف مجالات حياتهم الشخصيَّة، وذلك خلال جميع مراحل الدورة التكوينية.
      إنّ التخطيط الجيد للبرنامج التعليمي الإلكتروني، والتصميم المشوق للمحتوى، والذي يضع في الحسبان البعد النفسي، كلها أشياء كفيلةً بجعل التعليم الإلكتروني أكثر فاعليَّةً وسهولة، ودفع المزيد من الأشخاص إلى الانخراط الإيجابي في مسيرة التطوُّر التكنولوجي والاستفادة من الإمكانات الهائلة المتاحة في هذا المجال.

 

 المصدر
بعد قراءتنا لهذا المقال المختصر، نجد أنّ أهم الحلول للتغلُّب على العوائق النفسيَّة تكمن في تصميم المنهج التعليمي نفسه، وجعل منصة التعليم أكثر تفاعلاً مع الطالب وأكثر إثارة من حيث التصميم والشكل، فإذا كان تصميم التدريب مشوقاً وممتعاً وأقرب إلى اللّعب فستكون النتائج جيدة.

هذا وقد أغفل الكاتب الدور المهم للأستاذ في تشجيع الطالب وجعله أكثر حماسةً من خلال إشراف الأستاذ على الطالب بشكلٍ مباشر أو غير مباشر