التفاعل الدينامي بين شخصية المعلم وشخصية التلميذ

يعد تباين المعلمين في صفاتهم وخصائصهم الشخصية مدعاة إلى إثارة مناخات صفية مختلفة لدى تفاعلهم وتواصلهم مع طلابهم، ويبدو أن التباين من حيث الاتجاهات والقيم وخصائص الشخصية أكبر مدى من التباين في القدرات العقلية والمتغيرات المعرفية، وذلك نظراً لارتباط الأولى بالجانب الانفعالي (بتصرف، 9: 236) وهذا ما يقتضي أهميته لدراسة أثر هذا التباين على التلاميذ.



لقد أوردت كثير من الدراسات أدوار المعلم باستفاضة (1)،(6)،(2)،(9)، (7)،(15) ولكن يبقى هناك دور للمعلم شديد الأهمية، ألا وهو دور المعلم كمربي للشخصية ( 2: 28) ، فالمتوقع من المعلم أن يهتم بإنماء شخصية التلميذ من الجوانب الانفعالية والخلقية والسلوكية والدينية فضلاً عن إنمائها من الناحية الأكاديمية والمعرفية،(بتصرف ، 2 :281) ، فالمعلم يقوم بدور إرشادي وتوجيهي ووقائي وعلاجي في آن واحد(2 :282) ، لأن التلاميذ يفضلون بعض الخصائص الانفعالية للمعلمين كالود والتعاطف على بعض الخصائص المعرفية والأكاديمية كالمهارة في التدريس (بتصرف، 9 :238).

ولقد بينت بعض الدراسات أن تلاميذ المعلمين المتصفين بالاتزان الانفعالي، يظهرون مستوى من الأمن الانفعالي والصحة النفسية أعلى من المستوى الذي يظهره تلاميذ المعلمين المتسمين بالتوتر وعدم الاتزان، كما أن التلاميذ الذين يتولى تعليمهم معلمون عقابيون يظهرون سلوكاً عدوانياً وعدم اهتمام بالتعلم والموضوعات المدرسية، وذلك في حال مقارنتهم بالتلاميذ الذين يقوم بتعليمهم معلمون غير عقابيين أو متسامحين (237:9)

ومن هنا وبنظرة سريعة إلى تعريف التعلم الفعال نجده باختصار هو العملية التي توجد علاقة فعالة مؤثرة ومتنامية نمو متسقاً مطرداً بين المعلم وطلابه (2 :199) إذن، المعلم الفعال هو المعلم "الإنسان" الذي يتصف بما تنطوي عليه هذه الكلمة من معنى، إن المعلم الإنسان هو المعلم القادر على التواصل مع الآخرين والمتعاطف والودود والصادق والمتحمس والمرح والديمقراطي والمتفتح والمبادئ والمتقبل للنقد وللآخرين (9 :139). أو بعبارة أخرى هو الذي يحظى بقدر جيد من التوكيدية Assertiveness.

  • أستاذ مشارك -قسم علم النفس-كلية التربية-جامعة الملك سعود.
  • الرقم الأول يشير إلى المرجع، والرقم الثاني يشير إلى رقم الصفحة.

وهذا ما دعا باربرا كلارك (Barbara Clarck,1985) من جامعة كاليفورنيا إلى الدعوة إلى تفعيل التعليم وتقديم أنموذجاً تربوياً متكاملاً في غرفة الصف، يستند إلى سبع مفاتيح، عنونت المفتاح الأول "البيئة التعليمية الاستجابة"The Responsive Learning وذلك لإيجاد مناخات اجتماعية وانفعالية وفيزيائية للموقف التربوي تستند إلى تفعيل الدور غير الأكاديمي للمعلم وكذلك إشراك الوالدين في العملية التربوية (5 :73) وهذا ما يعطي أهمية للتركيز على خصائص شخصية المعلم ودينامية تفاعلها مع تلاميذه "فكثيراً ما يتمثل التلاميذ العديد من صفات معلميهم(2 :282).

هدف الدراسة:

لا تسعى هذه الورقة لتأكيد ما انتهى إلى تأكيده التراث التربوي، من أهمية المدرسة والأدوار التي يمكن أن تقدمها، ولكن هذه الورقة تتناول المدرسة على أنها من أهم عوامل "الحراك الاجتماعي" Social Mobility (13: 136) ولهذا فسوف يتم إلقاء الضوء على واحدة من أهم التفاعلات الاجتماعية والنفسية للبيئة التعليمية، ألا وهي العلاقة النفسية (الانفعالية) بين المعلم والتلميذ، وتهدف هذه الدراسة إلى التعرف على ديناميات التفاعل بين شخصية المعلم وشخصية التلميذ وسيكون مدخل الورقة هو إلقاء الضوء على الفصل الدراسي.

 

إعداد: د. صلاح الدين عبد القادر محمد: أستاذ مشارك – قسم علم النفس – كلية التربية: جامعة الملك سعود – الرياض.

الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية (جستن)

كلية التربية – جامعة الملك سعود – الرياض

اللقاء السنوي الثالث عشر