التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني

 

يتحدث الدكتور نبيل جاد عزمي عن المبادئ النظرية الاساسية في التعليم الالكتروني، حيث طرح المكونات الاساسية لهذا التعليم في مقالته التالية.



عندما طلب مني القائمون على أمر هذه المجلة "مجلة التعليم الإلكتروني" أن أكتب مقالاً للنشر في المجلة، أطلعت على موقعها، وأدركت أن الأمر يستحق. فالمجلة راعت في شكلها ومضمونها معايير متميزة للعرض والتشويق والفائدة، فتصميمها يتميز بالألوان المتناسقة شكلاً وخلفية، كما أن تنسيق مساحات الصفحة الرئيسية وكل الصفحات المرتبطة يتميز بالوضوح، والفاعلية، والتجول اليسير فيما بين مكوناتها المتميزة. أما مضمون ومحتويات المجلة في أعدادها السابقة يتميز بالثراء والغنى في الموضوعات التي يطرحها، والتقنيات التي يستعرضها للقراء، والتي تشكل روافد متعددة تدعم الجهود الخاصة بتطوير التعليم الإلكتروني في الوطن العربي.

وعندما فكرت في موضوع يهم القراء الذين أثق بتميزهم واهتمامهم بكل ما يتعلق بالتعليم الإلكتروني، وأدواته، وبيئاته المتنوعة، وأساليب تقديم المحتوى الإلكتروني، وتقييم المتعلمين ضمن هذه البيئات، بل وتقييم بيئات التعليم الإلكتروني في حد ذاتها؛ عندها قررت أن لا أنطلق مواكباً لكل ما هو مميز ومتوهج في التقنيات التي تتوالي وتتطور يوماً بعد الأخر، وقررت أن أسير في الاتجاه العكسي حتى أعود للنظرية ولا أساير التطبيق. 

فما هي النظرية؟ وما هو التطبيق؟

النظرية التي نقصدها هنا هي التعليم عن بعد، أما التطبيق فهو التعليم الإلكتروني، وقبل أن نساير التطبيق في توسعه وتمدده، فلابد لنا من تفهم النظرية، واستيعاب جوانبها بغرض الوصول إلى أفضل التطبيقات المناسبة لما نخطط له من تعليم إلكتروني.

والمقال الحالي سوف يتناول بشيء من الإيجاز "مفهوم التعليم عن بعد Distance Education" حيث يعرف "التعليم عن بعد" بأنه: "تعليم نظامي منظم تتباعد فيه مجموعات التعلم وتستخدم فيه نظم الاتصالات التفاعلية لربط المتعلمين والمصادر التعليمية والمعلمين سوياً". 

وهنــــــــــــــــــــــــــــــاك أربعة مكـــــــــــونات أســـــــــــــاسية لهذا التعريف:

 

المكون الأول: أن "هذا النوع من التعليم يقوم على فكرة المؤسسات النظامية"، وهذا ما يميز مفهوم التعليم عن بعد عن مفهوم التعلم الذاتي، أو الدراسة المستقلة، والمؤسسات المشار إليها في التعريف قد تكون مدارس، أو كليات، أو جامعات، أو معاهد تدريب. وبالرغم من هذا يزداد عدد المؤسسات غير التقليدية التي تقدم تعليماً أو تدريباً عن بعد للملتحقين بها؛ فعديد من الشركات التجارية ومؤسسات إدارة الأعمال تقدم تعليماً وتدريباً عن بعد. ومعظم التربويون والمدربون يؤيدون اعتماد تلك المؤسسات التي تقدم تدريباً أو تعليماً عن بعد وذلك من أجل إضافة المصداقية لهذا النوع من التعليم، ومن أجل زيادة كفاءة التعلم المقدم من خلاله، بما في ذلك إمكانية الحصول على شهادات معتمدة تعليمياً ومؤسسياً.

المكون الثاني: هو مفهوم "التباعد بين المعلم والطلاب"، وقد يظن البعض أن هذا التباعد هو تباعد مكاني فقط؛ فالمعلم يكون في مكان والطلاب في مكان آخر، ولكن هذا المكون يتضمن أيضاً التباعد الزماني بين المعلم والطلاب، فالتعليم غير المتزامن عن بعد يعني تقديم التعليم في وقت ما، واستقباله من جانب الطلاب في وقت آخر، أو في أي وقت يختارونه، وأخيراً؛ فلابد من تحديد واعٍ لدرجة التباعد الزماني أو المكاني بين المعلم والطلاب، وبمعنى أخر؛ فإن المعلمون على علم كامل وتام بالمفاهيم المقدمة في المقرر والتي قد لا يعيها الطلاب، وفي هذه الحالة؛ فلابد أن يكون اختزال التباعد هو هدف وغاية لنظام التعليم عن بعد.

المكون الثالث: وهو "الاتصالات التفاعلية"؛ وهذا التفاعل قد يكون متزامناً أو غير متزامن؛ في نفس الوقت أو في أوقات مختلفة، وهذا التفاعل هام للغاية ولكن ليس على حساب المحتوى التعليمي، وبمعنى أخر؛ فمن المهم أن نوفر تفاعلاً مناسباً للمتعلمين لكي يتفاعلوا مع بعضهم البعض أو مع مصادر التعلم أو مع معلميهم. وإذا كان هذا التفاعل ليس من أولويات التعلم، إلا أنه يجب أن يكون متاحاً للمتعلمين، وشائعاً فيما بينهم، بل ومناسباً للاستخدام، ومتاحاً في أي وقت. ويدل مصطلح "نظم الاتصالات" على الوسائط الالكترونية مثل: التليفزيون والهاتف والإنترنت، ولكنه ليس مقصوراً فقط على الوسائط الالكترونية بل أنه يتضمن مفهوم "التواصل عن بعد" وبالتالي فقد يتضمن نظم المراسلات البريدية، كما يحدث في التعليم بالمراسلة وغيرها من نظم الاتصالات غير الالكترونية. وبات من الواضح حالياً أن نظم الاتصالات الإليكترونية سوف تتطور وتتنامى وتصبح الدعامات الأساسية لنظم التعليم عن بعد.

المكون الرابع: هو "الربط بين المتعلمين والمصادر والمعلمين سوياً"، بمعنى أن هناك معلمين يتفاعلون مع الطلاب ومع تلك المصادر التعليمية المتاحة لجعل التعليم ممكناً. وهذه المصادر لابد وأن تخضع لإجراءات التصميم التعليمي المناسبة حتى يمكن استيعابها ضمن الخبرات التعليمية للمتعلم؛ وبالتالي تعزيز التعلم، وقد تتضمن هذه المصادر مصادر مرئية، أو محسوسة، أو مسموعة.

ويتضمن مفهوم "التعليم عن بعد" هذه المكونات الأربعة؛ فإذا غابت إحدى هذه المكونات أو بعضاً منها فسوف يختلف الوضع عما هو مفروض أن يكون عليه مفهوم التعليم عن بعد، ومن المهم أن نلاحظ أن التعليم عن بعد يتضمن عمليتا التعليم والتعلم عن بعد في آن واحد، ولذلك فإن تطوير وتصميم وإدارة وتقييم التعليم يقع تحت مفهوم التعليم عن بعد؛ بينما تقع الاستفادة من كل الخبرات التعليمية في مجال التعلم تحت مفهوم التعلم عن بعد.

ولعل هذا العرض السريع في هذه المقالة يتضمن مفهوماً واضحاً للتعليم عن بعد، وحيث أن التعليم الإلكتروني هو تطبيق لمفهوم التعليم عن بعد، فهل يمكنك عزيزي القارئ أن تطبق مشروعاً للتعليم الإلكتروني تعرفه أو قمت بتصميمه أو استخدامه على هذا المفهوم، ولتكن على علم تام بأنه أن فقد المشروع الذي تقارنه بهذا المفهوم أحد هذه المكونات الأربعة، فأسمح لي بالقول بأن المشروع الذي تتعامل معه لا يمثل تعليماً إلكترونيا على الإطلاق، بل سمه ما شئت؛ لتقل عنه التعليم عبر الشبكات، أو البحث عبر الإنترنت، أو مقررات الكترونية، ولكن (وبوضوح شديد) أن فقدت أي من هذه المكونات الأربعة لمفهوم التعليم عن بعد في مشروعك؛ فهو ليس بتعليم الكتروني. (وإلى مقالة أخرى بإذن الله).

المصدر

قرأنا في مقالة الدكتور رجوعه الى المبدأ النظري الاصلي في التعليم الالكتروني وهو التعليم عن بعد حيث ابتعد عن التطبيقات واتجه للنظريات ، فقام بعرض المكونات الاربع الاساسية للتعلم عن بعد وناقش في مقالته ان أي تطبيق واي ممارسة تقوم عبر الشبكة والانترنت ولا يحتوي على تلك المكونات الاربع مجتمعة فيه ليست تعليماً الكترونياً

 

فكانت مقالته واضحة المعالم وقام بسرد معلوماتها بشكل منطقي سهل الفهم.