التعليم رسالة الأنبياء، لذا فإن مهنة التعليم من أشرف المهن وأسمى الرسالات

قد استقر الرأي على أن التعليم أو التدريس مهنة ولابد من أن يكون ذلك قد أتي بعد فهم كاف لماهية التعليم ، فقد ظل الناس دهراً طويلاً يعتقدون أن التعليم هو نقل المعارف من الكبار إلى الصغار وأن عمل المُعلِّم الأول يتضمَّن في الدرجة الأولى تنظيم المعارف وإيجاد الظروف المناسبة لنقلها من بين دفات الكتب إلى عقول المُتعلِّمين إلى أن طرأ على مفهوم التعليم أو التدريس تغيرات وأصبحت مهنة التعليم تتطلَّب نشاطات أكثر من مجرد تنظيم المعارف ونقلها من العلم إلى المُتعلِّم وفي الآونة الأخيرة يعرف المربون التعليم بأشكال مُتعدِّدة إلا أنّه ليس المهم في قضية التعليم أن نضع تعريفاً شاملاً جامعاً للتعليم ، لكن الأهم أن نفهم أن هذه العملية من الضخامة والاتساع بحيث ينبغي صرف النظر عن الصياغات والتعريفات إلى المهمات والعمليات التي تحقق بصورة إجرائية الأهداف التربويَّة وتحقق النمو الشامل المتكامل للمُتعلِّم والنمو الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمجتمع .

 



ولا بُدّ لأي مهنة من أخلاقيات تنظيم السلوك العام لأعضاء المهنة بعضهم تجاه بعض، وتجاه غيرهم من العاملين في مجالات المهن الأخرى، وكما أن هناك أخلاقيات لكل مهنة فهناك أيضاُ أخلاقيات خاصة بمهنة التعليم. وقد صدر في عام 1405هـ " إعلان مكتب التربية العربي لدول الخليج لأخلاق مهنة التعليم " ويتكوَّن هذا الإعلان من عشرين بنداً هي كما يأتي:

 

التعليم رسالة

أولاً: التعليم مهنة ذات قداسة خاصة توجب على القائمين بها أداء حق الانتماء إليها إخلاصاً في العمل وصدقاً مع النفس والناس، وعطاء مستمراً لنشر العلم والخير والقضاء على الجهل والشر.

 

ثانياً: المُعلِّم صاحب رسالة يستشعر عظمتها ويؤمن بأهميتها، ولا يضن على أدائها بغال ولا رخيص، ويستصغر كل عقبة دون بلوغ غايته من أداء رسالته.

 

ثالثاً: اعتزاز المُعلِّم بمهنته وتصوره المستمر لرسالته، ينأيان به عن مواطن الشبهات ويدعوانه إلى الحرص على نقاء السيرة وطهارة السريرة حفاظاً على شرف مهنة التعليم ودفاعاً عنه.

 

المُعلِّم وطلابه:

رابعاً: العلاقة بين المُعلِّم وطلابه صورة من علاقة الأب بأبنائه لحمتها الرغبة في نفعهم وسداها الشفقة عليهم والبر بهم، أساسها المودة الحانية، وحارسها الحزم الضروري، وهدفها تحقيق خير الدنيا والآخرة للجيل المأمول منه إحداث النهضة والتقدُّم.

 

خامساً: المُعلِّم قدوة لطلابه خاصة وللمجتمع عامة، وهو حريص على أن يكون أثره في الناس حميداً باقياً، لذلك فهو متمسّك بالقيم الأخلاقيَّة والمثل العليا يدعو إليها ويبثها بين طلابه والناس كافة ويعمل على شيوعها واحترامها ما استطاع.

 

سادساً: المُعلِّم أحرص الناس على إفادة طلابه، يبذل جهده كله في تعليمهم وتربيتهم وتوجيههم يدلهم بكل طريق على الخير ويرغبهم فيه ويبين لهم الشر ويذوده عنهم في إدراك كامل ومتجدد أن أعظم الخير ما أمر الله ورسوله به وأن أسوأ الشر هو ما نهى الله ورسوله عنه.

 

سابعاً: المُعلِّم يسوي بين طلابه في عطائه ورقابته وتقويمه لأدائهم ويحول بينهم وبين الوقوع في براثن الرغبات الطائشة، ويشعرهم دائماً بأن أسهل الطرائق وإن بدا صعباً هو أصحها وأقومها، وأن الغش خيانة وجريمة لا يليقان بطالب علم ولا بالمواطن الصالح.

 

ثامناً: المُعلِّم ساع دائماً إلى ترسيخ مواطن الاتفاق والتعاون والتكامل بين طلابه، تعليماً لهم وتعويداً على العمل الجماعي والجهد المتناسق وهو ساع دائماً إلى إضعاف نقاط الخلاف وتجنب الخوض فيها، ومحاولة القضاء على أسبابها دون إثارة نتائجها.

 

المُعلِّم والمجتمع:

تاسعاً: المُعلِّم موضع تقدير المجتمع واحترامه وثقة وهو لذلك حريص على أن يكون في مستوى هذه الثقة وذلك التقدير والاحترام يعمل في المجتمع على أن يكون له دائماً في مجال معرفته وخبرته والمرشد والموجه، يمتنع عن كل ما يمكن أن يؤخذ عليه من قول أو فعل ويحرص على ألّا يؤثر عنه إلا ما يُؤكِّد ثقة المجتمع به واحترامه له.

 

عاشراً: تسعى الجهات المختصة إلى توفير أكبر قدر ممكن من الرعاية للعاملين في مهنة التعليم، بما يوفر لهم حياة كريمة تكفهم عن التماس وسائل لا تتفق وما ورد في هذا الإعلان لزيادة دخولهم أو تحسين ظروف حياتهم.

 

حادي عشر: المُعلِّم صاحب رأي وموقف من قضايا المجتمع ومشكلاته بأنواعها كافة ويفرض ذلك عليه توسيع نطاق ثقافته وتنويع مصادرها والمتابع الدائمة للمُتغيِّرات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والسياسيَّة ليكون قادراً على تكوين رأي ناضج مبني على العلم والمعرفة والخبرة الواسعة يعزز مكانته الاجتماعيَّة ويُؤكِّد دوره الرائد في المدرسة وخارجها.

 

ثاني عشر: المُعلِّم مؤمن بتميز هذه الأمة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو لا يدع فرصة لذلك دون أن يفيد منها أداءً لهذه الفريضة الدينيَّة وتقوية لأواصر المودة بينه وبين جماعات الطلاب خاصة والناس عامة وهو ملتزم في ذلك أسلوب اللين في غير ضعف والشدة في غير عنف يحدوه إليهما وده لمجتمعه وحرصه عليه وإيمانه بدوره البناء في تطويره وتحقيق نهضته.

 

المُعلِّم رقيب نفسه:

ثالث عشر: يدرك المُعلِّم أن الرقيب الحقيقي على سلوكه بعد الله سبحانه وتعالى هو ضمير يقظ ونفس لوامة، وأن الرقابة الخارجية مهما تنوعت أساليبها لا ترقى إلى الرقابة لذلك يسعى المُعلِّم بكل وسيلة متاحة إلى بث هذه الروح في نفوس طلابه ومجتمعه ويضرب بالتمسُّك بها في نفسه المثل والقدوة.

 

رابع عشر: المُعلِّم في مجال تخصصه طالب وباحث عن الحقيقة لا يَدَّخِرُ وسعاً في التزود من المعرفة والإحاطة بتطورها في حقل تخصصه ، وتقويمه لإمكاناته المهنيَّة موضوعاً وأسلوباً ووسيلة .

 

خامس عشر: يسهم المُعلِّم في كل نشاط يحسنه ويتخذ من كل موقف سبيلاً إلى تربية قويمة أو تعليم عادة حميدة إيماناً بضرورة تكامل البناء العلمي والعقلي والجسماني والعاطفي للإنسان من خلال العملية التربويَّة التي يؤديها المُعلِّم .

 

سادس عشر : المُدرِّس مدرك أن تعلمه عبادة وتعليمه زكاة فهو يؤدي واجبه بروح العابد الخاشع الذي لا يرجو سوى مرضاة الله سبحانه وتعالى وبإخلاص الموقن أن عين الله ترعاه وأن قوله وفعله شاهدان له أو عليه.

 

المدرسة والبيت

سابع عشر : الثقة المتبادلة واحترام التخصص والأخوة المهنيَّة هي أساس العلاقة بين المُعلِّم وزملائه وبين المُعلِّمين جميعاً الإدارة المدرسيَّة المركزيَّة ، ويسعى المُعلِّمون إلى التفاهم في ظل هذه الأسس فيما بينهم ، وفيما بينهم وبين الإدارة المدرسيَّة حول جميع الأمور التي تحتاج إلى تفاهم مشترك أو عمل جماعي أو تنسيق للجهود بين مُدرِّسي المواد المختلفة أو قرارات إداريَّة لا يملك المُعلِّمون صلاحية اتخاذها بمفردهم .

 

ثامن عشر : المُعلِّم شريك الوالدين في التربية والتنشئة والتقويم والتعليم لذلك فهو حريص على توطيد أواصر الثقة بين البيت والمدرسة وإنشائها إذا لم يجدها قائمة وهو يتشاور كلما اقتضى الأمر مع الوالدين في كل أمر يهم مستقبل الطلاب أو يؤثر في مسيرتهم العلميَّة .

 

تاسع عشر : يؤدي العاملون في مهنة التعليم واجباتهم كافة ويصبغون سلوكهم كله بروح المبادئ التي تضمنها هذا الإعلان ويعملون على نشرها وترسيخها وتأصيلها والالتزام تجاه زملائهم وفي المجتمع بوجه عام .

 

صدر عن مكتب التربية العربي لدول الخليج العربية وأقره مؤتمره العام الثامن الذي انعقد في الدوحة في دولة قطر....