التعليم

التعليم لغة:

التعليم هو مصدر للفعل (علّم)، وعلّمه تعليماً بمعنى جعله يعلَم، وعَلِم الشيء أي عرفه وتيقنه. والتعليم مصطلحاً هو التدريس وهو مقابل للتعلُّم. إذ نقول: علمته العلم فتعلم. والعمليَّة التعليميَّة عمليَّة متكاملة، يقوم المُعلِّم بالتعليم من طرف، ويقوم المُتعلِّم بالتعلُّم من طرف آخر. إلا أن مفهوم التعليم يتضمَّن الحاجة إلى المُعلِّم، على حين أن مفهوم التعلُّم لا يتضمَّن الحاجة إليه، لأن المُتعلِّم يستطيع تحصيل العلم بنفسه معتمداً على ذاته في تحصيل العلم. ويعد هذا النوع من التعلُّم الذاتي أعمق تأثيراً في نفس المُتعلِّم، وهو أساس للتعلُّم المستمر المواكب لروح العصر.



والتعليم، بكونه تدريساً، لا يقتصر على نقل المعرفة من المُعلِّمين إلى المُتعلِّمين، وإنما يجاوز ذلك إلى تدريب المُتعلِّمين على اكتساب المهارات وتكوين الاتجاهات والعادات، فهو يمثل في هذا الحال كل نشاط تعليمي مقصود يهدف إلى مساعدة الفرد على إتقان الخبرة المُتعلَّمة بأبعادها الثلاثة معرفة ووجداناً وأداء.

وتجدر الإشارة إلى أن الفرد قد يتعلَّم في ضوء نشاط تعليمي مقصود وهادف، وهو ما نطلق عليه التعليم النظامي أو الرسمي (formale) كالذي يتم داخل المدارس والمعاهد والجامعات. ويمكن أن يكون تعلمه من خلال تعليم غير نظامي أو غير رسمي، وهو ما نطلق عليه التعليم غير النظامي أو غير الرسمي (informale)، كالذي يتم في مُؤسَّسات واتحادات ونقابات وجمعيات في خارج نطاق المدارس والمعاهد والجامعات. ويمكن أن يكون تعلمه عرضياً بما تبثه الإذاعة والتلفزة أو السينما أو المسرح وغير ذلك.

وهذه الأنواع الثلاثة من التعليم (النظامي واللانظامي والعرضي) إنّما توسع آفاق الفرد وتزيد في ثقافته، وتغني خبراته بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وتجعله يواكب التغيُّرات السريعة في المجتمعين المحلي والعالمي.

وقد كان معظم التعليم في المجتمعات البدائية يتم في البيت، لأنّ الأطفال يتعلَّمون من خلال الملاحظة والتقليد وبمشاركة العائلة في مناشطها وأعمالها، وبتوجيهات مباشرة من الوالدين. وكان النظام القبلي حريصاً على إكساب الأجيال الجديدة تقاليد القبيلة وأعرافها وعاداتها، ومهارات الصيد والقتال إلى جانب الأفكار المُتعلِّقة بالديانة والأخلاق والسحر والصحة. ومع تطور الحضارة صار التعليم أكثر منهجيَّة وشكليَّة، إذ تولى الآباء والزعماء والرهبان أمر تثقيف الشباب. ففي مصر القديمة، كما في كثير من الحضارات القديمة، كان التعليم يتم في البيت وأماكن العبادة، وكان الزعماء الدينيون أساتذة ومدرسين في الصفوف السائدة في ذلك الوقت.

وكان للمُعلِّم أثر بارز عند الإغريق القدماء على أنه ثقة، وتوكل إليه مهمة مراقبة الطلاب ومتابعة دراستهم ومساعدتهم على استيعاب ما تعلموا وتصحيح محادثتهم وتعليمهم الأخلاق والعادات.

ومع نهاية القرن الخامس قبل الميلاد ظهر الفلاسفة على أنهم أول حركة تعليم مُتخصِّصة، فقد كان سقراط أشهر المُعلِّمين القدماء وأول الفلاسفة، وقد رأى ببصيرته النافذة أن المجتمع يزدهر إذا تعلم الناس البحث عن الحقيقة، والتفكير بصورة عقلانيَّة، ونشروا أفكارهم ومعارفهم، واعتمد سقراط أسلوب الحوار والاستقراء منهجاً لتحقيق تلك الغايات.

وكان التعليم الروماني في بدايته شأناً عائلياً، وفي مرحلة تالية افتتحت المدارس، ومنها مدارس القواعد اللغويَّة وعلم البلاغة، واشتملت مدارس علم البلاغة على الأدب واللغة اليونانية واللاتينية. واستخدم العقاب في المدارس، وكان المُعلِّم الذي يستخدم الأساليب القاسية في التعليم يعد مُعلِّماً جيداً. أما طرائق التدريس فقد تضمنت أسلوب المحاضرات والكراسات والملخصات والتسميع.

وفي القرن السادس للميلاد صار الرهبان مصدر التعليم، وفي العصور الوسطى تلقى أكثر الناس علومهم على أيدي الرهبان في المقاطعات. أما القلة فقد درسوا في الجامعات في باريس وبولونية، وكانت المحاضرات هي الأسلوب المُتَّبَع في التعليم.

وأسهم العرب في مجال التعليم بعد ظهور الإسلام إسهاماً كبيراً، إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مُعلِّماً لأصحابه مبادئ الدعوة الجديدة وأركانها، وكان المسجد في المراحل الأولى مركزاً للتعليم، ونهج أصحابه والتابعون نهجه في تعليم أبناء المسلمين أصول الدين من مصادره الأصلية في القرآن والسنة النبويَّة الشريفة، ثم تطور التعليم في الإسلام، وتعدَّدت مصادره، وشمل التدريس موضوعات جديدة إضافة إلى التشريع والفقه وعلم الأخلاق وغيرها. وكان الشعار المُتَّبَع
(اطلب العلم من المهد إلى اللحد) و(الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها اقتبسها) و(طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة)، وأضحت المساجد ومُؤسَّسات التعليم مفتوحة لكل طالب علم بصورة مجانية في منأى عن أي تفريق من حيث اللون أو الجنس أو الطبقة الاجتماعيَّة. وكان العرب سابقين في استخدام منهج المعاينة والمنهج التجريبي في الوصول إلى القواعد والقوانين والأحكام.

ومن الجدير بالذكر أن للعرب قبل ظهور الإسلام أيضاً شأناً في التعليم، فهم الذين اخترعوا الأبجدية ونشروها وعلموها للآخرين، وتدل الاكتشافات في مملكة (إبلا) على أن عميد المعهد كان يوقع على أعمال الطلبة كما تشير إلى ذلك اللوحات المكتشفة. ويرى بعض الباحثين أن العرب القدماء الذين اخترعوا الأبجدية يعدون من أكابر علماء اللغات في العالم، ويدلُّ اختراعهم لها على مستوى فكريٍّ راقٍ. وفي عصر النهضة أسهمت الجامعات الأوربية في تعليم الفلسفة والمنطق وتهيئة متخصصين في القضاء والقانون والطب، وغدت اللغات الكلاسيكية جزءاً هاماً من التعليم، وكان للغة اللاتينية مكانة كبيرة.

وتطوَّرت المدارس الثانويَّة في إنكلترا في القرن السابع عشر، واحتفظت اللغة اللاتينية بمكانتها في هذه المدارس، وانتقل هذا التوجه إلى المدارس الثانويَّة في أمريكا. واستمرت مدارس اللغة اللاتينية رائدة في القرن الثامن عشر، وازداد عدد الطلاب في القرنين التاسع عشر والعشرين، وتطلبت هذه الزيادة زيادة في الأساتذة، وظهرت موضوعات جديدة في التدريس الثانوي، وشقت المرأة طريقها إلى ميدان التدريس مشاركة الرجل في هذه العمليَّة تلبية للحاجات المتزايدة في الدخول إلى المدارس، ووُضِعت معايير وضوابط خاصة بالمُعلِّمين، إذ رئي أن يكون إعدادهم وتأهيلهم على المستوى الجامعي بعد أن نظر إلى التعليم على أنه مهنة القرن العشرين، فالمُؤسَّسات التعليميَّة في أمريكا، على سبيل المثال، تضم (30٪) من السكان أساتذة وطلاباً.

والمُعلِّم الناجح هو الذي يتسم بسعة ثقافته، ولديه القدرة على استثارة الدافعيَّة لدى تلاميذه بعد تعرف ميولهم واهتماماتهم ومستوياتهم وقدراتهم، ويُركِّز على كيفيَّة التعلُّم وأساليب حل المشكلات، وهو موجه لتلاميذه ومشجع لأدائهم ومعزز له، وموفر للبيئة التعليميَّة بكل عناية واهتمام بحيث تسود في أجوائها الممارسات الديمقراطيَّة تفتيحاً للشخصيَّة الإنسانيَّة وتنمية لها، وآخذاً بها إلى أقصى ما تستطيع الوصول إليه، كما أنه يعمل على تكوين مهارات التعلُّم الذاتي لدى تلامذته ليواكبوا عصر التفجر المعرفي والانتشار الثقافي، ويعمل أيضاً على تكوين مهارات التعلُّم التعاوني وروح الفريق.

والمُعلِّم الناجح هو الذي ينوّع في طرائق تدريسه في ضوء المستويات التي يتعامل معها، فهو يتّسم بالمرونة وتقبل كل ما هو جديد، ويتعامل مع وسائل الاتصال الحديثة والمؤثرات السمعيَّة، البصريَّة بكل كفاية واقتدار، ويرى أن استخدام التقانة (التكنولوجيا) إنما هو وسيلة مساعدة في عمليَّة التعلُّم، وليست للحلول مكان المُعلِّم أو التقليل من أهميته.

وثمة مصطلحات مُتعدِّدة تنضوي تحت التعليم، فهناك التعليم الابتدائي، والتعليم الإعدادي، والتعليم الجامعي، والتعليم الخاص، والتعليم الريفي، والتعليم الفني، والتعليم المختلط، وتعليم الكبار وفيما يأتي فكرة موجزة عن كل من هذه المصطلحات:

 

التعليم الابتدائي:

وهو المرحلة الأولى من مراحل التعليم العام، ويسبق هذه المرحلة رياض الأطفال التي لا تعد مرحلة تعليميَّة، وإنما هي لتنمية بعض العادات السلوكيَّة المساعدة على التكيُّف مع البيئة، وإكساب الطفل بعض المهارات الاجتماعيَّة، وتنمية حواسه واستعداداته وتهيئته للمرحلة الابتدائيَّة. ويهدف التعليم في المرحلة الابتدائيَّة إلى تزويد الأطفال بما يحتاجون إليه في الحياة من عناصر الثقافة الأوليَّة وتنمية شخصياتهم من مختلف جوانبها جسمياً وعقلياً وانفعالياً وجمالياً وتنمية عواطفهم الوطنية والقوميَّة.

والتعليم الابتدائي يختلف في مدته من بلد إلى آخر، والأعم الأغلب أن الطفل يدخل إلى المدرسة الابتدائيَّة في السادسة من عمره، ويستمر في الدراسة في هذه المرحلة ست سنوات أو خمساً أو أربعاً في ضوء النظام التعليمي في كل بلد وهذا النوع من التعليم إلزامي ومجاني.

 

التعليم الإعدادي أو المتوسط:

وهو المرحلة التي تتوسط بين المرحلتين الابتدائيَّة والإعدادية، ومدة هذه الدراسة ثلاث سنوات، ويهدف التعليم في هذه المرحلة إلى استكمال التعليم الابتدائي وتوسيعه من حيث تعزيز تنمية شخصيات التلاميذ في مختلف جوانبها، والكشف عن ميولهم واستعداداتهم وتوجيهها، وتأمين تفاعل الناشئة مع الحياة من جهة وإعدادهم إلى مرحلة التعليم الثانوي من جهة أخرى. ويعد هذا التعليم إلزامياً في معظم بلدان العالم، وهو مجاني في الأعم الأغلب.

 

التعليم الأساسي:

ويشمل المرحلتين الابتدائيَّة والإعدادية، وقد يمتد إلى الصف العاشر، وهو يهدف إلى تزويد الناشئة بالمعارف والمهارات الأساسيَّة في الحياة، بحيث يستطيعون التكيُّف مع بيئاتهم والتفاعل الإيجابي مع المجتمع استناداً إلى ما تزود به من مهارات حيوية أساسيَّة. وكان الغرض من دمج هاتين المرحلتين في مرحلة واحدة إنما تأمين استمراريَّة الأطفال في الدراسة بغية حصولهم على المعلومات والمهارات الأساسيَّة اللازمة لهم في الحياة حتى لا يرتدوا إلى الأميَّة، ولسد منابع الأميَّة في حال الاقتصار على المرحلة الابتدائيَّة وعدم متابعة دراسة الأطفال بعدها. وقد ظهر مصطلح (التعليم الأساسي) في العقدين الأخيرين من القرن العشرين.

 

التعليم الثانوي: ومدة الدراسة فيه ثلاث سنوات في الأعم، ويهدف إلى إعداد التلاميذ للتعليم العالي من جهة وللحياة العامة من جهة أخرى، ويُعنى بالاستمرار في تنمية الشخصيَّة من جميع جوانبها جسمياً ونفسياً وعلمياً وخلقياً واجتماعياً وروحياً في آنٍ معاً. وأصبح هذا التعليم مجانياً في معظم دول العالم. وفي التعليم الثانوي العام جذع مشترك في الصف الأول الثانوي، ثم يتوزع الطلاب على تخصصين هما الأدبي والعلمي، وثمة توجه في العالم يرمي إلى تجسير الهوة بين التخصُّصين.

 

التعليم الجّامعي:

يقصد بالتعليم الجامعي التعليم الذي يتم داخل الكليات والمعاهد الجامعيَّة بعد الحصول على الشهادة الثانويَّة، فهو تعليم محصور بالجامعة. أما التعليم العالي فهو التعليم الذي يتم داخل مُؤسَّسات تتبع عادة وزارة التعليم العالي بعد الحصول على الشهادة الثانويَّة. وتتراوح مدة الدراسة في هذه المُؤسَّسات بين سنتين والأربع سنوات، وقد تمتد إلى خمس أو ست سنوات في بعض التخصُّصات.

وتهدف الكليات الجامعيَّة إلى الاستمرار في تنمية الشخصيَّة من مختلف جوانبها وأبعادها بغية رفد قطاعات المجتمع كلها بالأطر الكفيلة والقادرة على النهوض بعمليَّة التنمية الشاملة، كما أن من أهداف هذه الكليات تخريج الباحثين في مختلف جوانب المجتمع بغية معالجة المشكلات الاجتماعيَّة والطبيعيَّة بالأساليب العلميَّة، إضافة إلى خدمة المجتمع وتنميته عن طريق ما تسهم به الجامعة في تدريب الأطر في إطار التربية المستمرة والتنمية المستدامة.

 

التعليم الخاص:

وهو التعليم الذي تضطلع به جهات غير حكوميَّة أجنبية أو أهليَّة، وقد تكون هذه الجهات أفراداً أو جماعات. وقد كانت المدارس في أغلب البلدان قبل القرن الثامن عشر ترجع إلى القطاع الخاص مع اهتمام الدول منذ القدم بإنشاء المدارس والإشراف عليها، ومع نشوء الحركات القوميَّة والاتجاهات الديمقراطيَّة أضحت الدول حريصة على افتتاح المدارس والإنفاق والإشراف عليها بغية تنفيذ سياساتها واستراتيجيتها التربويَّة. ولذلك كادت المدارس الخاصة تزول من أغلب الدول، ولئن كانت هناك مدارس خاصة، فإنَّ حق الإشراف عليها من الدولة قائم في جميع الأحوال، إذ لا تسمح الدول المستقلة بتدريس ما يخالف فلسفتها التربويَّة في المدارس خاصة كانت أم رسميَّة.

 

تعليم ذوي الحاجات الخاصة:

ويقصد به التعليم الموجه إلى المعوقين والمتفوقين والموهوبين والذين يعانون ظروفاً صعبة كالمهمشين والمحرومين والنازحين واللاجئين والذين يرزحون تحت الاحتلال. وبعد أن كان المفهوم مقتصراً على المعوقين حسياً أو عقلياً أو حركياً وعلى المتفوقين والموهوبين اتّسع هذا المفهوم ليشمل بطيئي التعلُّم والذين يعانون ظروفاً صعبة.

 ثمة اتجاه في العالم يدعو إلى دمج ذوي الحاجات الخاصة في أقرانهم الأسوياء في المدارس، دون أن يفتح لهم صفوف خاصة بهم، واتجاه آخر يدعو إلى افتتاح صفوف خاصة بهم ضمن المدارس أو في معاهد خاصة بهم، والواقع أن الدمج أو عدمه يرجع إلى درجة الإعاقة فيما يتعلَّق بذوي الحاجات الخاصة من المعوقين، فإذا كانت طفيفة أو متوسطة فيمكن العمل على الدمج مع إيلاء هذه الشريحة اهتماماً خاصاً، وإذا كانت درجة الإعاقة شديدة وعالية كان لا بد من وضع أصحابها في معاهد خاصة. أما فيما يتعلَّق بالموهوبين والمتفوقين فإن دولاً عديدة تدعو إلى فصلهم، ووضع برامج خاصة بهم، لأنهم يعدون ثروة قوميَّة فهم في حاجةٍ ماسّةٍ إلى إيلائهم كل رعاية خاصة وعناية واهتمام.

 

التعليم الريفي: وهو التعليم الذي يعنى بالريف، فالمدارس الابتدائيَّة تلبي حاجات البيئة المحلية في الريف من حيث مناهجها، فتشتمل هذا البرامج على معلومات زراعيَّة وعلميَّة مرتبطة بالبيئة، كما أن دور المُعلِّمين والمُعلِّمات الريفيين مهم، إذ يعدون مُعلِّمين يخدمون في الريف ويعملون على تطويره، ارتقاء بالتنمية الزراعيَّة، ويغرسون في نفوس الناشئة حب الريف، ويزودونهم بالمعلومات والمهارات الضروريَّة واللازمة لاستثمار المواد المحلية في الصناعات الريفية.

 

التعليم الفني: وهو التعليم الذي يعنى بتزويد المُتعلِّمين بمهارات حرفيَّة تقوم على أساس الممارسة أكثر من التنظير في مجالات مُتعدِّدة كالميكانيك والكهرباء والحدادة والنجارة والإلكترونيات وغيرها. ويقوم عادة في مستوى المرحلة الثانويَّة بعد استكمال التعليم الأساسي، وتتعدد الجهات التي يتبعها التعليم الفني، إلا أن وزارة التربية في الأعم الأغلب هي المشرفة على هذا النوع من التعليم في المستوى الثانوي. أما في المعاهد بعد الثانويَّة فتشترك عدة جهات في الإشراف. لأنّ بعض المعاهد يتبع وزارة الصناعة، وبعضها يتبع وزارة الزراعة، وبعضها يتبع وزارة الكهرباء وغير ذلك. ويهدف هذا النوع من التعليم إلى إعداد القوى العاملة والقادرة على التعامل مع الآلات والأجهزة وتأمين حاجات قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة إلى هذه الأطر الوسطى المُدرِّبة.

 

التعليم المختلط:

ويقصد به أن يدرس الذكور مع الإناث في صف واحد فيتعلَّمون معاً دون تفريق من حيث الجنس، وينتشر هذا التعليم في كثير من دول العالم وفي مختلف مراحل التعليم بدءاً من المرحلة الابتدائيَّة وانتهاءً بالمرحلة الجامعيَّة. وثمة من يعارض التعليم المختلط، ومن يسمح به في المراحل الأولى، ويعارضه في المراحل الآتية من التعليم، إلا أن انتشاره ساعد على اشتراك المرأة في الحياة جنباً إلى جنب مع الرجل.

 

تعليم الكبار:

وهو الذي يعنى بتعليم الراشدين بدءاً من محو الأميَّة ووصولاً إلى أرقى المستويات في التعليم التخصُّصي، وهو تعليم يلتحق به من تجاوز سن التعليم الإلزامي الأساسي، وفي المجتمعات الناميَّة ما يزال تعليم الكبار يراوح في معظمه عند مفهوم محو الأميَّة ونوع من التدريب المهني، في حين أن الدول التي أبدعت التقانة وولجت مرحلة الثورة التقانية الثالثة تسعى إلى تعميم ثقافة الحاسوب وعلوم الاتصال والمعلومات والمعلوماتيَّة.

وقد استخدم مصطلح تعليم الكبار (enseignement des adultes) استخداماً ذا دلالة معينة في عام (1924) في إنكلترة وغيرها من البلدان الأوربية، وقد تطور هذا المفهوم، وزاد الاهتمام بتعليم الكبار على المستوى الدولي بعد الحرب العالميَّة الثانية، وكان من نتيجته عقد عدة مؤتمرات دوليَّة بإشراف اليونسكو. وفي مؤتمر مونتريال الذي عقد عام (1960) اتخذ مفهوم تعليم الكبار دائرة أوسع وأشمل، إذ لم يعد مرادفاً لمحو الأميَّة أو الدراسات الحرة أو التدريب المهني، وإنما صار مفهوماً شاملاً لأي نشاط منظم ثقافي أو مهني تعليمي أو تدريبي للكبار على مستوى يؤدي إلى إعداد المواطن ليسهم في تنمية بيئته، أي يمكّن جميع المواطنين من المشاركة الكاملة الحرة في دفع عجلة التنمية عن طريق السيطرة على الأساليب الفنيَّة التي أتت بها العلوم والتقانة، إضافة إلى مزاولة المسؤولية المدنية تجاه المجتمع.

 

التعليم المبرمج:

وهو طريقة في التعليم تقوم على أسس علميَّة، وترتكز على مفهومات تربويَّة صحيحة استمدت من معطيات النظريَّة السلوكيَّة في علم النفس (المثير والاستجابة والتعزيز). ومن ميزات التعليم المبرمج أنه ينتهج في عرض المادة منهجاً عمودياً متسلسلاً، ويمكن المُتعلِّم من اجتياز مراحل الدرس من خطوة إلى خطوة بعد التثبت من استيعاب الوحدة السابقة، وبهذا يتفاعل المُتعلِّم بصورة مستمرة مع المادة، ويعفى المُعلِّم جزئياً من عمليَّة تقديم المعلومات حتى يستطيع أن يتفرغ للتفكير فيما يمكن أن يحققه من أهداف، وإلى القيام بدور المنشط الضروري لتوجيه التلاميذ وتعزيز إجاباتهم، ويراعي التفاوت في سرعة التعليم بين المُتعلِّمين، ويواجه الفروق الفرديَّة بينهم، ويكفل إيصالهم جميعاً إلى المستوى المطلوب.

 

 محمود السيد

المصدر: الموسوعة العربيَّة لتنمية الذات