التدريس المعاصر الفعال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا ــ مفهوم عملية التدريس:

  1. مصطلح التدريس في الإطار التقليدي:

 



  1. مصطلح التدريس بمفهومه المعاصر:

 

إن التدريس المعاصر ـ بالإضافة لكونه علما تطبيقيا انتقائيا متطورا ـ هو عملية تربوية هادفة وشاملة، تأخذ في الاعتبار كافة العوامل المكونة للتعلم والتعليم، ويتعاون خلالها كل من المعلم والتلاميذ، والإدارة المدرسية، والغرف الصفية، والأسرة والمجتمع، لتحقيق ما يسمى بالأهداف التربوية، والتدريس إلى جانب ذلك عملية تفاعل اجتماعي وسيلتها الفكر والحواس والعاطفة واللغة.

والتدريس موقف يتميز بالتفاعل بين طرفين، لكل منهما أدوار يمارسها من أجل تحيق أهداف معينة، ومعنى هذا أن التلميذ لم يعد سلبيا في موقفه ـ كما لاحظنا في مصطلح التدريس التقليدي ـ إذ إنه يأتي إلى المدرسة مزودا بخبرات عديدة، كما أن لديه تساؤلات متنوعة نحتاج إلى إجابات. فالتلميذ يحتاج إلى أن يتعلم كيف يتعلم، وهو فى حاجة أيضا إلى تعلم مهارات القراءة والاستماع، والنقد، وإصدار الأحكام.

فالموقف التدريسي يجب النظر إليه على نحو كلى، باعتبار أنه يضم عوامل عديدة تتمثل في: المعلم، والتلاميذ، والأهداف التي يرجى تحقيقها من الدرس، والمادة الدراسية، والزمن المتاح، والمكان المخصص للدرس، وما يستخدمه المعلم من طرق للتدريس، إلى جانب العلاقة ـ التي ينبغي أن تكمن وثيقة ـ بين المدرسة والبيت، والمحيط الاجتماعي الذي ينتمي له التلميذ.

 

ثانيا ــ مظاهر تميز التدريس المعاصر عن قرينه التقليدي:

يمتاز التدريس المعاصر عن التدريس التقليدي بعدة ميزات نجملها في الآتي:

 

  1. يعتبر التلميذ ـ لا المعلم، أو المنهج ـ محور عملية التربية، فعلى أساس خصائصهم يتم تطوير الأهداف، واختيار المادة الدراسية، والأنشطة التربوية، وطرق التدريس، والوسائل اللازمة لذلك. أما في التعليم التقليدي فإن الأهداف تتحدد حسب رغبة المجتمع، أو من ينوب عنه، ثم يتم اختيار المادة الدراسية، والأنشطة، والطرق المصاحبة لذلك، ومن هنا ندرك أن التعليم التقليدي يرتكز حول المعلم أو المنهج.

 

  1. التدريس المعاصر عملية شاملة، تتولى تنظيم وموازنة كافة معطيات العملية التربوية، من معلم وتلاميذ، ومنهج، وبيئة مدرسية، لتحقيق الأهداف التعليمية، دون تسلط واحدة على الأخرى، أما في التدريس التقليدي فإن العملية التربوية محصورة غالبا في المعلم والمنهج.

 

  1. التدريس المعاصر عملية إيجابية هادفة تتولى بناء المجتمع، وتقدمه عن طريق بناء الإنسان الصالح، أو المتكامل فكرا وعاطفة وحركة، بينما التدريس التقليدي ـ على العموم ـ عملية اجتهادية تهتم بتعلم التلاميذ لمادة المنهج، أو ما يريده المعلم دون التحقق من فاعلية هذا التعلم، أو أثره على التلاميذ أو المجتمع.

 

  1. التدريس المعاصر عملية انتقائية، تختار من المعلومات والأساليب، والمبادئ ما يتناسب مع التلاميذ ومتطلبات روح العصر.

 

  1. التدريس المعاصر عملية اجتماعية تعاونية نشطة، يساهم فيها المعلم وأفراد التلاميذ، كل حسب قدراته، ومسؤولياته، وحاجته الشخصية، أما التدريس التقليدي فيمثل عملية إلزامية مباشرة، تبدأ بأوامر المعلم ونواهيه، وتنتهي بتنفيذ التلاميذ جميعا لهذه المتطلبات.

 

ثالثاً ــ العوامل التي يعتمد عليها التدريس المعاصر:

التدريس بصفة عامة اصطلاح يدل على مرحلة عملية تتم بوساطتها ترجمة الأهداف، والمعايير النظرية، والأنشط التربوية (المنهج) إلى سلوك واقعي محسوس، ولا يتوقف هذا التدريس على المعلم فقط، بل يغطى أيضا كيفية الاستجابة للموقف التعليمي وتنظيمه الذي يتكون في العادة من المنهج، وغرفة الدراسة، والتلاميذ.

من المنظور السابق تتحدد العوامل التي ترتكز عليها العملية التربوية والتعليمية وهي: المعلم ـ التلاميذ ـ غرف الدراسة ـ الزمن المتاح لتنفيذ الدرس ـ طرق التدريس التي على المعلم إتباعها عند شرح الدرس.

 

رابعاً ــ أهمية مهنة التدريس:

تعتبر مهنة التدريس من أشرف المهن التي يؤديها الإنسان عامة والمعلم خاصة، إذ إن العاملين في هذا الميدان ـ وهم المعلمون ـ يتركون آثارا واضحة على المجتمع كله، وليس على أفراد منه فحسب، كما هو الحال مع أصحاب المهن الأخرى، كالأطباء والمهندسين والمحامين والحرفيين، فالمدرس عندما يدرس في الفصل لا يدرس لطالب واحد فقط، وإنما يدرس لعشرات الطلاب بل وللمئات خلال اليوم الواحد، والفرق واضح بين مهنة الطبيب ـ على سبيل المثال ـ الذي يخص بعلاجه فردا واحدا من أفراد المجتمع، بل ويعالج الجزء المعتل من بدنه، ولا يترك أثرا علميا على مريضه، كما يفعل المعلم الذي يؤثر تأثيرا كبيرا على عقول طلابه وشخصياتهم، وكيفية نموها وتفتحها على حقائق الحياة. وتعد عملية التدريس والتعلم الأساس والأسبق بين المهن الأخرى، فالطبيب والمهندس والمحامي والمحاسب والصيدلي وغيرهم لابد وأن يمروا تحت يد المعلم، لأنهم من نتائج عمله وجهده وتدريبه في مراحل التعليم المختلفة. أضف إلى ما سبق أن المعلم يحاول دائما من خلال مهنة التدريس أن يجدد ويبتكر، وينير عقول التلاميذ، ويهذب طباعهم، وأن يوضح الغامض، ويكشف الستار عن الخفي، ويربط بين الماضي والحاضر، ويخلق في نفوس الأجيال الناشئة الأمل واليقين، ويؤهلهم لبناء المجتمع الناجح القائم على فهم الحياة ومتطلباتها.

 

خامساً ــ المبادئ العامة للتدريس المعاصر:

من خلال مفهوم التدريس المعاصر ومرتكزاته أوجز التربويون المبادئ العامة التي يقوم عليها هذا النوع من التدريس والتي سنستعرض بعضا منها:

 

  1. يمثل التلميذ في التدريس المعاصر محور العملية التربوية، دون المعلم أو المنهج أو المجتمع.

 

  1. تتلاءم مبادئ وإجراءات التدريس المعاصر لحالة التلاميذ الإدراكية، والعاطفية والجسمية، فتختلف الأساليب المستخدمة في التدريب باختلاف نوعية التلاميذ.

 

  1. يهدف التدريس المعاصر إلى تطوير القوى الإدراكية والعاطفية، والجسمية والحركية للتلاميذ بصيغ متوازنة، مراعيا أهمية كل منها لحياة الفرد والمجتمع، دون حصر اهتمامه لتنمية نوع واحد فقط من هذه القوى على حساب الأخرى.

 

  1. يهدف التدريس المعاصر إلى تنمية كفايات التلاميذ وتأهيلهم للحاضر والمستقبل، ولا يحصر نفسه في دراسة الماضي لذاته.

 

  1. يمثل التدريس المعاصر مهنة علمية مدروسة، تبدأ بتحليل خصائص التلاميذ، وتحديد قدراتهم، ثم تطوير الخطط التعليمية، واختيار المسائل، والأنشطة والمواد التعليمية التي تستجيب لتلك الخصائص ومتطلباتها.

 

  1. يبدأ التدريس المعاصر بما يملكه التلاميذ من خبرات، وكفايات وخصائص، تم يتولى المعلم صقلها وتعديلها أو تطوير ما يلزم منها.

 

  1. يهدف التدريس المعاصر كعملية إيجابية مكافِئة إلى نجاح التلاميذ بإشباع رغباتهم، وتحقيق طموحاتهم، لا معاقبتهم نفسيا أو جسديا أو تربويا بالفشل والرسوب كما هي الحال في الممارسات التعليمية والتعلمية التقليدية.

 

  1. يرعى التدريس المعاصر مبدأ التفرد في مداخلاته وممارساته حيث يوظف بهذا الصدد المفاهيم التالية:
  • معرفة خصائص أفراد التلاميذ الفكرية والجسمية والقيمية.
  • توفر التجهيزات المدرسية وتنوعها.
  • تنوع الأنشطة والخبرات التربوية التي تحفز التلاميذ إلى المشاركة، والإقبال على التعليم.
  • استعمال المعلم لوسائل تعليمية متنوعة، يقرر بوساطتها نوع ومقدار تعلم التلاميذ، وفاعلية العملية التربوية بشكل عام.
  • تنوع أسئلة المعلم من حيث النوع والمستوى واللغة والأسلوب والموضوع من تلميذ لآخر.
  • سماح المعلم للتلاميذ بأن يقوم كل منهم بالدور الذي يتوافق مع خصائصه وقدراته، ثم اختيار النشاط التربوي الذي يتلاءم مع هذه الخصائص والقدرات.

 

إعـــداد:

المشرف والمطور التربوي

الدكتور: مسعد محمد زياد