التدريب المحترف 1

 تحدّثنا في مقالةٍ سابقة عن أنّ نجاح الاستثنائيين في الحياة مبنيٌّ على سرٍّ عظيمٍ يتمثل في التدريب ثم التدريب ثم التدريب (يمكن الرجوع إلى مقالي في موقع النجاح نت)، لذا سوف نتحدّث في هذه المقالة عن مفهوم التدريب ثم عن بعض قواعد التدريب المحترف، فما التدريب؟



التدريب هو:

  1. الجانب النظري: نقل للمعرفة وإعطاء المُتدرِّبين معلومات بصورة متسلسلة ومنطقيَّة، وشرح المصطلحات والمعلومات الجديدة عليهم بطريقة يستطيعون استيعابها.
  2. تدريب على المهارات: مثل مهارة التفكير أو القراءة السريعة أو الإلقاء، وهو ما يمثّل الجانب العملي للتدريب غالبا.
  3. تغير قناعات أو إرساء قناعات جديدة: وهو جوهر عمليَّة التدريب، فالتدريب يُركِّز أساساً على تغيير قناعات الجمهور تجاه مفهومٍ ما أو نظريَّة ما نحو تبنيها أو اتخاذ موقف الحياد منها، وفي كثيرٍ من الأحيان يكون نجاح المُدرِّب مرتبطٌاً بنجاحه في تغير قناعات وإحداث اهتزازات عميقة في عقول وأفئدة المُتدرِّبين.

 

قواعد ومبادئ في التدريب المحترف:

 

  1. التعليم والتحسين المستمر:

من أدبيات التدريب المحترف أنّ المُدرِّب نفسهُ يكون في حاجةٍ إلى التعلُّم بصفةٍ مستمرةٍ فهو ُيعلم ويتعلَّم في الوقت نفسه فلا كمال إلا لله وحده، نحن البشر سنظلُّ في حاجةٍ إلى التعلُّم حتى الموت، يقول الله عز وجل: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" فالعلم بحرٌ لا ساحل له ولا قرار.

وهذا المفهوم يقود المُدرِّب إلى تبنّي فلسفة التحسين المستمر لأدائه ومادّته وأساليب العرض والمواد المساعدة، ناهيك بروح التواضع للعلم واحترام المعلومة الصحيحة من أي وعاء خرجت.

 

  1. الحماسة والنشاط:

إنّ الدراسات تثبت أنّ حماسة المُدرِّب ونشاطه خلال الدورة يمثل (70%) من أسباب نجاحه. فكُن دائماً في حالة حماسةٍ ورغبةٍ في توصيل المعلومة إلى جمهورك وتأكّد من أنّ هذه الحماسة سوف تنتقل تلقائياً إلى الجمهور فيتفاعل معك "بلا شك"، وقيل قديماً: "ما خرج من القلب يصل إلى القلب وما خرج من اللسان لم يتجاوز الآذان" فعندما يعيش المُدرِّب المادة التي يدربها في حياته فإنّها تصل إلى جمهوره بلا تمثيلٍ ولا تصنُّعٍ ولا مبالغات.

 

  1. المرح واللعب:

يقول بوب بايك وهو أستاذ المُدرِّبين في أمريكا، قاعدتين ذهبيتين في التدريب:

  • الكبار يحبّون اللّعب مثل الصغار ومن ثم كلما زاد المرح في التدريب زادت استجابة الجمهور للتدريب.
  • ابحث في الوسائل التي تزيد من المرح واللعب (بما يناسب الكبار طبعاً) وأدخله في تدريبك ومن ثم يزداد التفاعل والاندماج في المادة التدريبيَّة ولا شك في أنّ مبادئ التعلُّم السريع تساهم في تحقيق هذه المعادلة بإتقان.

 

  1. الاحترام:

قاعدة أساسيَّة في التدريب تقول: ينبغي للمُدرِّب إظهار الاحترام لكل المُتدرِّبين على الرغم من اختلاف مستوياتهم الثقافيَّة والفكريَّة والإنصات لأسئلتهم ونقاشاتهم وحتى تعليقاتهم، وهي قاعدةٌ صحيحةٌ من أي زاوية نظرت إليها، فإذا كنت تعتقد بأنّ التدريب رسالة، فصاحب الرسالة ينبغي له أن يظهر الاحترام والتقدير لأتباعه الذين تعلقوا به وحضروا مجالسه، وإذا كنت تعتقد بأنّ التدريب علاقة عملٍ بين شركة التدريب والمُتدرِّب وهو في منزلة عميل لشركة التدريب (Clint) فأنت أحق باحترام العميل وتقديره وتفهُّم وجهة نظره، وإذا كنت ترى التدريب من وجهة نظرٍ ماديَّة أو ربحيَّة فأنت في حاجةٍ إلى كسب ثقة المُتدرِّبين لكي تنجح في هذا المجال، وإذا كان هو عملاً إنسانياً خلاّقاً ومبدعاً فالأخلاق قمة القيم الإنسانيَّة وأعلاها احترام الناس وثقافتهم وأخلاقهم وحتى عقولهم.

دعني أهمس في أذنيك: "المُتدرِّبين لن يأتوا إليك ثانيةً إذا لم يجدوا منك الاحترام والتقدير والحب".

 

  1. حدِّد مجالك:

فالمُدرِّب ليس رجلاً خارقاً (Superman) يفهمُ كلّ شيء ويدلو بدلوه في كل علم، فإذا سئل في الإدارة أفتى وفي فنِّ الإلقاء أضاح وأبان وفي البرمجة اللغويَّة فهو أستاذٌ وفي التفكير فهو المُفكِّر والمنظّر. دعونا نتوقف قليلاً ونبدأ في تحديد المجال الذي نجد فيه أنفسنا، المجال الذي سنقدم فيه إضافاتنا الرائعة، المجال الذي إذا استمررنا فيه نحقق نتائج غير عادية تعود علينا وعلى الآخرين بالنفع العظيم.

لذا قال أحد الخطباء المشهورين: "مهما بلغت الأموال التي ستُدفع لك، فلا تتحدَّث في ما لا تُحسِن الحديث فيه".