التدريب الالكتروني وتنمية رأس المال الفكري

يتحدَّث الأستاذ محمد فراس عودة عن التدريب الإلكتروني بشكل عام وعن سماته وتطوُّره وأنماطه وعناصره ومراحله، حيث قام بعرض النقاط الأساسيَّة مع شرحٍ بسيطٍ على شكل مفاهيم نظريَّة.



نحن نعيش ثورة انتشار المعرفة، فالمعلومة لم تعد حكراً على أحد. ولم يعد الوصول إليها أمراً معقداً، فالتطوُّرات التي تشهدها الساحة العلميَّة أحدثت تقدما مذهلاً في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فنقلت العالم نقلة نوعيَّة كان لها الأثر الكبير في العمليَّة التعليميَّة، دون التقيد بالحدود سواء كانت ثقافيَّة، أم كانت جغرافية، أو اجتماعيَّة، أو اقتصاديَّة.

هذا التطوُّر والانفتاح كان له آثار إيجابيَّة أدت إلى زيادة الاهتمام بتأهيل وتطوير أداء العاملين والارتقاء بأدائهم للحفاظ على رأس المال الفكري الذي يعد حجر الزاوية في المُؤسَّسات، ليتمكَّن من مواكبة هذه الأمواج المتلاطمة من التطوُّرات التي أنتجت الاختراعات والابتكارات التي تظهر كل ثانية؟

وفي الآونة الأخيرة امتد الاهتمام إلى المُؤسَّسات التعليميَّة إيماناً من أصحاب القرار بأهمية الدور الرائد الذي تقوم به هذه المُؤسَّسات لبناء المجتمع وذلك بسبب زيادة أعداد العاملين واختلاف ثقافاتهم وسياسات التقشف للمصروفات، دون أن نغفل عن أحقية جميع العاملين في الحصول على فُرصٍ للتعلُّم والتدرُّب على كل ما هو جديد ليتمكَّن العاملون من الاستمرار بالقيام بمهامهم الإداريَّة. فالتدريب يعمل على تنميَّة وتطوير قدراتهم على الإنتاج والعطاء.

ومن هنا برزت الحاجة إلى قيام المسؤولين عن مراكز تنميَّة وتدريب الموارد البشريَّة بأدوارهم، انطلاقا من التغيير السريع في كل المجالات وعلى رأسها تقنيات وأساليب التعليم والتدريب، والانتقال من الطرائق القديمة للتدريب إلى طرائق أكثر حداثة تستثمر الثورة التكنولوجيَّة وتلبي حاجة العاملين إلى التطوُّر المهني وتطبق سياسات الإدارات العليا وتحقق أهدافها. لذلك أصبحت الشركات العالميَّة، والمُؤسَّسات التربويَّة، تتنافس في إقحام أنماط "التدريب الإلكتروني" من خلال تقديم البرامج التدريبيَّة والتعليميَّة عبر وسائط إلكترونيَّة مُتنوِّعة تشمل الأقراص المدمجة وشبكة الإنترنت بأسلوب متزامن أو غير متزامن واعتماد مبدأ التدرُّب الذاتي.

 

مفهوم التدريب الإلكتروني
قدم عدد من المختصين مفهوم التدريب الإلكتروني من زوايا عديدة حيث تناول البعض التدريب الإلكتروني من خلال كونه "عمليَّة يتم فيها تهيئة بيئة تفاعليَّة غنيَّة بالتطبيقات المعتمدة على تقنية الحاسب الآلي وشبكاته ووسائطه المُتعدِّدة، والتي تُمكن المُتدرِّب من بلوغ أهداف العمليَّة التدريبيَّة من خلال تفاعله مع مصادرها، وذلك في أقصر وقت ممكن، وبأعلى مستويات الجودة من دون تقيد بحدود المكان والزمان".

كما ينظر البعض إلى التدريب الإلكتروني من زاوية المحتوى التدريبي فيراه "عمليَّة تدريبيَّة تهدف إلى تقديم المحتوى التدريبي من خلال أي وسيط من آليات الاتصال الحديثة من أجهزة حاسوب وشبكة الإنترنت لتخــطي المسافة الجغرافية بين المُتدرِّب والمُدرِّب، فهو التدريب الذي يختار فيه المُتدرِّب من يتدرب ومن يدربوأين يتدربوماذا يتدرب ضمن حدود ممكنة".

أما من أهتم بمضمون البرامج التي يُقدِّمها التدريب الإلكتروني فيرى أنه "تقديم البرامج التدريبيَّة التعليميَّة عبر وسائط إلكترونيَّة مُتنوِّعة تشمل الأقراص المدمجة، وشبكات الإنترنت بأسلوب متزامن أو غير متزامن، اعتماداً على مبدأ التدريب الذاتي أو التدرُّب بمساعدة مُدرِّب".

أما من بحث عن عنصر التفاعل في التدريب الإلكتروني فعرفه بأنه "عمليَّة تدريبيَّة تستخدم التقنيات التكنولوجيَّة لعرض وتقديم الحقائب الإلكترونيَّة أو التفاعل مع المُتدرِّبين سواء كان بشكل متزامن أم غير متزامن، بقيادة مُدرِّب أم من دونه، أو من خلال النمطين معا".

ومن المُلاحظ من خلال ما تقدَّم ذكره أنّ التدريب الإلكتروني أداة حديثة ومتطوِّرة تسعى إلى استغلال التكنولوجيا الحديثة لتطوير رأس المال البشري في إطار علمي يحقق رغبات العاملين وتطلعات الإدارات العليا.

لقد شهد التدريب الإلكتروني تطوُّراً مذهلاً في أساليبه وطرائقه بسبب التطوُّر في السياسات التربويَّة الحديثة، كما أن ظهور مفهوم إدارة المعرفة التي تسعى العديد من المُؤسَّسات إلى تطبيقه كان له الأثر الكبير في تطوير آليات وسياسات التدريب الإلكتروني.

 

سمات التدريب الإلكتروني
يتمتع التدريب الإلكتروني بعدة سمات فهو يتجاوز عاملي الزمان والمكان، إذ لا توجد ضرورة لتواجد المُدرِّب والمُتدرِّبين في المكان نفسه والزمان نفسه. كما يتيح لأطراف عمليَّة التدريب التغلُّب على عوائق التدريب التقليدي المختلفة مثل العوائق الماديَّة والسفر، وما إلى ذلك. ويوفر التدريب الإلكتروني فرصا هائلة لاستثمار التقدُّم التكنولوجي في مجال التدريب بشكل كبير مع توفير كبير في الوقت والجهد والنفقات. إضافة إلى أن التدريب الإلكتروني يسمح للمُتدرِّبين تكرار أنشطة التدريب حسبما يشاؤون دون حرج وبما يتناسب مع قدراتهم حتى يتقنوا المهارات التدريبيَّة المطلوبة.

يعتمد التدريب الإلكتروني عدداً من المعايير التي تعطيه التميز من باقي أنواع التدريب، كتنوع المصادر التي يحتويها البرنامج التدريبي في كل نشاط بما يخدم أنماط المُتدرِّبين ويثري خبراتهم.

قد يحتوي البرنامج التدريبي على وسائط فعَّالة في شد انتباه المُتدرِّبين وإثارة اهتمامهم، ويقدم إلى المُتدرِّبين اختبارات قبليَّة وبعديَّة تقيس تحسُّن مهاراتهم ومعارفهم كما يفعّل العمل الجماعي بين المُتدرِّبين من خلال تنفيذ الأنشطة الجماعيَّة.

التدريب الإلكتروني يعتمد على تسلسل عرض المادة العلميَّة والتفاعل مع الأنشطة وأداء التقويمات بطريقة علميَّة،بالإضافة إلى بناء الأنشطة بشكل يثير التفكير ويتفاعل مع المُتدرِّب ويقدم له التغذية الراجعة.

 

عناصر التدريب الإلكتروني:
يقوم التدريب الإلكتروني على ثلاث ركائز رئيسة اتفق عليها المهتمون بهذا الشأن وصولاً إلى تحقيق الأهداف المُحدَّدة للعمليَّة التدريبيَّة، وهذه الركائز هي:

المُتدرِّب: عادةً يكون الموظف مؤهلاً علمياً إلى درجة تمكنه من أداء مهام عمله، كما أنه يكتسب خبرة مع الزمن تساعده على التكيُّف والتأقلم مع المُتغيِّرات المختلفة. إلَّا أنَّ التطوُّر لا يتوقف بسبب أنّ التدريب الإلكتروني يصاحبه تطور في التقنية وأساليبها وهذا يتطلَّب ضرورة التزود بالجديد. وإنَّ نجاح التدريب يعتمد إلى حدٍّ كبير إلى وجود مُتدرِّب مقتنع بأهمية التدريب وحاجته إليه ووجود مُتدرِّبين يشتركون في الأهداف نفسها والخبرات والمستويات الوظيفية.

المُدرِّب: يختلف دور المُدرِّب في عمليَّة التدريب عن دور المُعلِّم في العمليَّة التعليمة، لذلك فإنه من المهم اختيار المُدرِّب المناسب الذي يجمع بين المؤهل العلمي والخبرة العمليَّة التي تجعله قادراً على استخدام أساليب التدريب المُتنوِّعة بما يتفق مع مستوى المُتدرِّبين، وطبيعة التدريب، وأهدافه.

ولاختيار المُدرِّب المناسب لابد من الاهتمام بالمعايير الآتية:

  • أن تتوافر لديه الرغبة في التدريب والتطوير الذاتي.
  • متابعة كل ما هو جديد في مجال عمله.
  • القدرة على نسج العلاقات الاجتماعيَّة مع المُتدرِّبين وهذا ما يُساعد المُدرِّب على أداء دوره في قاعة التدريب.
  • لابد له من أن يتمتع بالخبرة في مجال التدريب وكذلك في المادة التدريبيَّة التي سيشرف على تدريبها.

المادة التدريبيَّة
على الرغم من اختلاف التدريب عن التعليم في أهدافه وأساليبه إلّا أنّ هذا الاختلاف لا يعني عدم وجود قراءات وكتب ومراجع أي أسس نظريَّة يستند عليها المُتدرِّب في عمليَّة التطبيق. إن الفرق هو أن المادة العلميَّة بالنسبة إلى التدريب تكون عادة مختصرة ولا يقوم المُدرِّب بشرحها وتفصيلها كما يفعل المُعلِّم وإنّما تكون ضمن محتويات حقيبة التدريب بحيث يرجع إليها المُتدرِّب في الوقت الذي يناسبه. كما أنّ المادة العلميَّة تحتوي على تطبيقات وتمارين وحالات دراسيَّة يتم استخدامها في قاعة التدريب بعضها يؤديه المُتدرِّب وحده وبعضها يؤدّى بشكلٍ جماعي من خلال تقسيم المُتدرِّبين إلى مجموعات.

يفضل بالنسبة إلى المادة العلميَّة أن يسند إعدادها إلى المُدرِّب الذي سيتولى تنفيذ البرنامج التدريبي. وأن يتم تقويمها من قِبَلِ مختصين قبل التدريب، ويتم تقويمها من قِبَلِ المُتدرِّبين بعد التدريب.

إنّ التدريب ذا الصبغة العمليَّة لابد له من أسس ومداخل نظريَّة، وهذا لا يعني عيباً يؤخذ على عمليَّة التدريب، وإنما يكمن العيب أحيانا في أسلوب المُدرِّب حين يجنح للطرائق النظريَّة كالمحاضرات.

 

مراحل التدريب الإلكتروني
يمر التدريب الإلكتروني في مسيرته نحو تحقيق الأهداف التي صمم من أجلها بعدد من المراحل يمكن أن يتم توضيحها كما يأتي:

  • تحديد الاحتياجات التدريبيَّة: وتنطلق هذه المرحلة من تقدير الاحتياجات الخاصة بالمُتدرِّبين ووضعها على شكل أهداف يتم إقرارها من قِبَلِ الإدارة العليا وذلك انطلاقاً من ضرورة العمل على سد العجز وصقل المهارات للعاملين وتحديد الأهداف العامة والخاصة للتدريب ووضع السياسات والإجراءات اللازمة لتطوير أداء المُتدرِّبين في ضوء الأهداف العامة للمُؤسَّسة.
  • التخطيط والإعداد للبرامج التدريبيَّة: ويقصد بها الكيفيَّة التي يتم من خلالها ترجمة السياسات والاستراتيجيات والإجراءات التي تم إقرارها في مرحلة تحديد الاحتياجات التدريبيَّة، ثم التنسيق مع الخبراء من أجل وضع الخطة العامة للبرنامج التدريبي وجمع محتوى المادة التدريبيَّة واختيار أفضل الأساليب ملاءمةً للتدريب، واختيار الأنشطة وأساليب التقويم، ثم يتم الانتقال إلى التنسيق مع خبراء التدريب للبدء بتصميم البرامج التدريبيَّة الإلكترونيَّة التي تم الاتفاق على محتواها سابقاً.
  • التنفيذ: وتتضمَّن هذه المرحلة عدداً من الأنشطة الهامة، تبدأ بتحديد الجدول التنفيذي للبرنامج، ويتضمَّن ذلك تحديد مكان التدريب وترتيبه وإعداد تجهيزاته والمتابعة اليوميَّة لإجراءات تنفيذ البرنامج خطوةً خطوة.

إضافة إلى أساليب التقويم الخاصة بالمُتدرِّبين لقياس مدى استفادتهم من جلسات التدريب للبرنامج الإلكتروني مما يعطي القائمين على التدريب إشارات واضحة إلى مدى تحقيق الأهداف العامة للبرامج التدريبي، ومحاولة إدخال أي تعديلات أو إضافات يتطلَّبها الموقف التدريبي تعود بالفائدة على المشاركين في البرنامج التدريبي.

  • التقويم: تهتم عمليَّة تقويم التدريب بتحديد الأسس والمعايير التي يمكن من خلالها إجراء التعديلات لتطوير نظام التدريب ورسم خططه المستقبليَّة، وصولاً إلى تحديد الإجراءات الواجب اتّباعها والتي من المحتمل أن تؤدي إلى التغيير الفعَّال أكثر من غيرها. ويشمل الأسئلة التي يجب أن تطرح عند تنظيم البرنامج التدريبي قبل (مدخلات) وفي أثناء (عمليات) وبعد (مخرجات) التدريب.

وكذلك تقويم فاعليَّة البرنامج التدريبي وأثره والذي يختص بالأسئلة التي يجب أن تطرح ويجاب عنها بعد انتهاء البرنامج التدريبي وتحديداً حول (المخرجات)، سعياً إلى تدارك الأخطاء السابقة، ولتطوير التدريب القادم ليكون أكثر فاعليَّة ونجاحاً.

 

المصدر
كما قرأنا من العنوان، فقط توقعنا أن نقرأ ونتعرف على تأثير التدريب الإلكتروني في تنميَّة رأس المال الفكري للمُؤسَّسة وهو الشّيء الذي لم نقرأه في المقال، كما يؤخذ على الكاتب كثرة الأخطاء التنسيقية وعدم ترابط العبارات مما اضطرني إلى إعادة صياغة بعض العبارات. أيضاً كان هناك مشاكل في استخدام الفاصلة والتنقيظ حيث أكثر الكاتب من استخدامها بضرورة أو بلا ضرورة