التخطيط والإعداد السليم للإلقاء



الكاتب محمود الدمنهوري

إذا كنا نستطيع نقل الأفكار، والآراء بوضوح في أثناء المواقف اليوميَّة بدون الاستعداد لذلك، فلم نحتاج إلى الاستعداد لأداء الإلقاء؟ هناك سببان رئيسان لذلك، هما:

أولاً: خلال إلقاء يستغرق مدة عشرين دقيقة، أو أكثر نحتاج إلى نقل كميَّة كبيرة من المعلومات، تفوق كثيراً ما اعتدنا على نقله في جلسة يوميَّة. فنادراً ما يحصل الحضور على فرصة في أثناء الإلقاء لمقاطعة المُتحدِّث، والاستفسار عن شرح لمعلومة ما، ولذلك علينا أن ننقل أفكارنا في أقصى درجة ممكنة من الوضوح. نريد أن نمنح الإلقاء تنظيماً يسهل متابعته، وأن نطرح الأفكار بطرائق يستطيع الحضور فهمها، واستيعابها بسهولة ويسر.

ثانياً: إن لم نكن معتادين على أداء الإلقاء، فإن الموقف قد يكون ممتلئاً بالمفاجآت غير المُحدَّدة، والتي تحدث قلقاً يُصَعّب علينا أداء الإلقاء على النحو المطلوب، فنجد صعوبة في نطق كلماتنا، ولا نستطيع التفكير بوضوح.  فالاستعداد يساعدنا على إزالة الأمور المجهولة من الإلقاء. وفي الواقع، إن الاستعداد للإلقاء يمنحك الثقة بالأداء بطريقة طبيعيَّة أكثر.

دعنا ننظر إلى بعض هذه الأمور المجهولة. هنالك أربعة مُكوَّنات أساسيَّة لأي إلقاء، والاختصار ح و/ م ر سوف يساعدك على تذكرها:

ح = الحضور،  و = الوسيلة،  م = المقدِّم،  ر= رسالتك.

 يواجه المقدِّم محدود التجربة، والخبرة أموراً مجهولة في مجالات أربعة:

  • ماذا يتوقع الحضور؟
  • هل سيصغون إليّ؟
  • كيف ستكون ردود أفعالهم عمّا سأقوله لهم؟
  • كيف سأقف أمامهم؟
  • هل يجب عليّ استخدام الكثير من الشرائح؟
  • هل أتصرَّف معهم بطريقة رسميَّة؟
  • ماذا يحدث لو أنني نسيت ما أريد قوله لهم؟
  • هل سيفهمون ما سأتحدث عنه؟

إن الاستعداد يجيب عن هذه الأسئلة، وعن كثير غيرها مما يمكن أن يسبب المتاعب للمقدِّم قليل الخبرة، والتجربة (وحتى للمقدِّمين الذين اعتادوا على تقديم العديد من الإلقاءات). كما أن الاستعداد يساعدك على تجنُّب العديد من المآزق.

بعض المآزق العامة التي تحدث في أثناء الإلقاء:

  1. الحضور
  • لم تفهم سبب تواجد الناس، ولم تزوّد الناس بالمعلومات التي يريدونها، أو يحتاجون إليها حقاً.
  • بالغت في تقدير المعرفة المتوافرة لديهم عن الموضوع، ولم يستطيعوا فهم الموضوع الذي كنت تتحدَّث عنه.
  1. الوسائط
  • قمت بإعداد الإلقاء مشدداً التدقيق على تفاصيل الموضوع، واخترت كلماتك بعناية، وقدمت الإلقاء كلمة كلمة، فبدا الإلقاء مملاً، وتوقف وأعرض الحضور عن الإصغاء إليك.
  • بدت الشرائح التي أعددتها باحترافية فائقة الروعة، ولكن حينما شرحت هذه الشرائح كان الحضور مهتمين بالشرائح أكثر من اهتمامهم بما كنت تتحدَّث عنه.
  1. مقدِّم الإلقاء
  • ركزت عينيك على ملاحظاتك المدونة بسبب قلقلك على نقل رسالتك بشكل صحيح، فشعر الحضور بأنهم مهملون من جانبك، ولم تلاحظ تشتت انتباههم وانشغالهم عن الإلقاء.
  • لم تتوقف وقفات مؤقتة في أثناء الإلقاء بسبب خوفك من إمكانية اعتقاد الناس بأنك نسيت ما أردت أن تنقله من معلومات إليهم، ولم تعط الحضور برهة من الزمن لكي يستوعبوا فكرة ما، قبل أن تبدأ بشرح الفكرة التي تليها.
  1. الرسالة
  • لم تكن واضحاً في عرض الرسالة التي أردت نقلها إلى الحضور، ولم يعرف الحضور تلك الرسالة أيضاً.
  • شرحت أفكارك عن طريقة إعطاء أمثلة ممتازة، ولكنها لم تكن مناسبة للحضور، لقد فقد الحضور الاهتمام برسالتك، وفقدت رسالتك تأثيرها فيهم.

 

وبدراسة هذه الأمثلة ستلاحظ أن الحضور هم دوماً بؤرة المشكلة، وذلك لأنك من خلالهم فقط تستطيع تحقيق أهداف إلقائك. فعليك عند الإعداد لأي إلقاء أن تبدأ بدراسة الحضور.

كيف تنمي قدرتك على الإلقاء، ميخائيل ستيفنز، سامي تيسير سلمان، بيت الأفكار الدوليَّة للنشر والتوزيع، ص 19-23، 1996.