التحديات التربويَّة في عصر التعليم الإلكتروني

يُعدُّ التعليم الإلكتروني أسلوباً من أساليب التعليم في إيصال المعلومة إلى المُتعلِّم، ويتم فيه استخدام آليات الاتصال حتى يتم التعلُّم من خلال المرسل والمستقبل باستخدام الوسائل الحديثة من حاسب آلي وشبكاته ووسائطه المُتعدِّدة من صوت وصورة ورسومات وآليات بحث ومكتبات إلكترونيَّة، وكذلك بوابات الإنترنت سواءً كان عن بعد أم في الفصل الدراسي أي استخدام التقنية بجميع أنواعها في إيصال المعلومة إلى المُتعلِّمفي أقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة.



وقد جعلت ثورة المعلومات العالم أشبه بشاشة إلكترونيَّة صغيرة في عصر الامتزاج بين تكنولوجيا الإعلام والمعلومات والثقافة والتكنولوجيا، وأصبح الاتصال إلكترونيـاً وتبادل الأخبار والمعلومات بين شبكات الحاسب الآلي حقيقة ملموسة، مما أتاح سرعة الوصول إلى مراكز العلم والمعرفة والمكتبات والاطلاع على الجديد لحظة بلحظة.

وقد بدأً مفهوم التعليم الإلكتروني ينتشر منذ استخدام وسائل العرض الإلكترونيَّة لإلقاء الدروس في الفصول التقليديَّة واستخدام الوسائط المُتعدِّدة في عمليات التعليم الفصلي والتعليم الذاتي، وانتهاءً ببناء المدارس الذكية والفصول الافتراضيَّة التي تتيح للطلاب الحضور والتفاعل مع محاضرات وندوات تقام في دول أخرى من خلال تقنيات الإنترنت والتلفزيون التفاعلي.

لقد أدت التحديات التربويَّة الهائلة التي يطرحها عصر الكمبيوتر والمعلومات إلى مراجعة شاملة ودقيقة للأسس التربويَّة حيث إِنّ هدف التربية لم يعد هو تحصيل المعرفة، فلم تعد المعرفة هدفـاً في حد ذاته، بل الأهم من تحصيلها هو القدرة على الوصول إلى مصادرها الأصلية وتوظيفها في حل المشكلات لأنَّ تقنية المعلومات والاتصالات لها أثر بالغ في التربية المستدامة.

إنَّ تحديات تربية الغد لا بد من أن تسعى إلى إكساب الفرد أقصى درجات المرونة وسرعة التفكير حيث لم تعد وظيفة التعليم مقتصرة على تلبية الاحتياجات الاجتماعيَّة والمطالب الفرديَّة فحسب بل تجاوزتها إلى النواحي الوجدانيَّة والأخلاقيَّة وإكساب الإنسان القدرة على تحقيق ذاته وأن يحيا حياة أكثر ثراء وكذلك فإنَّ هدف التربية لم يعد مقصورًا على نشر التعليم بل الاهتمام بنوعيته وآفاقه، قبل موارده ووسائله وقنواته بحيث تكون ركائز فلسفتنا التربويَّة هي العقلانية والحرية ووحدة الفكر والحضارة الإنسانيَّة والتعرُّف على الأبعاد الأخلاقيَّة والثقافيَّة للتعلُّم لذلك كله لا بد من مواكبة التغيُّرات في أساليب التعليم ووسائله المختلفة بحيث نراعي الأصالة، ونتبنى فلسفة تربويَّة أصيلة، ولمواكبة إيجابيات عصر المعلومات لذلك لا بد من زيادة فاعليَّة المُدرِّسين لينعكس ذلك على المجتمع المدرسي والمجتمع بشكل عام.

من هنا لابد من مواكبة آفاق التعلُّم الإلكتروني ونشر ثقافة التعليم الإلكتروني وتدريب المُدرِّسين على الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا والأخذ بالإيجابيات، والبعد عن السلبيات والتعاون بين مُؤسَّساتنا التعليميَّة، وتوثيق الصلة بين المعاهد في مجال التعليم الإلكتروني، والاطلاع على تجارب الآخرين في هذا المضمار والتعليم عن بُعد في عصر المعلومات، والتعرُّف على التطبيقات والتجارب في مجال التعلُّم الإلكتروني، وإتاحة فرص تبادل الخبرات بين المختصين والمهتمين في ميدان التعلُّم الإلكتروني (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) صدق الله العظيم. والله الموفق.