البيئة وأثرها في تربية الطفل

أجمع المَعنِيّون بالبحوث التربويَّة والنفسيَّة على أن البيئة من أهم العوامل التي تعتمد عليها التربية، في تشكيل شخصيَّة الطفل، وإكسابه الغرائز والعادات، وهي مسؤولة عن أي انحطاط أو تأخّر للقيم التربويَّة، كما أنّ استقرارها وعدم اضطراب الأسرة لهما دَورٌ كبير في استقامة سلوك الطفل ووداعته.



وقد بحثَت مؤسسة (اليونسكو) في هيئة الأمم المتحدة في المؤثرات الخارجة عن الطبيعة في نفس الطفل، وبعد دراسةٍ مستفيضةٍ قام بها الاختِصَاصِيّون قَدَّموا هذا التقرير: (مِمَّا لا شكَّ فيه أنّ البيئة المستقرة سيكولوجياً، والأسرة الموحدة التي يعيش أعضاؤها في جو من التعاطف المتبادل هي أول أساس يرتكز عليه تَكيّف الطفل من الناحية العاطفية. وعلى هذا الأساس يستند الطفل فيما بعد في تركيز علاقاته الاجتماعيَّة بصورة مرضيَّة، أما إذا شُوِّهَت شخصيَّة الطفل بسوء معاملة الوالدين فقد يعجز عن الاندماج في المجتمع).

فاستقرار البيئة وعدم اضطرابها من أهم الأسباب الوثيقة في تماسك شخصيَّة الطفل، وازدهار حياته، ومنَاعَتِه من القلق، وقد ذهب علماء النفس إلى أن اضطراب البيئة، وما تحويه من تعقيدات، وما تشتمل عليه من أنواع الحرمان، كل هذا يجعل الطفل يشعر بأنه يعيش في عالم متناقض، ممتلئ بالغش والخداع، والخيانة والحسد، وأنه مخلوقٌ ضعيف لا حَولَ له ولا قُوَّة تجاه هذا العالم العنيف.

وقد عني الإسلام بصورة إيجابيَّة بشؤون البيئة، فأرصد لإصلاحها وتطوّرها جميع أجهزته وطاقاته، وكان يهدف قبل كل شيء إلى أن تَسُود فيها القيم العُليا من الحق والعدل والمساواة، وأن تتلاشى منها عوامل الانحطاط والتأخر من الجور والظلم والغبن.

وأن تكون آمنة مستقرة خالية من الفتن والاضطراب، حتى تُمَدّ الأمة بِخِيرة الرجال، وأكثرهم كفاءة وانطلاقاً في ميادين البرّ والخير والإصلاح، وقد انتخبت البيئة الإسلاميَّة العظماء والأفذاذ والعباقرة المصلحين، الذين هم من خِيرة ما أنتجته الإنسانيَّة في جميع مراحل تاريخها، كمولانا الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وعمار بن ياسر، وأبي ذر، وأمثالهم من بُنَاة العدل الاجتماعي في الإسلام.

 

المصدر: مجلة المُدرِّس