الاستشارة الحاضرة تخلق تغييراً دائماً

في المرة القادمة التي ستخضع لتجربة حدث يسبب لك السعادة مثل عودتك من عطلة الأسبوع أو حضور محاضرة لمتحدث عالمي أو بعد قيامك بجولة في بلد آخر، عليك الانتباه لتعليقات المشاركين في نهاية هذا الحدث, ففي أغلب الأحيان ستسمع تعليق مثل "حسناً، عدنا الى العالم الواقعي." إن الاعتقاد ان هذه التجربة من الممكن أن تغير حياة الأشخاص في "العالم الواقعي" تبدو غير منطقية للكثيرين.



فمعظم المنظمات تواجه مشكلة في التعامل مع هذه الحلقة المفقودة عند بدأها ببذل جهود نحو التغيير. وخاصة المنظمات التي تركز على التغيير المرتبط بالمجتمع والناس، حيث يخرج الناس من جلسة مفيدة عن قوة تغيير المجتمع فقط ليعودوا الى الأنظمة القديمة نفسها. إن استخدام الدروس المأخوذة من الخبرة لتغيير فريق عمل تصبح معركة ميؤوس منها، فما بالك بالمنظمات؟

عليك باستعمال حضور الاستشارة في الاعمال اليومية لبناء جسر بين المعرفة النظرية والمعاملات اليومية والذي يشجع الناس على عيش وتطبيق هذا التغيير.

 

حضور الاستشارة هو بالضبط ما يدل اسمها عليه حيث أن استشاريين من خارج المنظمة يأتون الى المنظمة ويندمجون بشكل كامل مع شبكة العلاقات هناك حيث يحضرون نفس الاجتماعات ويأكلون من نفس الكافتيريا ويتبادلون المحادثات في نفس الأروقة التي يرتادها الناس داخل المنظمة حتى انهم يحددون وقت ليقضوا وقتاً ليتجولوا ويتحدثوا مع الناس. من المؤكد أن هؤلاء الاستشاريين عادةً يقومون بتسهيل جلسات تعليمية رسمية تدعم عملية التغيير.

ومن المؤكد ان هؤلاء الاستشاريين يقومون عادةً بتسهيل الجلسات التعليمية الرسمية التي تدعم عملية التغيير. ولكن ما يحدث ما بين هذه الجلسات – من عدم كون الاستشارة حاضرةً للناس في المؤسسة - هو ما يميز الاستشارة الحاضرة.

مكانة الاستشاريين الحاضرين فريدة – سواء كان استشاريين من الشركة او خارج الشركة – حيث ان مكانتهم تجعلهم مورداً آمناً بالنسبة للأشخاص الذين يسعون للعمل من خلال التغيير.

الوجود المستمر للاستشاريين يعزز الثقة، قدرتهم على التفاعل مع الناس يبني الثقة بسرعة، وكونهم خبراء في مجالهم يولّد الاحترام. وكون هؤلاء الخبراء الاستشاريين رسمياً خارج النظام الهيكلي للشركة فإن الناس يمكنهم وبكل امان ان يقولوا ما لا يمكن قوله وان يتحدوا الغير قابل للتحدي. إن عدم وجود هذه النوعية من الامان يجعل من التغيير امراً غير ممكناً.

كيف يمكن للاستشاريين الحاضرين الاستفادة من الأمان والثقة التي نشأت لدفع التغيير إلى الأمام؟ إن الامر هو أن تكون موجوداً في المكان المناسب وفي الوقت المناسب. بعد اجتماعات (الذي يحضر فيه الاستشاريين جنباً إلى جنب مع الناس الذين يعملون في المنظمة) قد يقوم احد الحضور بسؤال احد الاستشاريين " هل لديك دقيقة من وقتك ؟ أريد أن انجز أمراً على طريقتك" إن الناس يكونون اكثر استعداداً لتلقي ردود الافعال والآراء  فقط عند سؤالهم لها. اذاً هذه اللحظات تصبح فرص ذهبية لتقديم التغيير بطريقة يمكن للشخص اعتمادها.

 
وفي أحيان أخرى، هي مسألة للفت النظر إلى التغيير الذي يطرأ تماماً بينهم.

في الجلسة الأخيرة تولينا نحن الإثتنا عشر سلوكاً ضمنياً, احدهم تحدث عن الفرصة الفائتة لتحدي زميل له

كما أنها أبلغت قرارها لتصحيح الوضع. أشرنا فورا إلى قرارها كمثال على واحد من السلوكيات شاملة: "الميل إلى عدم الراحة – عليك ان تكون على اتم الاستعداد لتحدي الذات والآخرين". لقد اصبحت مثالا حياً على ما كان  مجرد فكرة تجريدية بالنسبة للمجموعة.

هذا أيضاً الدافع وراء الضرورة لوجود مستشار حاضر آخر: لوضع نموذجاً عن التغيير.

كل يوم يحاول المستشارون عمل تطابق الفيديو مع الصوت،" لتوفير تجسيد مرئي لما سيبدو عليه التغيير والذي يتضمن نمذجة طرق تحدي الوضع الراهن والذي مهد الطريق للآخرين لفعل الشيء نفسه. النموذج كمثال عن كيفية التواصل مع الأشخاص وتغير اوساطهم بطرق لم يستطع العرض التقليدي تقديمه من قبل.

من خلال كل هذه الطرق، يمكن للمستشارين الحاضرين تشجيع التغيير في نفوس الإفراد كل يوم.

لقد وصلوا إلى عقول وقلوب الناس الذين يستشعرون هذه الاستشارات بطرق حيّة. هكذا يمكن لصوت الاستشاري ان يكون موجوداً حتى لو لم يكن الاستشاري حاضراً. هذا يساعد في ان التغيير سوف يستمر لفترة أطول من التعاملات الاستشارية.

في الحقيقة يمكننا القول ان الاستشارة الحاضرة تعمل فقط عندما يكون الناس ضمن المؤسسة قد اصبحوا مستشارين لأنفسهم بأنفسهم.

مؤخراً علق قائد فريق بمواضيع لم تكن آمنة للمناقشة بعد, تطلب ذلك تقنية الميل إلى عدم الراحة و ذكر الغير قابل للذكر

أشرنا إلى ذلك مسبقاً على أنها قد تكون فرصة للنمو وذلك من خلال تحدي احدهم الآخر. الآن هؤلاء الأشخاص يتحدى بعضهم البعض بأنفسهم وبحرية مطلقة مع الحاجة لتوضيح كل شيء

هذا السلوك الآن أصبح سلوكهم الضمني الخاص والذي يقومون بتطبيقه بأنفسهم.
 

عندما تعمل الاستشارة الحاضرة، فإن الاشخاص سيجعلون المشاكل تبدو ظاهرة ومرئية، وسوف تظهر الأسئلة المناسبة، وسوف تقوم  المجموعات بتشجيع الجميع على المشاركة , وستصبح اللقاءات أكثر فاعلية , وسيصبح قادة المجموعات اكثر اصغاءً قبل البدئ بالقيادة , الأهم من ذلك المنظمة ستبذل كامل القوى لضمان تغيير كامل في الآراء وذلك يقود لقرارات أفضل.

وهذا كله يبدأ عندما يكون هدف الأفراد هو ببساطة التواجد هناك, بالوقت الحقيقي، لمساعدة الأفراد بعمل تغييرهم بأنفسهم.

المصدر
ترجمة مالك اللحام