الاتجاهات وتعلمها (الجزء الثالث: شروط تكوين الاتجاهات ونموها وتعلمها)

شروط تكوين الاتجاهات:

هناك عوامل يشترط توافرها في الفرد حتى يتكوَّن لديه الاتجاه وهي:

  1. تكامل الخبرة: تتكون الاتجاهات عندما تتكامل الخبرات الفرديَّة المتشابهة في وحدة كلية، فعلى سبيل المثال عندما يخفق التلميذ في مادة الحساب لا يتكوَّن عنده اتجاه ضد المدرسة وعملية التعليم عموماً إلا إذا أخفق في مواد عديدة أخرى، حيث تتكامل عنده خبرة الإخفاق ومن ثمَّ يتكوَّن الاتجاه.
  2. حدَّة الخبرة: فللخبرات الانفعاليَّة الحادة أثر قوي في تكوين الاتجاهات.
  3. تكرار الخبرة.

انتقال الخبرة: تنتقل الخبرة عن طريق التصور أو التخيل أو التقليد، وتعد من العوامل الهامة في تكوين الاتجاه، فالمحاكاة والتقليد عامل قوي في تكوين الاتجاهات. ويكتسب الطفل أغلب اتجاهاته من أسرته من خلال عملية التطبيع الاجتماعي.



نمو الاتجاهات:

يمكننا أن نذكر بعض النقاط الهامة حول موضوع تعلُّم الاتجاهات ونموها:

  1. الاتجاهات مكتسبة وليست فطرية.
  2. إن المصدر الأول للاتجاهات هو الدوافع الفيزيولوجية التي تعبر عن نفسها في مستهل حياة الطفل في الرغبة في الطعام، وحين ينمو قليلاً تعبر عن نفسها في الرغبة في النشاط الجسمي. وهكذا نرى أن تكوّن الاتجاهات يبدأ جنباً إلى جنب مع القيم الفيزيولوجية الأولى التي يكونها الطفل إزاء ما يشبع دوافعه الأولى. ومن ثم تسير العملية في اطراد مستمر حتى تتكون اتجاهات الأطفال إزاء الموضوعات الجديدة المختلفة، نتيجة احتكاكهم ببيئاتهم المحليَّة الأولى.

ومن الجدير بالذكر أن الاتجاهات نحو الأمور المعنويَّة المُجرَّدة، لا تتكون بالمعنى الصحيح قبل مرحلة المراهقة، لأنها تتطلَّب مستوى من النضج العقلي لا يتوافر في مرحلة الطفولة، وأنها تقبل التعديل بعد تكونها.

 

تعلُّم الاتجاهات

المدرسة التقدُّمية تهتم بتحقيق دور مهم هو تطوير ثقافة المجتمع ومعتقدات أبنائه واتجاهاتهم وميولهم بحيث تجعل المجتمع أكثر حركيَّة، وتمكن أفراده من الملاءمة وتغيراته، وتقبل الجديد المناسب منها، ورفد المجتمع بمعتقدات ونموذجات سلوكيَّة جديدة مفيدة لصالح الإنسان.

 

ونذكر فيما يأتي بعض الوسائل التي يمكن للمدرسة أن تتبعها في هذا السبيل:

  1. الخبرات الانفعاليَّة:
    تتكون المعتقدات والاتجاهات عن طريق الخبرات التي يعانيها الفرد، ولاسيما في جانبها الانفعالي، فإذا كانت الخبرة الناتجة عن موقف معين سارة كان الاتجاه إيجابياً، أما إذا كانت الخبرة الناتجة مزعجة كأن تكون لوماً أو عقاباً، فإن الاتجاه الناتج كثيراً ما يكون اتجاهاً سلبياً.
  1. تقديم النماذج المرغوب فيها:
    إنّ تقديم نماذج من المعتقدات أو من السلوك الذي تسعى المدرسة إلى تكوين اتجاهات أو ميول نحوها يساعد على اكتسابها. ويتم ذلك بالتحدث عنها وشرحها ومناقشة خصائصها وميزاتها بقصد الترغيب فيها. أو يُكتفى بعرضها دون ما ترغيب أو دعوة إلى الاقتداء بها واقتفاء آثارها.
  1. الممارسة:
    مهمة المدرسة أن تنظم مواقف تعليميَّة حول الاتجاهات المطلوبة بحيث تتيح للمُتعلِّمين فرص الاشتراك في تلك المواقف بالعمل أو القراءة أو المناقشة أو كتابة التقارير أو الزيارات والرحلات وغيرها من أساليب الممارسة الهادفة.
  1. الاستفادة من الدوافع:
    يمكن الاستفادة من الدوافع القائمة عند المُتعلِّمين، ومن حاجاتهم المختلفة في إكسابهم الاتجاهات، وذلك بإثارة الدوافع الفيزيولوجية أو الاجتماعيَّة أو الثقافيَّة، وتنظيم إشباعها عن طريق مجالات تتضمَّن المعتقدات أو الاتجاهات المطلوب اكتسابها.

 

بقلم: ضحى فتاح

المرجع: منصور، علي: التعلُّم ونظرياته. مديريَّة الكتب والمطبوعات الجامعيَّة، منشورات جامعة تشرين، اللاذقية، (1421) هـ، (2001) م.

 

المصدر زاد ترين