استراتيجيات التعليم عن بعد-باري ويلز

سمات طلبة الدراسة عن بعد:

إنَّ الهدف الأساسي للطالب هو التعلُّم وفي أحسن الظروف فإنَّ هذا التحدي يتطلَّب دافعاً قوياً وتخطيطاً جيداً وقدرة على تحليل وتطبيق المعلومات التي تمت دراستها. وفي مجال التعلُّم عن بُعد فإن التعليم يصبح أكثر صعوبة وتعقيداً لأسباب عدة: فالكثير من الطلبة في هذا المجال من كبار السن والموظفين وأصحاب الأسر، ولذا فإن عليهم أن يراعوا التنسيق بين التعلُّم في مختلف مناحي حياتهم وبين مناحي الحياة الأخرى.



 كذلك تتعدَّد أسباب التعليم لديهم، فمنهم من هو مهتم بتحصيل درجة علميَّة تؤهله لعمل أفضل وكثيرون يتابعون الدراسة رغبة في زيادة ثقافتهم وليس من أجل الحصول على الشهادة الدراسيَّة.

وتكمن صعوبة هذا النوع من التعلُّم في عزلة الطالب وعدم اختلاطه بطلبة آخرين مما يؤدي إلى غياب روح المنافسة والاتصال. كذلك يفتقر الطالب إلى التعزيز المباشر والإرشاد والتوجيه اللازمين. كما يتلاشى دور المُعلِّم المباشر في توضيح النقاط التي تحتاج إلى توضيح.

 إضافةً إلى ذلك فإن هؤلاء الطلاب والمُعلِّمين يجدون لديهم قواسم قليلة مشتركة من حيث التعارف والخبرات اليوميَّة مما يؤدي إلى الحاجة إلى وقت أطول لإيجاد علاقة مشتركة بينهم.

وفي هذا التعليم يُعتمد على كون التكنولوجيا الوسيط الناقل للمعلومات والاتصالات. الأمر الذي يقتضي تأقلم الطلبة والمُدرِّسين مع هذه الأنظمة التقنية، فإن الاتصال يصبح ممنوعاً.

 

تطوُّر طلبة الدراسة (عن بعد) إلى مُتعلِّمين

قد يواجه الطلاب المبتدئون بعض الصعوبة في تحديد المُتطلَّبات الدراسيَّة الحقيقيَّة للمادة لعدم وجود المساعدة المباشرة والإرشاد المباشر، وعدم وجود المشرف المباشر أو لعدم تعوّد التعامل والوسائل التقنية المُستخدَمة. ومن الممكن ألاّ يكون المُتعلِّمون واثقين بأنفسهم وبما يتعلَّمون.

 يفترض (مُورجان) أن طلاب الدراسة (عن بعد) غير واثقين باكتساب وفهم ما يتعلَّمونه ولهذا يميلون إلى حفظ التفاصيل والحقائق من أجل إنهاء الواجبات الدراسيَّة والجلوس للامتحانات، مما يؤدي إلى ضعف في فهم مُتطلَّبات الدراسة. وهو يطلق على هذا النوع من حفظ الحقائق والتفاصيل المدخل السطحي للتعليم ويلخصه كالآتي:

  • تركيز على الإشارات (مثل النص والتعليمات).
  • التركيز على العناصر.
  • حفظ المعلومات وطرائق الاستعداد للامتحان.
  • عدم الربط بين الحقائق والمفاهيم.
  • الإخفاق في التمييز بين المبادئ والأدلة، وبين المعلومات القديمة والحديثة.
  • التعامل والواجبات كشيء مفروض بوساطة المشرف، وفصل المعرفة عن الواقع بسبب الاهتمام السطحي بمُتطلَّبات أوراق العمل والامتحانات.

إنّ الطلاب في التعليم عن بُعد يحتاجون إلى مزيدٍ من القدرة على التركيز على مواد التعلُّم الجديدة، وهذا يقتضي أن يتحول تعلمهم من مدخل المستوى السطحي إلى مدخل المستوى الأعمق. ويلخص مُورجان هذا المدخل كما يأتي:

  • التركيز على ما هو مهم (حجج المُدرِّسين).
  • تمييز وربط الافكار الجديدة بالمعرفة القديمة.
  • ربط المفاهيم بالتجربة اليوميَّة.
  • ربط وتمييز ما هو مثبت ومجادل فيه.
  • تنظيم وترتيب محتوى المادة.
  • التأكيد على ربط المواد التعليميَّة بالواقع المعاش.

 

تطوير التعليم عن بُعد: كيف يعد الدارسون عن بعد كمُتعلِّمين؟

إنَّ تطوير هذا النوع من التعلُّم السطحي إلى التعلُّم العميق لا يتم آلياً. ويقترح
(بروندج وماكنزون) مواجهة الطلبة البالغين ومُدرِّسيهم عددٍ من التحديات والتغلُّب عليها قبل أن تتم عمليَّة الدراسة: تحمل مسؤوليات أنفسهم وامتلاك السيطرة على قواهم ورغباتهم ومهاراتهم واحتياجاتهم، توضيح وتفسير ما تعلموه والإبقاء على احترام الذات، وإعادة تعريف شرعية المعرفة والتعامل والمحتوى. ومن التحديات التي يجب أخذها في الحسبان:

  • القدرة على تحمل المسؤولية الذاتيَّة
    يحتاج الدارسون في حلقات التعليم عن بُعد إلى دافعيَّة عالية حتى يتم جني الفائدة منها، ولأنً الاحتكاك اليومي بين المُدرِّسين والدارسين غائب، فإنَّهفي إمكان المُدرِّسين أن يزودوا الدارسين بالتغذية الراجعة السريعة والدائمة، ويُشجِّعوا على إثارة النقاش بين الدارسين، ويُشجِّعوا ويعززوا عادات الدراسة الفعَّالة.
  • امتلاك القوة، والرغبات، والمهارات، والحاجات
    يحتاج الطلبة إلى معرفة قدراتهم إلى أقصى حدودها، ومعرفة أهداف ما سيتعلَّمون. وفي مقدور المُدرِّسين أن يكشفوا عن قدرات المُتعلِّمين ومدى معرفتهم بالأهداف، عن طريق إيجاد دور مساعد لها في عمليَّة التعلم. إنَّ إيجاد الفرص أمام مشاركة خبرات المُتعلِّمين في المواد التي يتعلَّمون، يساعد على جعل ما يتعملونه ذا معنى ويزيد في دافعيتهم نحو التعلم.
  • الإبقاء على الاحترام الذاتي وزيادته
    إن ما يقلق الطلبة في التعليم عن بُعد هو تخوفهم من عدم النجاح في المادة التي يدرسونها. فهم يوازنون بين عدة مسؤوليات، الوظيفة وتحمل مسؤولية الأسرة. ففي الغالب لا يعرف الذين يعملون معهم أنهم دارسون، وكذلك ربما يجهل ذلك أفراد أسرهم. وإن أداءهم سيعزز إذا ما خصصوا وقتاً مناسباً لدراستهم، وإذا ما نالوا تشجيعاً من الأسرة. وفي مقدور المُدرِّسين الإبقاء على حماسة الدارس الذاتية، عن طريق إعطاء تغذية راجعة فوريَّة. فمن المهم أن يستجيب المُدرِّسون لأسئلة وواجبات الطلبة واهتماماتهم بطريقة إنسانيَّة مريحة، عن طريق استخدام التقنيات المناسبة مثل الفاكس والهاتف أو الكمبيوتر. إنَّ الملاحظات التوضيحية التي تُفَعِّل الأداء الشخصي للمُتعلِّم، واقتراح طرائق التحسين والتطوير هي من العوامل المساعدة في هذا المجال.
  • العلاقة مع الآخرين
    يتعلَّم الطلبة بطريقة فعَّالة عندما يتاح لهم مجال التفاعل مع الطلبة الآخرين، أنَّ التفاعل بين المُتعلِّمين يقود إلى التعاون الجماعي في حل المشكلات، وعندما يكون لقاء المُتعلِّمين متعذراً، فإنَّ وسيلة تقنية افتراضيَّة للتفاعل مثل البريد الإلكتروني يجب توافرها من أجل التحفيز إلى تفاعل المجموعات الصغيرة واللقاءات الثنائية. وكما أنَّ الواجبات التي يشتغل بها الطلبة معاً، والتي تعرض أمام الصف كله، تُشجِّع على خلق التفاعل بين الدارسين، فإنَّه يجب على المُعلِّم أن يؤكّد على التعليمات الواضحة والأهداف العمليَّة للواجبات الجماعيَّة.
  • إعادة تعريف المعرفة الحقيقيَّة المكتسبة
    تشير الأبحاث إلى أنَّ المُتعلِّمين البالغين قد يجدون صعوبة في تقبل حقيقة أنَّ خبراتهم وردود أفعالهم هي معرفة مكتسبة. وإذا كان دور المُدرِّس مُيَسِراً وليس آمراً فسيرى الطلبة أنَّ خبراتهم الشخصيَّة ثمينة من أجل تعلمٍ قادم. كما أنه في إمكانهم أن يستعملوا ضمائر المتكلمين من أجل تدعيم قيمهم الخاصة وتجاربهم ووجهات نظرهم.
  • التعامل والمحتوى
    يتعزَّز تعلُّم الدارسين عندما يكون المضمون مرتبطاً بالأمثلة. ويعتمد المُعلِّمون في التدريس أسلوب الأمثلة التي تعلموها في أثناء تدريبهم. وحتى يكون التعليم عن بُعد فعَّالاً، وجب على المُدرِّسين أن يكتشفوا أمثلة ترتبط بخبرات تلاميذهم وواقعهم. ويجب على المُدرِّس أن يُشجِّع الطلبة على استخدام وتطوير أمثلةً ترتبط بواقعهم ومجتمعهم وتطويرها.
  • الخلاصة
    إن التعليم والتعلُّم عن بُعد عمل مضنٍ. وفي كل الأحوال، فإنّه في الإمكان أن يصبح التعليم عن بُعد ذا معنى عميقٍ للطلبة، إذا تم تقاسم الطلبة والمُعلِّمون عمليَّة تطوير الأهداف والاستراتيجيات التعليميَّة، وَوُجِدَ التفاعل الحي بين الدارسين وتم تشجيع تبادل الخبرات المُتنوِّعة بينهم، وربط المعلومات بالأمثلة التي تُعزِّزها والإبقاء على احترام الذات، وتقويم ما تم تعلمه. وهذا هو التحدي والفرصة التي يوفرها التعليم عن بُعد.

المصادر:

المدرسة العربية
ماهية التعليم عن بُعد-الدليل الثامن بترخيص من د. باري وليز Barry Willis