استراتيجيات التعلم عن بعد-باري ويلز

ما وجه الاختلاف بين التدريس عن بعد والتدريس في الصفوف المدرسيَّة المعتادة؟

يعتمد المُدرِّسون في الصفوف المدرسيَّة العادية على عدد من ردود الأفعال التلقائية لدعم إيصال المحتوى التعليمي. فمن خلال نظرة فاحصة سريعة مثلاً، يمكن ملاحظة الطلبة الذين يدونون، أو الذين يواجهون صعوبة في فهم مسألة معينة أو من يريدون التعليق أو الاستفسار عن مسألة، كما يمكن ملاحظة الحالة النفسيَّة للطالب من انزعاج أو تخبط أو تعب أو ملل. وهكذا فإن المُدرِّس النبيه يقوم بتلقي وتحليل هذا الإشارات الملاحظة سواءً بعقله الواعي أم بعقله اللاواعي ليقوم بإيصال المعلومة بأسلوب يتناسب وحاجات الصف خلال دروس معينة.



وعلى النقيض من ذلك فإن المُدرِّس عن بعد، لا تتوافر لديه أية إشارات مبنية على الملاحظة. إلا أنه يمكن أن يتوافر ذلك من خلال وسائل تكنولوجيَّة، مثل شاشات الصوت والصورة فمن الصعب التوصُّل إلى إقامة حوار بناء بين المُدرِّس والصف عند تشويه التفاعل التلقائي بسبب المسافة والمُتطلَّبات التقنية.

لا يستطيع المُدرِّس عن بعد تلقي أي معلومة عن طريق الملاحظة البصرية دون استعمال الوسائل المرئيَّة الحيّة مثل التلفاز. فهو وعلى سبيل المثال غير قادر على معرفة إن كان الطلاب نائمين، أو يتحدث بعضهم مع بعضهم الآخر، أو حتى إذا ما كانوا موجودين في الغرفة. إن الإقامة في مجتمعات متباينة أو مواقع جغرافية مختلفة، أو حتى في دول وولايات مختلفة، يحرم كلّاً من المُدرِّس والطالب من الرابط الاجتماعي المشترك.

 

لماذا يتم التدريس عن بعد؟

يرى العديد من المُدرِّسين أن الفرصة التي يوفرها مجال التعليم عن بُعد، أهم وأكبر من العقبات، حيث إن الترتيبات الدقيقة المطلوبة للتعليم عن بُعد، تُحسِّن من مهاراتهم التدريسيَّة بشكل عام ومن نمط مشاعرهم نحو طلابهم. وهكذا فإن التحديات التي يفرضها نظام التعليم عن بُعد، تقابلها الفرص لـ:

  • الوصول إلى جمهور أكبر من الطلبة.
  • تلبية حاجات الطلبة غير القادرين على حضور الحلقات الدراسيَّة الصفيَّة.
  • إقامة حلقة وصل بين الطلبة من مناطق اجتماعيَّة وحضاريَّة واقتصاديَّة مختلفة.

 

تحسين التخطيط والتنظيم

عند إجراء تعديل أو تطوير على موضوع التعليم عن بُعد، يظل المحتوى الرئيس للموضوع ثابتاً بشكل عام، على الرغم من أن عرض موضوع التعلُّم عن بُعد يتطلَّب خططاً جديدة ووقتاً إضافياً للإعداد.

 

تتضمَّن المقترحات لتخطيط وتنظيم مَسَاقٍ يقدّم عن بعد ما يأتي:

  • ابدأْ عمليَّة التخطيط للدورة الدراسيَّة بدراسة نتائج الأبحاث المُتخصِّصة في مجال التعليم عن بُعد.
  • قبل أن تقوم بتطوير شيء جديد، قم بمراجعة المواد المتوافرة عن أفكار العرض المضمون.
  • افهم وحلل مواضع الضعف والقوّة الخاصة بأسلوب التوصيل المتوافر أمامك (مثل الصوت، والصوت والصورة، والبيانات، والمطبوعات)، من حيث الكيفيَّة التي سيتمّ التوصيل عن طريقها (مثل القمر الصناعي، أو موجة الراديو القصيرة، أو وصلة الشرائح الضوئيَّة، إلخ ...) من حيث حاجات المُتعلِّم ومُتطلَّبات الحلقة الدراسيَّة، وذلك قبل انتقاء الخليط المناسب من تكنولوجيا التعليم.
  • إن التدريب على تكنولوجيا التوصيل أمر هام لكل من المُعلِّمين والطلاب، حيث يمكن أن يتم لقاء مُسبَق لطلاب الصف يقومون خلاله باستعمال تكنولوجيا التوصيل، ويتعلَّمون الأدوار والمسؤوليات المناطة بالفريق التقني الداعم خلاله.
  • في بداية لقاء طلاب الصف قم ببدء نقاش صريح حول تحديد القواعد والمقاييس والخطوط الأساسيَّة. وفورَ أن تصبح العمليَّة قائمة، تمسَّك بهذه القواعد بشكل مستمر.
  • تأكَّد من أن جميع المواقع مجهزة بمعدات العمل والتواصل، وأوجد خطاً ساخناً مجانياً للإعلان عن المشاكل وتصويبها.
  • إذا أرسلت مواد الحلقة الدراسيَّة بالبريد، تأكَّد من تمام استلامها قبل بداية الحصة. وبمساعدة حافظة أبقِ على المواد الدراسيَّة مُنظَّمة، أخذاً في الحسبان أموراً مثل تجليد المناهج والأوراق الدراسيَّة قبل توزيعها.
  • إبدأ بالتدريج بعدد مقبول من المواقع والطلاب تسهل إدارته. إن مصاعب توفير الموارد البشريَّة والماديَّة وتحريكها تزداد في التعليم عن بُعد مع كل موقع جديد يستحدث.

 

توفير حاجات الطالب

إن العمل بفاعليَّة يتطلَّب تولد شعور لدى الطلاب بالراحة تجاه طبيعة التعليم والتعلُّم عن بُعد. حيث يجب أن تبذل الجهود لتسخير نظام التوصيل لتحفيز الطلاب وملاءمة حاجاتهم على أفضل وجه، ذلك من حيث مضمون الأشكال المفضلة من التعلم. وفيما يأتي الاستراتيجيات التي تساعد على تلبية حاجات الطلبة:

  • مساعدة الطلاب كي يعتادوا ويشعروا بالارتياح لتكنولوجيا التوصيل وتحضيرهم ليصبحوا قادرين على حل المشاكل التقنية التي يمكن أن تظهر. والتركيز على حل المشاكل المشتركة بدلاً من إلقاء اللوم على المصاعب التقنية التي قد تحدث من وقتٍلآخر.
  • تعزيز الوعي والارتياح لدى الطلاب بخصوص أنظمة الاتصالات الجديدة التي سوف تستعمل خلال الحلقة الدراسيَّة.
  • التعامل بحساسية مع أنظمة الاتصالات المتباينة والخلفيات الحضاريَّة المُتعدِّدة. فعلى سبيل المثال، يجب التذكر بأن الطلاب ربما يختلفون في قدراتهم اللغوية، كما أن روح النكتة مسألة ذات خصوصيَّة حضاريَّة، لذلك فإن استيعابها لن يكون بالطريقة نفسها من قِبَلِ الجميع.
  • فهم ودراسة الخلفية الاجتماعيَّة والحضاريَّة للطلبة ولتجاربهم وخبراتهم من استراتيجيات التعليم عن بُعد.
  • تذكر ضرورة أن يمارس الطلبة دوراً فاعلاَ في الحلقة الدراسيَّة التي تصلهم عن بعد وذلك بأخذ زمام المسؤولية بخصوص تعلّمهم بصورة استقلالية.
  • الوعي الكافي لحاجات الطلاب من حيث التوافق مع التواقيت المتعارف عليها للجامعات، مع الأخذ في الحسبان الوقت الذي يضيع في كثير من الأحيان في مسألة وصول البريد.

 

إستعمال مهارات التدريس الفعَّال

لكي يكون التدريس عن بعد فعَّالاً فإن ذلك يتطلَّب زيادة وتقوية المهارات الموجودة أصلاً بشكل أكبر من تطوير قدرات جديدة.

انتبه بشكل خاص لما يأتي:

  • قم بدارسة واقعيَّة حول كميَّة المادة التي من الممكن توصيلها بفاعليَّة خلال الحلقة الدراسيَّة. بسبب العوامل (اللوجستية) (نقل وتوفير الأشخاص والمعدات)، فإن تقديم محتوى معين عن بعد، يحتاج عادة إلى وقت أكبر مما يحتاجه المحتوى نفسه في غرف الصف التقليديَّة.
  • الانتباه ومراعاة الاختلاف في أسلوب التعليم واختلافه عند الطلبة، فبعضهم يتعلَّم بسهولة من خلال التنظيم على أساس المجموعات، في حين أن سواهم يبدعون عندما يعملون بشكل مستقل.
  • نوّع نشاطات الحلقة الدراسيَّة وإجعلها ذات طابع تدريجي وتجنب المحاضرات المطّولة. وزّع طريقة عرض المحتوى مع المناقشات والتمارين التي تُركِّز على الطلاب.
  • قم بإعطاء طابع إنساني للحلقة الدراسيَّة وذلك بالتركيز على الطلاب وليس على نظام التواصل.
  • فكر في استعمال المواد المطبوعة كجزء مكمل للمواد غير المطبوعة.
  • استعمل دراسات الحالة والأمثلة ذات البعد المحلي قدر المستطاع، وذلك لمساعدة الطلبة على فهم وتطبيق محتوى الحلقة الدراسيَّة. فكلما كان عمل ذلك خلال الحلقة الدراسيَّة أسرع، كان ذلك أفضل.
  • استعمل الإيجاز والجمل القصيرة ذات المعنى الواضح، والأسئلة المباشرة، آخذاً في الحسبان أنَّ الوصلات التكنولوجيَّة قد تزيد في الوقت الذي يستغرقه الطالب للاستجابة.
  • طوّر خططاً لتقوية الطلاب من حيث التقويم، الإعادة، وسيلة الاتصال، ولتحقيق ذلك فإن إجراء المناقشات عن طريق الهاتف وإرسال البريد الإلكتروني من شخص إلى آخر، قد يكون فعَّالاً.
  • مع مرور الوقت سوف يتعامل المشاركون بشكلٍ أفضل مع عمليَّة التعليم عن بُعد، وسيرجع الوضع الطبيعي حول التدريس الفعَّال.
  • أخيراً سيزداد إحساس المشاركين بالراحة مع عمليَّة التعلُّم عن بُعد مع مرور الوقت.

 

تحسين التفاعل المتبادل والتغذية الراجعة

إن استعمال الخطط الفعَّالة للتفاعل المتبادل والتغذية الراجعة، يمكّن المُدرِّس من تحديد وتحقيق الحاجات الفرديَّة للطلاب، وذلك خلال إيجاد نموذج للاقتراحات حول تحسين الحلقة الدراسيَّة. لتحسين التفاعل المتبادل والتغذية الراجعة، اعتمد ما يأتي:

 

  • استعمل الأسئلة التحضيرية قبل بدء الدرس، وادفع المُنظَّمين إلى تشجيع التفكير التحليلي الجاد، مع إشراك جميع الدارسين، وكن على علم بأن تحسين أنظمة الاتصالات السيئة يحتاج إلى وقت.
  • في بدايات الحلقة الدراسيَّة، اطلب من الطلبة أن يقوموا بالإتصال بك وأن يتبادلوا فيما بينهم الرسائل الإلكترونيَّة مما يشعرهم بالراحة تجاه العمليَّةكلها. وهكذا فإنهم قد يتشاركون في جريدة إلكترونيَّة معاً.
  • نظّم ساعات مكتب للمكالمات الهاتفية، باستعمال رقم مجاني. نظّم ساعات هذه المكالمات بحيث تكون مسائية إذا كان غالبية الطلبة ممن يعملون خلال ساعات النهار.
  • اُدمج تشكيلة من وسائل التوصيل للتفاعل المتبادل والتغذية الراجعة، بحيث تتضمَّن المكالمات من شخص إلى آخر والمكالمات الجماعيَّة وكذلك الفاكس والبريد الإلكتروني ونظام الصوت والصورة واجتماعات الكمبيوتر. انظر في مسألة إقامة زيارات شخصيَّة إن كان ذلك مجدياً.
  • قم بالاتصال بكل موقع أو طالب أسبوعياً إذا أمكن ذلك، وخاصة في بداية الحلقة الدراسيَّة، سجل الطلاب الذين لا يشاركون خلال الدرس الأول، واتصل بهم بشكل فردي بعد انتهاء الدرس.
  • استعمل البطاقات البريديَّة المعنونة والمدفوعة مُسبَقاً، وكذلك استعمل هواتف الاجتماعات خارج إطار الصف والبريد الإلكتروني كوسيلة للتغذية الراجعة حول محتوى الحلقة الدراسيَّة، وملاءمتها، وتدرجها، ومشاكل التوصيل، والاهتمامات التعليميَّة.
  • اجعل الطلبة يعدُّون مجلّة حول حصيلة أفكارهم عن مضمون الحلقة الدراسيَّة، وكذلك حول التقدُّم الذي أحرزوه على المستوى الشخصي، وليقم الطلبة بتقديم وإرسال موضوعات من هذه المجلة من وقت إلى آخر.
  • اعتمد على الجهة التي تقوم بعمليَّة التسهيلات في موقع ما وذلك لتحفيز وتشجيع التفاعل عندما يتردَّد الطلبة البعيدون في توجيه الأسئلة أو المشاركة. بالإضافة إلى أن الجهة التي تُقدِّم تسهيلات في موقع ما في إمكانها أن تكون بمنزلة العين والأذن بالنسبة إليك في ذلك الموقع.
  • تأكَّد من الطلبة بشكل فردي بأن جميعهم تتوافر لهم فرصة كبيرة للتفاعل. وفي الوقت نفسه قم بشكل مؤدب وحازم بإيصال رغبتك إلى بعض الأفراد أو المواقع بأن يتوقفوا عن احتكار وقت الصف لأنفسهم.
  • قم بإبداء رأيك بالتفصيل حول المهمات الكتابية، مع الرجوع إلى مصادر إضافيَّة للحصول على معلومات تكميلية. ثم قم بإعادة تلك المهمات دون تأخير بوساطة الفاكس أو البريد الإلكتروني إذا كان ذلك عملياً.

 المصدر:

المدرسة العربية
التعليم عن بُعد-الدليل الثاني بترخيص من د. باري وليز Barry Willis