إقبال مزيد من الاحترافيين التكنولوجيين على التعاقد

لم يعد التوظيف كما كان عليه بل وأكثر من ذلك،إنه بالنسبة لكثير من الذين يعملون في التكنولوجيا قد يكون فرصة لا تتكرر. وفي الوقت الذي تتعافى فيه الولايات المتحدة من الركود الاقتصادي ببطىء لا ينمو التوظيف بنفس الوتيرة، يجد العمال أنفسهم بشكل متزايد بوظيفة جزئية بدون فوائد بل ويظهر أنه لا سبيل للعودة للعمل بدوام كامل.



في عنوان مقال جديد لأخبار أمريكا وتقرير العالم تم طرح سؤال (هل سنصبح متعاقدين مستقلين في العمل قريبا؟). وصفت القصة المذكورة في المقال كيف أن ست شركات من أصل عشرة لديهم خطط لتوظيف متعاقدين مستقلين أكثر خلال عام 2014. وصرحت الشركات أنها تقوم بذلك لأن الأمر يعطيهم مرونة للاعتماد على مجموعات مختلفة من المهارات بما أن احتياجاتهم تتغير، كما أن استخدام موظفين مؤقتين يسمح بتقليل نفقات التوظيف.


تقول المجلة أن العاملين في مجال التكنولوجيا والمعرفة هم من بين أكثر المتعاقدين المستقلين الذين يقع عليهم الطلب على الرغم من أنه ليس كل هؤلاء المتعاقدون المستقلون سعداء كما يُظهر السوق المزدهر هذا.

يعلق أحد القراء: (إن الموظفين الذين اعتمدوا سابقاً على الفوائد القيمة مثل الضمان الصحي هم من لديهم ضوء في نفق هذا الاقتصاد، يمكنك أن تراهن إيجابياً كما تشاء على هذه الفرص الجديدة ولكن الأشخاص الوحيدين الذين ينجحون هم الموظفون الذين ادخروا مبالغ ضخمة من المال).

إن هذه المدخرات تأتي من الفوائد مثل الإجازة والخدمات الصحية والتي لا تقدّم للمتعاقدين. بل والأسوأ من هذا أن المتعاقدين غالباً ما يتنافسون ضمن سوق عالمي حرفياً حيث يواجهون آخرين ذوو أجور أقل بكثير مما يجنيه العمال الأمريكيون عند عملهم موظفين بدوام كامل.

عموماً وبحسب إحصائيات الحكومة فإن نسبة 10 إلى 12% من العمال الأمريكيين لديهم أعمال مؤقتة أو عقود. يقول جيمس شيرك لأخبار فوكس – وهو محلل سياسة قدير في مجال علم اقتصاد العمل في مؤسسة هيرتج Heritage:(في الكثير من الحالات لا يكون أرباب العمل قادرين على احضار موظفين بدوام كامل بشكل منتظم لأن ذلك قد يؤذي الشركة كلها).

يقول شيرك: (إن هذا هو أكثر توجّه مقلق بسبب ضعف الاقتصاد، إنه الاقتصاد والحالة الذي لا يجد فيه اصحاب العمل عملهم يتحسن، لذلك لن يقترفوا خطأ من خلال استئجار موظفين بدوام كامل). لا يعتقد شيرك أن من المحتمل أن يستأنف التوظيف حتى يسترد الاقتصاد عافيته بشكل كامل.
أو هل سيستأنف؟ أليس من المحتمل أن تقرر الشركات أن استئجار المتعاقدين بحسومات هو طريقة اقتصادية أكثر لاستبدالانقطاع العمال خلال فترة الركود الاقتصادي؟


التعاقد بوصفه معياراً جديداً

يحدث في وادي السيليكون أن العمل كتعاقد (متعهد) أصبح مهنة جديدة للعمال المعزولين ولكن يتطلب الأمر غالباً تعديل طريقة التفكير من أجل النجاح.

يقول لوثر جاكسون – وهو مدير برنامج في نوفا والتي هي وكالة تدريب وتوظيف تمولها الحكومة في Sunnyvale, Calif في كاليفورنيا- (أولا، هل سيجب على المتعهدين (متعاقدين) أن يدركوا أن دورهم الجديد ليس بمثابة فشل؟ لقد طرحت سؤال: لماذا يعد ذلك فشلاً؟ إن ذلك العالم الجديد فحسب، ففكرة أداء مجموعة عقود لا تعني الهزيمة).

يقول جاكسون: (أن الكثير من عملائه قد استفادوا من الأعمال التعاقدية بوصفها مدخلاً للتوظيف بدوام كامل في شركات عميلهم، ثم يضيف، لكن التعافي من خسارة العمل يمكن أن يتطلب تغييرات أساسية في الكيفية التي يقدم بها العمال أنفسهم ومهاراتهم).

بعض المتعاقدين المستقلين تستأجرهم شركات فتعيد بيع خدماتهم لزبائنها. وفي الحقيقة أحياناً ينتهي المطاف بهؤلاء المتعاقدين عند أرباب أعمالهم السابقين ليجنوا مالاً أقل فحسب. ومن ناحية أخرى هناك الكثير من الأعمال التي تدوم لسنة أو أكثر. أفضل هذه الشركات المتعاقدة هي التي تقدم للموظفين رواتب وفوائد تنافسية.

وبالطبع ليس كل شخص قادر على تحويل عقده البسيط إلى مهنة جديدة. يقول أحد مسوقي التكنولوجيا المحنكين -- والذي جنى أكثر من 120000 $ قبل سنة من الركود- (إن العمل المستقل أفضل من انعدام الدخل ولكن ليس بكثير).

يقول أحد العمال - الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفاً من ملاحقته من قبل أرباب العمل الذين يحتمل أن يعمل لديهم والذي لايزال يرسل نسخاً عن سيرته الذاتية ولكن بدون أن يتوقع استجابات- (هناك حقيقة أخرى وهي أنني الآن في أواخر الخمسينات والشركات ليست مهتمة حتى بالكلام بعد الآن).

في الوقت الذي يقول فيه مبرمج -عمل بعقد مرة مع شركة رائدة في مجال نظام تشغيل افتراضي ولكنه بدون عمل منذ أكثر من سنتين – أن دخله الناتج عن العقد هو نسبة صغيرة مما جناه عندما كان موظفاً (لحسن الحظ أن زوجتي لديها عمل مستقر ولديها فوائد وهذه هي الطريقة التي نعيش بها).

إن التنافس العالمي الذي تدعمه وسائل الاتصال العالمية الرخيصة هو أحد أسباب الأجور المنخفضة التي تدفع للمتعاقدين وخاصة عبر المواقع التي توظف على الانترنت. فالنسبة لصاحب العمل يُمكّنه ذلك من الوصول إلى القوى العاملة النائية على نطاق واسع والتي تعيش في أماكن تكون بها الأجور والفوائد على النمط الغربي غير مسموع بها إلى حد كبير.

إن أهم ما في الأمر أن الركود الاقتصادي والعولمة قد تصارعت على السلطة مع الكثيرين ولكن الذين يقع عليهم الطلب والمتخصصون أكثر هم مختصي التكنولوجيا. أما بالنسبة للبقية فحتى الانتعاش الاقتصادي الكامل قد لا يكون كافياً لتوفير فرص عمل تقليدية لهم.

المصدر
ترجمة: حسن الاشقر
تدقيق: مالك اللحام