إعداد المعلم في مجال التعليم الإلكتروني

يتحدَّث الدكتور اسماعيل حسن في بحثه هذا عن أساليبٍ وطرائقٍلإعداد المُعلِّم الذي يود الاستفادة من التعليم الإلكتروني، حيث إنَّ هناك العديد من الوظائف والمسؤوليات والتي يتوجب عليه إنجازها في هذا المضمار لذا كانت الكفاءات الواجب الحصول عليها والتي يجب أن يكون كل مُعلِّمٍ حاصلاً عليها عديدة ومُتنوِّعة وبحيث تتمحور حول التكنولوجيا ومهارات التفكير النقدي فيها.



مُقدِّمة

نعيش الآن في عصر التكنولوجيا التعليميَّة، والتي انعكس تأثيرها على التعليم الذي هو طريق التقدُّم والرقي لأي مجتمع، وإذا كان المُعلِّم يمثل أحد أركان العمليَّة التعليميَّة، فإن إعداد المُعلِّم لابد من أن يواكب التطوُّر الحادث في التعليم، وهذا يدعو المُؤسَّسات التربويَّة المهتمة بإعداد المُعلِّم إلى إعادة النظر في برامج إعداد المُعلِّم، والمداخل التربويَّة التي يقوم عليها إعداده وإضافة الجديد إليها والعمل على تحسين وتطوير القائم منها.

وهناك مداخل كثيرة لإعداد المُعلِّم، منها المدخل التعليمي القائم على الكفايات Competencies))، والذي يُعَدُّ أحد الاتجاهات في إعداد المُعلِّم وأكثرها شيوعاً وانتشاراً، وهو مدخل يهدف إلى إعداد المُعلِّم وتأهيله على أسس تربويَّة ونفسيَّة تهدف إلى رفع مستوى أداء المُعلِّم مهنياً، وتوظيف كفاءته، وتوجيه مهاراته لمساعدة الطلاب على تحقيق أهدافهم.

ومفهوم الكفاية نظر إليه التربويون من زاويتين: شكلها العام ومُكوَّناتها، فالكفاية لها شكلان الكامن منها والظاهر، فالكفاية في شكلها الكامن مفهوم، ومن هنا فهي إمكانية القيام بالعمل نتيجة الإلمام بالمهارات والمعارف والمفاهيم والاتجاهات التي تؤهل للقيام بالعمل، وفي شكلها الظاهر عمليَّة، ومن هنا فهي الأداء الفعلي للعمل، وهذا لا يعني فقط مجرد إلمام المُعلِّم بالمعارف والمهارات التي تتضمَّنها الكفاية، بل لابد من أن يكون قادراً على القيام بهذه المهارات وتطبيقها بطرائق صحيحة وطبقاً للمعايير المتفق عليها في الأداء.

ويلحظ المتتبع لحركة التقدُّم السريع في مجال تكنولوجيا المعلومات من ناحية، ومجال تكنولوجيا التعليم من ناحية أخرى أن تزاوجاً قد حدث بين المجالين، وقد أدَّى حدوث هذا التزاوج إلى ظهور أفاقٍ جديدة رحبة للتعليم تمثلت في وجود العديد من المستحدثات التكنولوجيَّة Technological Advancements)) ذات العلاقة المباشرة بالعمليَّة التعليميَّة، ومن هذه المستحدثات التعلُّم الإلكتروني (E-Learning)، وهذا يتطلَّب بالضرورة وجود مُعلِّمين مؤهلين ومُدرِّبين على التعامل معه والتوظيف الجيد له في التعليم، كما أنه يتطلَّب منهم القيام  بأدوار ووظائف جديدة تتناسب مع مُتطلَّبات هذا المستحدث.

ولقد حدَّدت الكثير من الهيئات العالميَّة المهتمة بالمُعلِّم مثل المجلس القومي لاعتماد برامج إعداد المُعلِّمين (National Council of Accreditation for Teacher Education) (NCATE))، والمُنظَّمة الدوليَّة للتقنيات في التعليم
International Society for Technology in Education) (ISTE))، عدة معايير مرتبطة بتكنولوجيا التعليم للمُعلِّمين ومؤشرات تحقيقها، يجب أن يلموا بها وأن يعرفوها ويوظفوها جيداً في العمليَّة التعليميَّة من خلال برامج إعدادهم
(Educational Technology Standards and Performance Indicators for All Teachers)، ومن هذه المعايير فهم طبيعة التكنولوجيا، تخطيط وتصميم بيئات التعلم، التقويم والتقويم، ومراعاة الموضوعات الأخلاقيَّة والقانونيَّة والإنسانيَّة.

ولابد من أن تعكس برامج إعداد المُعلِّم هذه المعايير، ومن ثمَّ ظهرت الحاجة إلى إعادة النظر في برامج إعداد المُعلِّم بكليَّات التربية، لتواكب هذه التغيُّرات في مجال تكنولوجيا التعليم، كما أصبح إتقان المُعلِّم لمهارات المعلوماتيَّة والتعامل والمستحدثات التكنولوجيَّة متطلباً أساسياً من مُتطلَّبات برامج إعداد المُعلِّم وتدريبه، ومن ثمَّ تغيَّرت وظائف المُعلِّم في ظل نظام التعلُّم الإلكتروني (E-Learning)، إلى التخطيط للعمليَّة التعليميَّة وتصميم بيئات التعلُّم النشط، إضافةًإلى كونه باحثاً ومديراً وميسراً وموجهاً وتكنولوجياً، كما أنه ينبغي لَهُ أن يتقن مهارات التواصل والتعلُّم الذاتي والتفكير الناقد، وغيرها من الأدوار والوظائف الجديدة التي ينبغي له الاهتمام بتدريب المُعلِّم عليها مستقبلاً.

 

أدوار ووظائف المُعلِّم المستقبليَّة

إنَّ التحوُّل من نظام التعلُّم التقليدي والذي يُعدُّ المُعلِّم محور العمليَّة التعليميَّة، ومن ثمَّ فإن له وظائف معروفة ومُحدَّدة، إلى نظام التعلُّم الإلكتروني (E-Learning) والذي يقوم على مبدأ هام وهو الوصول بالتعلُّم إلى المُتعلِّم بصرف النظر عن مكانه وفي أي وقت يناسبه، عادة يتطلَّب تحولاً جذرياً في أدوار المُعلِّم المتعارف عليها في ظل التعلُّم التقليدي، إلى أدوار ووظائف جديدة في ظل التعلُّم الإلكتروني، ينبغي للمُعلِّم أن يتقن هذه الأدوار والوظائف، ويمكن توضيح هذه الأدوار فيما يأتي (محمد زين، 2005، 295-301، نبيل جاد، 2006):

  1. باحث: وتأتي هذه الوظيفة في مُقدِّمة الوظائف التي ينبغي للمعلم أن يقوم بها، وتعني البحث عن كل ما هو جديد ومُتعلِّق بالموضوع الذي يُقدِّمه إلى طلابه، وكذلك ما هو مُتعلِّق بطرائق تقديم المُقرَّرات خلال الشبكة.
  1. مُصمِّم للخبرات التعليميَّة: للمُعلِّم دور مهم في تصميم الخبرات والنشاطات التربويَّة التي يُقدِّمها إلى طلابه، وذلك لأن هذه الخبرات مكملة لما يكتسبه المُتعلِّم داخل أو خارج القاعات الدراسيَّة، كما أن عليه تصميم بيئات التعلُّم الإلكترونيَّة النشطة بما يتناسب واهتمامات الطلاب.
  1. تكنولوجي: فهناك الكثير من المهارات التي يجب أن يتقنها المُعلِّم للتمكن من استخدام الشبكة في عمليَّة التعلم، مثل إتقان إحدى لغات البرمجة، وبرامج تصفح المواقع، واستخدام برامج حماية الملفات، والمستحدثات التكنولوجيَّة وغيرها.
  1. مُقدِّم للمحتوى: إن تقديم المحتوى من خلال الموقع التعليمي لابد من أن يمتاز بسهولة الوصول إليها واسترجاعها والتعامل معها، وهذا له ارتباط كبير بوظيفة المُعلِّم بوصفه مُقدِّماً للمحتوى من خلال الشبكة، وهذه الوظيفة لها كفايات عديدة عليه أن يتقنها.
  1. مرشد وميسر للعمليات: فالمُعلِّم لم يعد هو المصدر الوحيد للمعرفة، ولم تعد وظيفته نقل المحتوى إلى المُتعلِّمين، وإنما أصبح دوره الأكبر منحصراً في تسهيل الوصول إلى المعلومات، وتوجيه وإرشاد المُتعلِّمين في أثناء تعاملهم مع المحتوى من خلال الشبكة، أو من خلال تعاملهم بعضهم مع بعضهمالآخر في دراسة المُقرَّر، أو مع المُعلِّم.
  1. مُقوِّم: ومن ثمَّ فعليه أن يتعرف على أساليب مختلفة لتقويم طلابه من خلال الشبكة، وأن تكون لديه القدرة على تحديد نقاط القوة والضعف لدى طلابه، وتحديد البرامج الإثرائيَّة أو العلاجيَّة المطلوبة.
  1. مدير أو قائد للعمليَّة التعليميَّة: فالمُعلِّم في نظم التعلُّم الإلكتروني من خلال الشبكة يعد مديراً للموقف التعليمي، حيث يقع عليه العبء الأكبر في تحديد أعداد الملتحقين بالمُقرَّرات الشبكية ومواعيد اللقاءات الافتراضيَّة وأساليب عرض المحتوى وأساليب التقويم وطريقة تحاور المُتعلِّمين معاً.

 

الكفايات اللازمة للمُعلِّم

وفي ضوء ما سبق من تحديد لأدوار ووظائف المُعلِّم المستقبليَّة في ظل التعلُّم الإلكتروني عبر الشبكة، يمكن تحديد الكفايات اللازمة للمُعلِّم في مجال التعلُّم الإلكتروني في: (محمد زين، 2005، 327-338).

                   

  1. الكفايات العامة
    هناك كفايات عامة ينبغي إلمام المُعلِّم بها، تتمثل في:
    • كفايات مُتعلِّقة بالثقافة الكمبيوترية:
      مثل معرفة المُكوَّنات الماديَّة للكمبيوتر وملحقاته، التعرُّف على برمجيات التشغيل والوسائط التي يعمل بها الكمبيوتر، الاستخدامات المختلفة للكمبيوتر في العمليَّة التعليميَّة والحياتيَّة المختلفة، الفيروسات وطرائق الوقاية منها، معرفة المصطلحات المُستخدَمة في مجال الكمبيوتر.
    • كفايات مُتعلِّقة بمهارات استخدام الكمبيوتر:
      مثل استخدام لوحة المفاتيح والفأرة، وكيفيَّة التعامل ووحدات الإدخال والإخراج، كيفيَّة التعامل وسطح المكتب والملفات والبرامج سواء بالحفظ أو النقل أو الحذف أو التعديل، والتعامل ووحدات التخزين، واستخدام مجموعة برامج الأوفيس، والتغلُّب على المشكلات الفنيَّة التي تواجهه في أثناء الاستخدام.
    • كفايات مُتعلِّقة بالثقافة المعلوماتيَّة:
      مثل التعرُّف على مصادر المعلومات الإلكترونيَّة، واستخدام شبكة الإنترنت في العمليَّة التعليميَّة من بحث وبريد إلكتروني وغيرها من استخدامات الإنترنت التعليميَّة، والقدرة على تقويم مصادر المعلومات الإلكترونيَّة المتاحة عبر الإنترنت، ومعرفة المبادئ الأساسيَّة للتصميم التعليمي، وتصميم ونشر الصفحات التعليميَّة على الإنترنت، واستخدام الوسائط المُتعدِّدة في عمليَّة التعلم، واستخدام المصطلحات المُتعلِّقة بتكنولوجيا المعلومات.
  1. كفايات التعامل مع برامج وخدمات الشبكة:
    وتتمثل هذه الكفايات في:
    • إجادة اللغة الإنجليزيَّة.
    • التعامل مع نظام التشغيل ويندوز وإصداراته المختلفة.
    • استخدام محركات البحث المختلفة للوصول إلى المعلومات التي يحتاج إليها.
    • التعامل والخدمات الأساسيَّة التي تقوم عليها التطبيقات التربويَّة للشبكة، مثل خدمة البحث، والبريد الإلكتروني، والمحادثة، ونقل الملفات، والقوائم البريديَّة.
    • القدرة على إنزال الملفات من الشبكة وحفظها.
    • القدرة على تحميل الملفات إلى الشبكة ونشرها.
    • إتقان إحدى لغات البرمجة لتصميم الصفحات والمواقع التعليميَّة.
    • القدرة على المشاركة في مجموعات النقاش المتاحة عبر الإنترنت.
    • القدرة على ضغط أو فك الملفات من الشبكة وإليها.
    • إنشاء الصفحات والمواقع التعليميَّة ونشرها وتحديثها كل فترة.
    • الدخول إلى المكتبات العالميَّة وقواعد البيانات.
    • التحقُّق من مهارات المُتعلِّمين التكنولوجيَّة والفنيَّة اللازمة للتعامل مع المُقرَّرات الإلكترونيَّة.
  2.  كفايات إعداد المُقرَّرات إلكترونياً
    وتتضمَّن عدداً من الكفايات الرئيسة هي:
  1. كفايات التخطيط
    وتتضمَّن مجموعة من الكفايات الفرعيَّة المتمثلة في:
    • تحديد الأهداف العامة للمُقرَّر المراد إعداده إلكترونياً.
    • تحديد مدى ملاءمة المُقرَّر لطرحه على الشبكة.
    • تحديد من هم المستفيدون من المُقرَّر؟ وخبراتهم السابقة وخصائصهم النفسيَّة والاجتماعيَّة.
    • تحديد المُتطلَّبات الماديَّة والبشريَّة اللازمة لإعداد المُقرَّر إلكترونياً.
    • تحديد فريق عمل إنجاز المُقرَّر إلكترونياً وتحديد مهام كل عضو في الفريق.
    • تحديد جدول زمني لإنجاز المهام الموكلة إلى كلِّ عضوٍفي فريق العمل.
  1. كفايات التصميم والتطوير
    وتتضمَّن مجموعة من الكفايات الفرعيَّة المتمثلة في:
    • تحديد الأهداف التعليميَّة للمُقرَّر الإلكتروني.
    • تحديد أنشطة التعلُّم التي تُشجِّع على التفاعل بين المُتعلِّمين.
    • تحديد الوسائل المُتعدِّدة التي سيضمَّنُها المُقرَّر الإلكتروني.
    • إعداد السيناريو التعليمي للمُقرَّر الإلكتروني.
    • تحديد أساليب التفاعل الإلكتروني فيما بين المُتعلِّمين وفيما بينهم وبين المُعلِّم، وبينهم وبين مواد التعلم.
    • تحديد أساليب التغذية الراجعة.
    • تحديد الوصلات الإلكترونيَّة بين مُكوَّنات المُقرَّر الإلكتروني.
  1. كفايات التقويم
    وتتضمَّن مجموعة من الكفايات الفرعيَّة المتمثلة في:
    • استخدام وتطبيق أساليب مختلفة للتقويم الإلكتروني من خلال الشبكة.
    • تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف لدى الطلاب.
    • إعداد برامج إثرائيَّة وعلاجيَّة للطلاب.
    • وضع معايير علميَّة يتم في ضوئها تقويم الطلاب.
    • تقديم التغذية الراجعة إلى الطلاب.
  1. كفايات إدارة المُقرَّر على الشبكة
    وتتضمَّن مجموعة من الكفايات الفرعيَّة المتمثلة في:
    • القدرة على تنظيم الوقت لتقديم المُقرَّر من خلال الشبكة.
    • تهيئة الطلاب لتحمل مسؤولية التعلُّم من خلال المُقرَّرات الإلكترونيَّة عبر الشبكة.
    • تزويد الطلاب بالمصادر الكافية للتعلُّم من خلال الشبكة.
    • تتبع أداء الطلاب ومدى تقدُّمهم في التعلُّم لتقديم المشورة والنصح إليهم.
    • تشجيع التفاعل مع المُقرَّرات الإلكترونيَّة.
    • تشجيع التفاعل فيما بين الطلاب ، وفيما بينهم وبين المُعلِّم.
    • إدارة المُقرَّر إلكترونياً من خلال الشبكة.

المصدر                

كما قرأنا، فإن الكاتب طرح النواحي والجوانب الواجب تطويرها في أي مُعلِّم يريد خوض غمار التعليم الإلكتروني، لكن مقالته هذه تفتقر إلى شيء جوهري الا وهو استعراض البرامج والشهادات الأساسيَّة في التعامل والتكنولوجيا التي تجعله على الكفاية اللازمة للتعامل وإيَّاها.