إعداد الدروس

مسعد محمد زياد

أولاً:أهميتها

يحتاج المُعلِّم إلى تخطيط عمله، شأنه في ذلك شأن من يقومون بالأعمال الهامة الأخرى، فإذا كانت حاجة أصحاب المهن الأخرى إلى التخطيط واضحةً فهي بالنسبة إلى المدارس أشد وضوحاً وأكثر ضرورةً، فالتدريس من أكثر الميادين الإنسانيَّة تعقيداً وأهمية، ويكفي أن نذكر أن المُدرِّس يؤدي عمله وسط مجموعة من التلاميذ على مختلف أعمارهم الزمنيَّة والعقليَّة، ومختلف الميول والاستعدادات والقدرات، وأنه مكلف بتوجيههم حتى يحصلوا على النتائج العلميَّة المرغوب فيها، وأن عليه أن يستخدم كثيراً من أنواع النشاط بطريقة فعَّالة منتجة، وأن يكون ملماً بمادته العلميَّة، واعياً لقيمها المختلفة، قادراً على معالجتها بالطريقة التي يستفيد منها التلاميذ، ونتيجة للعوامل السابقة وغيرها من العوامل المؤثرة في العملية التعليميَّة كالحالة الاجتماعيَّة، والاقتصاديَّة للتلاميذ، ونوع البيئة المحيطة بالمدرسة وغيرها، ويرى التربويون أن هناك أسباباً خاصة تدعونا إلى تخطيط عملنا بكوننا مُدرِّسين، من أهمها:



  1. أن تخطيط الدرس يشجع المُعلِّم على التعرُّف على الأهداف التربويَّة العامة.
  2. يساعد المُدرِّس على تبين مقدار ما يسهم به تخصصه ومادته في تحقيق الأهداف التربويَّة العامة.
  3. يساعد المُدرِّس علىالتعرُّف على حاجات التلاميذ وتوفير الوسائل المعينة لإثارتهم وتفعيل أو إثارة دوافعهم وميولهم.
  4. يقللعدد مرّات المحاولة وارتكاب الخطأ في التدريس، ويشجع على استخدام الوسائل الملائمة.
  5. يكسب المُدرِّس احتراماً، فالتلاميذ يقدرون المُدرِّس الذي يخططلعمله إعداداً جيّداً وينظمه كما يتوقع هو منهم.
  6. يساعد المُدرِّس وخاصة المبتدئ على الشعور بالثقة بالنفس، وعلى أن يتغلَّب على شعور الاضطراب، وعدم الاطمئنان.
  7. يساعد المُدرِّس على تحديد أفكاره.
  8. يحمس المُدرِّس من النسيان.
  9. يساعد المُدرِّس على التحسُّن والنمو في المهنة، والوقوف على المادة العلميَّة للدرس المراد إلقاؤه على للتلاميذ.
  10. ترتيب المعلومات والحقائق العلميَّة التي يتضمَّنها موضوع الدرس ترتيباً منطقياً متدرجاً من السهل إلى الصعب.
  11. مواجهة مشكلات الدرس المَنْوِي إلقاؤه، ومعالجة مواطن الصعوبة فيه قبل دخول المُدرِّس غرفة الصّف.
  12. كما أن المُدرِّس في خطة الدرس يراعي انسجامها والأهداف العامة للمادة، ورصد الأهداف السلوكيَّة الخاصة بالموضوع، واستناد تلك الخطة إلى طرائق التدريس الملائمة.
  13. ينبغي للمُدرِّس أن يراعي النواحي الزمنيَّة المُحدَّدة لتنفيذ خطة الدرس داخل الصف الدراسي.

 

ومن النصائح الهامة التي من المفيد أن يأخذ بها المُدرِّس عند تحضير الدروس:

  1. أن يجعل الغرض من الدرس نصب عينيه دائماً.
  2. أن يعلم أن الفهم هوالمُعَوّل عليه في الدرس وليس كثرة الكلام السطحي، وحشو عقول التلاميذ بقشور المعلومات.
  3. ألا يؤدي درسه أداءً عشوائياً يتخبَّط فيه تخبُّطاً، يخرجه من موضوع الدرس ومسائله إلى سواها حتى يتأكَّد من فهم التلاميذ لها.
  4. أن يجعل علاقته بالتلاميذ حسنة حتى يحبوه ويتقبَّلوا ما يقول ويقبلوا على درسه، وأن يساوي بينهم في الاهتمام والعناية مراعياً الفروق الفرديَّة بينهم.

                       

وهناك بعض الأخطاء التي يقع فيها المُدرِّس عند إعداده لدروسه نود توضيحها في الآتي:

  1. عدم تحضير المُدرِّس لدروسه مطلقاً.
  2. عدم احتواء الدّرس المُحضّر على الأهداف السلوكيَّة للدرس.
  3. عدم احتواء الدرس المُحضّر على الخطوط العامة لمعلومات التدريس ومفاهيمه.
  4. عدم احتواء الدّرس المُحضّر على المواد والوسائل والطرائق التعليميَّة المستخدمة في التدريس، أو عدم اختيار المناسب منها.
  5. عدم احتواء مُقدِّمةالدّرس المُحضّر لأي موضوع على نماذج للأسئلة التي سيتم استعمالها في التمهيد وتحفيز التلاميذ.
  6. عدم تمثيل الدّرس المُحضّر لكافة مراحل التدريس الصفي (خطوات الإعداد) وتدرجها تدرجاً منطقياً وهي: المُقدِّمة،والعرض،والتطبيق،والتلخيص.
  7. اللجوء إلى تفصيل أو إيجاز معلومات الدّرس أكثر مما يجب.
  8. القيام بالتحضير الروتيني الشكلي استجابة لرغبة المدرسة.
  9. نسيان الخطة التحضيريَّة في البيت أو السيارة أو غرفة المُعلِّمين.

 

ثانياً: خطوات الإعداد:

من أهم خطوات الإعداد الكتابي اعتماده الترتيب المنطقي الذي يجعل من خطوات الدرس مراحل متلاحقة متصلاً بعضها ببعض اتصالاً منطقياً، إذ ينبغي أن نقدم خطوة على أخرى كأن يقدم العرض على التمهيد، أو استخلاص الخلاصة على العرض، أو التطبيق على العرض.

وقد رتَّب التربويون خطوات الإعداد على النحو الآتي مع اختلاف مسمى المصطلح:

  1. موضوع الدرس.
  2. الأهداف السلوكيَّة.
  3. المُقدِّمة وطالب التعلُّم.
  4. العرض.
  5. التطبيق. وبعضهم يضيف: التلخيص، والتعيينات، أو الاستنتاج أو التعميم.

 

وسوف نوضِّح كل خطوة بإيجاز لتتم الفائدة:

  1. موضوع الدرس
    يُقصَد به عنوان الدرس المراد تدريسه ويراعى فيه ألا يعلنه المُدرِّس إلا بعد انتهاء المُقدِّمة وذلك عن طريق آخر سؤال يطرحه المُدرِّس على تلاميذه ليصل بهم إلى موضوع الدرس الجديد.
  1. الأهداف السلوكيَّة
    وهي من الأسس التي ترتبط بها حركة الكفايات من حيث المفهوم والشكل المحتوى، وسوف نتعرَّض لها بالتفصيل لاحقاً.
  1. الوسائل المعينة
    ويُقصَد به في مجال التعلُّم مجموعة من المواد تُعَدُّ إعداداً حسناً، لتستثمر في توضيح المادة التعليميَّة، وتثبيت أثرها في أذهان التلاميذ، وهي تستخدم في جميع الموضوعات الدراسيَّة التي يتلقاها المُتعلِّمون في جميع المراحل الدراسيَّة، وتتنوَّع هذه الوسائل وتختلف باختلاف الأهداف التي يقصد تحقيقها في الموضوعات المختلفة التي تدرس لهم.

    ويركز التربويون على عدة معاييرتجب مراعاتها في اختيار الوسيلة التعليميَّة، بعضها يتعلَّق بالهدف الذي تحققه الوسيلة، والآخر يرتبط بمدى توافرها في البيئة، وكون سعرها مناسباً، والاهتمام بعرضها في اللحظة المناسبة، ومن ثم حجمها وإزاحتها، وسهولة استعمالها، ومشاركة المُعلِّمين في إعدادها أو جلبها، مع مراعاة تنوع أشكالها لأن ذلك يزيد في قدرتها وفاعليَّةوأثرها التعليمي. وتنبع أهمية الوسيلة التعليميَّة وتتحدد أغراضها التي تؤديها في المُتعلِّم من طبيعة الأهداف التي تختار الوسيلة لتحقيقها من المادة التعليميَّةوالتي يراد للطلاب تعلمها أولاً، ثم من مستويات المُتعلِّمين الإدراكيَّة ثانياً.

 

ويمكننا أن نستعرض باختصار أهمية الوسيلة التعليميَّة في مجال تعلُّم اللغة العربية:

  1. تشويق التلاميذ إلى الإقبال على تعلُّم اللغة العربية.
  2. توضيح بعض المعاني التي يتعلَّمها الطفل، ومساعدته على الإفادة من عملية التعلُّم.
  3. توضيح بعض المفاهيم المعينة للمُتعلِّم كمفهوم الشاطئ أو الجبل أو البحر عندما يرى صورها.
  4. تنمية دقة الملاحظة لدى التلاميذ، وذلك عندما تتيح لهم الوسيلة ملاحظة الفروق بين الأشياء والأشخاص من حيث الصغر والكبر والعدد والنوع.
  5. تنمية روح النقد لدى المُتعلِّمين، وإثراء دروس اللغة في جميع المناشط اللغويَّة، القرائية والكتابية والتعبيرية والاستماعية، إذ إن في هذه الصور المعروضة بوساطة الوسيلة أو الكتب المدرسيَّة مجالات كبيرة لاستطلاع آراء التلاميذ النقديَّة.
  6. تساعد على تثبيت بعض التعابير والمعاني اللغويَّة الفصيحة.
  7. اختبار ذكاء التلاميذ في اكتشاف العلاقات بين الأشياء الموجودة في الصور المعروضة أمامهم.
  8. تساعد على إبراز الفروق الفرديَّة بين التلاميذ والطلاب في المجالات اللغويَّة المختلفة وبخاصة في مجال التعبير الشفوي وتوظيف القواعد في لغة المُتعلِّمين.
  9. تستثير خبرات المُتعلِّمين اللغويَّةوقدراتهم في التعبير عن مواقف وموضوعات أو مشاهدات سبق أن خطرت ببال كل منهم.
  10. تساعد على تزويد التلاميذ والطلاب بالمعومات العلميَّة وبألفاظ الحضارة الجديدة الدالة عليها، كصور المحطات والأقمار الصناعيَّة، والتلفاز ومحطات الإذاعة والأرصاد الجوية وما إلى ذلك.
  11. تتيح للمُتعلِّمين فرصاً مُتعدِّدة من فرص المتعة وتحقيق الذات.

 

أنواع الوسائل التعليميَّة:

يصنف التربويون الوسائل التعليميَّة في ثلاث مجموعات وذلك حسب ارتباطها بالحواس الخمس:

  1. الوسائل البصرية:كالصور المعتمة، والأفلام المُتحرِّكة، والأفلام الصامتة،والخرائط، والكرة الأرضية،واللوحات والبطاقات،والرسوم البيانيَّة،والنماذج والعينات، والمعارض والمتاحف.
  1. الوسائل السمعية البصرية: التلفاز والفيديو،والأفلام المُتحرِّكة والأفلام الناطقة،والأفلام الثابتة والمصوبة بتسجيلات صوتية.
  1. الوسائل السمعية: وأهمها أجهزة التسجيل.

 

غير أن التربويين الذين يؤمنون بأن التعلُّم هو تعديل الخبرة " السلوك "يرون أن أفضل أشكال التعلُّم ما يتم عن طريق العمل والممارسة من جانب المُتعلِّم، وإليك عزيزي المُعلِّم أكثر أنواع الوسائل شيوعاً:

  • السبورة.
  • اللوحة الوبرية.
  • لوحة الجيوب.
  • اللوحة الممغنطة.
  • الكتاب.
  • الخرائط والصور.
  • البطاقات.
  • النماذج الحية والمُجسَّمات والعيّنات.
  • المسجلات والأفلام.

 

المُقدِّمة ومطالب التعلُّم: (تتراوح مدتها بين 5 و 7 دقائق)

 

المُقدِّمة: وتتراوح مدتها بين 3 و 5دقائق وتسمى أيضاً التمهيد:

الغرض منها تهيئة أذهان التلاميذ لتلقي الدرس الجديد، وجذب انتباههم، وإثارة شوقهم، وربط المعلومات الجديدة بالمعلومات القديمة، والخبرات السابقة ذات الصلة الوثيقة بموضوع الدرس. وتتكون المُقدِّمةمن مجموعةمن الأسئلة البسيطة التي تتعلَّق بموضوع سابق له ارتباط بالموضوع الجديد أو تمهيد له، وقد تكون المُقدِّمة حكاية لقصة لها علاقة بموضوع الدرس، أو يحكي قصة الدرس نفسه على ألا يوفيها حتى يشوق التلاميذ إلى قراءة الدرس، ومن خلال المُقدِّمة ينتقل المُعلِّم تدريجياً إلى الدرس الجديد، حيث تربط إجابة التلاميذ عن آخر سؤال بين الموضوعين، فيستنتجون بهذا اسم الدرس أو عنوانه، ومن ثمّ يبادر المُعلِّم بكتابته في موضع مناسب من السبورة، لذلك يفضل عدم كتابة المُعلِّم لاسم الدّرس من بداية الحصة حتى يكون الوصول إليه إدراكيّاً مع التلاميذ وبشكل طبيعي من دون تكلف.

 

مطالب التعلُّم:

أشرنا فيما سبق عند حديثنا عن المُقدِّمة أو التمهيد إلى أنَّ مطالب التعلُّم جزء منها، غير أن المُقدِّمة تناقش خبرات سابقة للتعلُّم لمحاولة ربط الموضوع السابق بالموضوع الجديد الذي سيقوم المُعلِّم بعرضه على التلاميذ، وبوساطة آخر سؤال يطرحه المُعلِّميتمكَّن من الوصول إلى عنوان الدرس، في حين أن المقصود بمطالب التعلُّم:

إعادة بناء الخبرة السابقة المتصلة اتصالاً مباشراً بموضوع الدرس الجديد، وذلك لتعزيز المعلومات التي يحويها موضوع الدرس. ومن هنا يجب أن يدرك المُعلِّم أن ما يستخدمه من مطالب للتعلُّم أو ما يعرف عند التربويين بإثارة الدافعيَّةإلى التعلُّمكأن يكون وثيق الصلة بموضوع الدرس، لأن ما يستخدمه من أساليب غير ذات صلة بالموضوع سيؤدي إلى إثارة اهتمامات وقتية سرعان ما تزول بعد فترة زمنيَّة وجيزة.

ومن أمثلة مطالب التعلُّم أو "دافعيَّةالتعلُّم" إذا كان الموضوع الذي سيدرسه المُعلِّم هو (الفاعل)، فعليه أن يطرح بعض الأسئلة التي توضح أن الفاعل يحتاج إلى (فعل) لأن مُكوَّنات الجملة الفعليَّةتتطلَّب فعلاً وفاعلاً ومكملاً للجملة كالمفعول به وغيره.

وإذا كان موضوع الدرس (أنواع الخبر) فلا بد من أن يشير المُعلِّم فيما يمهد به لدرسه إلى المبتدأ لأنه الركن الأساسي في مُكوَّنات الجملة الاسمية ولا تتم الفائدة بالخبر إلّا بوجود المبتدأ، وما إلى ذلك.

وإذا كان الموضوع متعلقا بالصلاة فلا بد من الإشارة إلى الوضوء، لأنه لا تصح الصلاة من دونه.

 

العرض: (مدته من20 الى 25 دقيقة):

وهو صلب الدرس وموضوعه، وتسمى هذه الفترة الدراسيَّة بمرحلة التطوير أو إنتاج أساليب أو إجراءات التعلُّم، وتتمثل في الترجمة الفعليَّة لأهداف الدرس التي سبق ذكرها إلى سلوكياتها المطلوبة لدى التلاميذ بوساطة عمليات أو أنشطة التعلُّم والتدريس، أي تحويل تلك الأهداف إلى صيغ سلوكيَّة، أو أنواع التعلُّم المطلوبة، ويحتوي العرض على العناصر الفرعية الآتية:

  1. أهم معلومات التعلُّم والتدريس من معارف وخبرات ومفاهيم.
  2. أنشطة التدريس أو الطرائق التعليميَّة المستخدمة في تحويل المعارف إلى أنواع التعلُّم المنشودة.
  3. أنشطة التعلُّم الأولى الموازية لأنشطة التدريس التي يُحَصِّل خلالها التلاميذ مبدئياً أنواع التعلُّم المطلوبة.
  4. الوسائل التعليميَّة المعينة لعمليات التعليم والتدريس.

لذلك يطلق التربويون على هذه الخطوة (الإجراءات والأساليب والمناشط) لأنه يندرج تحتها: الأهداف السلوكيَّة والمُقدِّمة ومطالب التعلُّم والوسائل.

 

التطبيق: (وتتراوح مدته بين 8 و 12 دقيقة)

وهي مرحلة التمرينات أو المناقشة العامة أو تركيز التعليم، والتطبيق نوع من التقويم يقيس به المُعلِّم مدى فهم التلاميذ معلومات الدرس، ويدربهم على تثبيت تلك المعلومات عن طريق تدريبات عملية متنوعة شفهيَّة أو كتابية يجري حلها في نهاية الدرس.

ويدخل ضمن العرض ما يسميه التربويون الاستنتاج أو التعميم أو التلخيص، وهو تدوين خلاصة الدرس أو القاعدة أو الأفكار التي تضمنها الدرس.

 تابع -أنموذج في التربية الإسلاميَّة على الإعداد الكتابي: