أولياء الأمور والواجبات المدرسيَّة

تُعدُّ الواجبات المنزليَّة واحدةً من أهم مصادر الصراع بين الأطفال والآباء، حيث يتهرب الأطفال من أداء واجباتهم المنزليَّة، فهم يماطلون ويؤجلون أداءها إلى اللحظة الأخيرة، ويختلقون الأعذار ويؤدون منها أقل ما يمكن، ويستغرقون وقتاً أطول لأدائها، أو يقومون بأدائها بسرعةٍ شديدة، ولا يبذلون قصارى جهدهم، لذا يشعر الوالدان بالإحباط والغضب من جراء مثل هذا السلوك، فكيف نتفادى هذه المشاجرات؟ وما دور الآباء والأمهات في مساعدة أبنائهم على إنجاز هذه الواجبات؟



يقول "د. سال سيفير" الخبير التربوي: يعلم الآباء أنّ الواجبات المنزليَّة تقوى وتدعم مهارات أبنائهم، فالممارسة تصنع التفوُّق، بينما يراها الأطفال عملاً متكرراً ومضجراً. ويعلم الآباء أنّ الأبناء الذين يقومون بأداء واجبات منزليَّة باهتمام دائماً ما يتعلَّمون أكثر، ويحصلون على أعلى الدرجات، بينما يرى بعض الأطفال الواجب المنزلي عقاباً لهم لأنّهم لا يقومون بأداء كل واجباتهم في المدرسة.

لذا يحتاج كلٌّ من المُعلِّمين والآباء إلى أن يكونوا شركاء في تنمية العادات الصحيَّة لأداء الواجبات المنزليَّة، ويقع على عاتق المُعلِّم مسؤولية التأكيد على أنّ الواجب المنزلي ليس عملاً شاقًا، فضلاً عن أنّه ينمّي مستوى قدرات الطفل. لذا فلا بدّ من أن تتّسم هذه الواجبات بالاعتدال، فإذا قام طفلك بأداء واجبه في ساعةٍ كاملة، ولم يكن يستحقُّ هذا العمل أن يستغرق سوى عشر دقائق، وجب عليك الاتصال بمُعلِّمه في الحال، لأنّ هذا الواجب في حاجةٍ إلى تعديل، حيث يفترض أن يؤديه طفلك بإتقانٍ وليس بتوان. وعلى المُعلِّم أن يتبع برنامجاً محفزاً يدفع الطفل إلى استكمال واجباته المنزليَّة في وقتها، وبأفضل جهوده، وذلك بمنح النجوم للذين يؤدون واجباتهم المنزليَّة على أكمل وجه، مقابل مزاولة الأنشطة داخل الصف.

يعتقد هؤلاء المُعلِّمون بأنّ الأطفال يجب أن يقوموا بالواجبات المنزليَّة، لأنّها البرهان على شعورهم بالمسؤولية، وهذا صحيح فالأطفال في حاجة إلى أن يعلموا قيمة الاستذكار في المنزل. وعلى الرغم ذلك، إذا لم يكن لدى الطفل الدافع الداخلي إلى إتمام واجبه المنزلي، فإنّ المُعلِّم غالباً ما يولد الدافع الخارجي لجعل الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، فإذا لم يكن لدى طفلك الحافز، ولم يكن لدى مُعلِّمه برنامج تحفيزي، فيمكنك أن تطور برنامجاً خاصاً بك في البيت.

ويقدم "د. سيفير" للوالد عدّة عوامل لتحديد الوقت ولتطوير أساليب ناجحةٍ لأداء الواجبات المنزليَّة، ويقول له: يجب عليك أن تزور أو تتصل بالمُعلِّم المسؤول عن طفلك وتسأله عن سياسته في الواجبات المنزليَّة التي يكلف طفلك إنجازها، واطلب منه أن يخبرك بأيّ تطوراتٍ أو عند ظهور مشروعاتٍ خاصة، مثل: سؤاله عن الوقت الذي يجري فيه الاختبارات لطفلك، هل سيكون هناك متابعون لمذاكرة الطفل؟ فهذه المعلومات ستمكنك من تطوير خطة للواجبات المنزليَّة.


لا تركب هذا الخطأ:
ويخاطب "د. سيفير" كلُّ أبٍ قائلاً: يحتاج الأطفال إلى معرفة أنّ أداء الواجبات المنزليَّة هو مهمتهم، وليست مهمتك أنت، حيث يتوجب على الكثير من الآباء مساعدة أبنائهم على أداء واجباتهم كلّ يوم، فكلُّ واجبٍ يعدُّ بمنزلة صراعٍ بين طفلك ومدرّسه، وأنّك فقط مجرّدُ معاونٍ له، فوظيفتك تنحصر في المساعدة، وليس في أن تقوم أنت بأدائه بدلاً منه. لا ترتكب هذا الخطأ، فإذا كنت قد وقعت في هذا وجب عليك أن تتوقف من ليلتها، وأخبر طفلك أنّ مهمتك تجاهه هي أن تساعده وأنّ مهمته هي أن يُتمّ هذا الواجب. وهذا هو ما يمكنك فعله لمساعدة طفلك، تأكّد من أنّ طفلك لديه وقتٌ كافٍ لأداء واجباته المنزليَّة، فالأطفال عادةً ما يمارسون العديد من الأنشطة مثل ألعاب القوى والكشافة، هذه أنشطة ممتازة، ولكن لا بد أن ينال الواجب المنزلي الأولوية.


ويحدد "د. سيفير" بعض الخطوات التي تساعد على إنجاز الواجب المنزلي:

  • تحديد وقت ثابت يومياً لأداء الواجبات المنزليَّة، ويجب عليك أن تبدأ بالتفاوض حول هذا الوقت مع أطفالك إذا كان ذلك ممكناً.
  • إعادة تنظيم الأوقات لممارسة بعض الأنشطة إذا كانت تمثل ضرورة بالنسبة إليهم.
  • مناقشة مُعلِّم طفلك في تحديد الوقت المطلوب، فإذا لم يكن لدى طفلك أيّ واجباتٍ منزليَّة فيمكنه القراءة من كتبه المُفضَّلة خلال (30) دقيقة.
  • تحديد مكانٍ ثابتٍ لأداء الواجبات المنزليَّة، فلا بد من أن يكون هذا المكان خالياً ويجب عليك إيقاف تشغيل التلفاز في أثناء أدائها.
  • التأكُّد من أنّ لدى طفلك منضدةً وكرسياً يخصانه، ويمكن أن تفي منضدةُ المطبخ بالغرض، طالما أنّ المطبخ مكانٌ هادئ.
  • تأكّد من وجود إضاءةٍ كافية، ويجب عليك إحضار كل ما هو ضروري ليكون في متناول يد طفلك، حتى لا يضيع الوقت المخصص لأداء الواجبات في الحصول عليها.
  • ويجب عليك تقسيم هذه الواجبات إلى أجزاءٍ أسهل، فهذا أمر يؤدى إلى نتيجة جيدة. راجع الواجبات مع طفلك من خلال قراءة التوجيهات والتأكُّد من استيعاب طفلك لها.
  • مناقشة السؤال أو المشكلة الأولى التي تصادف طفلك معه، فهذا سيجعله يدرك أنّ الأمر لا يمثل صعوبة كبيرة.
  • تشجيع طفلك في كلِّ خطوة: "إنّك ستقوم بالخطوات الثلاث القادمة بنفسك وسأعود لأراجعها معك".
  • أخبر طفلك بأنّك لا تشكُّ في قدراته على أداء واجباته وبذل قصارى جهده "لقد قمت بأداء الخطوة الأولى بشكلٍ صحيح وأعرف أنّك ستستطيع أداء الثلاث الآتية بالطريقة نفسها"، لكن كن مستعداً للإجابة عن الأسئلة التي يطرحها عليك طفلك.
  • يقاوم بعض الأطفال أداء واجباتهم، لأنّهم يتساءلون عن أهمية هذه الواجبات، ولكنّ لا بد من أنّ تُفهمه أنّ عليه تأدية هذه الواجبات، وأنّه ليس ملزماً بأن يحبها، ولكنه ملزمٌ بأدائها. وهذا ما يحدث في العالم الواقعي، فكلٌّ منا لديه جوانب في وظائفه ليس لها معنى وتتسم بالملل، ولكن نعتاد أدائها على الرّغم من ذلك.
  • يجب عليك تعليم طفلك أن يقوم بأداء الأسوأ أولاً، فإذا تعرّض طفلك لصعوبةً في واجباتِ مادة الرياضيات فاجعله يؤديها أولاً، وينتهي منها، فسيشعر بالارتياح. أمّا باقي الواجبات فستكون أقلّ مضايقةً له. إنّ أداء الواجبات الأصعب أولاً يمثل معنى مهماً، لأنّ عقل طفلك يكون أكثر نشاطًاً.
  • اجعل طفلك يحصل على رقم هاتف أحد أصدقائه في كل صف، فإذا ما واجه طفلك صعوبةً أو نسى واجباته، أو كان مريضاً يوماً ما فيمكنه الاتصال بأحد زملائه لينال المعلومات والمساعدة.
  • وليدرك الوالدان أنّ بعض الأطفال يتعجلون في أداء واجباتهم، وهذه تمثل مشكلةً في حالة كون العمل غير متقن أو دقيق، أما إذا كان العمل متقناً وصحيحاً، فهذا يعني انتهاء الواجبات في هذا اليوم.
  • عدم معاقبة طفلك على أدائه السريع لواجباته، طالما أنّه دقيقٌ في أدائه، فإذا كان العمل غير دقيقٍ أو محكم، وجب عليك أن تطلب من طفلك أن يعيد أداءه مرةً ثانية، فإذا شعرت بأنّ طفلك سريع، فاجعله يعرف قواعدك عن الوقت.

 


الموسوعة العربيَّة لتطوير الذات