أهمية الأسئلة الصفيَّة

د. مسعد محمد زياد

أهمية الأسئلة الصفيَّة
تُعَدُّ الأسئلة الصفيَّة من الأهمية بمكان، بحيث لا يستطيع أحد أن ينكر أو يحجم الدور الذي تقوم به الأسئلة في التربية الحديثة داخل غرفة الدراسة. فهي تمثل عادة قسماً كبيراً من وقت التدريس، وتُعَدُّ وسيلة هامة لتهيئة مرحلة التعلُّم وبدئها، كما ترعى النشاط التعليمي، وترفع من فعاليته، وتزود التلاميذ بتوجيهات بناءة ضروريَّة، ومحفزات مباشرة لتعلمهم.



أغراض الأسئلة الصفيَّة:
مما لا شك فيه أن لكل سؤال يطرحه المُعلِّم غرضاً معيناً يريد من تلاميذه أن يحققوه أو، يقوموا بإنجازه.
وقد حصر بعض التربويين الأغراض التي ترمي إليها أسئلة المُعلِّم وهي:

  1. حث تلميذ معين على الاشتراك في التعليم الصفي ونشاطاته.
  2. جذب انتباه التلاميذ.
  3. تشجيع التلاميذ وحثهم على المناقشة.
  4. إعطاء توضيح لمشكلة معينة (تنظيمية أو تعليميَّة).
  5. الاستفسار عن أعمال وواجبات التلاميذ الغائبين والمقصرين.
  6. تشجيع التلاميذ على الإجابة الصحيحة وتوجيههم إليها.
  7. التعرُّف على نشاطات التلاميذ الخاصة، وحاجاتهم أو مشاكلهم.
  8. التأكد من فهم التلاميذ.
  9. تحليل نقاط الضعف عند التلاميذ.
  10. اختبار معرفة التلاميذ للموضوع.

خصائص تقليديَّة للأسئلة الصفيَّة:
عُني التربويون منذ مطلع العصر الحديث بالتعرُّف على أسئلة المُعلِّم الصفيَّة، واهتموا بها وبخصائصها، وأنواعها واستعمالاتها اهتماماً كبيراً. وتوصلوا بعد دراسات تربويَّة جادة إلى أن أسئلة المُعلِّم الصفيَّة تمتاز في الغالب بالصفات الآتية:

  1. أن معظم أسئلة المُعلِّم موجهة عادة إلى حفظ النظام في غرفة الدراسة. فالمُعلِّم بدلاً من أن يوفر جواً طبيعياً يشجع التلاميذ على الفهم والاستيعاب والمشاركة الصفيَّة، يضفي عليه جوا عصبياً يكون التلاميذ خلاله متوتري الأعصاب.
  2. إن عدداً كبيراً من أسئلة المُعلِّم يقصد منها إجابات قصيرة جداً من قِبل التلاميذ. وهذا يعنى أن المُعلِّم يقوم بمعظم العمل أو الحديث الصفي بدلاً من قضائه معظم الوقت في توجيه التلاميذ إلى عمل شيء مفيد، أو التفكير لأنفسهم.
  3. إن عدداً كبيراً من أسئلة المُعلِّم موجهة عادة على أغراض التذكر اللفظي، والحكم السريع غير الناضج من قِبَلِ التلاميذ لرأي أو حقيقة معينة. وبذلك فإن وقتاً قليلاً جداً يتوافر لديهم في مثل هذه الحالات للتفكير.
  4. إن عدداً كبيراً من أسئلة المُعلِّم لا ينمي في التلاميذ حسن التعبير ولا يهتم بصقله، خصوصا عندما يقوم المُعلِّم بتوجيه عدد كبير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة سريعة منهم في وقت مُحدَّد وقصير. ومثل هذا الظرف التعليمي لا يتيح للتلاميذ الفرصة لصقل أساليب إجاباتهم، ولا يسمح للمُعلِّم أن يلاحظ بعناية الأخطاء اللفظيَّة التي يرتكبون.
  5. إن عددا كبيرا من أسئلة المُعلِّم تتجاهل التلميذ بصفته إنساناً مُفكِّراً له استقلاله وحقه في أن يبادر ويسأل ويستفسر.
  6. إن عدداً كبيراً من أسئلة المُعلِّم يشير إلى أنها تزداد يوما بعد يوم في تركيزها على المعرفة لذاتها، واستعمال غرف الدراسة لعرضها والتباهي بها، بدلا من أن يكون الهدف من وراء المعرفة هو كيفيَّة استعمالها والاستفادة منها.
  7. إن عدداً كبيراً من أسئلة المُعلِّم يشير إلى أن محاولاتنا التعليميَّة الرسميَّة غالبا ما تتجاهل تعليم التلاميذ الاعتماد على النفس والتفكير المستقل.


أسباب اتسام أسئلة المُعلِّم بالصفات السلبيَّة السابقة:
يعود اتصاف أسئلة المُعلِّم بالصفات السابقة إلى الآتي:

  1. عدم الكفاية التدريبيَّة للمُعلِّم في كيفيَّة صياغة الأسئلة، وتوجيهها، وملاءمة أنواعها المختلفة لحاجات التلاميذ التعليميَّة والنفسيَّة.
  2. الكثرة العدديَّة للأسئلة "دون مراعاة لنوعها" والتي يوجهها المُعلِّم إلى تلاميذه خلال الحصة الواحدة، والتي تؤدى إلى نتائج عكسيَّة من أهمها:
    • استئثار المُعلِّم بمعظم وقت الحصة.
    • مشاركة التلاميذ الروتينيَّة والشكلية في عملية التعلُّم، والتي ينتج عنها في الغالب تعليم أو تذكر عابر للحقائق والمعلومات الصغيرة الهامشية.
       

كيفيَّة المعالجة:

لكي يتخلص المُعلِّم من السلبيات السابقة المُتعلِّقة بالأسئلة الصفيَّة المطروحة على التلاميذ يجب مراعاة الآتي:
تقليل المُعلِّم لعدد الأسئلة التي يمكن أن يوجهها لتلاميذه خلال فترة مُحدَّدة، بحيث يسمح هذا التقليل بتوفر وقت مناسب يتيح لهم التفكير المستقل، والصقل اللغوي وحسن التعبير لأدائهم.


ما يمكن أن تؤديه محدودية الأسئلة الموجهة إلى التلاميذ من فوائد:

  1. تزيد من استجابات ومشاركة التلاميذ الصفيَّة.
  2. تزيد من عدد الإجابات الصحيحة المناسبة للتلاميذ.
  3. تُقلِّل الإجابات الخاطئة، أو فرص إخفاق التلاميذ في الإجابة.
  4. تزيد في فرصة التفكير التأملي والاستنتاجي للتلاميذ.
  5. تُقلِّل دكتاتورية وتسلط المُعلِّم على أكبر جزء من وقت الحصة، ونشاطات عملية التعلُّم.
  6. تزيد عدد الأسئلة التي يمكن أن يوجهها التلاميذ إلى المُعلِّم.
  7. تزيد في عدد استجابات ومشاركة التلاميذ بطيئين التعلُّم في النشاطات الصفيَّة.

 
كما أن عملية تقليل الأسئلة، وتحلى المُعلِّم بالصبر والأناة في إعطائها قد تؤدى إلى الفوائد الآتية:

  • تساعده على أن يكون مرناً مؤثراً في تدريسه وأسئلته.
  • تمنحه الفرصة لتوجيه أسئلة مفيدة ومتنوعة.
  • توفر له وقتا لتفهم مشاكل التلاميذ ونفسياتهم.

 

الأسئلة الصفيَّة اختبارية أم تعليميَّة؟
مهما بلغت الأسئلة الصفيَّة وأنواعها المختلفة مكانها من الأهمية، فإن غالبية المُعلِّمين تركز بقصد أو من دونه على أسئلة التذكر التي تهدف عادة إلى استرجاع أو استعادة التلاميذ لمعلومات وحقائق متفرقة. يتجاهل عادة هذا النوع من الأسئلة الذي يخص نفسه بالمراحل الدنيا من تفكير الفرد وقدرته الإدراكيَّة "الاسترجاع والاستعادة" شعور المُتعلِّم وعواطفه وقيمه وحاجاته، والاستفسار عنها ومحاولة علاجها. ومع اختلاف الأسئلة الصفيَّة وتنوعها فإنها لا تخرج عن نوعين رئيسين هما:

  1. الأسئلة الاختبارية التقويمية. وتركز على نهاية التدريس والتحقُّق من مدى فاعليته، بالتأكد من توافر المعارف والقدرات الجديدة لدى التلاميذ " نتيجة التدريس ".
  2. الأسئلة التعليميَّة التدريسيَّة. تهتم بعملية تعلُّم التلاميذ، والتركيز عليها، ومحاولة إكسابهم المعارف والقدرات الجديدة من خلالها.

 

خصائص كل من الأسئلة التعليميَّة والتقويمية

خصائص الأسئلة التعليميَّة:

  1. تستعمل خلال عملية التعليم للزيادة في العمل وتقدمه.
  2. تقود المُتعلِّم إلى اكتشاف المبادئ والقواعد ذات التطبيقات والتضمينات الواسعة العامة.
  3. يمكن تعديلها وتكييفها لحاجات التلميذ واستعداداته، بمعنى أنها يمكن أن تختلف من تلميذ إلى آخر.
  4. تساعد المُعلِّم على تحليل أخطاء ونقاط ضعف التلميذ لمحاولة علاجها وتصحيحها.
  5. تتصف بقيمة كبيرة في البرامج الموجهة لخدمة الفروق الفرديَّة خلال عملية التعلُّم.
  6. ليست لها صفة تهديدية للتلميذ، كالخوف أو الإخفاق أو الإرهاب.
  7. تعطى للتلميذ بشكل غير رسمي، ودون تجهيز أو تقنين مكتوب مُسبَق.

خصائص الأسئلة التقويمية:

  1. تستعمل في نهاية عملية التعليم لقياس مدى ما تحقق من أهداف وقدرات.
  2. ترمى إلى التحقُّق من تعلُّم التلميذ للمبادئ والحقائق.
  3. تتخذ صيغة موحدة، وهي في الغالب واحدة لجميع التلاميذ في التعليم الجماعي التقليدي
  4. تساعد المُعلِّم على معرفة مجموع الأخطاء لدى التلميذ لتقرير قدرته ومعدله العام.
  5. تتصف بقيمة كبيرة في البرامج الموجهة لمعرفة حاجات التلميذ المختلفة، ومعرفة مدى براعته طبقا لمقاييس اختبارية ثابتة.
  6. تتصف عادة بدرجة عالية من الخوف، والتهديد بالإخفاق للتلميذ.
  7. تعطى للتلميذ بشكل مقنن، وجاهز.

الأسس العامة لصياغة واستعمال الأسئلة الصفيَّة:
لا شك في أن المُعلِّم يستغرق في كثير من الأحوال العادية للتدريس جزءا كبيرا من وقت الحصة في توجيه الأسئلة إلى تلاميذه واستخلاص إجاباتهم عنها. وتكون هذه الأسئلة واضحة مناسبة في صياغتها واستعمالها، بقدر ما تحقق من الفائدة المرجوة منها، وحتى تستطيع الأسئلة الصفيَّة إحداث التغييرات والتأثيرات الإيجابيَّة المطلوبة بالقدر الكافي، يتوجب على المُعلِّم عند صياغتها واستعمالها في التعليم مراعاة الأسس الآتية:

  1. ارتباط الأسئلة بموضوع التدريس والخبرات الواقعيَّة للتلاميذ.
  2. توقيت الأسئلة السليم لمجريات الحصة ومناسبتها. فعلى المُعلِّم أن يتعرَّف ماهية ما يجري في الصّف، ثم يسأل بما يتلاءم معه. فإذا كان ما يجري في الحصة على سبيل المثال تشكيل التلاميذ لمفهوم معين عندئذ تكون الأسئلة في هذه الحالة استقرائية تختص بالتذكر والتعرُّف والتمييز، وقس على ذلك.
  3. وضوح الأسئلة لغوياً وصحتها البنائية. يجب على المُعلِّم أن يراعي في أسئلته استعمال مفردات مألوفة يفهمها كافة أفراد التلاميذ متجنبا الألفاظ الصعبة والغريبة، كما ينبغي لهُ استخدام اللغة العربية الفصحى، الخالية من الأخطاء النحوية والصرفية، ومبتعداً ما أمكن عن الألفاظ والمصطلحات العامية.
  4. وضوح وسهولة فهم الأسئلة من الناحية الفنيَّة.
  5. تنوع مستوى الأسئلة الإدراكي والشعوري والحركي. بحيث لا تقتصر أسئلة المُعلِّم على نوع واحد أو مستوى سلوكي منفرد، لأن هذا يميت الفكر، ويقولب التلاميذ في إطارات ونماذج سلوكيَّة ومفاهيم مُحدَّدة لا تصلح للاستعمال في المواقف المدرسيَّة والحياتيَّة المتجددة، ولا تستطيع الاستجابة لها بفاعليَّة. ومن هنا يراعى المُعلِّم في صياغة أسئلته أن تكون متنوعة شاملة للنواحي الآتية:
    • الأسئلة الإدراكيَّة: معرفة، استيعاب، تطبيق، تحليل، ربط، تقويم.
    • الأسئلة الشعورية: الوعي، الانتباه، القبول، الاستجابة، الارتضاء والتفضيل، التنظيم والدمج والتبني القيمي.
    • الأسئلة الحركيَّة: وتتدرج هذه الأسئلة في اختصاصها من الحركات البسيطة إلى المركبة، مثل الحركات الجسميَّة، والحركات المتناسقة، والإيماءات وتعابير الوجه ثم الكلام أو التحدث.
  6. تنوع اختصاص الأسئلة، بمعنى أن تكون الأسئلة خليطا متنوعا ومناسبا من الإدراك والشعور والحركة خلال الحصة الواحدة.
  7. تنوع مُتطلَّبات الأسئلة الانجازية. بحيث تكون الأسئلة شفوية حينا ومكتوبة حينا آخر، وعملية تطبيقيَّة أحيانا ثالثة.
  8. تدرج الأسئلة من السهل إلى الصعب، ومن البسيط إلى المركب. بمعنى أن يتبع المُعلِّم في أسئلته المنهج الاستقرائي، لأنه يساعد التلاميذ على تجميع أفكارهم وإجاباتهم، وبناء إدراكهم خطوة خطوة.

اختصاص الأسئلة بإجابة واحدة محدودة. بحيث يستطيع التلميذ من خلال السؤال أن يجيب في المرة الواحدة بجزء صغير من المعلومات أو الخبرات، يسهل معها لأفراد تلاميذ الصّف إبداؤها والمشاركة بها.