أسرار توني روبنز لنجاح الكوتشينغ والمنتورينغ

وراء معظم روَّاد الأعمال الناجحين مهما كانت مجالات أعمالهم شخصية داعمة واحدة على الأقل، قد يكون كوتشاً أو منتوراً دفعهم إلى تحقيق أقصى إمكاناتهم، وشجَّعهم على استثمار نقاط قوَّتهم التي دفعَتهم في النهاية إلى النجاح.


هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّن "زاك تيبرمان" (Zack Teperman)، والذي يُحدِّثنا فيه عن أسباب نجاح الكوتشينغ والمنتورينغ.

يُعَدُّ هذا معروفاً بالنسبة إليَّ؛ وذلك لأنَّه قبل إطلاق شركتي "زي تي بي آر" (ZTPR) في عام 2014، كنت مُقدِّماً إذاعياً أقدِّم البرامج على الهواء مباشرةً، وعملتُ أيضاً في وكالة تدعى "ليكسيكن" (Lexicon) التي وجدتُ فيها أول منتور لي، وكان يُدعى "ستيف رور" (Steve Rohr)، فقد أظهر لي جميع التفاصيل المتعلقة بأعمال العلاقات العامة خلال بضع سنوات.

في حين أنَّ معظم الدروس على مدار تلك السنوات قد ساعدَت على تشكيل مسيرتي المهنية الناجحة كإعلامي ضمن شركتي الخاصة، إلا أنَّ أهم النقاط التي علَّمني إياها "رور"، هي أنَّ عملية التعلم المستمرة مفتاح للنجاح كإعلامي، ويمكن أن تناسب أيَّة مهنة.

إذاً، ماذا يعني الكوتش بالضبط؟ يقول أحد كبار استراتيجيي الأعمال في "الولايات المتحدة" (U.S)، "توني روبينز" (Tony Robbins): "الكوتش الذي تلقَّى تدريبه باحترافية لمساعدتك على تعزيز إمكاناتك تعزيزاً كاملاً والوصول إلى النتائج المرجوة، يشبه الصديق الداعم والخبير الاستشاري الموثوق، فإنَّه الشخص الذي سيدفعك لتحديد أهدافك، ويحاسبك ويشجعك خلال مسيرتك لتصبح أفضل نسخة من نفسك".

وفقاً لتعريف "روبنز"، يمكن للمرء أن يدرك أنَّ الاستثمار في كوتش ليس مشروعاً قصير الأمد، وليس جلسةً تستغرق ساعةً واحدةً فحسب؛ بل إنَّها علاقة استباقية ومستمرة تشجِّعك على أن تكون في أفضل حالاتك، وهذا الأمر هام بصورة خاصة وينطبق على روَّاد الأعمال، كما يصف رائد الأعمال "جاك مورفي" (Jack Murphy): "يمكن لريادة الأعمال أن تجعلك وحيداً ومُتعباً ومشوَّشاً، ولكن عندما تكون مسؤولاً أمام شخص آخر، فإنَّ المتابعة المستمرة ستحقق الوضوح الذهني والاتساق".

تضيف "إيلي شيفي" (Ellie Shefi)، من كبار الكوتشز الأمريكيين في مجال الحياة والتأثير: "يسمح لك العمل مع كوتش بالتعلم من تجارب الآخرين الذين فعلوا ما تسعى إليه، ويتيح لك التعلم من الآخرين بشأن الأمور المناسبة وغير المناسبة التقدم بسرعة ووضوح وسهولة، مع تجنُّب الأخطاء المُكلِفة".

وتذكَّر أيضاً: "يحتاج تحقيق النجاح إلى مجموعة أشخاص ولا أحد يفعل ذلك وحده"، مشيرةً إلى أنَّ كل فريق لديه كوتش، وأنَّ المديرين التنفيذيين والرؤساء لديهم فريق من المستشارين الموثوقين، وتقول أيضاً: "أحِط نفسك بالمنتورز والكوتشز والمستشارين، وستستفيد من قوة معرفتهم ووجهات نظرهم وخبراتهم، والتي يمكن أن تساعدك على التخلص من بعض المهام وتفويض بعضها الآخر والإبداع وتسريع إنجاز المهام والسيطرة".

إنَّ تفسير "شيفي" المُقنع لسبب إحاطة أنفسنا بالمنتورز ليس سراً؛ حيث يعلم أفضل روَّاد الأعمال أنَّ إحاطة أنفسهم بأفراد آخرين يشبهونهم في التفكير والنجاح يثمر نتائج رائعة، فهو أمر تقبَّله المتخصصون في معظم المجالات منذ عقود.

كما يقول استطلاع أجرته شركة "كاباج" (Kabbage Inc) عام 2018: "92% من أرباب الأعمال الصغيرة يعتمدون على المنتورز لتحقيق نجاح هام"، وهذا ما ورد في تقرير توجهات الشركات الصغيرة.

يوجد عدد كبير من الأسباب وراء ذلك، من ضمنها الأسباب التي ذكرها بالفعل كل من "روبنز" و"مورفي" و"شيفي"، لكنَّ "مايا كوميروتا" (Maya Comerota)، الكوتش التي تعمل إلى جانب كبار الكوتشز، تسلط الضوء على فائدة أخرى للمنتورز، تقول: "يمكن للكوتش والمنتور تسليط الضوء على نقاط الضعف، ودعم الأشخاص الذين يقدمون لهم الكوتشينغ لاختزال مدة التعلم من عقودٍ إلى أيام".

نحن جميعاً نمتلك نقاط ضعف، ويمكن أن تعوق تقدُّمنا أحياناً؛ لذلك يمكن لأيِّ شخص يعرف بالفعل ما الذي يبحث عنه، ويسلك طريقاً مشابهاً، أن يخفف تلك النقاط قبل أن تصبح عقبات مُضيِّعة للوقت.

بالعودة إلى تعريف "روبنز" وإلى خبرتي في الكوتشينغ، من الهام التأكيد مجدداً على ذلك من أجل الاستمرار في النمو؛ حيث إنَّ الكوتشينغ علاقة طويلة الأمد، تقول "ريبيكا لويز" (Rebecca Louise)، أفضل كوتش في اللياقة البدنية: "مهما كان مستواك، يوجد دائماً المزيد لتتعلمه، وعندما تظل طالباً وتبحث عن معلومات جديدة، ستستمر في النمو"؛ فهذا هو السبب في أنَّ أفضل الكوتشز لديهم كوتشز أيضاً.

تقول "كوميروتا": "أنا أطلب دائماً من أيِّ شخص أعمل معه أن يُطلعني على ما يتعلمه حالياً، ومن يقدم له الكوتشينغ؛ حيث يعرف الكوتش الاستثنائي أنَّه بحاجة إلى الدعم التدريبي أيضاً، وأنا شخصياً ما زلتُ أجد أموراً جديدة أتعلمها من كل عميل من عملائي؛ وذلك لأنَّ كل عميل وكل علاقة هي تجربة مختلفة، وعملائي هم الخبراء في مجالاتهم.

لذلك، لكي تكون كوتشاً يجب أن تكون على استعداد للاستثمار، ليس في الوقت الذي تستغرقه للتعلم منهم فحسب؛ وإنَّما في الالتزام طويل الأمد تجاه نفسك كمستمع ومتعلم دائم التطور.

ومع ذلك، من أجل قياس نجاح تجربتك مع كوتش أو منتور، يجب أن تشعر بنوعٍ من النمو الكمي، وأن تكون على دراية بذلك؛ لأنَّه إذا لم تشهد نمواً، فهذا يعني أنَّك تعمل مع كوتش صاحب أداء عالٍ، ولكنَّه لا يناسب مساعيك الفردية، ويَعُدُّ ذلك مضيعةً للوقت لكل طرف معني.

وللتأكد من عثورك على الكوتش المناسب، تنصح "شيفي": "ابحث عن كوتش أو منتور يفعل كل ما يقوله، وتأكد من تطابق أقواله مع أفعاله، وراقبه باهتمام، وأصغِ إلى ما وراء الكلمات التي يقولها، ولاحظ فيما إذا كان يحقق الانسجام مع ما يتبناه من أفكار".

بالإضافة إلى مواءمة الكوتش مع تخصُّصك، يجب أن تنسجم معه؛ إذ تؤكد "جوي ميباني" (Joi Mebane) إحدى أفضل كوتشز التجميل في أمريكا: "يجب عليك البحث عن منتور أو كوتش يتناسب أسلوبه التعليمي مع أسلوب التعلم الخاص بك"، فتأكد من أنَّك على دراية بأسلوب التعلم الخاص بك، سواء كان مرئياً أم سمعياً أم لفظياً أم مادياً أم منطقياً أم اجتماعياً أم فردياً، وكلما كنت أكثر انسجاماً مع طريقة تعلمك، سيُتَرجم ذلك إلى نتائج محققة.

يضيف "مورفي": "ابحث عن شخص حقق بالفعل إنجازات كبيرة، ويفكر في تقديم الأفضل للعالم من حوله، بدلاً من شخص لديه مهنة بدوام كامل يعمل ككوتش يتقاضى أجراً زائداً، ولم ينجز أي أمر مشابه لما تحاول تحقيقه".

يوجد الكثير من الأشخاص المخادعين الذين يفكرون في الاحتيال عليك؛ حيث يحذِّر رائد الأعمال "مارك كوبان" (Mark Cuban) من ذلك قائلاً: "يوجد أشخاص يخبرونك بأنَّهم سيجعلون منك شخصاً غنياً، أو لديهم الحلول لكل شيء، أو لديهم الجواب عن أيِّ سؤال، في حين أنَّهم لم يفعلوا ذلك بأنفسهم أبداً".

إذا كنت لا تعرف طريقة العثور على كوتش أو إلى مَن ستلجأ، تقترح "لويز" أن تسأل نفسك "من هو الشخص الذي تبحث عنه؟ ومثل مَن تريد أن تكون؟ وهل يتمتع بالنزاهة؟"، هذه مجرد نقطة بداية لمعرفة نوع المنتور أو الكوتش الذي تريده.

إذا كنت تفكر كثيراً ولا تتمكن من تحديد نموذج الكوتش الذي يحتذى به، أو إذا خرجتَ من عمليات البحث خالي الوفاض، فيذكِّرك "مورفي": "لا تجهد نفسك إذا لم تتمكن من العثور على كوتش مناسب تماماً، فأحياناً يمكن أن تعثر على كوتش أو منتور مثالي تلقائيَّاً دون إجراء الكثير من البحث".

الفكرة الأساسية هي أنَّه عندما تجد منتوراً، استثمِر الوقت والمال والطاقة في تلك العلاقة على الأمد الطويل؛ حيث سيحفِّزك الكوتش خلال فترات النجاح والفشل في ريادة الأعمال، ويدفعك لتحقيق أقصى الإمكانات، ويساعد على تطوير عملك تطويراً ملحوظاً، بحيث يمكنك ملاحظة أهمية مساهماته، وعندما تحقق ذلك، يكون الوقت قد حان لتصبح كوتشاً بنفسك.

يختتم "مورفي" قائلاً: "لا تخف أبداً من أن تكون نافعاً للآخرين؛ حيث يمكنك بناء شبكة علاقات واكتساب المعرفة بسرعة عندما تكون على استعداد لإعطاء قيمة لروَّاد أعمال آخرين مع الحصول على أكبر قدر ممكن من المعرفة منهم".

بصفتي مديراً لشركة علاقات عامة، لا تناسبني تعليمات "مورفي"، فأنا أستمر في تقديم المنتورينغ لطاقم العمل الخاص بي، وتقديم النصيحة للعملاء من خلال تشجيعهم على التقدم في تحقيق أهدافهم الشخصية، وكذلك في تحقيق التطوير المهني حتى يتمكنوا أيضاً من تقديم الأفضل للآخرين.

وبما أنَّني شخص أُحرز تقدُّماً، فأنا أعلم أهمية وجود هذا المنتور لأبحث عنه، وأفكر في تقديم الأفضل للآخرين؛ وذلك لأنَّني أعلم أنَّني لن أكون حيث أنا اليوم دون توجيهات من المنتورز.

أعتقد أنَّ كل شيء سيعود إلى نقطة البداية؛ حيث سيقدم لي عملائي المنتورينغ أيضاً، من خلال تعليمي أموراً جديدةً عن مجالات أعمالهم التي لستُ على دراية بها جيداً، فالمنتورينغ عملية تعلُّم دائمة ومستمرة، ولكي تجني ثمارها حقاً، يجب أن تبقى متفتِّح الذهن للتقدم في طريق النجاح.