أدوار المعلم

 

 



 - ترغيب المعلم طلابه في التعليم:

أن يـحبب المعلم العِلمَ إلى طلابه ويرغبهم فيه وفي السعي إلى اكتسابه، ومع مرور الوقت تزداد المعـارف وتتراكم بتزايد آلاف الكتب والنشرات والمجلات العلمية والجرائد وغيرها.ولو أن المعلم نـجح في أن يؤصِّل عادة حب إكتساب المعرفة لدى طلابه فلن يتوقف نموهم عند حد، وإلا أصبحوا جاهلين بما يجري حولهم كل يوم وبما يستجد في كل مجال.

 

2 -دوره بصفته مثلاً أعلى لطلابه:

المعلم الذي يـحث طلابه على الصلاة وهو في الوقت نفسه لا يؤديها، أو يتقاعس عنها، يسيء إلى العملية التربوية وإلى المدرسة في آنٍ واحد، والمعلم الذي يحث طلابه على أهمية التزام المواعيد وأهمية الوفاء بـها، ثم يحضر إلى الصّف متأخراً يمحو بتصرف واحد عشرات الأقوال التي صبها في آذانـهم.

 

-3 دور المعلم والشورى:

إن المعلم عندما يضرب لطلابه الأمثلة الواقعية من تراثنا الإسلامي العتيد مبتدئاً برسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته مثلاً أعلى في استشارة أصحابه الكرام رضوان الله عليهم تطبيقاً وتنفيذاً لتعاليم القرآن الكريم (وشاورهم في الأمر) عندما يفعل المعلم ذلك ويقرنـه بتنفيذه هو بنفسه حيث يفتح الباب لطلابه كي يعبروا عن أنفسهم، إنما يرسخ هذا المبدأ في نفوسهم ويدعم قيمته لديهم.

 

-4 دور المعلم المتجدد كل يوم:

إنّ المعلم يتعرّض في كل يوم من أيام عمله إلى تحدٍّ جديد يتمثل في حماسة الشباب الذين يحيطونه بأفكار جديدة وأسئلة متنوعة، و المعلم هنا مطالب بأن يكون متجدد الحيوية متجدد النشاط، كما ينبغي له أن يكون حاضر الذهن سريع البديهة مستعداً للمفاجآت.إن كل يوم، وكل درس جديد في ذاته..وفي خبراته التي يـخرج بـها التلاميذ… و كذا المعلم نفسه، ينبغي له أن يكون متجدداً نشيطاً غير جامد ولا متحجر.

 

5 -المعلم ودوره في تقريب الطلاب إلى واقع المجتمع وثقافته:

قد يقرأ الطلاب الكثير من الكتابات التي لا يراعي كُتّابها عقول الناشئة، والذين قد لا يلتزمون أصول التربية السليمة وأهدافها، ومن هنا قد تسيء هذه الكتابات إلى الشباب الصغار أكثر ممّا تفيدهم، ويصبح واجب المعلم هنا هو أن يعمل على الأخذ بيد طلابه إلى برِّ الأمان فيما يقرؤون.

 

6-دور المعلم بوصفه حافظاً للنظام:

 

إن دور المعلم أن يغرس عادة حب النظـام في نفوس الطلاب، وأن يؤصلها في سلوكهم كعادة تبقى معهم ما امتد بـهم العمر، يتصرفون على أساسها بوحي من تربيتهم وضمائرهم، لا بسبب أن هناك حارساً يراقبهم، إن تربية الضمير الحي لدى أفراد المجتمع هي من أهم الأدوار التي يقوم بـها المعلم، فهو القادر على أن يغرس في نفوس طلابه الإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع و قِيَمِهِ التي ارتضـاها لنفسه بـحيث يـحاسب كلٌ منهم نفسه بنفسه إن هو أخطأ في حق الجماعة، وأن يعيد إلى هذه الجماعة ما قد يصله من مكاسب بطريق الخطأ.

 

7 -دور المعلم كدائرة معارف متحركة:

إن كثيرين من الطلاب في ظنّهم أن المعلم يعرف كل شيء، و أنه يمتلك القدرة على تحليل جميع الأمور، كما أنه يجد الحل لجميع المشكلات، فهو مصدر معرفي لا ينضب.هكذا يتصور الكثيرون من الطلاب، ولكنهم يفاجؤون بأن بعض المعلمين لا يستطيعون أن يـخرجوا أنفسهم عن دائرة المادة الدراسية، و قد يرفض الإجابة عن أسئلتهم كلها أو بعضها. إن المعلم يجب أن يكون ملماً بأطراف القضايا التي تشغل بال مجتمعه، و أن يكون واعيـاً لأسباب الأحداث ودوافعها عالماً بتفاعلاتـها متفهماً لأسئلة طلابه واستفساراتـهم عنها.لقد ثبت أن المعلم الذي يمتلك هذه القدرة يستطيع أن يزيل الكثير من علامات الاستفهام من أذهان طلابه.

 

-8 المعلم و فهم الدور الذي يقوم به:

إن المعلم ليس مجرد ((عالم)) يعرف جانباً من العلم الذي يحاول أن يمنحه لطلابه إنه أكثر من ذلك. إذ إنّه بجانب تمكنه من العلم لا بد وأن يمتلك من مهارات التدريس والتدريب ما يمكنه من توصيل ذلك العلم إلى طلابه، لذا يجب أن يتمكن من أن يكون لديه مجموعة من الأهداف التربوية تـامة الوضوح في ذهنه، وأن يكون لديه قدر طيب من العلم عن كيفية اكتساب الآخرين للمعرفة، وأن يضع لنفسه برنامجاً محدداً كي يوصل هذا العلم إلى طلابه.

 

-9 المعلم بوصفه وسيطاً تعليمياً:

إنّ المعلم عندما يقوم بالشرح و التوضيح لطلابه داخل حجرة الدراسة إنما يقوم بعملية مزدوجة، فهو أولاً قد استوعب ما طلب منه أن يدرسه، ثم بعد ذلك يـحاول أن يضع هذا القدر من المعارف والمعلومات في أسلوب أو صورة تتماشى مع عقول الطلاب الذين يتعامل معهم، وهذا هو دوره ((بوصفه وسيطاً تعليمياً)). والمعلم كذلك يضيف من ذاته ما يجعل المادة العلمية مناسبة للمستوى الذي يدرسه له. 

 

-10 المعلم بوصفه مساعداً وميسّراً لعملية نمو الطلاب:

إن التلميذ قد يمكث في مدرسته أكثر مما يمكث في منزله، وقد يراه المعلم أكثر مما يراه والده، ومن ثَمَّ فإن المعلم يلحظ النمو الذي يحدث له والتغير الذي يمر به. إن هذا النمو الذي يمر به الطالب ينقسم إلى نمو جسمي ونمو عقلي ونمو انفعالي، ولن يقدر على فهم ذلك النمو وما يصاحبه من مشكلات إلا المعلم بحكم إعداده، ومن هنا فإنه، أي المعلم، يستطيع أن يساعد طلابه على التكيف وعلى التوافق مع ما يعتريهم من تغيرات من جميع النواحي.

 

-11 المعلم كوالد للطلاب و قاضٍ بينهم:

مهمة المعلم أن يكون كالوالد لطلابه، لا يـحابي طالباً على حساب طالب آخر، وأن يكون كالقاضي العادل يستمع لأطراف النزاع والخلاف داخل الصف، وفي الوقت نفسه ينـأى بنفسه عن أن يكون طرفاً فيها، وبهذا يلجأ إليه الضعيف يطلب الأمان، ويهابه المعتدي فيرتدع ويعود إلى الصواب.و لعلنا نضيف إلى دور المعلم بوصفه ناصحاً أميناً وموجهاً مستنيراً للطلاب عليه أن يحل ما يعترضهم من مشكلات أو يساعدهم على حلها ويريهم كيفية التعامل معها والتغلب عليها داخل الصف قبل أن يتركهم يذهبون إلى الأخصائي الاجتماعي أو إلى مدير المدرسة، إذ إنه هو بحكم وظيفته ومسؤولياته ألصق بهم من أي مسؤول آخر في المدرسة.

 

-12 المعلم بوصفه موجهاً للعملية التعليمية:

من المفترض في المعلم أنه يعرف كيف يـجد المدخل السليم إلى الدرس الجديد وكيف يربطه بما سبقه، كما يفترض فيه أن يكون حساساً للنقاط الصعبة بالنسبة إلى الطلاب، والتي تـحتاج إلى تركيز معين في الشرح أو إلى إعادة أو توضيح.يضاف إلى ذلك فهمه لطبيعة الطلاب الذين يتعامل معهم. إن دور المعلم هنا في التعامل مع أطراف المعادلة، الأقوياء، والضعفاء، دور خطير.إنه إن ترك الضعيف لضعفه فإنه قد يزداد ضعفاً على ضعف, وقد يفقد ثقته بالتعليم كله فينسحب منه تماماً و يخسره المجتمع كعضو كان يمكن أن يكون نافعاً، كذلك فإنه إذا لم يـولى القوي شيئاً من العناية المركزة والتوجيه السليم فقد يقتل فيه روح الطموح والإبداع فيضيع وسط التيار العادي من الطلاب فتخسر الأمة بذلك فرداً كان من الممكن أن يصبح عالماً أو عبقرياً أو مخترعاً. 

 

-13 المعلم وثقة الطلاب به:

لا شك في إن الثقـة بين الوالد وأبنائه عظيمة، ولكن هناك من الأمور ما لا يستطيع الابن أن يبوح بـه أمام والده، وهنـاك من المشكلات النفسية التي تعترض حياة الشباب خاصةً في مرحلة المراهقة ما لا يستطيعون الحديث فيه مع أولياء أمورهم، والمعلم بحكم خبرته وإعداده أقدر الناس على التعامل مع مشكلات هؤلاء الشباب، إنّ أهم شيء هنا هو أن يكون المعلم قادراً على اكتساب ثقة طلابه، ولن يحدث هذا إلا من خلال الممارسة الفعلية، والتي يتبـين الطلاب في أثنائها أنه لن يهزأ بهم أو بمشاعرهم، وأنه لن يفشي أسرارهم لأي إنسان، وأن جهده سوف ينصرف إلى مساعدتهم حتى يجتازوا تلك المشكلات بسلام.

 

-14 دور المعلم في الحزم و الحسم:

إن الطلاب جميعاً يكونون عيوناً مفتوحة وآذاناً صاغية لكل صغيرة وكبيرة تصدر من المعلم، وعندما يتردد المعلم في تصرفاته أو عندما لا يحسم أموره تهزُّ شخصيته أمامهم ويسوء تعاملهم معه. والمعلم الحاسم هو الذي يجعل صورته الحازمة واضحة أمام طلابه منذ اللقاء الأول لـه معهم، فعندما يؤمن بقاعدة معينة في التعـامل فإنه يفرضها على طلابه، وعندما يفرض على طلابه واجباً لا يتنازل عنه ولا يسمح لعدد من الطلاب بأن يتهاونوا به. إن هذا الوضع يجعل الصف غير قابل للذبذبة أو الاهتزاز، كما أن كل طالب من هذا الصف يحسب ألف حساب لهذا المعلم.

 

-15 المعلم ودوره في ترسيخ قيم المجتمع:

إن التربية المقصودة التي تقوم بها المدرسة بأعضائها غير نابعة من فراغ، إنها لا شك تنبع من المجتمع الذي أنشأ المدرسة وأنفق عليها وأعد لها المعلمين والكتب والمناهج. إن المعلم، أي معلم، مطالب بأن يرعى هذه القيم لأن المجتمع قد جعله مؤتمناً عليها، وغرس قيم المجتمع في مرحلة الدراسة جزء أساسي من بناء شخصيات مواطني المستقبل، وإذا كانت بعض وسائط التربية الأخرى في المجتمع لا تراعي جانب القيم الإسلامية فإن المدرسة بمعلمها الجيد تستطيع أن تصلح هذا الخطأ، أو على الأقل تقف متصدية للتيار المنحرف.

إن الشباب الصغار قد تغريـهم بعض المظاهر الخادعة أو الكاذبة التي يرونـها أو يعايشونـها سواء عند سفرهم إلى الخارج، أو عند احتكاكهم بشباب آخرين من بيئات مختلفة، أو من خلال مشاهداتهم لبعض الأفلام التلفزيونية غير المسؤولة، وهذا الإغراء قد يهز جانب القيم الإسلامية الأصيلة فيهم، وهنا يكون دور المعلم جد خطير.

 

إعداد المشرف التربوي في مركز إشراف شمال جدة

محمد أحمد القرشي

المرجع : كتاب المعلم، والمناهج، وطرائق التدريس