7 أخطاء شائعة في جلسات الكوتشينغ

يكمن الفرق بين الإنسان الذكي ونظيره الحكيم في أنَّ الذكي يقترف الأخطاء ويتعلم منها، ولا يكررها مرة ثانية، في حين يبحث الحكيم عن شخص ذكي لكي يتعلم منه كيف يتجنب اقتراف الخطأ كلياً". _ المؤلف "روي إتش ويليامز" (Roy H. Williams).



الإنسان معرَّض لاقتراف الأخطاء بشتى أنواعها ودرجات فداحتها، وهذا ينطبق على العاملين في مجال الكوتشينغ أيضاً. يقترف الإنسان الأخطاء، ويتعلم منها، ويبذل قصارى جهده لتجنب تكرارها مرة أخرى.

ولكن يقتضي السلوك الحكيم أن تتعلم من أخطاء الآخرين وتتجنب اقترافها في تجاربك الحياتية.

كم من كوتش دخل هذا المجال عندما كان في مراحله الأولى، واقترف الكثير من الأخطاء لأنَّ الأمور لم تكن واضحة مثلما هي عليه الآن ولم يكن ثمة من يرشده ويوجهه عندما كان قطاع الكوتشينغ في بداياته.

لقد اقترف هؤلاء الكوتشز الأخطاء، وأخفقوا، وفشلوا، لكنهم نهضوا مجدداً، واستثمروا التجارب الفاشلة في تنمية قدراتهم وإمكانياتهم، وتحسين أدائهم في العمل، وجودة خدماتهم.

يتسنى للمقبلين على العمل في مجال الكوتشينغ في الوقت الحالي إمكانية التعلم من تجارب زملائهم القدامى، مما يساعدهم في توفير الكثير من الوقت والجهد على الأخطاء والخطوات المحتومة بالفشل.

7 أخطاء شائعة في مجال الكوتشينغ

ثمة مجموعة من الأخطاء الشائعة بين الكوتشز في بداية مسيرتهم المهنية، ويمكن أن يقترفها الخبراء أيضاً بين الحين والآخر. كثيراً ما يغفل نخبة الكوتشز عن بعض الأخطاء التي تتكرر وتتراكم تأثيراتها مع مرور الوقت وتؤدي إلى إلحاق الضرر بنتائج مشروع الكوتشينغ، والعلامة التجارية، وأداء العمل.

1. عدم توضيح النتائج المتوقعة والقواعد الأساسية

تزداد فرص نجاح الكوتش في مساعدة العميل في تحقيق أهدافه عندما يوضح القواعد الأساسية والنتائج المتوقعة من تجربة الكوتشينغ.

كثيراً ما يغفل الكوتش المبتدئ عن أهمية هذه الخطوة رغبةً منه في إرضاء العميل وتلبية كافة مطالبه حتى لو كانت خارج نطاق خبرات الكوتش والسعر الذي يدفعه العميل مقابل الاشتراك في البرنامج.

يتعرض الكوتش للاحتراق الوظيفي عندما يسعى لتلبية جميع مطالب العميل حتى لو كانت خارج إطار العلاقة المتفق عليها، ويمكن أن يخيب أمل العميل في نهاية التجربة لأنه لم يحصل على النتيجة التي وعده الكوتش بها، وحتى لو تلقى أكثر مما اُتفِق عليه في العقد.

يمكن تجنب هذا الخطأ عن طريق إجراء محادثة موسعة مع العميل قبل توقيع اتفاقية الكوتشينغ بشكل رسمي من أجل الاتفاق على النتائج التي يجب أن يتوقعها العميل. يجري الاتفاق خلال هذه المحادثة على عدد الجلسات، والمدة الزمنية التي تفصل بينها، وأهمية الالتزام بالجدول الزمني لبرنامج الكوتشينغ، والحدود المفروضة على علاقة الكوتش بالعميل وهي تشمل إمكانية التواصل مع الكوتش خارج أوقات الجلسات على سبيل المثال، بالإضافة إلى الخدمات التي تتضمنها اتفاقية الكوتشينغ، والخدمات التي لا يقدمها الكوتش ضمن إطار الاتفاقية مثل تقديم الاستشارات أو مصادقة العميل، إلى جانب توضيح الالتزامات المطلوبة من العميل.

2. عدم توضيح إجراءات المحاسبة والنتائج المتوقعة من الاتفاقية

تؤكد تدريبات الكوتشينغ على أهمية مساعدة العميل في تحديد أهدافه والنتائج المتوقعة في بداية الجلسة. تختلف الأهداف من عميل لآخر، ويقع على عاتق الكوتش مسؤولية معرفة النتائج التي يتوقع العميل أن يحصل عليها من علاقة الكوتشينغ.

يتم ذلك عبر طرح السؤال البسيط التالي على العميل:" ما هي النتيجة التي تأمل أن تحصل عليها في نهاية هذه الجلسة؟"

يهدف هذا السؤال إلى مساعدة العميل في التركيز على النتيجة التي ينوي الحصول عليها في نهاية الجلسة. هذا الوضوح ضروري لتوجيه جهود الكوتش والعميل نحو هدف محدد طويل الأمد، وإعادة العميل إلى مسار الجلسة عندما يحيد عنه. يمكنك أن تطرح عليه في هذه الحالة السؤال البسيط التالي: "ما رأيك بالتقدم الذي نحرزه صوب الهدف الذي اتفقنا عليه في بداية جلستنا بعد أن وصلنا إلى منتصفها؟"

تضم هذه الأخطاء الشائعة أيضاً عدم فرض المحاسبة على العميل، وهذا يحدث عندما تتوقع منه أن ينجز المهام التي تكلفه بها، ويلتزم بالمواعيد من تلقاء نفسه. يجب أن توضح للعميل أنَّ نجاحه يعتمد على الجهود التي يبذلها وأنه يجب أن ينجز الأعمال المطلوبة منه لكي يحرز التقدم الذي يسعى إليه.

3. التحدث أكثر من الإصغاء للعميل

هذا الخطأ شائع بين الكوتشز المبتدئين الذين يجهلون مبدأ عمل جلسات الكوتشينغ. يقتضي مفهوم الكوتشينغ مساعدة العميل في اكتشاف الحلول والأجوبة التي تناسب وضعه، ولكن كثيراً ما ينتهي المطاف بمعظم الكوتشز بحكم العادة بتقديم أجوبة جاهزة للعملاء. يجب تصويب هذا السلوك بسرعة قبل الانتقال إلى تعديل التفاصيل الأخرى في ممارسات الكوتشينغ.

تقتضي وظيفة الكوتش الإصغاء إلى العميل خلال الجلسات دون أن يتحدث كثيراً أو يؤدي دور الناصح، أو المستشار، أو المنتور. يُفترَض أن تدور جلسة الكوتشينغ حول العميل، وهذا يتطلب من الكوتش ألا يجعل نفسه محور الحديث، ويسمح للعميل باتخاذ كافة القرارات المتعلقة بطموحاته، وأهدافه، وخطة العمل اللازمة لتحقيق هذه الأهداف، بالإضافة إلى تحديد ما يناسبه وما لا يناسبه في تجربة الكوتشينغ. تقتضي وظيفة الكوتش توجيه العميل وهذا يتطلب منه أن يضبط نفسه ويسمح لعميله باكتشاف طريقة العمل التي تناسبه.

4. طرح أسئلة استدراجية، أو معقدة، أو مغلقة

يجب أن تكون الأسئلة التي يطرحها الكوتش بسيطة قدر الإمكان، كما لا ينبغي أن تكون هذه الأسئلة محور الجلسة.

يخطئ الكوتش عندما يطرح أسئلة استدراجية توجه العميل نحو مسار محدد، وهذا يتعارض مع المبدأ الرئيسي للكوتشينغ الذي يقتضي السماح للعميل باكتشاف أجوبة وحلول خاصة به، واتخاذ القرارات التي تناسبه.

لا تساعد الأسئلة المغلقة التي تنحصر إجاباتها "بنعم" أو "لا" في تقدم محادثة الكوتشينغ، لهذا السبب يُنصَح بطرح أسئلة مفتوحة تبدأ بكلمات استفهامية تساعد العميل في اكتشاف الحلول التي تناسبه.

5. التساهل مع العميل

يمكن أن تصبح محادثات الكوتشينغ صعبة ومعقدة، وخاصة عندما يكون العميل عاجز عن التقدم، وهذا يتطلب من الكوتش أن يضغط عليه ويدفعه للقيام بما يلزم لتغيير وضعه. تكمن المشكلة في خوف الكوتش المبتدئ من خسارة العميل في حال ضغط عليه، لهذا السبب يحاول أن يتهاون معه قدر الإمكان.

يحتاج الكوتش في بعض الأحيان للضغط على العميل وزعزعة استقراره ودفعه لتجاوز منطقة راحته لكي يسعى في سبيل تحقيق أهدافه وطموحاته ويتغلب على الصعوبات التي تعترض طريقه. أحياناً يضطر الكوتش لمواجهة العميل، وتقديم الملاحظات عن أدائه، ومصارحته بالوضع الراهن لكي يدفعه إلى الأمام.

ينبغي أن تعقد مع العميل اجتماع مسبق من أجل الاتفاق على صيغة العمل التي تناسبه في أوقات العجز. يمكنك أن تطرح عليه السؤال التالي على سبيل المثال: "كيف تقترح أن نتعامل مع الوضع عندما تشعر أنك ترفض التغيير؟ ما هي الطريقة المثلى لمساعدتك في التعامل مع هذا الانزعاج؟"

تساعد هذه الطريقة في تهيئة العميل بشكل مسبق بحيث يكون مستعد للتعاون معك والقيام بما يلزم لإحراز التقدم حتى لو ضغطت عليه.

تهئية عميل الكوتشز للاتفاق معه

6. تكوين افتراضات خاطئة عن العميل

يخطئ الكوتش عندما يفترض أنه يعرف العميل بناءً على وظيفته، أو القطاع الذي يعمل به، أو خلفيته المهنية أو الدراسية، أو بحسب التجارب التي خاضها مع عملاء سابقين. لا بد من وجود بعض التشابهات والعوامل المشتركة بين العملاء، ولكن لا يجب أن تحكم أو تفترض أنَّ هذا العميل سيتصرف بطريقة معيَّنة بناءً على تجاربك السابقة. لكل عميل تجربة حياتية مستقلة بحد ذاتها، وهو يمتلك صفات إنسانية، وأهداف، ورغبات تميزه عن غيره، ويتعرض لصعوبات لا يواجهها أحد سواه، ومن غير العدل أن تتغاضى عما يميزه وتفترض أنه مثل غيره من العملاء.

لا بأس بالاستفادة من التجارب السابقة، ولكن يتعيَّن على الكوتش أن يمتنع عن تكوين الافتراضات والأحكام المسبقة على عملائه، ويبذل ما بوسعه لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عنهم بموضوعية وشفافية.

7. فرض منهجية عمل ثابتة على العملاء

يوجد عدد كبير من النماذج ومنهجيات العمل المستخدمة في قطاع الكوتشينغ، وغالباً ما يعتمد الكوتش على أسلوب عمل محدد بناءً على بيانات العميل والعناصر التي تضمن نجاحه.

يقتضي نجاح تجربة الكوتشينغ مجاراة العميل في طموحاته وتوجهاته بدل أن تفرض عليه أهداف وخطط عمل جاهزة، وهذا خطأ شائع بين نخبة الكوتشز حول العالم.

لا تتبع محادثات الكوتشينغ الناجحة نمط محدد، بل إنها تجري بشكل طبيعي بحسب ما تقتضيه الضرورة وتؤول إليه المعلومات التي يشاركها العميل مع الكوتش. يجب أن يعي الكوتش أنه ليس ثمة طريقة ثابتة لتحقيق الأهداف، ويراعي ظروف العميل والعوامل التي تميز تجربته الحياتية.

إقرأ أيضاً: 12 نصيحة للمدراء لتقديم كوتشينغ فعال يستمتع به الموظفون

الأسئلة الشائعة

1. ما هي الأخطاء التي يمكن أن تحصل خلال جلسات الكوتشينغ؟

يقل احتمال حدوث الأخطاء في جلسات الكوتشينغ عندما يكون الكوتش على أهبة الاستعداد ويخصص ما يكفي من الوقت والجهد لتقييم العميل قبل أن يتخذ قرار العمل معه. تنجم معظم الأخطاء في جلسات الكوتشينغ عن عدم استعداد الكوتش، وتشتت ذهنه وانتباهه، وإغفاله لبعض التفاصيل التي يذكرها العميل. يشعر العميل نتيجة هذه السلوكيات أنَّ الكوتش يستهتر به ولا يوليه الاهتمام اللازم.

تشمل الأخطاء الأخرى إصدار الأحكام المسبقة والاعتماد عليها في قيادة جلسة الكوتشينغ، وعدم توضيح الأهداف والنتائج المتوقعة، وإغفال إجراءات محاسبة العميل.

يمكن أن يؤدي عدم انسجام الكوتش مع العميل إلى فشل العلاقة في تحقيق الأهداف المطلوبة. لا تصلح إجراءات الكوتشينغ مع العميل الذي يرفض تحمل مسؤولية أفعاله، ويعجز عن تجاوز تجاربه السابقة، ولا يتخذ التدابير اللازمة لتنمية نفسه، ويتكل على الكوتش في الحصول على الأجوبة والحلول الجاهزة.

إقرأ أيضاً: أهم 5 أخطاء عند تطبيق التدريب الافتراضي بقيادة مُدرِّب

2. ما هي أبرز الأخطاء التي تحدث في ممارسات الكوتشينغ؟

تضم بعض أبرز أخطاء الكوتشينغ عدم توضيح القواعد الأساسية والنتائج المتوقعة من جلسات الكوتشينغ، والانتقال من الكوتشينغ إلى تقديم النصائح والاستشارات، وطرح الأسئلة الاستدراجية، أو المعقدة، أو المغلقة، وعدم محاسبة العميل، والتساهل معه، وعدم تخصيص الوقت اللازم للاستعداد، وسيطرة الكوتش على مجرى المحادثة، ووضع أهداف العميل بالنيابة عنه، وغيرها من الأخطاء.




مقالات مرتبطة