4 خطوات للتعامل مع ركود جلسة الكوتشينغ
يمكن أن يفشل الكوتش في إحراز تقدم مع العميل خلال الجلسة، أو يمر الوقت ببطء ويخيِّم صمت ثقيل وطويل ومحرج، وتراه يحاول جاهداً أن يحافظ على تركيزه، لكنّه مُحبَط ويائس، وبدأ يشكك بكفاءته، ولا يعرف كيف يتابع الحوار وما السؤال الذي ينبغي أن يطرحه على العميل.
إنّه خائف من خسارة العميل وافتضاح أمر ارتباكه، ويحاول جاهداً أن يتذكر الجلسات السابقة الناجحة، علَّه يستلهم سؤال أو تقنية تنقذه من هذا الموقف الصعب، ولكن دون جدوى. من الطبيعي أن تحدث هذه المواقف وهي تتكرر مع أكثر الكوتشز شهرةً وخبرةً في المجال.
يمكن أن تتعثر جلسات الكوتشينغ ولا تعود بالنتائج المتوقعة، ووفقاً لنموذج "لوحة التدريب" (Coaching Canvas)، يمكننا القول إنَّ هذه الجلسات تفتقر إلى مرحلة "التحول التدريجي" (Shift phase)، وهي المرحلة التي تتغير فيها وجهات نظر العميل، ومعتقداته، وطريقة تفكيره.
لكن قد تنطوي هذه الجلسات التي تبدو متعثرة وبلا نتائج على أهمية حقيقية لعملائك، لذا لا يتوجب على الكوتشز محاولة تحقيق نتائج مبهرة في جلساتهم. عندما تتعلق بنوع معين من الشعور في جلسة الكوتشينغ، فإنَّك غالباً ما تفوت التفاصيل الدقيقة والبهجة في جميع أنواع الكوتشينغ الأخرى.
القلق والارتباك مُبرران في جلسات كهذه، لذا يناقش هذا المقال بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها ككوتش عندما تفتقر جلسة الكوتشينغ المتعثرة إلى مرحلة "تحول".
كيفية التعامل مع ركود جلسات الكوتشينغ
في ما يلي، 4 خطوات للتعامل مع جلسات الكوتشينغ المتعثرة:
1. مراجعة مراحل العمل السابقة
غالباً ما تكون جذور المشكلة التي يواجهها الكوتش في مرحلة التحول موجودة في "المرحلة الافتتاحية" (Open phase):
- عدم توضيح برنامج الجلسة والسماح للعميل بالبدء في التحدث عشوائياً دون توجيه.
- عدم الإشارة إلى إمكانية حل المشكلة، مما جعل العميل عالقاً في حالة من عدم التصديق.
- عدم تحديد سير المحادثة بوضوح، مما جعل العميل ينتظر حدوث شيء آخر، وهو ما يجعله في حالة دفاع وتيقظ.
وقد يكون ذلك أيضاً في مرحلة "التعمُّق" (Drop phase):
- ربما لم تُكتَشف أهداف العميل حقاً.
- ربما قبل الكوتش ببساطة معتقدات العميل السطحية حول العالم دون التعمق فيها.
- ربما استعجل الكوتش في تجاوز مرحلة "التعمُّق" بحثاً عن "تحول" سريع، مما تسبب بحالة من التيه مع العميل.
لذا، تريَّث قليلاً، وفكِّر ملياً، واسأل عميلك إذا كان بإمكانكما التوقف للحظة ومراجعة الإجراءات السابقة بحثاً عن أيّة خطوة هامّة أغفلتها. إذا اكتشفت ثغرة ما، صوِّبها، إن لم يفُت الأوان.
قل – على سبيل المثال: "لقد أدركت للتو بأنَّني فوَّت أمراً هاماً في بداية جلستنا، هل تمانع إذا عدنا لحظة؟".
يستلهم العميل غالباً من صدقك ويشعر بالارتياح لإمكانية معالجة ما يحدث، وربما كان يفكر هو أيضاً في أنَّ الجلسة غير مثمرة بسبب شيء فعله أو أهمله.
2. الثقة في العميل
قد يكون توجيه الكوتش القسري لمسار الجلسة هو السبب وراء فشل مرحلة "التحول" أو ركود الجلسة؛ إذ ربما يحاول توجيهها نحو مسار محدد قسراً.
يتبع الكوتش خطة معيَّنة لقيادة الجلسة، ويحاول أن يدفع العميل لتحقيق نتيجة يعتقد أنَّه بحاجة إليها، مفترضاً أنَّ هناك طريقة أو عملية يجب أن ينفذها العميل لكي يصل إلى هذه النتيجة.
قد يكون الكوتش على حق، ولكن ربما كانت الجلسة ستسير– في هذه الحالة – في ذلك الاتجاه بالفعل. لذا، استرخِ بدلاً من الدفع والإصرار، وثق فقط في قدرة العميل على توجيه نفسه حيثما يحتاج أن يكون، وليكن الموضوع الذي اختاره العميل هو الموضوع الصحيح، وكيِّف أسئلتك مع إجاباته.
لا تحاول التحكم في النتيجة، بل استرخِ وتكيَّف مع مسار الجلسة التي أنت فيها.
تعود الجلسة إلى مسارها الصحيح طبيعياً غالباً أو ينتقل الحديث إلى الموضوع الذي كنت تفكر فيه من تلقاء نفسه، لكنَّ هذا غير ممكن إلا إذا كنت تثق بعميلك.
3. تطبيق تقنية الانعكاس
قد يرى الكوتش أحياناً شيئاً يودّ أن يخبره للعميل، ولكنّه يتذكر بعدها بأنَّ مهمته تكمن في استنباط ذلك من العميل وليس إخباره مباشرةً.
إنّ هذا صحيح عموماً، إلا أنَّ الكوتشينغ بالتلميحات الصغيرة غالباً ما يكون سيئاً ويؤدي إلى مراحل "تحول" زائفة أو غير موجودة. لذا لا تحاول جعل العميل "يخمن" الإجابة الصحيحة. يختلف توجيه العميل خلال تجربة شيء ما عن محاولة جعله يقول لنفسه ما تريد أنت أن تقوله له.
يغفل الكوتشز عن تقنية الانعكاس بالرغم من فعاليتها، ويُنصَح بتطبيقها عندما تلاحظ أمر هام في كلام العميل بعد أن تستأذنه، فإذا وافق، طبِّق التقنية من خلال تكرار كلامه، أو إعادة صياغته لكي يسمع أفكاره ويقيِّمها.
4. تغيير آلية العمل
غيِّر أسلوبك إذا لاحظت أنّه لا يؤتي ثماره المعتادة، وحاول عكس أساليبك، أي حاول القيادة والتوجيه إذا كنت صامتاً سابقاً والعكس صحيح.
تزيد احتمالية تعثُّر جلسات الكوتشينغ وعدم تكيُّف العميل كلما ازداد عدد الجلسات، وهذا صحيح خاصةً للعملاء المنتظمين. يشبه هذا إلى حدٍ ما النظام الغذائي والتمارين الرياضية.
يجب على الرياضيين الناجحين تغيير روتينهم باستمرار، وسيخبرك أي شخص فقد كثيراً من الوزن أنك تحتاج إلى تغيير استراتيجياتك في مراحل مختلفة. يتميز البشر بقدرتهم على التكيف مع التغيير والاستقرار فيه، لذا افعل شيئاً مختلفاً إذا لاحظت أنَّ جلستك تتعثر.
يوجد استثناء واحد وهام لهذه القاعدة: لا تتغير بسرعة كبيرة؛ إذ تستغرق أحياناً بعض استراتيجيات الكوتشينغ وقتاً أطول مما نتوقع لتحقيق النتائج المرجوة، ولكن لا يلتزم الكوتشز بها لفترة كافية.
يستعجل الكوتشز في بعض المراحل، ويهملون افتتاحية الجلسة، ويبدّلون أساليبهم بسرعة، ويكثرون من الأسئلة دون داعٍ. ثمّة حالات تستدعي التغيير بالتأكيد، ولكن يُفضَّل التركيز على الأساسيات واستخدام أساليب بسيطة إذا كانت تفي بالغرض، وفي حال فشلت، عندئذٍ عليك أن تنتقل إلى أسلوب جديد.
في الختام
يتوقع الكوتشز عادةً لحظاتٍ درامية أو تحولات مذهلة خلال جلسات الكوتشينغ. يعود هذا الانطباع إلى قوة اللحظات التحويلية التي عاشوها والتي تبقى عالقة في الأذهان؛ إذ يرغبون في تحقيقها للعملاء ولعملية الكوتشينغ نفسها.
لكن يجب إدراك أنَّ تلك اللحظات الاستثنائية تأتي بعد فترات طويلة من الركود والمحاولات والصراعات مع المشكلات.
لذا، يُنصح بالتحلّي بالهدوء والتنفس العميق في الجلسات البطيئة، مع تذكُّر أنَّ هناك أموراً ربما تحدث في العمق دون ملاحظة فورية. تُعد المرونة في الأسلوب والمحافظة على الفضول أمران ضروريان، لكن دون الاستعجال والتهور. تُعرف هذه المرحلة باسم "التغيير التدريجي"، وليس "الفوري"؛ لأنَّ التغيرات العميقة تبدأ بخطوات صغيرة تُحدث تحولاً جوهرياً في أساس العميل، مما يجعل الصبر بنفس أهمية المثابرة.