يعتمد الكوتشز على تقنيات مثبتة ومنهجيات دقيقة لمساعدة العملاء على تجاوز الإرهاق، وتحقيق التوازن بين الحياة والعمل، وتعزيز العافية النفسية والدوافع المهنية. في هذا السياق، يشارك 18 عضواً من مجلس فوربس للكوتشز (Forbes Coaches Council) رؤاهم حول دعم العملاء وتمكينهم من استعادة السيطرة على حياتهم العملية وتحسين تجربتهم المهنية.
استراتيجيات الكوتشينغ لتشخيص الاحتراق الوظيفي واستعادة الحافز
فيما يلي 18 استراتيجية يستخدمها نخبة الكوتشز حول العالم لمساعدة العملاء على تشخيص الاحتراق الوظيفي عن طريق الكوتشينغ والتغلب عليه بفعالية:
1. استخدام التصوُّر الذهني
تعتمد "نيشيكا بيم" (Neshica Bheem)، وهي كوتش في مؤسسة "كوتش فلوينس" (Coachfluence)، على تقنية التصوُّر الذهني لمساعدة العملاء على إجراء تقييم شامل وتكوين منظور جديد حول حياتهم المهنية.
فهي تطلب منهم تخيل موقف سابق شعروا فيه بالاندماج الكامل، والسعادة المطلقة، والنشاط، ثم تساعدهم على استكشاف العوامل التي أدت إلى تلك المشاعر، ويساعد هذا النهج العملاء على فهم دوافعهم الأساسية، مما يمكِّنهم من تحديد التغييرات الضرورية التي يحتاجون إلى إجرائها في وضعهم الحالي.
2. طرح أسئلة هادفة
ترى "سوزان مادسن" (Susan Madsen)، الأستاذة في كلية "جون إم. هنتسمان للأعمال" (Jon M. Huntsman School of Business)، أنَّ مفتاح مساعدة الموظفين على فهم دوافعهم وتحدياتهم يكمن في طرح الأسئلة والإصغاء الفعال.
وتوضح أنَّ تعلم كيفية صياغة أسئلة تحفز التفكير النقدي هو مهارة تتطلب الممارسة والتطوير المستمر؛ إذ تنصح المديرين بطرح الأسئلة باستمرار في أية محادثة، مؤكدةً أنَّ النقاشات الفعالة، يمكن أن تُبنى بالكامل من خلال الأسئلة المدروسة، مما يعزز القدرة على التفكير العميق واتخاذ القرارات الواعية.
3. مراجعة القِيَم
تشير الكوتش "روزي غولياردو" (Rosie Guagliardo)، من مؤسسة "إينر بريليانس كوتشينغ" (InnerBrilliance Coaching)، إلى أنَّ الشعور بالانفصال أو الإرهاق غالباً ما يرتبط بمدى اتساق حياة الفرد مع قِيَمه الشخصية، ولهذا السبب، تعتمد على مراجعة القِيَم بوصفها أسلوباً فعالاً في جلسات الكوتشينغ.
إذ تطلب من العملاء التفكير في القِيَم التي تهمهم في حياتهم المهنية والشخصية، وكذلك القِيَم المُهمَلة، وتوضح "روزي" أنَّ السعادة غالباً ما تنجم عن توافق أسلوب حياتنا مع قِيَمنا وأولوياتنا، في حين يؤدي تعارضهما إلى استنزاف الطاقة والتأثير في جوانب متعددة من الحياة.
4. نفي حالة الملل
يوصي الكوتش التنفيذي "كريس غايثر" (Chris Gaither)، من مؤسسة "ريجينيرس" (Regenerous)، بعدم الخلط بين الملل الناجم عن الركود والاحتراق الوظيفي؛ إذ يشعر الأفراد بفقدان الحافز عندما لا يكون لديهم فرصة للتعلم والنمو، ولهذا السبب، يبدأ جلساته بسؤال بسيط ولكنَّه فعال: "ما الذي تستمتع بتعلمه الآن؟" ويكتشف هذا السؤال مجالات الاهتمام التي يمكن أن تعيد النشاط؛ إذ إنَّ التعلم المستمر يحافظ على الاندماج والنشاط.

5. النظر إلى الداخل في حالات التحمل
تشير "سيلين هوجنكامب" (Cellene Hoogenkamp) مؤسِّسة شركة "كوكوا هاب" (KokuaHub Inc)، إلى أنَّ الحلول غالباً ما تكمن داخل الإنسان نفسه، ولإثارة هذا الوعي، تطرح أسئلة، مثل: "كيف تظهر هذه الحالة في حياتك اليومية؟"
مما يساعد العميل على تحليل مشاعره دون افتراض أنَّه يعاني من الإرهاق التام، كما تطرح سؤالاً هاماً: "ما الذي تتحمله في هذه المجالات؟" موضحة أنَّ التحمل في بيئات لا يشعر فيها العميل بالبهجة يستنزف الطاقة، وهو أمر شائع لدى الأشخاص الذين يجدون صعوبة في رفض طلبات الآخرين ودعواتهم.
6. استكشاف التوقعات مقابل الواقع
توضح كوتش القيادة التنفيذية "كارين تريسي" (Karen Tracy)، من مؤسسة "دكتور كارين آي تريسي" (Dr. Karen A Tracy, LLC)، أنَّ الشعور بالانفصال عن العمل، قد ينشأ نتيجة وجود فجوة بين التوقعات والواقع الفعلي، وللتعامل مع ذلك، تستمع إلى العميل بعناية، ثم تستكشف معه الفجوة بين ما يتوقعه وما يواجهه فعلياً، وبمجرد أن يدرك العميل هذا الفرق، يستكشف الإجراءات والتغييرات التي يمكن أن تساعده على ردم هذه الثغرة، مما يعزز تحوله المهني.
7. تحليل الثغرات بين الواقع والطموح
ترى كوتش التغيير المهني "شروتي بارشهار" (Shruti Parashar)، من مؤسسة "جول آي إس بي" (GOALisB)، أنَّ الإحباط غالباً ما ينجم عن عدم تحقيق نتائج ملموسة على الرغم من الجهد المبذول؛ لذلك تؤكد على أهمية وضع أهداف ذكية واضحة وقابلة للتحقيق.
وإعداد خطة عمل مؤلفة من مراحل محددة، وتنصح بإجراء تحليل للثغرات لتحديد الخطوات اللازمة للبدء في التغيير، مشددةً على أهمية وضع توقعات واقعية والتركيز على أهداف صغيرة قابلة للتحقيق بسهولة، مما يضمن التقدم التدريجي والمستدام.
8. توضيح ما يريده العميل
ترى خبيرة القيادة "ليزا ماري بلاتسكي" (Lisa Marie Platske)، من مؤسسة "أبسايد ثينكينغ" (Upside Thinking, Inc.)، أنَّ عدم وضوح الأهداف، يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالإحباط، حتى بعد بذل جهود كبيرة؛ إذ يعتقد بعض الناس أنَّ العمل الجاد وحده سيقودهم إلى "النجاح"، لكن دون تحديد رؤية واضحة، قد يشعرون بخيبة الأمل تجاه النتائج؛ لذلك تنصح بطرح أسئلة.
مثل: "ما الذي يريده العميل حقاً؟"، "لماذا يعد هذا الهدف هاماً بالنسبة له؟"، "ما الإجراءات التي نجحت في مشروعك؟"، و"ما الذي لم ينجح؟" ويساعد هذا النهج العميل على تحديد النقاط التي تحتاج إلى تعديل لتحقيق تحول إيجابي في مسيرته المهنية.

9. التركيز على المحفزات الداخلية
تقترح الكوتش "آنا بارنهيل" (Anna Barnhill)، من "مجموعة بارنهيل للاستشارات" (Barnhill Group Consulting, Inc)، أنَّ إحدى أفضل الطرائق لمساعدة العميل الذي يعاني من الانفصال أو الاحتراق المهني هي التركيز على المحفزات الداخلية.
إذ توصي بتوجيه العميل لاستكشاف المهام التي تتماشى مع اهتماماته وقِيَمه وشغفه، مما يساعده على مواءمة عمله مع ما يحفزه فعلياً، كما تشير إلى أنَّ ربط الشغف بالهدف والمسؤولية، يعزز الشعور بالرضى والرفاهية، مما يؤدي إلى استعادة الحماس والاندماج في العمل.
10. تحليل العوامل المساهمة في الإرهاق
يؤكد مستشار الموارد البشرية "مايكل تيمس" (Michael Timmes)، من مؤسسة "إنسبيريتي" (Insperity)، على أهمية تحليل العوامل التي تؤدي إلى الإرهاق المهني، سواء كانت مرتبطة بالعمل أم بـ الحياة الشخصية، فبينما يُعدُّ الإفراط في العمل سبباً رئيساً للإجهاد، يمكن أيضاً أن تؤثر الهموم العائلية، والمشكلات الصحية أو النفسية في مستويات الطاقة والانخراط المهني؛ لذا ينصح العملاء بالبحث عن الأسباب الحقيقية وراء شعورهم بالإرهاق، ومن ثم التواصل مع الموارد البشرية لطلب الدعم المناسب والبحث عن الحلول المتاحة.
11. التركيز على أهم 3 أشياء
يؤكد مستشار التطوير التنظيمي "فينيش سوكوماران" (Vinesh Sukumaran)، من "فينيش سوكوماران للاستشارات" (Vinesh Sukumaran Consulting)، أنَّ المواقف الصعبة، مثل الإرهاق، أو الأمراض المستعصية، أو الأحداث الحياتية غير المتوقعة.
تُجبر الأفراد على تقييم أولوياتهم، غير أنَّه لا ينبغي انتظار هذه الظروف المتطرفة لإعادة التركيز على الأمور الجوهرية؛ لذا ينصح بتحديد أهم 3 أشياء في الحياة والتركيز عليها بالكامل، موضحاً أنَّ كل ما دونها مجرد ضوضاء يمكن تجاهلها.
12. اكتشاف ما يقلق العميل حقاً
ترى "كاثلين شانلي" (Kathleen Shanley)، مؤسِّسة شركة "ستاتيك" (Statice)، أنَّ استخدام الأسئلة القصيرة والمفتوحة، يساعد العملاء على تحديد مصدر قلقهم الحقيقي، ومن بين الأسئلة الفعالة:
- ما مصدر شعورك بعدم اليقين؟
- ما التحدي الذي تواجهه؟
- "ما المطلوب الآن؟
تمنح هذه الأسئلة العميل مساحة للإجابة بحرية، فيستنتج معلومات أدق عن مشكلته، كما أنَّ تجاوز التصورات الأولية للمشكلة يكشف عن الأسباب الجذرية للاستياء، مما يمهِّد الطريق لحلول أدق وأفضل.

13. تطبيق منهجية "تراست" (TRUST)
يؤكد "فرشاد أصل" (Farshad Asl) مؤسِّس شركة "توب ليدرز" (Top Leaders, Inc.)، أنَّهم يطبقون منهجية "تراست" (TRUST)، التي تشمل: الشفافية (Transparency)، والاستقامة (Righteousness)، والإيمان الراسخ (Unwavering faith)، والقوة (Strength)، والشكر (Thankfulness).
ويوضح أنَّ الحوار المفتوح يعزز الشفافية، بينما تضمن الاستقامة وجود بيئة عادلة ومنصفة، كما أنَّ الإيمان الراسخ بقدرات العميل، إلى جانب القوة في تنفيذ الاستراتيجيات والشكر على مساهماته، يكشف عن الأسباب الحقيقية وراء الاستياء، مما يحسن المشاركة ويمنع الإرهاق والاحتراق الوظيفي.
14. تذكُّر ما كان يسعد العميل في الماضي
تشير المستشارة "بيرنيل برون" (Pernille Brun)، من "سيشن" (Session)، إلى أهمية العودة إلى التجارب السابقة التي كانت تمنح العميل شعوراً بالسعادة والاندماج في العمل؛ لذا، تسأله:
"هل لا تزال هذه العوامل موجودة؟"، فإذا كانت غائبة، قد يكون ذلك هو سبب المشكلة، أمَّا إذا كانت موجودة، فقد يكون السبب عدم مواجهة تحدٍّ كافٍ، أو عدم القدرة على توظيف نقاط القوة بفعالية، كما تسأل:
"هل لديك ببساطة كثير من المهام؟"، "هل هناك علاقات في العمل تستنزف طاقتك؟". يساعد هذا النهج العميل على البحث العميق في جذور مشكلته حتى تصبح الصورة أكثر وضوحاً، مما يسهِّل عليه إيجاد الحلول المناسبة.
15. تبنِّي العلاج بالفن أو الكتابة التعبيرية
يقترح "أندريه شوجاي" (Andre Shojaie)، الرئيس التنفيذي في مؤسسة "هيومان ليرن" (HumanLearn)، استخدام الفن أو الكتابة بوصفهما وسيلة للتعبير عن الذات والتعامل مع التوتر العاطفي، ويعبِّر العملاء عن مشاعرهم من خلال الكتابة عن إرهاقهم أو استخدام الفن للتعبير تعبيراً غير لفظي، مما يساعدهم على استكشاف عواطفهم من زاوية جديدة، وبناءً على هذه العملية، يمكن مناقشة التغييرات المحتملة التي قد تحسن تجربتهم المهنية وتجعل بيئة العمل أكثر توافقاً مع احتياجاتهم النفسية.
16. ممارسة التأمل الذاتي
ترى الكوتش "ليتال ماروم" (Lital Marom)، من "ليتال ماروم للاستشارات" (LITAL MAROM)، أنَّ التأمل الذاتي هو خطوة أساسية لفهم أسباب التوتر والاستياء، فهي تقترح كتابة اليوميات أو ممارسة التأمل الذهني.
مما يساعد الأفراد على تحديد العوامل التي تؤثر في رفاهيتهم، وبعد ذلك تحليل بيئة العمل والمسؤوليات المهنية والتطلعات الشخصية؛ إذ يكشف هذا النهج المشكلات غير الظاهرة، ويحدد ما يمنح الشعور بـ الإنجاز والرضى، ثم يضع أهدافاً جديدة أو يُجري تغييرات مناسبة تعزز التجربة المهنية.

17. تخصيص وقت لتعويض الطاقة
تشدد الكوتش "نينا نيوبيري" (Neena Newberry)، من "نيوبيري سولوشينز" (Newberry Solutions)، على أهمية معالجة الإرهاق من خلال استعادة الطاقة أولاً، وتقترح أن يحصل الشخص المرهق على الراحة التي يحتاج إليها، سواء كان ذلك من خلال النوم الكافي، أم الاسترخاء، أم أخذ إجازة، أم استخدام استراتيجيات فعالة للتخفيف من التوتر.
كما توضح أنَّ مطالبة الشخص المرهق بحل جذور المشكلة دون أن يكون في حالة ذهنية مستقرة، قد يكون غير مجدٍ؛ لذا فإنَّ تقديم الدعم في تحقيق استقرار نفسي وجسدي أولاً يسهل عليه التعامل مع المشكلات بعقلية أكثر وضوحاً، مما يضمن حلولاً طويلة الأمد.
18. استكشاف متى شعر العملاء بأكبر قدر من الإنجاز المهني
توضح الكوتش "آسيا بريبيسكا-هيدين" (Asia Bribiesca-Hedin)، من "بريدج ويل بروفيشينال سيرفيسز" (Bridgewell LLC Professional Services)، أنَّ الإرهاق المهني قد ينتج عن افتقاد شيء أساسي دون إدراكه.
لذا تطلب من عملائها إجراء تمرين للتأمل الذاتي يساعدهم على استكشاف اللحظات التي شعروا فيها بأكبر قدر من الإنجاز المهني، ويصبح بإمكانهم من خلال هذا التحليل تحديد العناصر المفقودة في عملهم الحالي، مما يساعدهم على إجراء تغييرات مناسبة سواء على مستوى طريقة التفكير أم حتى تغيير المهنة للحصول على رضى وظيفي أكبر.
في الختام
يُظهر هذا الاستعراض لاستراتيجيات الكوتشينغ المختلفة كيف يمكن للمهنيين استعادة الحماس، والتغلب على الإرهاق، وتحقيق توازن أفضل في حياتهم المهنية، سواء من خلال التأمل الذاتي، أم إعادة مواءمة العمل مع المحفزات الداخلية، أم تبنِّي تقنيات التعبير عن الذات، فإنَّ هذه المنهجيات توفر أدوات فعالة لتعزيز الرضى والإنجاز.
يساعد فهم أسباب الاستياء المهني واعتماد استراتيجيات مناسبة الأفراد على تحقيق تحول جوهري في تجربتهم العملية، فمن خلال هذه الممارسات، يصبح بالإمكان التغلب على التحديات المهنية وبناء بيئة عمل ملهمة ومحفزة.
أضف تعليقاً