أظهرت دراسة، أنَّ التغذية الراجعة السلبية تحبط المتدربين؛ لذا، يجب التأكد من تقديم التغذية الراجعة الإيجابية كي يتحقق التحسين المطلوب، ولكن لا يعني هذا أنَّ المدرب لا يستطيع انتقاد عمل المتدربين. تقوم التغذية الراجعة الفعالة على 3 مبادئ:
- مناقشة المهام التي نجح المتدربون في إكمالها.
- تقديم تصحيحات عملية من أجل تحسين الأداء مستقبلاً.
- بناء الثقة والاحترام المتبادلين بين المدرب والمتدربين.
أنواع التغذية الراجعة
في بيئات التعلم الرسمية، هناك 5 أنواع مختلفة للتغذية الراجعة:
1. التغذية الراجعة غير الرسمية
وهي التي تُطرَح تلقائياً دون تخطيط مُسبق، وتعتمد على مدى قوة العلاقة مع المتدربين، ويمكن تقديمها في الصفوف الدرلسية أو حتى عبر المكالمات الهاتفية.
2. التغذية الراجعة الرسمية
وهي التي يتم تحضيرها، وجدولتها، وتقديمها رسمياً؛ حيث توفر تقييماً دورياً لأداء المتدربين.
3. التغذية الراجعة التوجيهية
تهدف إلى توضيح المعايير التي يجب الالتزام بها في المهام لتجنب تكرار الأخطاء الشائعة، وعادة ما تُقدَّم أثناء التدريب أو قبله.
4. التغذية الراجعة التلخيصية
يركز هذا النوع من التغذية الراجعة على تقييم المهمة بعد إنجازها، وتتضمن تعليقات مفصَّلة، وتصويبات، وإرشادات للتحسين، وتوضح معايير التقييم.
5. التغذية الراجعة بين الأقران
وهي من أفضل أنواع التغذية الراجعة في الصفوف الدراسية؛ لأنَّها تقدم للمتدربين فرصة للإصغاء إلى آراء أقرانهم من جهة، ومقارنة تغذيتهم الراجعة بملاحظات زملائهم من جهة أخرى.
أساليب تقديم التغذية الراجعة الفعالة في عملية التعليم والتعلم
1. مراعاة احتياجات المتدربين
يختلف المتدربون عن بعضهم، وبالتالي يجب أن يتَّبع المدرب أساليب مختلفة لتقييمهم وتحفيزهم، ويهتم باحتياجاتهم لتحسين أدائهم.
تشير دراسة حديثة عن استطلاع "تمكين المعلمين" (The Teacher Empowerment Survey) إلى أنَّ أكثر من 65% من المدربين الذين لا يقدمون التغذية الراجعة للمتدربين، يجدون صعوبة في الاتفاق معهم. وفقاً لهذا الاستطلاع، يعود تقديم التغذية الراجعة الشخصية بالفوائد التالية:
- تحفيز المدربين: يؤدي منح الاهتمام الشخصي لكل متدرب إلى تحفيز المدربين، وزيادة رغبتهم بالحضور بنسبة 78% تقريباً.
- بناء علاقات إيجابية مع المتدربين: يسهم الاهتمام باحتياجات المتدربين أثناء تقديم التغذية الراجعة في بناء علاقات إيجابية معهم في الصف.
2. تقديم التغذية الراجعة حول مهارات أو معايير محددة
يجب أن تكون التغذية الراجعة البنَّاءة واضحة وتركز على مهمة، أو مهارة، أو معايير معينة، ليفهم المتدربون الغرض منها.
هناك كثير من الأدوات والأساليب التعليمية التي تساعد في تقديم التغذية الراجعة الدقيقة. يستطيع المدربون مثلاً كتابة ردود للمتدربين أو استخدام أدوات لتصحيح واجباتهم، وقد يستغرق ذلك بعض الوقت، ولكنَّه سيعزز فعالية عملية تقديم التغذية الراجعة. كما يستطيع المدربون استخدام الأدوات الرقمية مثل "الروبرك" (Rubrics) لتقديم تغذية راجعة فعالة ومحددة.
3. تنظيم التقييمات
شدد أحد مقالات موقع "إنديد" (Indeed)، على أهمية اكتساب المهارات التنظيمية في القرن الحادي والعشرين؛ لأنّها تساعد في تقديم التغذية الراجعة الفعّالة؛ إذ يجب أن يحتفظ المدربون بسجلات التقييم اليومية والأسبوعية. يمكن الاحتفاظ بهذه السجلات عبر:
- أدوات التنظيم المادية: يستطيع المدربون تسجيل الملاحظات في دفتر خاص.
- أدوات التنظيم الرقمية: يستطيع المدربون الاستفادة من الأدوات الرقمية، مثل جداول البيانات، في الاحتفاظ بتقييمات المتدربين.
يؤدي تنظيم التغذية الراجعة اليومية أو الأسبوعية ضمن مكان واحد إلى تسهيل الوصول إلى التغذية الراجعة من جهة، وتتبع تقدُّم المتدربين بناءً على هذه التعليقات من جهة أخرى.
4. استخدام مفردات بنَّاءة ومحفِّزة ومحددة
تُعد عبارات مثل "أحسنت"، و"عمل رائع" إيجابية؛ ولكنَّها ليست كافية لتقديم تغذية راجعة فعّالة. لذا، يجب تجنب التعليقات العامة، واستخدام عبارات محددة تعزز فاعلية التقييم. فيما يلي بعض الأمثلة عن العبارات والكلمات التي يستخدمها المدربون لتقديم تغذية راجعة فعالة في الصف:
- "لقد وسَّعت مداركي".
- "عملك يذكرني بـ...".
- "أنت تعالج الموضوع بطريقة مميزة، لا سيما عبر...".
- "يوضح عملك على هذه المهمة، تحسُّن (اذكر مهارة معينة) مقارنةً بالجلسة الماضية...".
- "ما كتبته يجعلني أفكر...".
- "يُرجى إعادة العمل على هذه المهمة وفقاً للتعليمات".
يشجع تقديم مثل هذه التعليقات المحددة المتدربين على الإصغاء والاستفادة من التغذية الراجعة في تحسين الأداء، ويُظهر أنَّ المدرب صحَّح المهام بعناية. تساعد التغذية الراجعة البنّاءة في تنمية المتدربين وتشجيعهم.
5. تقديم التغذية الراجعة في الوقت المناسب
وفقاً لأحد الاستطلاعات، يفضل 50% من المتدربين التغذية الراجعة الفورية، بينما يرغب 22% منهم بتأجيلها، ولم يكترث باقي المتدربين بتوقيت تقديمها بقدر اهتمامهم بأسلوب التقييم.
ولكن، لا ينبغي التأخُّر في تقديم التغذية الراجعة؛ إذ تبين أنَّ المتدربين الذين يتلقون التقييم خلال 24 إلى 48 ساعة يتحسن أداؤهم وقدرتهم على ترسيخ المعلومات. في ما يلي سلبيات تأجيل التغذية الراجعة:
- نسيان المتدربون للهدف من التغذية الراجعة.
- تقليل فرص المتدربين في التحسن بسبب فقدان اهتمامهم بالتغذية الراجعة.
- إبطاء تقدم جميع المتدربين.
- شعور المتدربين بالارتباك والإحباط، وعدم تطبيق الملاحظات.
6. الاطمئنان على المتدربين دورياً
يحتاج المتدربون إلى التشجيع والثناء ليحققوا التنمية الأكاديمية، والاجتماعية، وأحياناً العاطفية، وذلك عبر إجراء جلسات أسبوعية للاطمئنان على وضعهم والتقرُّب منهم.
يجب أن يطرح المتدربون أسئلة معينة على المتدربين بعد توزيع المهام، أو مباشرة المشروع. في ما يلي بعض من هذه الأسئلة:
- ما هو أكثر ما أعجبك في الجلسة اليوم؟
- ما الذي يمكنني القيام به لمساعدتك على التعلم اليوم؟
- ما الذي وجدت صعوبة في تعلمه اليوم؟
- ما هو أكثر مفهوم وجدته صعباً الأسبوع الماضي؟
- هل ترغب في الحصول على بعض المساعدة في هذا الدرس؟
تساعد مثل هذه الأسئلة في بناء علاقات طيبة مع المتدربين، وتحسين تجربة التعلم.
7. تقديم نموذج أو عينة عن المهام والواجبات
يجهل معظم المتدربين الدروس والموضوعات الجديدة التي تُطرَح في الجلسات؛ لذا يجب أن يقدمها المدرب بطريقة تناسب مستواهم. يمكن استخدام نموذج يستعين به المتدربون لحل الواجبات التي سيتلقون تقييماً عنها.
كما يستطيع المدرب تقديم نماذج محلولة أو جرى تصحيحها؛ ليفهموا لماذا كانت درجاتهم عالية أو منخفضة، مما يؤدي إلى تحسين أدائهم.
8. تقديم التغذية الراجعة غير اللفظية بفعالية
إنَّ لغة الجسد وتعابير الوجه من الأساليب الهامة لتقديم التغذية الراجعة. لذا، يجب أن يتقن المدربون تقديم التقييمات غير اللفظية بكفاءة عبر إظهار لغة جسد إيجابية تعكس الود تجاه المتدربين أثناء تقديم التغذية الراجعة.
9. تقديم النقد للمتدربين على انفراد
يؤدي انتقاد المتدربين أمام أقرانهم إلى إحراجهم، وقد يمتنعون عن الإصغاء إلى المدرب حتى؛ لذلك يجب اتباع أساليب أخرى لتوجيه النقد مثل:
- استخدام الملاحظات اللاصقة لحثهم على العمل، وذلك عبر وضعها في دفاترهم أو مقاعدهم.
- التواصل معهم عبر البريد الإلكتروني لتقديم تعليق نقدي.
10. استخدام نهج الشطيرة لتقديم التغذية الراجعة
يُستخدَم هذا الأسلوب لتقديم التغذية الراجعة الفعّالة للمتدربين؛ حيث يبدأ المدرب بتعليق إيجابي، ثم يتبعه بنقد أو تصحيح، وأخيراً يختمه بثناء بعد العمل بالتغذية الراجعة.
11. الابتعاد عن الانحياز
ينحاز كثير من المدربين ضد متدربين معينين بسبب أدائهم وسلوكهم السابق في الصف. ولكن، يجب أن تُقيَّم كل مهمة بموضوعية حتى لو كان أداؤهم السابق غير موفَّق؛ إذ يجب أن يفكر المدربون بطريقة نقدية، ويتجنبوا التحيُّز، وذلك لتحسين أداء المتدربين.
12. التشجيع على إجراء الحوارات
يُنصَح بأن يتبادل المدربون والمتدربون التغذية الراجعة؛ حيث يقيِّم المدربون أداء المتدربين، بينما يقيِّم المتدربين أسلوب التدريس. تحسِّن مثل هذه الحوارات آلية التغذية الراجعة وإجراءات التعلم.
في الختام
تساهم التغذية الراجعة الفعالة في تحقيق نتائج إيجابية في الصف؛ إذ يجب أن يستخدم المدربون استراتيجيات مفيدة لتقديمها من أجل تحسين عملية التدريس والتعلم، وإنشاء علاقات إيجابية مع المتدربين، مما يؤدي بدوره إلى زيادة فعالية الصفوف، وتوفير بيئة إيجابية للتعلم والنمو والإبداع.
أضف تعليقاً