تعريف الخوف من الظهور أمام الناس:
يهدد الخوف من الظهور أمام الناس مستقبل رائد الأعمال المستقل؛ وذلك لأنَّه يمنعه من تحقيق الشهرة والوصول إلى الجمهور المستهدَف وتوسيع نشاطه التجاري، وقد يخشى المصاب بهذا الاضطراب ألا يحظى بإعجاب الآخرين، أو أن يتعرض للرفض ويراه الناس إنساناً فاشلاً.
قد لا يمنعك هذا الخوف من إطلاق مشروعك، ولكنَّه يمكن أن يَحول دون مشاركة رسالتك مع العالم والوصول إلى العملاء وبناء قاعدة جماهيرية وتحقيق الشهرة على الصعيد المهني، ويمكن أن يحد هذا الخوف من انتشار اسمك وتأثيرك، فلن يعرف العملاء بوجودك ما لم تشارك أعمالك وخبراتك البارزة مع الناس؛ إذ يَشيع الخوف من الظهور أمام الناس بين الانطوائيين والأشخاص الحساسين للعواطف ومفرطي الحساسية.
ينشب صراع داخل الفرد في هذه الحالة، فهو يتوق للعمل والعطاء وإحداث فارق وتأثير في العالم من حوله من جهة، ولكنَّه يخشى إبراز نفسه وخدماته للعلن من جهة أخرى، فقد يؤثر الخوف من الظهور أمام الناس في شريحة معينة من أصحاب المشاريع أكثر من غيرهم، ولا سيما:
- الانطوائي الذي لا يشعر بالراحة عندما يظهر للعلن في أماكن معينة، وحينما يتواصل مع الآخرين بالطرائق التقليدية.
- الشخص الحساس للعواطف الذي يتجنب الظهور لأنَّه يخشى شعور الإرهاق الناجم عن التعامل مع عواطف الآخرين.
- الحساس الذي يشعر بأنَّ الوجود على الإنترنت يستنزف طاقته ويرهقه.
ثمة أساليب تساعدك على إدارة مشاعر الخوف، حتى يتسنى لك أن تظهر وتبرز نفسك على الملأ بثقة وفاعلية دون أن تستنزف طاقتك.
أعراض الخوف من الظهور:
تشمل أعراض الخوف من الظهور ما يأتي:
- القلق من أن تبدو غير صادق وتُروِّج لمهارات لا تمتلكها.
- القلق من ألا تبدو بارعاً بما فيه الكفاية.
- قلة الثقة بالنفس والتشكيك بالقدرات والشعور بالعجز في نهاية المطاف.
- التشكيك بمدى جدارتك وأهليتك واستحقاقك لطرح أفكارك على الناس، والظهور في أماكن معينة.
- الافتراض بأنَّك لن تحقق الفائدة المرجوة من ظهورك لأنَّك تفتقر إلى الخبرة، ولا تمتلك شخصية اجتماعية قوية، ولا تستطيع التواصل بسهولة مع الآخرين.
لا يُشترَط أن تكون هذه الأفكار والمشاعر صحيحة لمجرد أنَّها خطرت ببالك؛ إذ سيتسنى لك أن تشارك رسالتك السامية، وتقوم بأعمال قيِّمة تنفع الآخرين، وتخدم العملاء، وتُحدِث تأثيراً في العالم من حولك عندما تبرز وتقدِّم نفسك للعالم.
إدارة الخوف:
قد لا يتسنى لك أن تتخلص من مشاعر الخوف، ولكنَّك ستتمكن من إدارتها والمضي قدماً في حياتك، وقد صورت الكاتبة الأمريكية "إليزابيث جيلبرت" (Elizabeth Gilbert) في كتابها "السحر الكبير" (Big Magic) الفكرة بأسلوب بليغ وجميل عندما قالت: "لا تسلِّم الخوف دفة القيادة في حياتك".
10 طرائق لمنع مشاعر الخوف من الظهور، وإحراز التقدم في الحياة المهنية:
1. الاطمئنان إلى أنَّ الظهور أمام الناس آمن تماماً:
يمكن أن يثير شعور الخوف الغريزة الإنسانية البدائية التي تدفع الفرد للشعور بأنَّ مصدر رزقه في خطر، فقد يكون شعور الإنسان بعدم الراحة والخوف عند الظهور أمام الناس ناجماً عن مواقف مؤذية تتعلق بالظهور أمام العامة والتحدث أمامهم تَعرَّضَ لها خلال طفولته، وفي هذه الحالة، يمكنك أن تعمل مع كوتش مختص في مساعدة رواد الأعمال على التغلب على الصدمات النفسية ومخاوف الماضي وإبراز أنفسهم في سوق العمل.
2. التدرج في الظهور أمام الناس:
لا بد أن تصاب بالذعر عندما تتخيل أنَّك تُجري بثاً مباشراً على إحدى منصات التواصل الاجتماعي يومياً وأنت غير معتاد على الظهور، وعندها ستتراجع عن إبراز نفسك؛ إذ يقتضي التصرف السليم أن تحدد خطوة صغيرة يمكنك إجراؤها كل يوم، كأن تشارك أحد تفاصيل حياتك الشخصية أو صورك على مواقع التواصل الاجتماعي، أو تحلَّ ضيفاً على إحدى قنوات البث الصوتي.
3. تذكُّر أنَّك تتحكم في المحتوى الذي تشاركه:
لا يعني الظهور مشاركة جميع تفاصيل حياتك الشخصية طوال الوقت، أو التحدث عن المشكلات أو الأزمات الخاصة التي تتعرض لها؛ إذ توصي الكاتبة الأمريكية "برينيه براون" (Brene Brown) في كتابها "النهوض بقوة" (Rising Strong) بمشاركة التجربة الأليمة بعد تجاوزها؛ وذلك لأنَّك لن تكون مستعداً للتحدث عنها وأنت في خضم المعاناة؛ بل يجب أن تنتظر حتى تُشفى وتتجاوز الأزمة قبل أن تتحدث عما مررت به.
4. التعامل مع مشاعر الخوف من الظهور:
لا يتخلص الفرد من شعور الخوف عندما يتجنبه؛ بل إنَّ الإنكار يمكن أن يرسخه ويزيد من فداحة المشكلة؛ إذ يقتضي السلوك السليم أن تشعر بالفضول تجاهه، وتكون مستعداً لاستكشافه ودراسته والتعلم منه، فعندما تتعلم أن تلاحظ مشاعر الخوف وتصغي إلى همومك، فإنَّها لن تبقى دفينة في العقل الباطن، وهي الخطوة الأولى للتعامل مع الأفكار الكامنة خلف هذه المشاعر.
5. التركيز على تحقيق المستقبل المنشود:
يُطلِق العديد من الأفراد مشاريعهم الخاصة من أجل القيام بعمل يحبونه وإحداث تأثير إيجابي في حياة الآخرين، فعليك أن تعيد التفكير بالدافع والشغف الكامنين خلف مشروعك، وتسأل نفسك عن التغيير الذي تود إحداثه في العالم من حولك وفي حياة عملائك، وتحدد إمكاناتك وطموحاتك، وتفكر بمساهمة الظهور ودوره في مساعدتك على تحقيق المستقبل المنشود، لذلك لا يجب أن تسمح لمشاعر الخوف بالتغلب على أحلامك.
6. إدراك قيمتك في شتى الظروف:
أنت إنسان هام بحد ذاتك، وبصرف النظر عن انتقادات وأحكام الآخرين، أنت شخص قدير حتى لو لم يكن لديك عملاء ولا متابعون على مواقع التواصل الاجتماعي، فلا يجب أن تستمد شعورك بالتقدير الذاتي من الظروف والنتائج الخارجية؛ إذ ستشعر بالأمان والثقة بالنفس عندما تتعلم أن تفصل مشاعرك عن النتائج التي تحرزها على صعيد العمل.
7. الإيمان بقدرتك على التعامل مع الطوارئ:
معظم المخاوف التي يعاني منها الأفراد تجاه المستقبل لا أساس لها من الصحة؛ بل كثيراً ما يتوقعون أسوأ الاحتمالات، فعليك أن تتفاءل بالخير وتثق بقدرتك على التعامل مع جميع المشكلات التي يمكن أن تطرأ، وعندما تعزِّز مشاعر ثقتك بنفسك، فإنَّك ستعي قدرتك على التعامل مع جميع المشكلات التي يمكن أن تعترضك.
8. التفكير العقلاني:
من الشائع أن يشعر الفرد بالخوف من آراء الآخرين سواء كانوا مجرد متابعين غرباء على مواقع التواصل الاجتماعي أم أفراداً من العائلة وأصدقاء، لذلك يجب أن تذكِّر نفسك بأنَّ كل إنسان على وجه البسيطة لديه ما يكفي من المشكلات والهموم، وهو على الأرجح لا يعبأ ولا يفكر بك كما تعتقد، وعلى فرض أنَّه يفكر بشؤونك، فهل ستسمح لرأيه بمنعك عن تحقيق رغباتك وأهدافك؟
9. استخدام شعور الخوف من الظهور بوصفه فرصة للعلاج:
يخشى معظم الأفراد الظهور نتيجة الإهمال الذي تعرضوا له في مرحلة الطفولة؛ وذلك لأسباب ثقافية أو اجتماعية أو عائلية، فعندما لا يستمع الآخرون للطفل ويُمعِنون في تجاهله، فإنَّه سيعمد إلى تغيير شخصيته حتى يحقق النجاح ويتعايش مع محيطه الاجتماعي؛ لذا يجب أن تعي أنَّ واقعك تَغيَّر عمَّا كان عليه في مرحلة الطفولة، وأنَّ الاختباء أصبح يتعارض مع مصالحك وأهدافك الحالية؛ إذ إنَّ السماح لنفسك بالظهور هو جزء من عملية الشفاء من جراح الماضي.
10. طلب المساعدة للتغلب على مشكلة الخوف من الظهور:
أحياناً يصعب على الإنسان أن يتعامل مع مخاوفه، ويمكن لوجود كوتش داعم ومؤهل أن ييسِّر عملية الشفاء، ويساعده على التعامل مع مشكلة الخوف من الظهور، وإعداد استراتيجية وخطة تسمح له بإبراز نفسه على العلن، حتى يتسنى له في نهاية المطاف أن ينمِّي عمله، ويُحدِث التغيير الإيجابي الذي يود رؤيته في العالم.
في الختام:
لا يجب أن تسمح للخوف من الظهور والتعبير عن أفكارك بإعاقة تقدُّمك؛ بل يمكنك أن تتعلم كيفية التغلب عليه وإظهار ذاتك الحقيقية، وعندها سيتسنى لك تحصيل الحرية والقوة التي تنجم عن إظهار شخصيتك الحقيقية.
أضف تعليقاً