في بعض الأحيان، لا يكون من الضّروري أن يمتلك المرء اعتقاداً أو موقفاً هائلا ً بشأن شيء ما حتَّى ينجح فيه. فأحياناً، يحقّق البعض إنجازات هائلة لمجرّد أنّهم لا يعرفون الصّعب أو المستحيل، أو بالأحرى لم يوحي لهم أحد ما بالصعوبة أو الاستحالة. على سبيل المثال، هناك قصّة لشاب غفا أثناء حصة الرّياضيات، واستيقظ على صوت جرس انتهاء الحصة، ونظر إلى السّبورة وقام بكتابة المسألتين الموجودتين عليها. وقد افترض أنهما الواجب المدرسي لهذا اليوم. فعاد إلى البيت وأخذ يجتهد طيلة النّهار واللّيل لحلّهما. لم يستطع الشّاب حلّ أي منهما، إلّا أنّه واصل المحاولة طوال بقيّة الأسبوع. وفي نهاية الأمر، استطاع حلّ إحداهما وذهب بها إلى الفصل، فلّما رآها المدّرس أصيب بالذّهول. فقد اتّضح أنّ المسألة الّتي قام بحلّها، كان المفترض عدم وجود حلّ لها. ولو كان الطّالب يعلم ذلك، فمن المحتمل أنّه ما كان ليستطيع حلّها. ولكن، بما أنّه لم يخبر نفسه بعدم إمكانيّة حلّها، لذا تمكّن من الوصول إلى طريقة للحل.
لا بد من الانتباه هنا إلى ضرورة الابتعاد عن تقديم إيحاءات "إيجابية" من النوع غير القابل للتصديق أو السخيف أو غير الممكن التحقيق. لا بد من الأمانة والصدق، وتوخي الدقة قدر المستطاع، والتأكد من البعد عن الوعود الفارغة. ولابد أن ننتبه أن مكان الإيحاءات ليس في مقدمة العرض أو في نهايته، بل في كل مراحل العملية التعليمية، وكلما وجدت أن لها دوراً، لابد أن تفكر بإيجابية، وأن تكون لغتك أنت كلها ممتلئة بالإيحاءات الإيجابية، داخل الصف وخارجه. ولنتساءل سوية، عندما يبدأ الطفل بتعلم أي شيء جديد فما هي الإيحاءات السلبية التي تكون في رأسه؟ تأكد من أنه لا يوجد ذهنه إلا كل توقع بالمتعة والفضول والاكتشاف مما يزيد من سرعة تعلمه كالإسفنجة، إلا إذا كان هناك من زرع لديه إيحاءً سلبياً!
عندما نتمكن من استبدال الافتراضات المسبقة السلبية بأخرى إيجابية، فإن إحساساً بالمتعة والترابط سيسيطر على الجو، ويؤدي إلى تسريع التعلم ورفع وتيرته. وكقاعدة عامة، عندما ننجح في زرع البيئة الإيجابية، نحصل على نتائج أكثر من إيجابية.
الدكتور محمد ابراهيم بدرة.
دار إيلاف ترين للنشر، كتاب التعلم الطبيعي، النسخة الأولى، المؤلف الدكتور محمد ابراهيم بدرة، 2012.
أضف تعليقاً